المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الشين والراء - عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ - جـ ٢

[السمين الحلبي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الدال

- ‌[فصل الدال والهمزة]

- ‌[فصل الدال والباء]

- ‌[فصل الدال والثاء]

- ‌[فصل الدال والحاء]

- ‌[فصل الدال والخاء]

- ‌فصل الدال والراء

- ‌فصل الدال والسين

- ‌فصل الدال والعين

- ‌فصل الدال والفاء

- ‌فصل الدال والكاف

- ‌فصل الدال واللام

- ‌فصل الدال والميم

- ‌فصل الدال والنون

- ‌فصل الدال والهاء

- ‌فصل الدال والواو

- ‌فصل الدال والياء

- ‌باب الذال

- ‌فصل الذال والهمزة

- ‌فصل الذال والخاء

- ‌فصل الذال والراء

- ‌فصل الذال والعين

- ‌فصل الذال والقاف

- ‌فصل الذال والكاف

- ‌فصل الذال واللام

- ‌فصل الذال والميم

- ‌فصل الذال والنون

- ‌فصل الذال والهاء

- ‌فصل الذال والواو

- ‌باب الراء

- ‌فصل الراء والهمزة

- ‌فصل الراء والباء

- ‌فصل الراء والتاء

- ‌فصل الراء والجيم

- ‌فصل الراء والحاء

- ‌فصل الراء والخاء

- ‌فصل الراء والدال

- ‌فصل الراء والذال

- ‌فصل الراء والزاي

- ‌فصل الراء والسين

- ‌فصل الراء والشين

- ‌فصل الراء والصاد

- ‌فصل الراء والضاد

- ‌فصل الراء والطاء

- ‌فصل الراء والعين

- ‌فصل الراء والغين

- ‌فصل الراء والفاء

- ‌فصل الراء مع القاف

- ‌فصل الراء والكاف

- ‌فصل الراء والميم

- ‌فصل الراء والهاء

- ‌فصل الراء والواو

- ‌فصل الراء والياء

- ‌باب الزاي

- ‌فصل الزاي والباء

- ‌فصل الزاي والجيم

- ‌فصل الزاي والحاء

- ‌فصل الزاي والخاء

- ‌فصل الزاي والراء

- ‌فصل الزاي والعين

- ‌فصل الزاي والفاء

- ‌فصل الزاي والقاف

- ‌فصل الزاي والكاف

- ‌فصل الزاي واللام

- ‌فصل الزاي والميم

- ‌فصل الزاي والنون

- ‌فصل الزاي والهاء

- ‌فصل الزاي والواو

- ‌فصل الزاي والياء

- ‌باب السين

- ‌فصل السين والهمزة

- ‌فصل السين والباء

- ‌فصل السين والتاء

- ‌فصل السين والجيم

- ‌فصل السين والحاء

- ‌فصل السين والخاء

- ‌فصل السين والراء

- ‌فصل السين والطاء

- ‌فصل السين والعين

- ‌فصل السين والغين

- ‌فصل السين والفاء

- ‌فصل السين والقاف

- ‌فصل السين والكاف

- ‌فصل السين واللام

- ‌فصل السين والميم

- ‌فصل السين والنون

- ‌فصل السين والهاء

- ‌فصل السين والواو

- ‌فصل السين والياء

- ‌باب الشين

- ‌فصل الشين والهمزة

- ‌فصل الشين والباء

- ‌فصل الشين والتاء

- ‌فصل الشين والجيم

- ‌فصل الشين والحاء

- ‌فصل الشين والخاء

- ‌فصل الشين والدال

- ‌فصل الشين والراء

- ‌فصل الشين والطاء

- ‌فصل الشين والعين

- ‌فصل الشين والغين

- ‌فصل الشين والفاء

- ‌فصل الشين والقاف

- ‌فصل الشين والكاف

- ‌فصل الشين والميم

- ‌فصل الشين والنون

- ‌فصل الشين والهاء

- ‌فصل الشين والواو

- ‌فصل الشين والياء

- ‌باب الصاد

- ‌فصل الصاد والباء

- ‌فصل الصاد والحاء

- ‌فصل الصاد والخاء

- ‌فصل الصاد والدال

- ‌فصل الصاد والراء

- ‌فصل الصاد والطاء

- ‌فصل الصاد والعين

- ‌فصل الصاد والغين

- ‌فصل الصاد والفاء

- ‌فصل الصاد والكاف

- ‌فصل الصاد واللام

- ‌فصل الصاد والميم

- ‌فصل الصاد والنون

- ‌فصل الصاد والهاء

- ‌فصل الصاد والواو

- ‌فصل الصاد والياء

- ‌باب الضاد

- ‌فصل الضاد والهمزة

- ‌فصل الضاد والجيم

- ‌فصل الضاد والحاء

- ‌فصل الضاد والدال

- ‌فصل الضاد والراء

- ‌فصل الضاد والعين

- ‌فصل الضاد والغين

- ‌فصل الضاد واللام

- ‌فصل الضاد والميم

- ‌فصل الضاد والنون

- ‌فصل الضاد والهاء

- ‌فصل الضاد والواو

- ‌فصل الضاد والياء

- ‌باب الطاء

- ‌فصل الطاء والباء

- ‌فصل الطاء والحاء

- ‌فصل الطاء والراء

- ‌فصل الطاء والعين

- ‌فصل الطاء والغين

- ‌فصل الطاء والفاء

- ‌فصل الطاء واللام

- ‌فصل الطاء والميم

- ‌فصل الطاء والهاء

- ‌فصل الطاء والواو

- ‌فصل الطاء والياء

الفصل: ‌فصل الشين والراء

‌فصل الشين والراء

[ش ر ب]

قوله تعالى: {فشربوا منه} [البقرة: 249] الشرب: تناول كل مائع بالفم من ماءٍ وغيره، قوله تعالى:{وأشربوا في قلوبهم العجل} [البقرة: 93] أي تمكن حبه من قلوبهم تمكنًا بمنزلة من شرب ماء فدخل جوفه قوله تعالى: {فشاربون شرب الهيم} [الواقعة: 55] قرئ بالضم والفتح على أنهما مصدران لشربٍ وفيه لغة ثالثة «شرب» بالكسر. يقال: شربت الماء شربًا وشربا {والمعروف أن المضموم مصدر والمفتوح جمع شاربٍ كقول النابغة الذبياني: [من البسيط]

788 -

كأنه خارجًا من جنب صفحته

سفود شربٍ نسوه عند مفتأد

والمكسور: الحظ والنصيب؛ ومنه: {هذه ناقلة لها شرب ولكم شرب يومٍ معلومٍ} [الشعراء: 155] والشراب: ما يشرب قوله تعالى: {قد علم كل أناسٍ مشربهم} [البقرة: 60] الظاهر أنه مكان الشراب، ويضعف كونه زمانًا أو مصدرًا وجمعه مشارب. قال تعالى:{ولهم فيها منافع ومشارب} [يس: 73] فهذا جمع مشرب، المراد به المصدر.

والشارب: الشعر الذي على الشفة العليا، وهو أيضًا عرق في باطن الحلق؛ سمي بذلك تصورًا بصورة فاعل الشراب. وقوله:{وأشربوا في قلوبهم العجل} [أي تمكن حبه من قلوبهم تمكنًا بمنزلة من شرب ماءً فوصل إليه وخالطه وقيل: هو على حذف مضافٍ أي حب العجل. وأنشد للنابغة الجعدي: [من المتقارب]

789 -

فكيف تواصل من أصبحت

خلالته كأبي مرحب؟

أي كخلالة ابن مرحب.

وقال ابن عرفة: يقال: أشرب قلبه محبة كذا، أي حل محل الشراب وقيل: هو من

ص: 257

قولهم: أشربت البعير أي شددت في عنقه حبلًا وأنشد: [من الوافر]

790 -

تغلغل حيث لم يبلغ شراب

ولا حزن، ولم يبلغ سرور

ولو قيل: حب العجل، لم يكن في بلاغة ما أنزل الله تعالى فإن في ذكر العجل تنبيهًا أنهم لفرط شغفهم به صارت صورة العجل في قلوبهم لا تنمحي وفي المثل:«أشربتني ما لم أشرب» أي ادعيت علي ما لم أفعل.

ش ر ح:

قوله تعالى: {أفمن شرح الله صدره للإسلام} [الزمر: 22] أي بسط ووسع وهو عكس من قال فيه: {يجعل صدره ضيقًا حرجًا} [الأنعام: 125] وأصل الشرح: البسط والتوسعة. ومنه شرح الكلام لإيضاحه، وشرح اللحم لبسطه، وشرح الله صدور عباده، إنما هو بما يلقي فيها من أنوار الهداية ووفور النظر وشرح فلان جاريته، أي وطئها على قفاها وفي حديث ابن عباسٍ:«وكان هذا الحي من قريشٍ يشرحون النساء شرحًا» أي يبسطونهن وقت الجماع.

ش ر د:

قوله تعالى: {فشرد بهم من خلفهم} [الأنفال: 57] أي اطرد من خلفهم طردًا بليغًا، وذلك إذا فعلت بهؤلاء فعلًا ينزجر به من رآهم فيشردون ويهربون كل مهرب؛ أي هم سبب في تشريد غيرهم ومنه نكلت بفلانٍ، أي منعت غيره بسبب، أي بسبب فعلي به فعلًا يردع غيره ومنه، شرد البعير، وشردته وأنا وقيل: شرد بهم. أي أسمع بهم وقيل: هي لغة قرشية قال شاعرهم: [من الوافر]

791 -

أطوف في الأباطح كل يومٍ

مخافة أن يشرد بي حكيم

ص: 258

وفي الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال لخوات بن جبير: «ما فعل شرادك» قال الهروي: يعرض بقصته مع ذات النحيين، وهي معروفة وأراد به: لما فرغ شرد في الأرض وانفلت خوفًا يقال: شرد يشرد، فهو شارد وشرود وشراد. ورجل شريد، أي طريد.

ش ر ذ م:

قوله تعالى: {إن هؤلاء لشرذمة قليلون} [الشعراء: 54] الشرذمة: الجماعة المنقطعة، من قولهم: ثوب شراذم، أي متقطع.

ش ر ر:

قوله تعالى: {إنها ترمي بشررٍ كالقصر} [المرسلات: 32] الشرر: قطع النار التي تتطاير منها الواحدة شررة وصف النار بأنها على خلاف ما يتعارفه الناس، وهو أن شررها بقدر القصور والشر: ما ينفر منه كل أحدٍ؛ وقد يكون دينيًا ودنيويًا والدنيوي مدرك لذوي العقول من غير توقف على غيره غالبًا. وأما الديني فلا يعلم غالبًا إلا بتوقف الرسال كآداب الجوارح في العبادات، والامتناع من ملاذ دنيويةٍ، وإن حصل بها تألم عاجل فإن بها خيرًا آجلًا.

وقوله عليه الصلاة والسلام: «والشر ليس إليك» أي لا يليق بالأدب نسبة ما يتعارفه الناس شرًا إليك. وقيل: لا يصعد إليك إلا الطيب من العمل دون الخبيث، {إليه يصعد الكلم والعمل الصالح يرفعه} [فاطر: 10] وقد تقدم طرف من ذلك عند ذكر الخير ويقال: رجل شرير وشراني: متعاطٍ للشر. والجمع شرار قال تعالى: {كنا نعدهم

ص: 259

من الأشرار} [ص: 62] وأشررته: نسبته إلى الشر وقيل: أشررن كذا، أي أظهرنه. وأنشد [من الطويل].

792 -

إذا قيل: أي الناس شر قبيلة

أشرت كليب بالأكف الأصابعا

قال الراغب: فإن لم يكن في هذا إلا هذا البيت فإنه يحتمل أنها نسبت الأصابع بالإشارة إليه، فيكون من أشررته: إذا نسبته إلى الشر. يعني أنه إن لم يكن لهذا القول شاهد إلا الشعر، فإنه لا دلالة فيه، لاحتمال ما ذكره. وهو كما قاله. ويروى البيت:

793 -

أشارت كليبٍ بالأكف الأصابع

بجر كليبٍ ورفع الأصابع، على تقدم أشارت الأصابع إلى كليبٍ فحذف الجار وأبقى عمله، وهو شاذًّ كقول الآخر:[من الكامل]

794 -

حتى تبذخ فارتقى الإعلام

يريد: إلى الإعلام.

والشر بالضم خص بالأمر المكروه. وشرر النار: ما تطاير منها؛ سمي بذلك لما فيه من الشر. قوله تعالى: {ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير} [الإسراء: 11]، أي يدعو على نفسه وولده وماله حال ضجره، كما يدعو لهم بالخير فلا يعجل الله تعالى عليه لطفًا به. وقوله تعالى:{أنتم شر مكانًا} [يوسف: 77] نسب الشر إلى مكانهم مبالغةً؛ إذ لا يحضر المكان الموصوف بالشر إلا شرير.

وفي الحديث: «يشرشر شدقه» أي يشقق. والمشهور في مادة الخير والشر إذا بني منها أفعل تفضيلٍ أن لا تثبت همزتها؛ فيقال: زيد خير من عمرو، وشر من بكرٍ.

ص: 260

وشذ ثبوتها فيهما كقوله: [من الرجز]

795 -

بلال خير الناس وابن الأخير

وقرئ شاذًا: {سيعلمون غدًا من الكذاب الأشر} [القمر: 26]. وإذا بني منهما أفعل التعجب ثبتت الهمزة فيقال: ما أخيرك وما أشره! وقد شذ حذفها هنا في قولهم: ما خير اللبن للصحيح وما شره للمبطون. كما شذ ثبوتها هناك كما مثلته لك في الآية الكريمة والبيت.

ش ر ط:

قوله تعالى: {فقد جاء أشراطها} [محمد: 18] أي علاماتها، واحدها شرط. والشرط الصناعي والشرعي من ذلك، لأنه علامة لترتب الحكم عليه؛ ألا ترى إلى قولك: إن قمت أكرمتك؟ فالقيام علامة لوقوع الإكرام مرتبًا عليه. وقولك: إن دخلت الدار فأنت طالق، بأن دخول الدار علامة على وقوع الطلاق؟ وفي كلام الراغب ما يضاد ذلك؛ فإنه قال: والشرط: كل حكمٍ يتعلق بأمرٍ يقع بوقوعه. وذلك الأمر كالعلامة له. وهذا عكس ما قاله الناس، وعكس المعنى أيضًا.

وأشرط نفسه: جعل لها علامة تعرف بها قيل: والشرط من ذلك لأنهم جعلوا زيًا يعرفون به دون غيرهم. وقيل: لأنهم أراذل الناس ومنها: أشراط الإبل للرذال منها وفي الحديث، وقد ذكر الزكاة:«ولا الشرط اللئيمة» قيل: هي رذال الجمال كالدبر والهذيل قال أبو عبيدٍ: هي صغار الغنم وشرارها. واشتراط كذا، أي جعل له علامةً على ما يتفق مع غير عليه. وقد اشترط نفسه للهلكة: إذا عمل عملًا يكون علامةً على هلكته أو يكون فيه شرط للهلاك.

ص: 261

والشرائط جمع شريطةٍ لا شرطٍ وفي الحديث: «نهى عن شريطة الشيطان» قيل: ذبيحة لا تقطع فيها الأوداج، مأخوذ من شرط الحجام، لأن أهل الجاهلية كانوا يقطعون اليسير من حلقها، ويرتكونها حتى تموت. والشرط: أول طائفةٍ من الجيش يشهدون الوقعة ومنه حديث عبد الله: «وتشرط شرطة للموت لا يرجعون إلا غالبين» .

ش ر ع:

قوله تعالى: {ثم جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتبعها} [الجاثية: 18] أي دينٍ وملةٍ؛ قاله الفراء وأصل الشرع: نهج الطريق الواضح نحو: شرعت له طريقًا. والشرع مصدر شرع، ثم استعير للطريق النهج فقيل: شرع وشريعة وشرعة وسنة. وقوله تعالى: {لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا} [المائدة: 48] إشارة إلى أمرين: أحدهما ما سخر الله تعالى عليه كل إنسانٍ من طريق يتحراه مما يعود على مصالح عباده وعمارة بلاده، المشار إليها بقوله:{ورفعنا بعضهم فوق بعضٍ درجاتٍ ليتخذ بعضهم بعضا سخريًا} [الزخرف: 32] الثاني ما قيض له من الدين وأمره ليتحراه اختيارًا مما تختلف فيه الشرائع ويعترضه النسخ ودل عليه قوله تعالى: {ثم جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتبعها} وقال ابن عباس- رضي الله عنهما: «الشريعة ما ورد به القرآن، والمنهاج ما وردت به السنة» .

قوله تعالى: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحًا} [الشورى: 13] إشارة إلى الأصول التي تتساوى فيه الملل ولا يصح فيها النسخ كمعرفة الباري ونحوها مما دل عليه قوله: {ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر} [النساء: 136] وقال بعضهم: سميت الشريعة شريعة تشبيهًا بشريعة الماء لأن من نزع فيها على الحقيقة المصدوقة روي وتطهر قال: وأعني بالرأي مما قال بعض الحكماء: كنت أشرب فلا أروى فلما عرفت الله رويت بلا شربٍ. وبالتطهر ما قال تعالى: {إنما يريد الله ليذهب

ص: 262

عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا} [الأحزاب: 33]

وشارعة الطريق: ما استقام منها، والجمع شوارع ومنه: أشرعت الريح قلعه وشرعته فهو مشرع ومشروع وشرعت السفينة: جعلت لها شراعًا، أي قلعًا لأنه يتقدمها ويمر بها في طريقها والشروع في الشيء: الأخذ فيه والدخول. ومنه قول النحاة: أفعال الشروع نحو: طفق، وجعل. ومنه: هم في هذا شرع واحد، أي سواء، كأنهم شرعوا فيه دفعةً وقولهم: شرعك من رجلٍ زيد، كقولك: حسبك، أي هو الذي يشرع في أمرك.

والشرع بالكسر: خص بما يشرع من الأوتار على العود وقيل: سميت الملة شريعةً وشرعةً لظهورها ومنه: {شرع لكم من الدين} [الشورى: 13] أي أظهر وقال ابن عرفة: الشرعة والشريعة: ما ظهر واستقام من المذاهب وقوله: {إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعًا} [الأعراف: 163] وهو جمع شارعٍ، أي بادية خراطيمها لكل أحدٍ، وذلك أن الله تعالى ابتلى اليهود بتحريم الصيد يوم السبت وبإلهام السمكة بذلك، فكانت تظهر إلى أن يكاد الإنسان يقبضها، فإذا كان يوم الأحد فما بعده ذهبت حتى أعدوا حياضًا شارعة إلى البحر بجداول. وكانت الحيتان تدخل الجداول يوم السبت، فيصيدونها يوم السبت، فذلك اعتداؤهم في السبت، فمن ثم مسخوا قردةً وخنازير وقال الليث: حيتان شرع، رافعةً رؤوسها، كأنه أخذه من شراع السفينة وفي حديث علي رضي الله عنه «أن قومًا سافر معهم رجل ففقد، فاتهمهم أهله بقتله فأتوا شريحًا فطلب أهل القتيل بالبينة فعجزوا فطلب أيمان المتهمين فبلغت عليًا رضي الله عنه فأنشد:[من الرجز]

796 -

أوردها سعد وسعد مشتمل

يا سعد لا ترد [إلى] دار الإبل

ثم قال: «إن أهون [السقي] التشريع» ففرق أولئك النفر فاعترفوا بقتله فقتلهم به يريد رضي الله عنه أن شريحًا أخذ بالأهون ولم يستبرئ. كما أن التشريع، وهو إيراد الإبل الشريعة، أمر هين لا يحتاج أصحاب الإبل إلى نزع دلاءٍ ولا حوضٍ فجعل ذلك مثلًا

ص: 263

وما أحسن هذا وأبلغه!

ش ر ق:

قوله تعالى: {بالعشي والإشراق} [ص: 28] الإشراق: مصدر أشرقت الشمس أي أضاءت يقال: شرقت الشمس شروقًا: طلعت. وأشرقت: أضاءت وشرقت- بالكسر- أخذت ودنت للغروب وقيل: شرق وأشرق بمعنىً واحدٍ والمراد وقت الإشراق وفي تفسير ابن عباسٍ أن المراد به صلاة الضحى، وكانت الجاهلية في موقفهم يقولون:«أشرق ثبير كيما نغير» أي ادخل في الشروق حتى ننفر وندفع وقولهم: «لا أفعل ذلك ماذر شارق» أي ما طلع نجم من جهة الشرق.

قوله تعالى: {رب المشرق والمغرب} [الشعراء: 28] وفي موضعٍ آخر بلفظ التثنية [الرحمن: 17] وفي آخر بلفظ الجمع [المعارج: 40] وذلك بحسب اختلاف الإرادات. قال بعضهم: حيث أتيا بلفظ الإفراد، يعني المشرق والمغرب، فالمراد بذلك ناحيتا الشرق والغرب. وحيث أتيا بلفظ التثنية فالمراد مطلعا الصيف والشتاء ومغربهما وحيث وردا بلفظ الجمع فالمراد مطلع كل يومٍ ومغربه؛ فيقال: إن للشمس ثلاث مئةٍ وستين كرةً في الفلك تطلع كل يومٍ من واحدة وكذا في جهة الغروب.

والمشرق والمغرب: اسما مكان الشروق والغروب، فكان قياسهما ضم العين، إلا أن السماع بخلافه، ولها أخوات ذكرناها في غير هذا قوله:{مكانًا شرقيًا} [مريم: 16] أي من ناحية المشرق. والمشرقة: المكان الذي يظهر للشرق. وشرقت اللحم: ألقيته في المشرقة، ومنه أيام التشريق والمشرق: مصلى العيد للقيام في الصلاة فيه وقت شروق الشمس وأحمر شرق: شديد الحمرة ولحم شرق: لا شحم فيه وثوب شرق بالصبغ.

ص: 264

قوله تعالى: {لا شرقيةٍ ولا غربية} [النور: 35] أي لا تطلع عليها الشمس وقت شروقها أو وقت غروبها فقط، ولكنها شرقية غربية تصيبها الشمس بالغداة والعشي. وهو أنضر لها وأجود لزيتونها. قلت: وفي هذا دليل لقول الفقهاء في ذلك: والله لا كلمت زيدًا ولا عمرًا، إنه يمينان. ولو قال: وعمرًا، دون «لا» كانت يمينًا واحدةً. وفيه بحث من حيث قول النحاة: إن «لا» الثانية للتأكيد. وقد حققناه في غير هذا.

قوله: {فأتبعوهم مشرقين} [الشعراء: 60] أي داخلين في وقت الشروق وهو حال يحتمل أن تكون من الفاعل أو المفعول أو منهما وهو متلازم وإن قلنا: إنها حال من أحدهما لأن من أدرك وقت كيف أتت وهو «مشرقين» وفي الحديث: «نهى أن يضحي بالشرقاء» وهي المشقوقة الأذن. شرق أذنه يشرقها: شقها. والشرق: مصدر شرق بريقه؛ ومنه قول عدي بن زيدٍ: [من الرمل]

797 -

لو بغير الماء حلقي شرق

كنت كالغصان بالماء اعتصاري

والشرق أيضًا: الضوء، وهو أيضًا الشمس. وهو أيضًا الشق وعن المبرد: ما يرى من الضوء من شق الباب.

ش ر ك:

قوله تعالى: {جعلا له شركاء} [الأعراف: 190] قرئ شركاء وشركا فالشرك يقال بمعنى الشريك، وبمعنى النصيب وفي التفسير أن إبليس عيرهما حين سمياه عبد الحارث وكان عبد الله في قصة ذكروها لا تصح عن مثل أبوينا، وإن صحت فمن ذرتيهما، لا منهما وجمعه أشراك، وأنشد للبيدٍ:[من الوافر]

798 -

تطير عدائد الأشراك شفعًا

ووترًا، والزعامة للغلام

ص: 265

ومن قرأ: {شركاء} أراد به جمع شريك وأصله الشركة. والمشاركة: خلط الملكين. وقيل: وهو أن يوجد شيء لاثنين فصاعدًا؛ عينًا كان ذلك الشيء أو معنىً كمشاركة الإنسان والفرس في الحيوانية، ومشاركة فرسٍ وفرسٍ في الكمتة والدهمة يقال: شركته وشاركته وتشاركته وتشاركوا واشتركوا. وأشركته في كذا؛ قال تعالى: {وأشركه في أمري} [طه: 32] وفي الحديث: «اللهم أشركنا في دعاء الصالحين» .

ثم الشرك ضربان: ضرب يجعل لله فيه شريك. وهذا- والعياذ بالله منه- وصفه تعالى بأنه ظلم عظيم والثاني الشرك الصغير، وهو مراعاة غير الله في بعض الأمور، وذلك كالرياء والنفاق المشار إليهما بقوله:{جعلا له شركاء فيما أتاهما} في أحد الأقوال وقوله تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} [يوسف: 106] وقال آخرون: معنى «مشركون» أي واقعون في شرك الدنيا، أي حبائلها ومن ثم قال عليه الصلاة والسلام:«الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا» ولفظ الشرك من الألفاظ المشتركة قوله: {ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا} [الكهف: 110] الظاهر أنه الشرك المعروف وقيل: هو الرياء.

قوله: {فاقتلوا المشركين} [التوبة: 5] قيل: هذا عام، قد خص بغير الرهبان والنساء والذراري. وقيل: لم يدخل أهل الكتابين والظاهر دخولهم لقولهم: {عزيز ابن الله} [التوبة: 30]{المسيح ابن الله} إلا أن يؤدوا الجزية واحتج من أخرجهم بقوله: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا} [الحج: 17] وبقوله: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين}

ص: 266

[البينة: 1] فإفرادهم يدل على عدم تناولهم. فالجواب أنه إنما أفردهم بالذكر لإرادة عبدة الأوثان. وأما الشرك فاسم شامل للجميع عند الإطلاق قال ابن عمر- وقد سئل عن نكاح اليهودية والنصرانية: فتلا قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} [البقرة: 221] قال: ولا أعلم شركًا أشد من أن تقول: عيسى ربها. قوله تعالى: {وما لهم فيهما من شركٍ} [سبأ: 22] أي من نصيبٍ وقيل: من شريك شركه في خلقها قوله: {إني كفرت بما أشركتموني} [إبراهيم: 22] أي بشرككم أيها التباع، كقوله:{ويوم القيامة يكفرون بشرككم} [فاطر: 14]

قوله: {وشاركهم في الأموال والأولاد} [الإسراء: 64] أي شاركهم فيما أحل الله لهم فحرمه عليهم، نحو السوائب والبحائر والوصائل والحوامى وفي الأولاد بأن يزنوا وهذا أمر تهديد وابتلاءٍ وامتحانٍ لنا. وقال ابن عرفة: مشاركته في الأموال: اكتسابها من حرامٍ، وفي الأولاد خبث المناكح. قوله:{أنكم في العذاب مشتركون} [الزخرف: 39] أعلمهم أن عذاب الآخرة خلاف عذاب الدنيا من حيث إن عذاب الدنيا إذا ابتلى به شخص فرأى غيره قد شاركه فيه خف عنه ذلك بعض شيءٍ بالتأسي، كما قالت الخنساء:[من الوافر]

799 -

ولولا كثرة الباكين حولي

على موتاهم لقتلت نفسي

وما يبكون مثل أخي ولكن

أعزي النفس عنهم بالتأسي

والشرك: الاشتراك في الأرض. ومنه: «أن معاذًا أجاز الشرك في أهل اليمن» ومنه قوله أم معبد: [من الطويل]

800 -

تشاركن هزلي مخهن قليل

ص: 267

أي عمهن الهزال.

ش ر و:

قوله تعالى: {وشروه بثمنٍ بخسٍ} [يوسف: 20] قيل: معناه باعوه؛ على أن الضمير المرفوع لإخوة يوسف. وقيل: هو على بابه بمعنى اشتروه؛ على أن الضمير لأهل السيارة. وقال بعضهم: الشراء والبيع متلازمان؛ فالمشتري دافع الثمن وآخذ الثمن هذا إذا كانت المبايعة والمشاراة تقاضٍ وسلعة فأما إذا كانت بيع سلعةٍ بسلعةٍ، صح أن يتصور كل واحدٍ منهما في موضع لآخر إلا أن شريت بمعنى بعت أكثر، وابتعت بمعنى اشتريت أكثر قال تعالى:{وشروه} أي باعوه. قال ويجوز الشراء والاشتراء في كل ما يحصل به شيء نحو: {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} [البقرة: 16].

قلت: هذا من الاستعارة التمثيلية أو التخييلية، ورشح ذلك بقوله:{فما ربحت تجارتهم} [البقرة: 16] وبالغ فيها حيث أسند عدم الرحب لنفس التجارة، والمراد بابها وقد حققنا هذا في غير هذا الموضع قوله:{إنه الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله} [التوبة: 111] فذكر الثمن وهو قوله: {بأن لهم الجنة} وقال الراغب: فذكر ما اشتري به وهو قوله: {يقاتلون} وفيه نظر واضح؛ إذ المشترى به على مجازٍ قوله: {بأن لهم الجنة} وأما {يقاتلون} فهو في الحقيقة المرادة بهذا الكلام المبيع، وقال الهروي: إن شريت من الأضداد؛ يعني أن يكون بمعنى بعت وبمعنى اشتريت.

قوله: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله} [البقرة: 207] أي يبيعها وفي الحديث: «كان لا يشاري ولا يماري» قيل: لا يشاري: لا يلاج وقال ابن عرفة: أصله لا يشارر من الشر، فأبدل وفي حديث أم زرعٍ:«وركب شريًا» أي فرسًا يستشري في عدوه أي يلج وشرى الرجل أي استشرى، أي جد في الشر ولج فيه وفي الشراء لغتان: المد والقصر، والأكثر أن تدخل الياء على ما هو ثمن، إن كان الثمن

ص: 268