الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما الْقَوْلَانِ فَسَيَأْتِي حكم تعارضهما فِي التعادل والتراجيح.
وَأما تعَارض الْفِعْلَيْنِ، أَو الْفِعْل وَالْقَوْل، فمذكوران هُنَا.
فَنَقُول: فعلاه صلى الله عليه وسلم َ -
إِن تماثلا: كَفعل صَلَاة، ثمَّ فعلهَا مرّة أُخْرَى فِي [وَقت] آخر، أَو اخْتلفَا وَأمكن اجْتِمَاعهمَا: كَفعل صَوْم وَفعل صَلَاة، أَو لَا يُمكن اجْتِمَاعهمَا لَكِن لَا يتناقض حكماهما، فَلَا تعَارض بَينهمَا؛ لِإِمْكَان الْجمع، وَحَيْثُ أمكن الْجمع امْتنع التَّعَارُض، وَكَذَا إِن تنَاقض: كصومه
فِي وَقت بِعَيْنِه وَأكله فِي مثله، لِإِمْكَان كَونه وَاجِبا أَو مَنْدُوبًا أَو مُبَاحا فِي ذَلِك الْوَقْت، وَفِي الْوَقْت الآخر بِخِلَافِهِ، من غير أَن يكون أَحدهمَا رَافعا أَو مُبْطلًا لحكم الآخر، إِذْ لَا عُمُوم للْفِعْل.
لَكِن إِن دلّ دَلِيل على وجوب تكَرر صَوْمه عَلَيْهِ، أَو وجوب التأسي بِهِ فِي مثل ذَلِك الْوَقْت، فتلبس بضده: كَالْأَكْلِ مَعَ قدرته على الصَّوْم، دلّ أكله على نسخ دَلِيل تكْرَار الصَّوْم فِي حَقه، لَا نسخ حكم الصَّوْم السَّابِق، لعدم اقتضائه للتكرار، وَرفع [حكم] وجد محَال.
أَو أقرّ من أكل فِي مثله من الْأمة، فنسخ لدَلِيل تَعْمِيم الصَّوْم على الْأمة فِي حق ذَلِك الشَّخْص، أَو تَخْصِيصه، وَقد يُطلق النّسخ والتخصيص على الْمَعْنى، بِمَعْنى زَوَال التَّعَبُّد، مجَازًا.
قَوْله: {وَقيل فِي فَعَلَيهِ الْمُخْتَلِفين: الثَّانِي نَاسخ، وَإِلَّا تَعَارضا، وَمَال
إِلَيْهِ الشَّافِعِي، وَقَالَ الباقلاني وَأَبُو الْمَعَالِي [بجوازهما] مَا لم يتَضَمَّن أَحدهمَا حظرا، وَهُوَ ظَاهر كَلَام أَحْمد فِي مسَائِل، [وآخرهما أفضل] } .
هَذِه طَريقَة ذكرهَا الْمجد فِي " المسودة "، فَقَالَ: (صَار كثير من الْعلمَاء إِلَى الْعَمَل بآخر الْفِعْلَيْنِ كالقولين، وَجعله نَاسِخا بِمَا يَقْتَضِيهِ لَو انْفَرد، وَجعل الأول مَنْسُوخا بِهِ.
قَالَ الْجُوَيْنِيّ: وَللشَّافِعِيّ صغو إِلَى ذَلِك، وَأَشَارَ إِلَى أَنه قدم حَدِيث [ابْن خَوات] ، على حَدِيث ابْن عمر فِي الْخَوْف لذَلِك، وَأَنه على هَذَا: مَتى لم يعلم التَّارِيخ تَعَارضا، وَعدل إِلَى الْقيَاس وَغَيره من الترجيحات.