الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل الطاء والياء
ط ي ب:
قوله تعالى: {سلام عليكم طبتم} [الزمر: 73] قال الفراء: زكوتم. قال ابن عرفة: حقيقته صلحتم للجنة لأن الذنوب والمعاصي مخابث؛ فإذا أراد الله تعالى دخولهم الجنة غفر لهم تلك الذنوب فذهبت عنهم تلك المخابث والأرجاس. وتقول العرب: طاب لي هذا: فارقته المكاره، وطاب له العيش. وينشد قول الشاعر:[من الوافر]
966 -
تحربت الجبابر بعد حجٍر*وطاب لها الخوزنق والدير
أي فارقها ما تكرهه في هذين الموضعين. قيل: وأصل الطيب ما تستلذه الحواس. والطعام الطيب شرعا ما كان متناولا من حيث ما يجوز، وبقدر ما يجوز، ومن المكان الذي يجوز، فإنه متى كان كذلك كان طيبا عاجلا ((أو آجله لا يستوخم، وإلا فإنه [وإن] كان طيبًا عجلًا)) لم يطب آجلًا. وعلى ذلك قوله تعالى: {كلوا من طيبات ما رزقناكم} [البقرة: 57] وهذا هو المراد بقوله: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق} [الأعراف: 32]. بقوله: {اليوم أحل لكم الطيبات} [المائدة: 5] قيل: الذبائح. والطيب عند أهل السنة المستلذ، وعند المعتزلة الحلال، ويرد عليم لزوم التكرار في قوله:{حلالا طيبا} [البقرة: 168].
قوله: {ورزقكم من الطيبات} [الأنفال: 26] قيل: عني الغنائم. قوله: {والطيبات للطيبين} [النور: 26] قيل: المراد الأزواج الطيبات للرجال [الطيبين]، أي العفائف للعفيفين. وقيل: الطيبات من الكلام للطيبين من الرجال، أي لا يقولون فحشا. والطيب المطيب بمعنى الطاهر. ومنه قول علي رضي الله عنه لما التمس من النبي صلى الله عليه وسلم ما يلتمس من الميت فلم يجده:((طبت حيًا وميتًا)). وقيل: الأعمال الطيبات موفق لها الطيبون، تنبيها أن الأعمال الطيبة تكون من الطيبين كما روى:((المؤمن أطيب من عمله والكافر أخبث من عمله)).
قوله: {ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب} [النساء: 2] أي الأعمال السيئة بالأعمال الصالحة. وقيل: إنهم كانوا يأخذون شاة هزيلة يضعونها في مال اليتيم ويأخذون بدلها سمينة. وقيل: كانوا يعمدون إلى رذالة التمر وغيره فيتصدقون به ويبقون لأنفسهم الطيب كقوله: {ولا تيمموا أخبيث منه تنفقون} [البقرة: 267]. قوله: {ومساكن طيبة} [التوبة:72] أي مطهرة مما عليه مساكن الدنيا من خوف الخراب وطرق العدو وغير ذلك. ومثل ذلك: {بلدة طيبة ورب غفور} [سبأ: 15] فإن بلادهم كانت حصينة قليلة الوحش والهوام فلا يشكروا هذه النعمة. وقيل: إشارة إلى الجنة وجوار رب العزة. قوله: {والبلد الطيب} [الأعراف: 58] يريد: الكريم المنبت الزكي.
قوله: {صعدا طيبا} [النساء: 43] أي طاهرا لا نجاسة فيه، ومن ذلك سموا الاستنجاء استطابه لأنه تحصيل للطيب وهو الطهارة. وفي ((التحيات والصلوات الطيبات)) أي من الكلام مصروفات لله تعالى كالتسبيح والتقديس ونحو ذلك. وفي الحديث:((نهي أن يستطيب الرجل بيمينه)) أي يستنجي. وقد مر تفسيره. وفي الحديث: ((نهي أن تسمى المدينة يثرب لأن الثرب هو الفساد، وأمر أن تسمى طيبة وطابة لطيبتها)) لقوله في حديث آخر: إن المدينة طيبة تنفي خبثها. والطابة أيضا: العصير، لطيبه، ومنه أنه ((سئل طاووس عن الطابة تطبخ على النصف)). وفي حديث المولد:((المطيبين الأحلاف)) أي الذين غمسوا أيديهم في الطيب ليحلفوا إيمانا مؤكدة، وهم في قريش خمس قبائل: بنو عبد الدار، وجمح، وسهم، ومخزوم، وعدى بن كعب في قصة طويلة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر من المطيبين وعمر من الأحلاف. وفي المثل:((ذهب من الأطيبان)) قيل: النوم والأكل. وقيل: الأكل والنكاح.
قوله تعالى: {طوبي لهم} [الرعد: 29] هي من الطيب، وإنما قلبت التاء واوًا لانضمام ما قبلها، وهما لغتان في كل صفة على فعلى عينها معتلة نحو طيبي وطوبي، وقد قرئ بهما. ورجل كوسي وكيسي، وصيفي وصوفي. وقيل:((هي شجرة في الجنة)) فذكر من صفاتها أنه ليس بيت في الجنة إلا وفيه غصن من أغصانها، وإن الراكب المجد يسير في ظلها خمس مئة عام. وأحوال الآخرة لا تدخل تحت العقل. وقيل: بل هي إشارة إلى كل مستطاب في الجنة من غني بلا فقر، وبقاء بلا فناء، وشباب بلا هرم، وري بلا ظمأ، وشبع بلا جوع. وهذا كله واقع والله أعلم بما أراد.
قوله: {إليه يصعد الكلم الطيب} [فاطر: 10] هو ذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإغاثة الملهوف، وإعانة المظلوم، كقوله تعالى:{لا خير في كثير من نجواهم} [النساء: 114].
ط ي ر:
قوله تعالى: {فيكون طيرا} [آل عمران: 49] وقرئ {طائرا} ؛ وقيل: الطير جمع طائر نحو راكب وركب، وصاحب وصحب. والطائر: كل ذي جناح يسبح في الهواء. طار يطير طيرانا. قيل: لم يخلق من الطير غير الخفاش. وكان يطير ثم يقع ميتا لا ينسل. قوله: {وكل إنسان الزمناه طائره في عنقه} [الإسراء: 13] أي عمله الذي طار عنه من خير وشر. قوله: {يطيروا بموسى ومن معه} [الأعراف: 131] أي يتشاءموا به. وأصله أن الرجل منهم كان إذا أراد أمرا نفر الطير؛ فإن أخذ الطير يمينا تفاءلوا به، وإن أخذ يسارًا تشاءموا به. فأصل ((يطيروا)) يتطيروا أي يتفعلوا ذلك. ويقال لطائر اليمين السانح وللآخر البارح. وفي حديث:((أقروا الطير في وكناتها)) هو نهيهم عن ذلك.
قوله: {ألا إنما طائرهم عند الله} [الأعراف: 131] أي ما قد أعد الله لهم من سوء الجزاء، وهو شؤمهم لسوء صنيعهم. وقيل: طائر الإنسان: ما قدر له في علم الله تعالى، وطار له. يقال: أطرت كذا وطيرته: قدرت وقسمته. ومنه ((أطرت بين نسائي)) أي قسمت، فكان لكل منهن طائر، أي حفظ ونصيب، قوله:{كان شره مستطيرا} ، والكاذب وهو أي منتشرًا فاشيًا من أطار النجم: إذا انتشر. وقال الحماسي: [من البسيط]
967 -
قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم
…
طاروا إليه زرافات ووحدانًا
وقال ابن عرفة: مستطيرًا: مستطيلًا، وأنشد قول الأعشى. وقال غيره: مستطيرًا: فاشيا فشو الصبح المستطير. والفجر المستطيرلا المستطيل باللام: الذي شبهه عليه الصلاة والسلام بذنب السرحان، وهو الذئب. قال بعضهم يقال: فجر مستطير وغبار مستطار خولف بين بنائهما فتصور الفجر بصورة الفاعل، والغبار بصورة المفعول.
وفرس مطار أي سريع. ويقال ذلك للحديد الفؤاد. وقولهم: ((خذ ما تطاير من شعر رأسك)) أي ما انتشر حتى كأنه طار.
ط ي ن:
قوله تعالى: {وخلقته من طين} [الأعراف: 12]. الطين: التراب الذي عجن بالماء. قيل: وقد يسمى بذلك وإن زالت عنه قوة الماء. ويقال: طنت الكتاب أطينه طينًا، فهو طين نحو: بعت أبيعه بيعا فهو مبيع، والأصل مطيون، مفعول كمبيوع. وفي الحديث:((ما من نفس فيها مثقال نملة من خير إلا طين عليها طينًا)) أي جبل عليها يوم القيامة. يقال: طانه الله على طينك، وطامه أيضًا. قيل:((طينًا)) هنا مصدر على فعل نحو حان حينًا.