الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْله: { [وَهُوَ حجَّة للعصمة] } .
أَعنِي: أَن كل مَا سبق من أَقْوَاله وأفعاله وَإِقْرَاره وهمه من أَنْوَاع السّنة حجَّة؛ لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
مَعْصُوم، والعصمة ثَابِتَة لَهُ ولسائر الْأَنْبِيَاء - صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ -.
وَتَأْتِي تفاصيل أَفعاله، وَمَعَ أَقْوَاله - أَيْضا - وَمَا يجوز عَلَيْهِ، وَمَا لَا يجوز عَلَيْهِ.
قَوْله: {وَهِي: سلب الْقُدْرَة على الْمعْصِيَة} .
اخْتلف الْعلمَاء فِي حد الْعِصْمَة: فَقيل:
(هِيَ سلب الْقُدْرَة على الْمعْصِيَة) ،
فَلَا يُمكنهُ فعلهَا؛ لِأَن الله تَعَالَى سلبه الْقُدْرَة عَلَيْهَا، كَمَا سلبه معرفَة الْكِتَابَة وَالشعر وَغَيرهمَا.
قَالَ فِي " الْقَامُوس ": (الْعِصْمَة بِالْكَسْرِ: الْمَنْع، واعتصم بِاللَّه: امْتنع بِلُطْفِهِ من الْمعْصِيَة) .
وَقَالَ فِي " الْبَدْر الْمُنِير ": (عصمه الله تَعَالَى من الْمَكْرُوه [يعصمه] ، من بَاب ضرب: حفظه ووقاه، واعتصمت بِاللَّه: امْتنعت بِهِ، وَالِاسْم الْعِصْمَة) انْتهى.
{وَقيل: [يُمكن فعلهَا مِنْهُ، وَلَكِن تصرف دواعيه عَنْهَا] } بِمَا يلهمه الله عَنهُ من ترغيب وترهيب.
{و} قَالَ التلمساني: (الْعِصْمَة {عِنْد [الأشعرية] } : تهيؤ العَبْد للموافقة مُطلقًا، وَذَلِكَ رَاجع إِلَى خلق الْقُدْرَة على كل طَاعَة، فَإِذن الْعِصْمَة {توفيق عَام} .
{و} قَالَت {الْمُعْتَزلَة: خلق ألطاف تقرب إِلَى الطَّاعَة} .
وَلم يردوها إِلَى الْقُدْرَة؛ لِأَن الْقُدْرَة عِنْدهم على الشَّيْء صَالِحَة لضده.
قَالَ القَاضِي أَبُو بكر ابْن الباقلاني: (لَا تطلق الْعِصْمَة فِي غير الْأَنْبِيَاء وَالْمَلَائِكَة إِلَّا بِقَرِينَة إِرَادَة مَعْنَاهَا اللّغَوِيّ، وَهُوَ السَّلامَة من الشَّيْء)، وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِي فِي " الرسَالَة ":(واسأله الْعِصْمَة) ، وَجرى على ذَلِك كثير من الْعلمَاء.
وَالْحَاصِل: أَن السَّلامَة أَعم من وجوب السَّلامَة، فقد تُوجد السَّلامَة فِي غير النَّبِي وَالْملك اتِّفَاقًا لَا وجوبا، قَالَه الْبرمَاوِيّ.
{ [و] } قَالَ أَبُو مُحَمَّد { [الْجَوْزِيّ] } فِي كِتَابه " الْإِيضَاح " فِي الجدل: (الْعِصْمَة {حفظ الْمحل بالتأثيم [أَو] التَّضْمِين} ) .
فَيحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ: أَنه لَا يفعل وَلَا يتْرك شَيْئا يحصل بِهِ إِثْم وَلَا ضَمَان، بل هُوَ مَحْفُوظ من ذَلِك، فَتكون (الْبَاء) بِمَعْنى (من)، يَعْنِي: