الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للبحر: طم وطم. ومنه: الطم والرم. وطم البحر: زخر. وفي الحيث، في صفة قريش:(ليس فيهم طمطمانية حمير).
يقال: طمطم في كلامه، أي لم يفهمه لغرابته أو لكنته. ويقال للعجم طماطم. ورجل أعجمي: طمطمي، وإنما قال ذلك في حمير لأنهم يأتون في لغتهم بألفاظ منكورة غير معروفة، فشبهها بلغة العجم. وفي الحديث أيضًا في حق أبي طالب:((هو في ضحضاح ولولاي لكان في الطمطام)) أي وسط النار، كذا فسر. وفيه أيضًا:((ما من طامة إلا وفوقها طامة)) أي ما من داهية إلا وفوقها أكبر منها. وقد طم الماء ركية بني فلان، أي علاها.
فصل الطاء والهاء
ط هـ ر:
قوله تعالى: {أن طهرا بيتي} [البقرة: 125] أي من المعاصي والأفعال المحرمة. وقد كان ذلك إلى أن حدث في أمر قريش ما حدث من وضع الأصنام حوله، وعبادتها دون الله تعالى فيه، ووضع الأنصاب فيه؛ حجارة يذبح عليها لآلهتهم فيقع الدم والفرث، إلى أن بعث الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم، فعاد الحق إلى نصابه وأحيا ملة أبويه إبراهيم وإسماعيل صلى الله عليه وسلم. وقيل: هو حث على تطهير القلب من محبة غير الله تعالى؛ قاله الراغب في قوله: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين} [الفتح: 4] أنتهى. وعجبت منه كيف لم يذكر غير ذلك وهذا لا يشبه كلام علماء الظاهر وكيف يعمل بقوله: {للطائفين والقائمين والركع السجود} ؟ [البقرة: 125] على أن الصوفية أولوا جميع ذلك.
والطهارة: النظافة والمبالغة فيها. يقال: طهرت المرأة تطهر -بفتح العين في الماضي -ونقل طهرت -بالضم -قال بعضهم: والفتح أقيس، لأنه خلاف طمثت،
ولأنه يقال: طاهر مثل قائمة وقائم. ثم الطهارة ضربان: طهارة جسم وطهارة نفس، قال الراغب: وقد حمل عليه عامة الآيات. قلت: الظاهر من الآيات الواردة في ذلك إنما هي في طهارة الجسم لأن ذلك يتعبد به ظاهرًا.
والطهارة شرعًا: رفع حدث وإزالة نجس، أو ما في معنى ذلك كالاستنجاء بغير الماء والتيمم، وعليه قوله تعالى:{وإن كنتم جنبًا فاطهروا} [المائدة: 6] أي بالماء أو ما يقوم مقامه من التراب، كما نصت الآية بعدها عليه. قوله:{ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن} [البقرة: 222] فإذا انقطع دمهن أيضًا. وقد قرئ: {حتى يطهرن} بالتشديد. وقد أوضحنا مذاهب الناس في هذه المسألة في ((القول الوجيز)). وذكرنا استدلال كل طريق وما يرد عليه وما يجاب عنه والحمد لله. قوله: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} [البقرة: 222] أي المزيلين للنجاسات، المتحرين في الطهارات لأن الطهارة أس العبادة. وقيل: التاركين للذنب، العاملين للصلاح.
قوله: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} [التوبة: 108] قيل: نزلت في أهل قباء، وقد سألهم عليه الصلاة والسلام عن ذلك، فقالوا:((لأنا نتبع الحجر الماء)) أي إذا استنجوا جمعوا بين الماء والحجر وهو الأفضل، ولابد من تقديم الحجر، وإلا فلا فائدة. وقيل: عنى تطهير النفس. قوله: {ومطهرك من الذين كفروا} [آل عمران: 55] أي مخرجك من زمرتهم، وأنزهك أن تفعل فعلهم. قوله:{لا يمسه إلا المطهرون} [الواقعة: 79] قيل: من كان على الطهارتين الكبرى والصغرى وقيل: عنى الملائكة. وقيل: معناه لا يبلغ حقائقه ومعرفته إلا من يطهر نفسه وينقى من درن
الفساد. قوله: {ولهم فيها أزواج مطهرة} [البقرة: 25] أي من درن الدنيا وأوساخها مما عليه نساء الدنيا من الحيض ونحوه. وقيل من الأخلاق السيئة، والكل مطلوب. و ((مطهرة)) جاءت على لغة النساء طهرت: ولو قيل: ((مطهرات)) لكان على لغة ((طهرن)). قوله: {إنهم أناس يتطهرون} [الأعراف: 82] أي من أفعالنا، قالوا ذلك على سبيل التهكم لما سمعوا. قوله:{هؤلاء بناتي هن أطهر لكم} [هود: 78]. قوله تعالى: {وأنزلنا من السماء ماء طهورًا} [الفرقان: 48]؛ الطهور بمعنى المطهر: قال الراغب: وذلك لا يصح من حيث اللفظ لأن فعولًا لا يبنى على أفعل وفعل، وإنما يبنى من فعل، يعنى أن فعولًا مثال مبالغة. وأمثلة المبالغة الخمسة لا تبنى إلا من الثلاثي في الغالب، وإلا فالسماع قد ورد في قولهم: أدرك فهو دراك. وقد اعترض بعضهم أيضًا على الشافعي بأنه كان يقتضي أن يتكرر التطهير به، وهو لا يقول بذلك. وأيضًا فإن الطهور قد ورد مرادًا به المبالغة في النظافة. قال تعالى:{وسقاهم ربهم شرابًا طهورًا} [الإنسان: 21] فإن فيه تنبيهًا على أنه بخلاف قوله: {ويسقى من ماء صديد} [إبراهيم: 16]. وأنشد: [من الطويل]
956 -
عذاب الثنايا ريقهن طهور
وهذا لا تطهير فيه لغيره، فكذا {ماء طهورًا} وقد فصلنا في هذه الاعتراضات كلها في غير هذا الموضوع. والطهور تارة يكون مصدرًا وهو مسموع كالوضوء والوقود والولوع. وقد يكون اسمًا لما يتطهر به. وقد يكون وصفًا كهذه الآية. وقيل: إن ذلك اقتضى التطهير من حيث المعنى، وذلك أن الطاهر ضربان: ضرب لا تتعداه الطهارة كالثوب فإنه طاهر غير مطهر به. وضرب يتعداه، فيجعل غيره طاهرًا به فوصف الله الماء بأنه طهور، تنبيه على هذا المعنى.