الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قَوْله: {فصل} )
{لَا تَكْلِيف إِلَّا بِفعل، ومتعلقه فِي النَّهْي: كف النَّفس، عِنْد الْأَكْثَر} .
وَهُوَ الْأَصَح عِنْد الْفُقَهَاء من أَصْحَابنَا وَغَيرهم.
إِذا كلف بِغَيْر نهي، كالأمر، كَانَ مُكَلّفا بِفعل [بِلَا] نزاع بَين الْعلمَاء، وَإِنَّمَا تَرَكُوهُ لوضوحه، وَعدم الْخلاف فِيهِ، لِأَن مُقْتَضَاهُ: إِيجَاد فعل مَأْمُور بِهِ: كَالصَّلَاةِ، وَالصَّوْم، وَنَحْوهمَا.
وَذكروا مَا هُوَ مَحل الْخلاف، وَهُوَ النَّهْي، فمتعلقه فِيهِ: كف النَّفس، كَالْكَفِّ عَن الزِّنَا وَنَحْوه.
{وَقيل: ضد الْمنْهِي عَنهُ} - وَنسب إِلَى الْجُمْهُور - أَي ضد من أضداده كَانَ، إِذْ بتلبسه بضده يكون تَارِكًا لَهُ، فَإِذا قَالَ: لَا تتحرك، فَمَعْنَاه: افْعَل مَا يضاد الْحَرَكَة.
وَاخْتَارَهُ الرَّازِيّ، والبيضاوي.
لَكِن قَالَ الكوراني: (هَذَا عين الأول، إِذْ كف النَّفس من جزئيات فعل الضِّدّ) ، وَهُوَ كَذَلِك.
قَالَ فِي " الرَّوْضَة ": (وَقيل: لَا يَقْتَضِي الْكَفّ، إِلَّا أَن يتلبس بضده فيثاب عَلَيْهِ، لَا على التّرْك) .
قَالَ ابْن مُفْلِح: (وَذكره بعض أَصْحَابنَا: قَول الْأَشْعَرِيّ، والقدرية، وَابْن أبي الْفرج الْمَقْدِسِي، وَغَيرهم.
قَالُوا فِي مَسْأَلَة الْإِيمَان: التّرْك فِي الْحَقِيقَة فعل، لِأَنَّهُ ضد الْحَال الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا) .
{وَقيل: [يشْتَرط] قصد التّرْك} ، أَي: يشْتَرط للكف قصد التّرْك، حَتَّى يَأْثَم إِذا لم يقْصد [التّرْك، نَقله] فِي " المسودة ".
قَالَ الكوراني: (هَذَا القَوْل خَارج عَن مَحل النزاع؛ لِأَن الْكَلَام فِي مُتَعَلق النَّهْي، وماذا يصلح لَهُ عقلا، وَأما مُقَارنَة الْقَصْد؛ فَإِنَّمَا يعْتد بِهِ لتَحْصِيل الثَّوَاب، فَلَا وَجه لإيراده فِي معرض تَقْسِيم الْمذَاهب، وَلذَلِك ترى الْمُحَقِّقين لم يذكرُوا ذَلِك) انْتهى.
قلت: كَأَن النَّاقِل لذَلِك، وَالْقَائِل بِهِ، يلمح أَنا إِذا قُلْنَا: إِنَّه كف النَّفس، هَل يشْتَرط فِي الْكَفّ قصد التّرْك أم لَا؟ فَقدم أَنه لَا يشْتَرط، وَذكر قولا بالاشتراط، فَهَذَا القَوْل شَرط فِي صِحَة التّرْك مَقْصُودا، من غير مُلَاحظَة ضد، فَهُوَ الْمُكَلف: كَالصَّوْمِ، وَلذَلِك وَجَبت فِيهِ النِّيَّة.
وَإِن الملاحظ إِيقَاع الضِّدّ فَهُوَ الْمُكَلف بِهِ: كَالزِّنَا وَالشرب. انْتهى.
{وَعَن أبي هَاشم وَجمع} : أَنه {الْعَدَم الْأَصْلِيّ} .
وَهُوَ انْتِفَاء الْفِعْل مَعَ قطع النّظر فِي التَّلَبُّس بضده، أَي: عدم الْحَرَكَة فِي مثالنا.
لَكِن الْعَدَم لَا يدْخل تَحت الْقُدْرَة، فَإِن أَرَادَ الإعدام، رَجَعَ إِلَى القَوْل الأول.
وَقيل: إِن الْوَاجِب فِي المنهيات إِذا ذكرهَا: اعْتِقَاد تَحْرِيمهَا، وَهُوَ على أول الْحَال من الِاعْتِقَاد، ذكره أَبُو بكر الصَّيْرَفِي فِي كِتَابه " الدَّلَائِل والأعلام ".
وَجه القَوْل الأول - وَهُوَ الصَّحِيح عِنْدهم -: أَنه لَو كلف بِنَفْي الْفِعْل لَكَانَ مستدعى حُصُوله مِنْهُ، وَلَا يتَصَوَّر، لِأَنَّهُ غير مَقْدُور لَهُ، لِأَنَّهُ نفي مَحْض.
ورده أَبُو هَاشم فَقَالَ: بل هُوَ مَقْدُور، وَلِهَذَا يمدح بترك الزِّنَا.
وردوه: بِأَن عدم الْفِعْل مُسْتَمر، فَلم تُؤثر الْقُدْرَة فِيهِ.
ورده أَبُو هَاشم: بِأَن الْمُقَارن مِنْهُ للقدرة مَقْدُور.