الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْن حجر فِي " شرح البُخَارِيّ "، وغالبها احْتج بهَا الإِمَام أَحْمد، وَالْإِمَام مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ وَغَيرهمَا من أَئِمَّة الحَدِيث على أَن الله تَعَالَى تكلم بِصَوْت، وهم أَئِمَّة هَذَا الشَّأْن، والمقتدى بهم فِيهِ، والمرجع إِلَيْهِم، وَقد صححوا هَذِه الْأَحَادِيث واعتمدوا عَلَيْهَا، واعتقدوا مَا فِيهَا، منزهين لله عَمَّا لَا يَلِيق بجلاله من شُبُهَات الْحُدُوث وَغَيرهَا، كَمَا قَالُوا فِي سَائِر الصِّفَات.
فَإِذا رَأينَا أحدا من النَّاس مَا يقدر عشر معشار أحد هَؤُلَاءِ يَقُول: لم يَصح عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
حَدِيث وَاحِد أَنه تكلم بِصَوْت، ورأينا هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة - أَئِمَّة الْإِسْلَام الَّذين اعْتمد أهل الْإِسْلَام على أَقْوَالهم، وَعمِلُوا بهَا، ودونوها، ودانوا الله بهَا - صَرَّحُوا بِأَن الله تَعَالَى تكلم بِصَوْت لَا يُشبههُ صَوت مَخْلُوق بِوَجْه من الْوُجُوه الْبَتَّةَ، معتمدين على مَا صَحَّ عِنْدهم عَن
صَاحب الشَّرِيعَة الْمَعْصُوم فِي أَقْوَاله وأفعاله، الَّذِي لَا ينْطق عَن الْهوى، إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى، مَعَ اعْتِقَادهم - الجازمين بِهِ، لَا يَعْتَرِيه شكّ وَلَا وهم
وَلَا خيال - نفي التَّشْبِيه والتمثيل والتكييف، وَأَنَّهُمْ قَائِلُونَ فِي صفة الْكَلَام، كَمَا يَقُولُونَ فِي جَمِيع صِفَات الله تَعَالَى، من النُّزُول، والمجيء، والاستواء، والسمع، وَالْبَصَر، وَالْيَد، وَغَيرهَا، كَمَا قَالَه سلف هَذِه الْأمة الصَّالح مَعَ إثباتهم لَهَا، {فَمَاذَا بعد الْحق إِلَّا الضلال} [يُونُس: 32] ، {وَمن لم يَجْعَل الله لَهُ نورا فَمَا لَهُ من نور} [النُّور: 40] .
قَالَ الشَّيْخ موفق الدّين فِي " تصنيفه ": [وَإِذا] كَانَ حَقِيقَة التَّكَلُّم والمناداة شَيْئا، وتواردت الْأَخْبَار والْآثَار بِهِ، فَمَا إِنْكَاره إِلَّا عناد وَاتِّبَاع للهوى الْمُجَرّد، وصدوف عَن الْحق، وَترك الصِّرَاط الْمُسْتَقيم) انْتهى.
وحد الصَّوْت: مَا يتَحَقَّق سَمَاعه، فَكل مُتَحَقق سَمَاعه صَوت، وكل مَا لَا يَتَأَتَّى سَمَاعه الْبَتَّةَ لَيْسَ بِصَوْت، وَحجَّة الْحَد كَونه مطردا منعكسا.
وَقَول من قَالَ: إِن الصَّوْت هُوَ الْخَارِج من هَوَاء بَين جرمين، فَغير صَحِيح، لِأَنَّهُ يُوجد سَماع الصَّوْت من غير ذَلِك، كتسليم الْأَحْجَار، وتسبيح الطَّعَام وَالْجِبَال، وَشَهَادَة الْأَيْدِي والأرجل، وحنين الْجذع،
وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ} [الْإِسْرَاء: 44]، وَقَالَ تَعَالَى:{يَوْم نقُول لِجَهَنَّم هَل امْتَلَأت وَتقول هَل من مزِيد} [ق: 30] ، وَمَا لشَيْء من ذَلِك منخرق بَين جرمين.
وَقد أقرّ الْأَشْعَرِيّ: أَن السَّمَوَات وَالْأَرْض {قَالَتَا أَتَيْنَا طائعين} [فصلت: 11] ، حَقِيقَة لَا مجَازًا، وَالله أعلم.
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: (وَلَا نزاع بَين الْعلمَاء أَن كَلَام الله لَا يُفَارق ذَات الله سُبْحَانَهُ، وَأَنه لَا يباينه كَلَامه وَلَا شَيْء من صِفَاته، بل لَيْسَ شَيْء من صفة مَوْصُوف تبَاين موصوفها وتنتقل إِلَى غَيره، فَكيف يتَوَهَّم عَاقل أَن كَلَام الله يباينه وينتقل إِلَى غَيره؟ وَلِهَذَا قَالَ الإِمَام أَحْمد:" كَلَام الله من الله لَيْسَ ببائن مِنْهُ ".
وَقد جَاءَ فِي الْأَحَادِيث والْآثَار: " أَنه مِنْهُ بَدَأَ - أَو مِنْهُ خرج - وَإِلَيْهِ يعود " - كَمَا تقدم -، وَنَصّ عَلَيْهِ الإِمَام أَحْمد وَغَيره، وَمعنى ذَلِك: أَنه هُوَ الْمُتَكَلّم بِهِ، [لم يخرج من غَيره]، وَلَا يَقْتَضِي ذَلِك: أَنه يباينه وانتقل عَنهُ
قَالَ: وَمَعْلُوم أَن كَلَام الْمَخْلُوق لَا يباين مَحَله) انْتهى.
قلت: قَالَ ابْن حمدَان فِي " نِهَايَة المبتدئين ": (قَالَ أَحْمد: " مِنْهُ بَدَأَ [وَإِلَيْهِ] يعود ".
وَقَالَ أَيْضا: " مِنْهُ بَدَأَ علمه، وَإِلَيْهِ يعود حكمه ".
وَقَالَ تَارَة: " مِنْهُ خرج، وَهُوَ الْمُتَكَلّم بِهِ، وَإِلَيْهِ يعود ".
وَقَالَ تَارَة: " الْقُرْآن من علم الله ".
قَالَ ابْن جلبة - يَعْنِي: من أَصْحَابنَا -: عوده على حد حَقِيقَة الْعُلُوم، وَهِي رَاجِعَة إِلَى الله تَعَالَى، وارتفاع الْقُرْآن دفْعَة عَن النَّاس، وترفع تِلَاوَته وَأَحْكَامه فَيَعُود إِلَى الله تَعَالَى حَقِيقَة، نَص عَلَيْهِ أَحْمد) انْتهى.
وَقَالَ الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ فِي " اعْتِقَاد "[صنفه] : (قَالَ عَليّ بن أبي طَالب، وَعبد الله بن
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...