الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الطاء
فصل الطاء والباء
ط ب ع:
قوله تعالى: {بل طبع الله عليها} [النساء: 155] قد تقدم في مادة الجيم أن ذلك حقيقة عند بعضهم مجاز عند آخرين، وهل هو من مجاز التخييل أو التمثيل. وقد فسر كثير من الناس الطبع بالختم وليس كذلك؛ فإن الطبع أن تصور الشيء بصورة ما كطبع الدراهم بالسكة. قال بعضهم: هو أعم من الختم وأخص من النقش والطابع والخاتم -بالفتح- ما يطبع به ويختم كالقالب لما يقلب فيه -وبالكسر- هو الفاعل لذلك لأنه اسم فاعل. وقد قيل للطابع بالفتح طابع بالكسر نسبة للفعل لدلالته نحو: سيف قاطع. والطبيعة: السجية التي طبع عليها الإنسان تصويراً أنه نقش ذلك فيه. ومنه الحديث: ((طبع يوم طبع كافر)) وهو كالفطرة. وقيل للسجية طبيعة من حيث إن النفس تنتقش بصورة ما؛ إما من حيث الخلقة وإما من حيث العادة وهو فيما ينتقش به حيث الخلقة أغلب. وطبيعة النار: ما سخره الله تعالى فيها من الإحراق، وطبيعة الداء والدواء: ما سخره الله فيهما من السقم. والطباع بمعنى الطبيعة أيضًا، ومنه قول المتبني:[من المتقارب]
930 -
وتأبى الطباع على الناقل
وقيل: الطباع: ما ركب عليه الإنسان من المأكل والمشرب وسائر الأخلاق التي لا تزايله. قيل: والطباع مؤنثة فيقال: طباعه حسنة، وطباعك كريمة لأنه بمعنى الطبيعة فأنث. وطبعت المكيال: ملأته، لكون الملء كالعلامة المانعة من تناول ما فيه. والطبع المطبوع، أي المملوء. وقال أبو بكر: أصل الطبع من الوسخ والدنس يغشيان السيف. ويقال: طبع يطبع طبعا، فاستعير لما يوسخ ويدنس من الآثام وفعل القبائح، وفي
الحديث: ((نعوذ بالله من طمع يهدي إلى طبع)). وعن مجاهد: الرين أيسر من الطبع والطبع أيسر من الإقفال، والإقفال أشد من ذلك كله، إلا أن الهروي قال: وكان الصدر الأول يرون الطبع هو الرين. قلت: يرون موافقة قوله تعالى: {بل ران على قلوبهم} [المطففين: 14]{أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم} [المائدة: 41]. وكان المعنى أن الله جعل عليها صدأ كصدإ الحديد ووسخًا كوسخ الثوب منع بصيرتها من إبصار الهدى، ولله تعالى أن يفعل ما يشاء ويحكم في عباده بما يريد.
ط ب ق:
قوله تعالى: {لتركبن طبقا عن طبق} [الانشقاق: 19] أي حالا بعد حال. والمعنى: يترقى منزلا عن منزل، وذلك إشارة إلى أحوال الإنسان من ترقيه في أحوال كثيرة في الدنيا الآخرة. أما في الدنيا فالإشارة إليها بقوله تعالى:{خلقكم من تراب ثم من نطفة} [غافر: 67] إلى بلوغ الأشد وإناطة التكليف. وأما في الآخرة فالموت والإحياء للبعث، والبعث والنشور والحساب ومقاساة الأهوال وجواز الصراط وحضور الميزان إلى حين الاستقرار في إحدى الدارين.
قيل: سميت الحال طبقا لأنها تملأ القلوب أو تشارف ذلك، ومنه الحديث:((اللهم اسقنا غيثًا طبقًا)) أي تملأ الأرض مطرًا. وكل شيء علا شيئًا فهو طبق للأسفل. وقيل: المعنى لتركبن السماء حالا بعد حال كالمُهل، وفي حال كالفراش، وفي حال كالدهان وفيه نظر لأنه قُرئ ((لتركبن)) بفتح الباء وضمها على خطاب الواحد والجماعة. وفُسرت قراءة الفتح بأنها خطاب لرسوله عليه الصلاة والسلام وأنه وعده بالإسراء أو بترقيه إلى المراتب العلية، وكل قد وقع. وقال ابن عرفة: الطبق: العالم، ومنه قول العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه:((إذا مضى عالم بدا طبق)) أي إذا ذهب قرن جاء آخر، سموا طبقًا لأنهم طبقوا الأرض. وفي حديث أم زرع:((زوجي عياياء طباقاء)) أي أطبق عليه الحمق، وأطبق عنه الكلام أو أموره. قوله:{سبع سماوات طباقًا} [الملك: 3] أي متطابقة بعضها فوق بعض، وكل منها طبق لما تحته.