الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الشين
فصل الشين والهمزة
ش أم:
قوله تعالى: {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} [الواقعة: 9] أي عبر عنهم بذلك الاشتقاق. المشأمة من الشؤم أو من اليد الشوماء، وهي اليسار. كما أنهم يتيامنون باليد اليمنى؛ فالميمنة والمشأمة، مفعلةٌ من اليد اليمنى والشمال لفتاؤلهم بتلك، وتشاؤمهم بالأخرى. ومنه رجلٌ مشؤومٌ. وتشاءم: أتى نحو الشام. وأشأم: أتى الشام. وفي الحديث: «إذا نشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عينٌ غديقةٌ» أي أخذت نحو الشام. وتيامن القوم وأيمنوا. أتوا بلاد اليمن.
ش أن:
قوله تعالى: {كل يوم هو في شأن} [الرحمن: 29] أي من إحياء هذا، وإماتة هذا، وإغناء هذا، وإفقار هذا، وإسعاد هذا، وإشقاء هذا. والأصل في الشأن الحالٌ، وذلك مجازٌ عن تصرفه في خلقه بما أراد، وقسرهم على ما شاء لا كما يريدون ويشاؤون. والشأن: القصد؛ وقد شأنت شأنه، أي قصدت قصده. وقيل: الشأن: الأمر الذي يتفق ويصلح، ولا يقال إلا فيما يعظم من الأحوال والأمور. فلا يقال: ما شأن الحجام؟ ما شأن الملك؟
والشأن أيضًا من الرأس: الوصلة التي بين متقابلاته [التي] بها حياة الإنسان. وجمعها شؤون.
فصل الشين والباء
ش ب هـ:
قوله تعالى: {متشابهًا} [البقرة: 25] يعني أن ثمر الجنة يشبه بعضه بعضًا.
فالمنظر واحدٌ والطعم مختلفٌ. وقيل: يشبه ثمر الدنيا في التسمية وبعض الهيئات. وهذا مبني على أن المرزوق
…
أو فيه خلافٌ، أتقناه في غير هذا.
قوله: {كتابًا متشابهًا} [الزمر: 23] أي يشبه بعضه بعضًا في الفصاحة والإعجاز وعدم تناقضه. وإبداع ألفاظه، واستخراج حكمه. قوله تعالى:{إن البقر تشابه علينا} [البقرة: 70] أي أختلط علينا أمره والتبس فلا ندري ما المقصود منه. وفي الحرف قراءاتٌ أتقناها في غير هذا. قوله تعالى: {وأخر متشابهاتٌ} [آل عمران: 7] اختلف الناس في المتشابه على أقوالٍ كثيرةٍ منها:
أن المحكم هو الناسخ، والمتشابه هو المنسوخ. وقيل: المتشابه: ما لم يتضمن حكمًا بل تضمن قصصًا وأخبارًا. وقيل: المتشابه منه: مأشكل تفسيره لمشابهته غيره؛ إما من جهة اللفظ أو المعنى. وقال الفقهاء: المتشابه: ما لا ينبئ ظاهره عن مراده. وحقيقة ذلك أن آيات الكتاب العزيز عند اعتبار بعضها ببعضٍ ثلاثة أقسامٍ:
الأول: متشابهٌ من حيث اللفظ فقط.
الثاني: من حيث المعنى فقط.
الثالث: من جهتهما معًا.
ثم المتشابه من حيث اللفظ نوعان: أحدهما يرجع إلى المفردات إما من جهة الغرابة من قوله: {وفاكهة وأبًا} [عبس: 31] وكقوله: {يزفون} [الصافات: 94]، وإما من جهة الاشتراك كاليد والعين في قوله تعالى:{بل يداه مبسوطتان} [المائدة: 64]{تجري بأعيننا} [القمر: 14]{على عيني} [طه: 39]. والثاني يجرع إلى التركيبات، وهي الجمل. وهذا ينقسم إلى ثلاثة أقسامٍ:
أحدهما: لاختصار الكلام كقوله تعالى: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى} إلى
قوله: {ورباع} [النساء: 3]
وثانيها: عكسه، وهو بسط الكلام، كقوله تعالى:{ليس كمثله شيءٌ} [الشورى: 11] إذ لو قيل: ليس مثله شيءٌ. لكان أظهر للسامع.
ثالثها: لنظم الكلام، كقوله تعالى:{أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجًا قيمًا} [الكهف: 1 و 2]
والقسم الثاني من حيث المعنى فقط، وذلك في أوصاف الباري تعالى، وأوصاف القيامة. فإن تلك الصفات لا تتصور لنا؛ إذ كان لا يحصل في نفوسنا صورة ما لم نحسه إذ لم يكن من جنس ما نحسه.
القسم الثالث وهو المتشابه من جهتهما معًا ينقسم خمسة أقسام: الأول من جهة الكمية كالعموم والخصوص نحو: {فاقتلوا المشركين} [التوبة: 5]. الثاني من جهة الكيفية كالوجوب والندب كقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} [النساء: 3] الثالث من جهة الزمان كناسخ والمنسوخ نحو قوله تعالى: {اتقوا الله حق تقاته} [آل عمران: 102]
الرابع من جهة المكان والأمور التي نزلت فيها كقوله تعالى: {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر} [البقرة: 189]، وقوله:{إنما النسيء زيادةٌ في الكفر} [التوبة: 37] فإن من لا يعرف عادة أهل الجاهلة في ذلك يتعذر عليه تفسير هذه الآية الكريمة. الخامس من جهة الشروط التي يصح بها الفعل أو يفسد كشروط النكاح والصلاة. ويعلم أن كل ما ذكره المفسرون في تفسير المتشابه لا يخرج عن أحد هذه الأقسام كتفسير قتادة؛ المحكم: الناسخ، والمتشابه: المنسوخ. وقول الأصم: المحكم: ما اتفقوا على تأويله، والمتشابه ما اختلفوا في تأويله وقول بعضهم: المتشابه: الحروف المقطعة في أوائل السور كـ {ألم} و {وطسم} و {حم عسق} ، إلى غير ذلك.
قال الراغب: ثم المتشابه على ثلاثة أضربٍ؛ ضربٍ لا سبيل للوقوف عليه
كوقت الساعة، وخروج الدابة وكيفيتهما. وضربٍ للإنسان سبيلٌ إلى معرفته كالألفاظ الغريبة، والأحكام الغلقة. وضرب مترددٍ بين الأمرين نحو أن يختص بمعرفته بعض الراسخين في العلم، ويخفى على من دونهم، وهو الضرب المشار إليه بقوله عليه الصلاة والسلام في علي كرم الله وجهه:«اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» . وقوله في ابن عباس مثل ذلك.
قال: وإذا عرفت هذه الجملة علمت أن الوقف على قوله: {إلا الله} [آل عمران: 7] ووصله بقوله: {والراسخون في العلم} جائزان، وأن لكل منهما وجهًا حسبما دل عليه التفصيل المتقدم، انتهى وهو حسنٌ.
قوله: {ولكن شبه لهم} [النساء: 157] أي مثل لهم من حسبوه إياه. يقال: إنه ألقى شبهه عليه السلام على رجلٍ دل عليه. فدخلوا فوجدوه بعد ارتفاعه عليه السلام فأرادوا صلبه، فقال: أنا صاحبكم. فلم يصدقوه. ويقال: شِبْهٌ وشَبَهٌ وشَبيهٌ نحو مِثْل ومَثَل ومَثيل. وحقيقتها في المماثلة من جهة الكيفيه كاللون والطعم المشار إليهما بقوله تعالى: {وأتوا به متشبهًا} [البقرة: 25]. كما تقدم تحقيقه.
والشبهة: ما يخيل للإنسان حقيقة شيء والأمر بخلافها. قال الراغب: والشبهة: أن لا يتميز أحد الشيئين عن الآخر لما بينهما من التشابه عينًا كان أو معنىً. وذكر حذيفة رضي الله عنه «فتنةً» فقال فيها «تشبه مقبلةً، وتبي مدبرةً» . قال شمرٌ: معناه أن الفتنة إذا أقبلت شبهت على القوم وأرتهم أنهم على الحق حتى يدخلوا فيها ويرتكبوها. فإذا انقضت بان أمرها، وعلم من يرتكبها أنه كان على خطأ من الرأي.