الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيء: جزءٌ من ستة أجزاء. وأما قولهم: فلانةٌ ست القوم، فلغةٌ مولدةٌ غير معروفة.
س د ي:
قوله تعالى: {أيحسب الإنسان أن يترك سدىً} [القيامة: 36] أي مهملًا غير مأمورٍ ولا منهيٍّ. وكل شيءِ تركته وأهملته فهو سدىً. وفي الحديث: «إنه كتب ليهود تيماء: إن لهم الذمة وعليهم الجزية بلا عداء، النهار مدى والليل سدىً» . السدى: التخلية. والمدى: الغاية. فالمراد أن لهم ذلك أبدًا وأسديت له نعمةً: كأنه أرسلها وأهملها فلم يمن بها عليه.
والسدى: سدى الثوب؛ بالفتح والقصر: ما ظهر من غزل الثوب، اللحمة: ما خفي. منه وقيل: بالعكس.
فصل السين والراء
س ر ب:
قوله تعالى: {وساربٌ بالنهار} [الرعد: 10]. السارب: الظاهر في الطريق، يعني السالك. والسرب: هو الطريق. يقال: خله في سربه أي طريقه. وروي أنه قال عليه الصلاة والسلام: «من أصبح آمنًا في سربه» بالفتح والكسر؛ فالفتح على أنه آمنٌ في مذهبه وطريقه، والكسر على أنه آمنٌ في نفسه.
وفلانٌ واسع السرب أي رخي البال. ومعنى الآية أنه تعالى مستوٍ عنده من هو مستخف في ظلمة الليل، ومن هو ظاهرٌ في ضياء النهار، لا تفاوت بينهما في علمه تعالى.
سرب الرجل يسرب سروبًا وسربًا: إذا مضى في طريقه لسفرٍ سهلٍ، وذلك السفر السربة، فإن كان مشقًا فهو السرباة. وسرب الماء يسرب سروبًا وسربًا، نحو مر مروًا مرًا قال ذو الرمة:[من البسيط]
710 -
ما بال عينك منها الماء ينسكب
…
كأنه من كلى مفريةٍ سرب
وقوله تعالى: {فاتخذ سبيله في البحر سربًا} [الكهف: 61] يعني الحوت وكان مملوحًا. والمعنى أنه ذهب في سربه وطريقه الذي في الماء بعدما مات وملحوه. ومروره معجزةٌ لموسى عليه السلام وعلامة على طلبته. وفي حديث الاستنجاء: «حجران للصفحتين وحجرٌ للمسربة» هي المجرى؛ اتخذت بمجرى الماء عند سروبه. وقيل: أصل السرب الذهاب في انحدار. والسرب: المنحدر. وسرب الدمع: سال. وانسربت الحبة إلى جحرها. وقولهم في كناية الطلاق: «لا أنده سربك» أي لا أرد تلك الداهية في سربها؛ يروى بفتح السين وكسرها. وقالوا: ذعرت سربه إي إبله. وقيل: نساؤه. والسربة: القطعة من الخيل ما بين العشرة إلى العشرين.
والمسربة: ما تدلى من شعر الصدر. وقوله: {كسرابٍ بقيعةٍ} [النور: 39]. السراب: ما لمع في المفازة كالماء، وذلك لانسرابه في مرأى العين. وكأن السراب لما لا حقيقة له كما قال تعالى:{لم يجده شيئًا} [النور: 39] كما أن الشراب لما له حقيقةٌ وأنشدني بعضهم في التجانس والتضمين: [من الوافر]
711 -
ومن يرجو من الدنيا وفاءً
…
كمن يرجو شرابًا من سراب
لها داعٍ ينادي كل يومٍ
…
لدوا للموت وابنوا للخراب.
س ر ب ل:
قوله تعالى: {سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم} [النحل: 81] السرابيل: جمع سربال، وهو القميص من أي جنسٍ كان، ويطلق على الدرع. قال:{وسرابيل تقيكم بأسكم} والمعنى: تقي بعضكم من بأس بعضٍ. وقد يستعار في المعاني، كقولٍ لبيدٍ:[من البسيط]
712 -
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي
…
حتى لبست من الإسلام سربالا
وقالوا: تسربل أي لبس السربال: وقال: أوس بن حجرٍ يصف درعًا: [من الطويل]
713 -
تردد فيه ضوؤها وشعاعها
…
فأحسن وأزين بامرئٍ أن تسربلا
س ر ج:
قوله تعالى: {وسراجًا منيرًا} [الأحزاب: 46] وصفه تعالى بكونه سراجًا منيرًا لأنه عليه الصلاة والسلام أضاءت الدنيا به وبشريعته بعد أن كانت مظلمةً بالكفر. والسراج هو الزاهر بفتيلةٍ ودهنٍ، ثم يعبر به عن كل مضيءٍ ثاقب. ولذلك وصف أضواء النيرات، وهي الشمس بأن سراجٌ، فقال:{وجعل الشمس سراجًا} [نوح: 16]
وأسرجت السراج: أوقدته. وسرجت الشيء: جعلته في الحسن كالسراج. وقال البيانيون في قول القائل: [من الرجز]
- وفاحمًا ومرسنًا مسرجا
أي له بريقٌ كبريق السراج. والمرسن: الأنف، وأصله في الإبل لموضع الرسن، فاستعير في الأناسي.
والسرج: رحالة الدابة، والسراج: صانعه، والجمع سروجٌ وأسرجٌ كفلوسٍ وأفلسٍ كثرةً وقلة.
س ر ح:
قوله تعالى: {أو تسريحٌ بإحسانٍ} [البقرة: 229]. أصل التسريح: الإرسال؛ يقال سرحت الإبل، أي أرسلتها في المرعى. وأصله أن ترعيه السَّرْحَ والسَّرْحُ سَرحُ البادية، الواحدة سرحةٌ. قال:[من الطويل]
714 -
أبى الله إلا أن سرحة مالكٍ
…
على كل أفنان العضاه تروق
ثم عبر به عن كل إرسالٍ في رعي ما. ثم جعل لمطلق الإرسال. ثم استعير في
الطلاق كاستعارة الطلاق للمرأة من إطلاق الإبل وهو تخليتها. وسرحت الإبل أي أرسلتها، قال تعالى:{ولكم فيها جمالٌ حين تريحون وحين تسرحون} [النحل: 6]. واعتبر من لفظه المضي والسرعة؛ فقيل: ناقةٌ سرحٌ، ومضى سرحًا سهلًا.
س ر د:
قوله تعالى: {وقدر في السرد} [سبأ: 11]. السرد في الأصل: نسج ما يخشن ويغلظ، كنسج الدروع وخرز الجلد. فقوله:{وقدر في السرد} أي ضيق نسيجها حتى لا يغلق بعضها من بعضٍ، فاستعار السرد لذلك. ويقال: سردٌ وزردٌ، وسرادٌ وزرادٌ نحو سراط وزراط.
والسرد: الثقب. وقيل: السرد: المتتابع. ومنه: سرد الأحاديث، أي تابع بعضها ببعضٍ. فالمعنى: تابع بين حلق الزرد كي تتناسق. ويقال للحلق: سردٌ ومعنى التقدير فيها أن لا تجعل المسامير دقاقًا فتغلق، ولا غلاظًا فتقصم.
س ر د ق:
قوله تعالى: {أحاط بهم سرادقها} [الكهف: 29]. السرادق: الحجر يكون حول الفسطاط. وقيل: ما يمد فوق صحن الدار. وقيل: كل بيتٍ من كرسفٍ فهو سرادقٌ. وأنشد لرؤبة: [من الرجز]
715 -
يا حكم بن المنذر بن الجارود
…
سرادق المجد عليك ممدود
وبيتٌ مسردقٌ، وأنشد:[من الطويل]
716 -
هو المدخل النعمان بيتًا، سماؤه
…
صدور الفيول بعض بيت مسردق
وكان أبرويز ملك الفرس قد قتل النعمان ملك العرب، أي أوطأه الفيلة. فالفيول جمع فيلٍ. وقيل: السرادق: كل ما أحاط بشيءٍ. ومنه قيل للحائط: سرادقٌ. والسرادق
فارسيٌ معربٌ، قال الراغب: وليس في كلامهم اسمٌ مفردٌ ثالثه ألفٌ وبعدها حرفان. وقيل: بيتٌ مسردقٌ: مجعولٌ على هيئة سرادق، انتهى. قلت: وليس كما قال، لقولهم: جلاجل وحلاحل؛ بالحاء والجيم. قال: [من الطويل]
717 -
فيا ظبية الوعساء بين جلاجلٍ
…
وبين النقاء أنت أم أم سالم؟
نعم، لو قال: مفتوح الأول لكان مستقيمًا نحو مساجد.
س ر ر:
قوله تعالى: {على سررٍ متقابلين} [الحجر: 47]. السرر: جمع سرير، وهو ما يجلس عليه، مأخوذٌ من السرور، لأنه مجلس أولي النعمة. ويجمع على أسرةٍ. وفي الحديث:«ملوك على الأسرة» . وسرير الميت؛ على التفاؤل بذلك، وكأنه حصل له بلقاء ربه سرورٌ لخروجه من السجن المشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلم:«الدنيا سجن المؤمن» .
قوله: {فإنه يعلم السر وأخفى} [طه: 7]. قيل: السر ما أضمرته في نفسك وأخفى منه ما ستفعله ولا يخطر ببالك. وقيل: السر ما تتكلم به في خفاء وأخفى منه ما أضمرته في نفسك ولم تتكلم به. والأول أبلغ. والسر هو الحديث المكتم في النفس والإسرار ضد الإعلان. ويستعمل في المعاني والأعيان. قوله تعالى: {وأسروا النجوى} [طه: 62] أي كتموها. وقوله: {وأسروا الندامة} [يونس: 54] قيل: كتموها تجلدًا، وقيل: أظهروها. قاله: أبو عبيدة، قال الراغب: بدلالة قوله: {يا ليتنا نرد ولا نكذب} [الأنعام: 27] قال: وليس كذلك؛ فإن الندامة التي كتموها ليست إشارة إلى ما أظهروه. وقال الأزهري: ليس قول أبي عبيدة بشيءٍ، إنما يقال:{أشروا} بالشين، يعني بالمعجمة، أي أظهروا. وأسروا بالسين: أخفوا. وقال قطربٌ: أسرها كبراؤهم من أتباعهم قال ابن عرفة: لم يقل قطربٌ شيئًا، وحمل ذلك على حالتين؛ يعني
أنهم أظهروا ندامةً وأخفوا ندامةً، لأنهم لم يستطيعوا أن يظهروا كل ما في قلوبهم عجزًا عن ذلك. وصارت لهم الحالتان؛ حالة الإخفاء وحالة الإظهار. وأنشد لأبي دؤادٍ الإيادي:[من المتقارب]
718 -
إذا ما يذفها شاربٌ
…
أسر احتيالًا وأبدى احتيالا
ولم أدر وجه قول ابن عرفة في الردٌ على قطرب، قوله تعالى:{تسرون إليهم بالمودة} [الممتحنة: 1] يقال: أسررت إلى فلان حديثًا أو أصبت به إليه في خفيةٍ. والمعنى: تطلعونهم على ما تسرون من مودتهم. وقد فسر بأن معناه تظهرون. قال الراغب: وهذا صحيحٌ فإن الإسرار إلى الغير يقتضي إظهار ذلك لمن يفضى إليه بالسر، وإن كان يقتضي إخفاءه عن غيره. فإذا قولهم: أسررت إلى فلانٍ يقتضي من وجه الإخفاء قلت وحينئذ فقوله تعالى: {وأسروا الندامة} محتملٌ لما قاله أبو عبيدة، فلا معنى لإنكاره عليه.
قوله: {يوم تبلى السرائر} [الطارق: 9] جمع سريرة، وهي أعمال العباد التي يسرونها، قال الشاعر:[من الطويل]
719 -
سيبقى لها في مضمر الود والحشا
…
سرائر حب يوم تبلى السرائر
ولما سمع الحسن هذا البيت قال: قاتله الله إن في ذلك اليوم لشغلًا. قوله تعالى: {ولكن لا تواعدوهن سرًا} . [البقرة: 235] قيل: السر: النكاح، كني به عنه من حيث إنه يخفى واستعير السر للخالص؛ فقيل: هو في سر الوادي، وفي سر قومه. وسرة البطن: ما يبقى؛ سميت بذلك لاستتارها بعكن البطن. والسُّرَرُ والسِّرَرُ والسُّرُّ: ما قطع منه. وفي الحديث: «إن السقط يجترهما -يعني والديه -بسرره حتى يدخلهما الجنة» وفي الحديث أيضًا: «تبرق أسارير وجهه» وأسرة وجهه وهي الغضون
والتكسر الذي في جبهته، وذلك لما فيها من الاستتار؛ الواحد سررٌ وسرٌ، وجمعه أسرارٌ، وجمع هذا الجمع أسارير. وعن أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه، وقد وصفه صلى الله عليه وسلم:«وكأن ماء الذهب يجري في صفحة خده ورونق الجلال يطرد في أسرة جبينه» والسرية فعليةٌ: من السر، وهو الجماع. وقيل: فعيلة، من تسريت، وأصله تسررت: تفعلت، من السر. ثم أبدل أحد الأمثال حرف علةٍ، ليس هذا موضع تحريره. والسرار: اليوم الذي يستتر فيه القمر آخر الشهر. وفي الحديث: «هل صمت من سرار هذا الشهر شيئًا؟» أي من آخره. قال الهروي: وسرر الشهر مثله. قال يعقوب: سرار الشهر بالفتح والكسر. قال الفراء: الفتح أجود. والسرار: الخيار أيضًا. وفي حديث ظبيان بن كداد حين وفد عليه عليه الصلاة والسلام: «نحن من سرارة مذحج» وفي الحديث: «صوموا الشهر وسره» قيل: عنى مستهله. قال الأوزاعي: سره أوله، وفيه ثلاث لغات: سره وسرره وسراره. قلت: وتقدم أن في السرار لغتين، فتكون أربعة، إلا أن الأزهري أنكر السر بهذا المعنى، وقال: لا أعرف السر بهذا المعنى، إنما يقال: سرار الشهر وسراره وسرره وقيل: أراد بسره وسطه، وسر الشيء جوفه. ومنه: قناةٌ سراء: إذا كانت جوفاء. قال: وعلى هذا فالمراد الأيام البيض. ورأيت الهروي قال: أراد الأيام البيض، انتهى وفيه رد على من يرد على الفقهاء قولهم: وصوم الأيام البيض أي الليالي البيض لابيضاضها بالقمر من أولها إلى آخرها؛ فإنه دجلٌ كبيرٌ من أهل هذا الشأن. وتسمية الأيام البيض بالبيض من جهة المعنى ظاهرٌ، فالغائط من غلطهم.
س ر ط:
قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} [الفاتحة: 6] هو الطريق المسلوك، واستعير للدين والاعتقادات. والمراد به هنا دين الإسلام، لأنه دين المنعم عليهم وقال بعضهم: هو الطريق المستسهل. واشتقاقه من سرط الطعام واسترطه أي ابتلعه، فسمي
الطريق سراطًا إما لأنهم تصوروا منه أن يبتلع سالكيه، أو أنهم يبتلعونه. ومنه سمي لقمًا وملتقمًا إما لأنه يلتقم سالكه، أو يلتقمه سالكه. ومن ثم قالوا: قتل أرضًا عالمها، وقتلت أرضٌ جاهلها. ونظر أبو تمام للمعنيين فقال:[من الطويل]
720 -
رعته الفيافي بعدما كان حقبةً
…
رعاها وماء المزن ينهل ساكبه
ويجمع على سرط في الكثرة، وأسرطة في القلة، نحو: قذال وقذل وأقذلة، ويذكر ويؤنث كالسبيل. قيل: فعلى التأنيث يجمع على أسرطٍ، وعلى التذكير على أسرطةٍ.
وتبديل سينه صادًا لأجل الطاء، وإن فصلت، وزايًا لمقاربتها وبين الصاد والزاي وقد قرئ بجميع ذلك. ولم يرسم إلا بالصاد، وهو أول دليلٍ على أن القراء إنما كانوا يأخذون القرآن من أفواه مشائخهم لامن المصحف كما يزعم بعض من لا تحصيل عنده.
س ر ع:
قوله تعالى: {والله سريع الحساب} [البقرة: 202]. السرعة في الأصل ضد البطء قال: [من البسيط]
721 -
منا الأناة وبعض القوم يحسبنا
…
إنا بطاءٌ وفي إبطائنا سرع
ويستعمل ذلك في الأجسام والأفعال. يقال: سرع فهو سريعٌ، وأسرع فهو مسرعٌ وسرعان القوم: أوائلهم؛ ومنه: وخرجت السرعان. فمعنى سرعة حسابه تعالى أنه لا يشغله حساب زيدٍ عن حساب عمروٍ مثلًا، وإذ لا يشغله شأنٌ عن شأنٍ، فهو أسرع
الحاسبين وقيل: هو عبارةٌ عن وقوعه لا محالة. وقيل: عن قرب وقته تنبيهٌ على معنى قوله تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون} [يس: 82]. ومثله قوله: {سريع الحساب} وقيل: «سرعان ذا إهالة» فسرعان: اسم فعلٍ بمعنى سرع كوشكان من وشك وبطآن، وذا إشارةٌ إلى شاةٍ، والإهالة: الشحم. وأصله أن رجلًا اشترى شاةً عجفاء، فأتى بها أمه ولعابها يسيل من شدقيها، فقال: هذا شحمها. فقالت: سرعان ذا إهالة. وإهالة نصب على التمييز. وفي الحديث: «أن أحد ابنيه بال عليه فرأى بوله أساريع» أي طرائق والأساريع أيضًا: دودٌ أبيض. قال امرؤ القيس: [من الطويل]
722 -
وتعطو برخصٍ غير شثنٍ كأنه
…
أساريع ظبي أو مساويك إسحل
وفي حديث آخر: «فأخذ بهم بي سروعتين» ، السروعة: الرابية من الرمل والزروحة كذلك. وقد يكون من غير الرمل أيضًا.
س ر ف:
قوله تعالى: {ولا تسرفوا} [الأنعام: 141]. الإسراف: تجاوز الحد في سائر الأفعال، إلا أنه غلب في الإنفاق. ويقال باعتبارين: باعتبار القدر، وباعتبار الكيفية. ومنه قول سفيان:«ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سرفٌ وإن كان قليلًا» وقال إياس بن معاوية: «الإسراف: ما قصر به عن حق الله تعالى» وهو ضد القصد. ويقال: فلانٌ مسرفٌ وفلانٌ مقتصدٌ. قوله تعالى: {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} [الزمر: 53]، يتناول الإسراف في الإنفاق وفي سائر الأعمال قوله تعالى: {فلا يسرف في
القتل} [الإسراء: 33]، نعى عما كانت الجاهلية تفعله من قتل غير القاتل، بأن لا يرضى إلا بقتل من هو أشرف منه أو بتقل عددٍ كثيرٍ مكان الواحد.
وقيل: سرفه فيه أن يعدل عن طريق القصاص بأن يستحق حز رقبته فيعدل إلى ما هو أشق. وقيل: هو نهيٌ عن المثلة، والكل جائزٌ. وقوله تعالى:{وأن المسرفين هم أصحاب النار} [غافر: 43] أي المتجاوزين حدود الله من أوامره ونواهيه سواءٌ كان ذلك في الإنفاق أم في غيره. ووصف قوم لوطٍ بأنهم مسرفون. من حيث تجاوزوا موضع البذر موضعه المذكور في قوله تعال: {نساؤكم حرثٌ لكم} [البقرة: 223]. قوله: «مررت بكم فسرفتكم» أي جهلتكم وذلك أنه تجاوز ما من حقه أن لا يتجاوزه، فلذلك فسر به. والسرفة: دويبةٌ تأكل الورق تصوروا منها الإسراف في ذلك. يقال: سرفت الشجرة فهي مسروفةٌ. وفي حديث عائشة: «إن للحم سرفًا كسرف الخمر» قال ابن الأعرابي: هو تجاوز ما حد لك. والسرف: الجهل. والسرف: الإغفال، ومنه:«فسرفتكم» أي أغفلتكم.
س ر ق:
قوله تعالى: {والسارق والسارقة} [المائدة: 38]. السرقة: أخذ مال الغير خفيةً. وفي الشرع: أخذ مالٍ بقدرٍ مخصوصٍ من حرزٍ مخصوصٍ. قال ابن عرفة: السارق عند العرب من جاء مستترًا إلى حرزٍ فأخذ منه ما ليس له، فإن أخذا من ظاهر فهو مختلسٌ ومستلبٌ ومنتهبٌ ومحترسٌ. فإن بيع ما في يده فهو غاصبٌ قوله تعالى:{إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل} [يوسف: 77]. قيل: إنه كان في أحد خزائنه صنمٌ يعبد من
دون الله إنكارًا على عبده وقيل: إن عمته دست عليه عبدًا ليأخذه إذ كان في دينهم أن من يسرق لأحد شيئًا كان ملكًا للمسروق منه. واستعير ذلك للسمع في خفيةٍ؛ فقال تعالى: {إلا من استرق السمع} [الحجر: 18]
والسرقة: الحرير الجيد. قيل: هو فارسيٌ معرب أصله: سره. وفي الحديث: «أنه عليه الصلاة والسلام قال لعائشة: يحملك في سرقةٍ من حريرٍ» .
س ر م د:
قوله تعالى: {أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدًا} [القصص: 71]. السرمد: الدائم غير المنقطع. والجمع سرامد نحو جعفر وجعافر. قال بعضهم: كأن الميم فيه زائدة. واشتقاقه من السرد وهو التتابع والاستمرار وليس ببعيد، فإن بعضهم قال في قوله تعالى:{قمطريرًا} [الإنسان: 10] إنه من القمط، فزيد فيه الراء.
س ر و:
قوله تعالى: {سريًا} [مريم: 24]. السرى: السيد، وهو من سرو يسروا مثل: طرو يطرو، وأصله سريوٌ. وقيل: السري: النهر، إلا أن يكون من مادة سرى يسري كما سيأتي. فعلى الأول يراد به عيسى عليه السلام، ويؤيد الثاني قوله: .... وأسر لي والجمع: سراةٌ. قال: [من البسيط]
723 -
وإن سقيت سراة الناس فاسقينا
وقيل: سمي السري بذلك لأنه يسرو ثوبه أي ينزعه ويتشمر لفعل الخيرات ضد الزميل. وقيل: السرى: الرفعة. والسري: رفيع المنزلة. والسروة: الرفعة أيضًا، وجمع على سروات.
وسروت الشيء: كشفته. يقال: سروت الثوب وسريته أي نضوته. وفي الحديث:
«سري عنه» أي كشف. وسري القوم: قتل سريهم، نحو: أكملوا، أي قتل كميهم. وفي حديث أحدٍ:«اليوم تسرون» أي يقتل سريكم. فقتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه. وفي الحديث: «ليس للنساء سروات الطرق» يعني ما ظهر منها، وإنما لهن أطرافها وجوانبها الواحد سراةٌ. وفي حديث المساقاة:«يشترط صاحب الأرض على المساقي خم العين وسرو الشرب» ؛ نزعه، يعني: تنقية أنهار الشرب، وهي الحديقة.
س ر ي:
قوله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا} [الإسراء: 1]. يقال: سرى وأسرى لغتان قرئتا: {فأسر بأهلك} [هود: 81] و {فأسر بأهلك} بقطع الهمزة وبوصلها. وبهذا يرد قول من قال: إن سرى ليلًا وأسرى نهارًا، ولذلك قال: ليلًا مع أسرى. وقيل: إن أسرى ليس من لفظ سرى، وإنما هو من لفظ السراة، وهي الأرض الواسعة ومنه قول الآخر:[من البسيط]
724 -
بسرو حمير أبوال البغال به
…
فأسر نحو أيور الخيل واتهم
فقوله تعالى: {أسرى بعبده} ذهب به في سراة الأرض، وسراة كل شيء: أعلاه. ومنه: سراة النهار. والسارية: القوم يسرون. السارية أيضًا: الاسطوانة، والسحابة التي تمر ليلًا. قال الشاعر:[من البسيط]
725 -
سرت عليه من الجوزاء ساريةٌ
وفي البيت تداخل لغتين؛ إذ كان من حقه أن يقول: مسراه. والمسرى: إذا أريد