الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
س ج و:
قوله تعالى: {والليل إذا سجا} [الضحى: 2] أي سكن، وهو إشارةٌ إلى ما قيل: هدأت الأرجل، وعينٌ ساجيةٌ أي فاترة النظر. وسجا البحر سجوًا: سكنت أمواجه. ومنه استعير: تسجية الميت أي تغطيته. وقال الشاعر: [من الرجز]
700 -
يا حبذا القمراء والليل الساج
فصل السين والحاء
س ح ب:
قوله تعالى: {يوم يسحبون في النار على وجههم} [القمر: 48]. السحب: الجر ومنه سحب ذيله، وسحبته على وجهه. وسمي السحاب سحابًا، إما لجره الماء أو لجرٌ الرياح له أو لانجراره في ممره. وفلانٌ يتسحب على فلانٍ، كقولهم: ينجر عليه، وذلك إذا تجرأ عليه.
والسحاب: الغيم سواءٌ كان فيه ماءٌ أو لم يكن. ولذلك قيل: سحابٌ جهامٌ. وقد يذكر السحاب، ويراد به الظل والظلمة على طريق التشبيه، كقوله تعالى:{أو كظلمات في بحرٍ لجي يغشاه موجٌ من فوقه موجٌ من فوقه سحابٌ ظلماتٌ بعضها فوق بعضٍ} [النور: 40]
س ح ت:
قوله تعالى: {أكالون للسحت} السحت: الحرام، وما لا يحل تناوله، لأنه يسحت صاحبه أي ذهب بدينه ومروءته. وأشار بذلك إلى الرشا التي كان الأحبار يأخذونها ليحكموا لسلفهم وملوكهم بما يهوونه. وأصل السحت قشر الشيء باستئصال.
قال تعالى: {فيسحتكم بعذابٍ} [طه: 61] قرئ بضم الياء من أسلحته، وبفتحها من سحته، أي يهلككم هلاك استئصالٍ.
فالسحت: ما يلزم صاحبه العار، كأنه يقشر دينه ومروءته. وقال الفرزدق:[من الطويل]
107 -
وعض زمان يا بن مروان لم يدع
…
من المال إلا مسحتًا أو مجلف
وقيل: سمي سحتًا لأنه يذهب البركة. وقيل: هو الذي لا خير فيه. وعندي أن هذه اختلافاتٌ في العبارة والمعنى واحدٌ. وفي الحديث: «لحم نبت من سحتٍ، النار أولى به» وقوله: «كسب الحجام سحتٌ» يريد أن يسحت المروءة لا الدين، ولذلك أذن له عليه الصلاة والسلام في إعلافه الناضح وإطعامه الأرقاء. ولو كان محظورًا لم يأذن فيه بوجهٍ.
س ح ر:
قوله تعالى: {يعلمون الناس السحر} [البقرة: 102] السحر على أضربٍ: ضربٍ بخداعٍ وتخييلات لا حقيقة لها، كما يفعله تعض المشعبذة من صرف الأبصار عن حقائق الأشياء كخفة يدٍ وسرعة صناعةٍ. قيل ومنه سحرة فرعون إذا جاء في التفسير أنهم جعلوا تحت العصي والحبال زئبقًا يمشيها. وعليه قوله تعالى:{سحروا أعين الناس واسترهبوهم} [الأعراف: 116] ولذلك قال: {يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى} [طه: 66] وضربٍ باستجلاب معاونة الشياطين بأعمال يفعلونها يتقربون بها إلى الشياطين. وعليه قوله تعالى: {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاكٍ
أثيمٍ} الآية [الشعراء: 221 - 222]. وضربٍ يذهب إليه بعض الأغتام، ويزعمون أنهم يقلبون صور الحيوانات بعضها إلى بعضٍ، فيقلبون الإنسان حمارًا والحمار جاريةً حسناء ولا يثبته أهل التحقيق. وقد أتينا على تقسيمه واختلاف العلماء فيه على أتم كلامٍ في كتابنا «القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز». وقد يستعار السحر للكلام المنمق المزوق؛ فيقال: سحرني بكلامه. وأطلق ذلك على الكلام من حيث إنه يغير المعاني عن مقارها إلى مقر آخر، وهو ممدوحٌ في الأشياء الحسنة شرعًا، ومذمومٌ في غيرها. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام:«إن من البيان لسحرًا» قيل: ومنه سموه ساحرًا، وما جاء به السحر لأنه يصرف الناس في زعمهم من دينهم إلى دينه بحسن كلامه، وإلا فما أبعده من السحر. وقد تصور من السحر تارةً حسنه نحو:«إن من البيان لسحرًا» ، وتارةً دقة فعله حتى قالت الأطباء: الطبيعة ساحرةٌ والغذاء سحرٌ، من حيث إنه يدق ويلطف تأثيره. وعليه قوله تعالى:{إنما أنت من المسحرين} [الشعراء: 153] أي ممن جعل له سحرٌ تنبيهًا أنه محتاجٌ إلى الغذاء كقوله: {مال هذا الرسول يأكل الطعام} [الفرقان: 7] وقال امرؤ القيس: [من الوافر]
702 -
أرانا موضعين لأمر غيبٍ
…
ونسحر بالطعام وبالشراب
ونبه بذلك على أنه بشرٌ كقوله: {إن أنتم إلا بشرٌ مثلنا} [إبراهيم: 10]. وقيل: ممن جعل له سحرٌ يتوصل بلطفه إلى ما يأتي به ويدعيه. وقوله: {إن تتبعون إلا رجلًا مسحورًا} [الإسراء: 47] يحتمل الوجهين.
قيل: وأصل السحر بالكسر مأخوذٌ من السحر بالفتح، وهو طرف الحلقوم والرئة. ومنه قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:«مات بين سحري ونحري» يعني النبي صلى الله عليه وسلم. وقالوا: انتفخ سحره للجبان من الخور. وبعيرٌ سحيرٌ: عظيم السحر. والسحارة: ما يلقى عند الذبح ويرمى به. وبني على فعالة كبناء النفاية والسقاطة،
وذلك أن السحر يؤثر في المسحور فيكون بمنزلة من أصيب سحره.
وقوله تعالى {بل نحن قومٌ مسحورون} [الحجر: 15] أي مصروفون عن معرفتنا بالسحر. وقيل: معناه: إن منه ما يصرف قلوب السامعين إلى قبول ما يسمعون وإن كان غير حقٌ. وقيل: يكتسب به من الإثم ما يكتسبه الساحر سحره. وعليه قوله «فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقطعه قطعةً من النار» قوله {نجيناهم بسحر} [القمر: 34]. السحر: أول النهار، وهو اختلاط الظلمة بضياء النهار، وأراد: سحرٌ من الأسحار، ولذلك صرفه. أما إذا أراد به من يومٍ بعينه فإنه يمنع من الصرف، نحو: أتيتك يوم الجمعة سحر. قالوا: وعليه منعه العدل وأشبه العلمية. وزعم صدر الأفاضل أنه مبني كأمس. ولنا فيه كلامٌ طويلٌ أتقناه في مواضع من تأليفنا.
والسحر: اختلاط ظلام آخر الليل بضياء أول النهار. ولقيته بأعلى السحرين، أي بغلسٍ. والمسحر: الخارج بالسحر. والسحور: المأكول وقت السحر. وبالضم: الفعل. ومثله التسحير. وفي الحديث: «تسحروا فإن السحور بركةٌ» الأحسن قراءته بالضم، أي في فعل ذلك.
س ح ق:
قوله تعالى: {فسحقًا} [الملك: 11] أي بعدًا. يقال: أسحقه الله، أي بعده من رحمته. وقوله:{في مكان سحيق} [الحج: 31] أي بعيد العمق. ونخلةٌ سحوقٌ أي طويلةٌ، وذلك لبعد جناها على مجتنيها. وقيل: السحق: التفتيت. ومنه: سحقت الدواء فانسحق. والسحق أيضًا: البلاء، ومنه ثوبٌ سحقٌ أي بالٍ. وأسحق الثوب أي أخلق. وأسحق الضرع: ذهب لبنه، على التشبيه بالثوب البالي. وأسحقه الله أي جعله سحيقًا. وسحقه: جعله باليًا. ودمٌ منسحقٌ ومسحوقٌ على الاستعارة، كقولهم:
مذرورٌ. وجعل بعضهم إسحاق من هذه المادة، وهو مردودٌ بمنعه من الصرف.
س ح ل:
قوله تعالى: {فليلقه اليم بالساحل} [طه: 39] أي شاطئ البحر. وهو من سحل الحديد أي برده وقشره، لأن المال يفعل به ذلك. قيل وعلى هذا فكان ينبغي أن تجيء مسحولًا، ولكنه جاء على حد قولهم: همٌ ناصبٌ. وقيل: بل هو على بابه، لأنه تصور منه أنه يسحل الماء أي يفرقه ويضيعه. والسحالة: البرادة. والسحيل: الحبل؛ قال زهير: [من الطويل]
703 -
لعمري لنعم السيدان وجدتما
…
على كل حالٍ من سحيل ومبرم
والسحل: الثوب الأبيض من القطن الأبيض النقي. وفي الحديث: «أنه عليه الصلاة والسلام كفن في ثلاثة أثواب سحولية» ويروى بضم السين على أنه جمع سحل. ويجمع أيضًا على سحل، نقله الهروي. وبفتحها على أنه منسوبٌ لسحولٍ: قرية باليمن. وفي حديث ابن عباس «أنه افتتح سورة فسحلها» أي قرأها، وذلك على التشبيه. ومنه أسحل في خطبته، أي قالها جمعًا. ومثله: يصب الكلام صبًا.
والمسحل: اللسان. ومنه قول علي كرم الله وجهه في بني أمية: «لا يزالون يطعنون في مسحل ضلالةٍ» وأصل ذلك أن السحال: نهيق الحمار؛ مأخوذٌ من سحل الحديد تشبيهًا لصولته بصوت سهل الحديد. وقيل للسانٍ جهير الصوت مسحلٌ، لما فيه ن القوة التي في نهيق الحمار، لا في الكراهة.
والمسحلان: حديدتان تكتنفان اللجام. وأنشد الهروي في المعنى: [من الكامل]