الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب السين
فصل السين والهمزة
س أل:
قوله تعالى: {واتقوا الله الذين تساءلون به والأرحام} [النساء: 1] أي تناشدون به وتتقاسمون. فتقول: أنشدك بالله وبالرحم. والسؤال: استدعاء معرفةٍ أو ما يؤدي إليها، واستدعاء مالٍ أو ما يؤدي إليه. فاستدعاء المعرفة جوابها باللسان، وتنوب عنه اليد، فاليد خليفةٌ عنه بالكتابة والإشارة، واستدعاء المال جوابه باليد، وينوب عنها اللسان بوعدٍ أو رد. وأما السؤال الوارد من الله تعالى فليس للاستعلام لأنه تعالى علام الغيوب، وإنما المراد به التقريع والتبكيت لقومٍ، أو الجحد كقوله تعالى:{أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} [المائدة: 116] المقصود تبكيت عبدة المسيح وأمه، وإظهار كذبهم على عيسى ومريم عليهما السلام، وقوله:{فهل يهلك إلا القوم الفاسقون} [الأحقاف: 35] المقصود نفي ذلك عن كل أحد وإثباته للفسقة وقوله: {وإذا المؤودة سئلت} [التكوير: 8] يقال: هذا تبكيت وتقريع لمن كان يئد ولده، ولهذا قرئ {سألت} مبنيًا للفاعل و «قتلت» مبنيًا للمفعول مضموم التاء للمتكلم.
ثم السؤال إن كان للتعرف تعدى لاثنين ثانيهما بنفسه تارةً وبحرف الجر أخرى. وهو «عن» ، وتنوب عنها الباء نحو:{فاسأل به خبيرًا} [الفرقان: 59]، وقوله:[من الطويل]
682 -
فإن تسألوني بالنساء فإنني
…
خبير بأدواء النساء طبيب
وبعن أكثر، كقوله تعالى:{ويسألونك عن الروح} [الإسراء: 85]. وإن كان لاستدعاء مال تعدى بنفسه أو بمن. فمن الأول قوله تعالى: {وإذا سألتموهن متاعًا} [الأحزاب: 53]، ومن الثاني؛ {واسألوا الله من فضله} [النساء: 32]. وغلب السائل على الفقير لقوله تعالى: {وأما السائل فلا تنهر} [الضحى: 10]{للسائل والمحروم} [الذاريات: 19]. ولا معارضة بين قوله: {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنسٌ ولا جان} [الرحمن: 39]. وقوله تعالى: {فوربك لنسألنهم أجمعين} [الحجر: 92] إذ يوم القيامة ذو مواطن فيسألون في موطن ولا يسألون في آخر، أو يسألون سؤال تقريعٍ وتوبيخٍ لا سؤال تكرمةٍ.
قوله تعالى: {وعدًا مسؤولًا} [الفرقان: 16] إشارةٌ إلى قوله تعالى حكايةً عن الملائكة في دعائهم للمؤمنين: {ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم} [غافر: 8]. وقوله تعالى: {سأل سائلٌ} [المعارج: 1] أي دعا داعٍ، وذلك إشارةٌ إلى قوله حكايةً عن بعض الأشقياء:{اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك} [الأنفال: 32] الآية.
قوله تعالى: {ولا تسأل عن أصحاب الجحيم} [البقرة: 119] قرئ {لا تسأل} مبنيًا للمفعول على الخبر المنفي، أي إنما عليك أن تبلغ، وفي معناه:{فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب} [الرعد: 40]{ما عليك من حسابهم من شيءٍ وما من حسابك عليهم من شيءٍ} [الأنعام: 52]. {ولا تسأل} على النهي وذلك لشدة الأمر، كقولك: لا تسأل عن فلانٍ، أي هو بحالةٍ لا يستطاع أن يسأل عنها، لما في جوابها من الفظاعة.