الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"ليس كل الناس مرخًى - أي موسع - عليه" وأصل ذلك من الرخاوة. والرخو: ضد الصلب. ومنه: الحروف الرخوة ضد الشديدة حسبما بينا ذلك في "العقد النضيد" وغيره. وأرخيت الستر من ذلك. ومن إرخاء الستر استعير إرخاء سرحانٍ. وفرس مرخاء من خيلٍ مراخٍ لإرسال ذنبها إرسال الستر. فإن قلت: كيف يجمع بني هذه الآية وبين قوله:} ولسليمان الريح عاصفًة {[الأنبياء: 81] فالعصوف: الشدة، والرخاوة: اللين؟ فالجواب أنها في أول خروجها تكون شديدةٍ ثم تسلسل وتسترخي. أو أنها في تسييرها ما تحمله بمنزلة العاصفة لبعد مسافة مسيرها. وفي عدم إزعاج ما تحمله بمنزلة الرخاء. يعني أنها جامعة بين هذين المعنيين.
فصل الراء والدال
ر د أ:
قوله تعالى:} معي ردًأ {[القصص: 34] أي معينًا. والردء في الحقيقة: التابع لغيره معينًا له. والرديء كالردء، إلا أنه غلب استعماله في المتأخر المذموم. يقال: ردؤ يردؤ رداءًة فهو رديء. وقرأ نافع "ردًا" من غير همزٍ، فقيل: أصله الهمز ولكنه نقل حركة الهمزة كما نقل ابن كثيرٍ في القرآن دون غيره. وقيل: هو الزيادة من قولهم: ردأت الغم، يردئ على المئة، أي يزيد، ذكره الفراء.
ردد:
قوله تعالى:} ولو ردوا لعادوا {[الأنعام: 28]. الرد: في الأصل: صرف الشيء بذاته أو بحالةٍ من أحواله عما هو عليه؛ فمن الأول قوله:} ولو ردوا {، ومن الثاني:} يردوكم على أعقابكم {[آل عمران: 149]. قوله:} وإن يردك بخير فلا راد
لفضله} [يونس: 107] أي لا دافع ولا مانع ولا صارف. وقيل في قوله:} ولو ردوا لعادوا {قولان أحدهما: ردهم إلى ما أشار إليه بقوله:} منها خلقناكم وفيها نعيدكم [[طه: 52]. والثاني: ردهم إلى الحياة المشار إليها بقوله:} ومنها نخرجكم تارًة أخرى {[طه: 55]. قوله:} فردوا أيديهم في أفواههم {[إبراهيم: 9] يجوز أن يكون المعنى: فرد الكفار أيديهم في أفواه أنفسهم غيظًا وحنقًا، كقوله:} عضوا عليكم الأنامل من الغيظ {[آل عمران: 119] ومثله قول صخرٍ الهذلي: [من المتقارب]
576 -
قد افنى أنامله أزمه
…
فأمسى يعض على الوظيفا
وقيل: فعلوا ذلك إشارة إلى تسكيت الرسل كما يشير الرجل بإصبعه إلى فيه ليسكت من يخاطبه. وقيل: فرد الكفار أيدي الرسل في أفواه الرسل ليسكتوهم. وقيل: رد الكفار أيديهم في أفواه الرسل. وكله محتمل. وفي ذكر الرد تنبيه أنهم فعلوا ذلك مرًة بعد أخرى. وقوله:} فارتد بصيرًا {[يوسف: 96] أي رجع وصار. قوله:} يردونكم من بعد إيمانكم {[البقرة: 109] [يوسف: 96] أي رجع وصار. قوله:} يردونكم من بعد إيمانكم {[البقرة: 109] أي يرجعونكم ويصيرونكم إلى حالة الكفر بعد أن فارقتموه. والارتداد والردة: الرجوع في الطريق الذي كان فيه، إلا أن الردة اختصت بالكفر، والارتداد في الكفر وفي غيره. قال تعالى:} من يرتد منكم عن دينه {[المائدة: 54]، وقوله تعالى:} فارتدا على آثارهما قصصًا {[الكهف: 64] وقوله:} ولا ترتدوا على أدباركم {[المائدة: 21] أي إذا تحققتم أمرًا وعرفتم خبره فلا ترجعوا عنه. وفي الحديث: "البيعان يترادان" أي يرد كل واحدٍ منهما ما أخذ. ورد يتعدى لواحد إذا كان بمعنى صرف كما تقدم، وإلى اثنين إذا ضمن معنى صير كقوله:
577 -
رمي الحدثان نسوة آل سعدٍ
…
بمقدارٍ سمدن له سمودا
فرد شعورهن السود بيضًا
…
ورد وجوههن البيض سودا
وأردت الناقة: ترددت إلى الماء. واسترد الشيء: استرجعه. والمتردد: القصير؛ ومنه الحديث: "ولا القصير المتردد" كأنه تردد بعض خلقه على بعضٍ. قال العجاج: [من الرجز]
578 -
كأن تحتي ذات شغبٍ سمحجا
كالقوس ردت غير ما أن تعوجا
ورد القاضي شهادته: لم يقبلها، وهو بمعنى صرفها. ومنه قول ذي الرمة:[من الطويل]
579 -
وقفنا فسلمنا فردت تحيًة
…
علينا، ولم ترجع جواب المخاطب
ورد الجواب: إذا أجاب عما سئل. وقول الشاعر: [من البسيط]
580 -
يا أم عمروٍ جزاك الله مغفرًة
…
ردي على فؤادي كالذي كانا
بمعنى أرجعيه علي.
ر د ف:
قوله تعالى:} عسى أن يكون ردف لكم {[النحل: 72] أي دنا لكم وقرب. وردف كان من حقه التعدي بنفسه. يقال: ردفت زيدًا أي جئت بعده، وإنما عيد باللام لأنه ضمن معنى قرب ودنا. وقيل: اللام مزيدة للتأكيد، وفيه نظر؛ إذ لا تزاد مقويًة إلا حيث كان العالم فرعًا، كقوله تعالى:} فعال لما يريد {[هود: 107]، أو قدم المعمول كقوله تعالى:} للرؤيا تعبرون {[يوسف: 43]. وفي غير ذلك ضرورة كقوله: [من الوافر]
581 -
فلما أن تواقفنا قليلاً
…
أنخنا للكلاكل فارتمينا
والردف: التابع. وردف المرأة: عجيزتها. والترادف: التتابع. والرادف: المتأخر، والمردف: المتقدم الذي أردف غيره، ومنه قوله تعالى:} بألفٍ من الملائكة مردفين {[الأنفال: 9] أي جائين بعد، فجعل ردف وأردف بمعنًى واحد، وأنشد:[من الوافر]
582 -
إذا الجوزاء أردفت الثريا
وقال غيره: معناه مردفين ملائكًة أخرى. فعلى هذا يكونون ممدين بألفٍ من الملائكة. وقيل: عنى بالمردفين: المتقدمين للعسكر ليخلقوا في قلوب العدو الرعب. وقيل في قراءة الفتح: إن كل إنسانٍ أردف ملكًا؛ قاله الراغب وفيه نظر. وقرئ "مردفين" والأصل مرتدفين فأدغم. وقال الفراء في قراءة الكسر: متتابعين، وفي قراءة الفتح أي فعل الله ذلك بهم، أي أردفهم بغيرهم. يقال: ردفته وأردفته: أركبته خلفي. وأردفته: جئت بعده. فمعنىٍ "مردفين" - بالكسر - أي يأتون فرقًة فرقًة. وقال ابن الأعرابي: ردفته وأردفته بمعنًى، نحو: لحقه وألحقه. وهذا رأي أبي عبيدة كما قدمناه عنه. وحقيقة الإرداف: الإركاب على ردف الدابة. والرداف: مركب الردف. وأرداف الملوك وهي الردافة كالوزارة. ودابة لا ترادف ولا تردف - نقله الراغب - وقال الهروي: ولا تقل: لا تردف.
ر د م:
قوله تعالى:} أجعل بينكم وبينهم ردمًا {[الكهف: 95] الردم: سد الثلمة ونحوها بالحجر ونحوه، وعنى بذلك السد. والردم يطلق على المردوم، كإطلاق الضرب