الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَأْمُرهُ أَن يتحدى بِالسنةِ، فَهَذَا الْفرق بَين الإعجازين.
قلت: وَفِيه نظر.
وَقَوْلنَا: (معجز) ، يَشْمَل الْآيَة، وَسَيَأْتِي الْخلاف فِي الإعجاز بهَا، وَالْفَرْض أَنه نزل لبَيَان الْأَحْكَام والمواعظ، وَلكنه مَعَ ذَلِك مَقْصُود بِهِ الإعجاز.
وَقَوْلنَا: (معجز)، أحسن من قَول من قَالَ:(للإعجاز) ، لِأَنَّهُ يَقْتَضِي [انحصار عِلّة الْإِنْزَال فِي الإعجاز]، وَالْفَرْض: أنزل لبَيَان الْأَحْكَام والمواعظ، وَمَعَ ذَلِك قصد بِهِ الإعجاز - أَيْضا - كَمَا تقدم.
فَائِدَتَانِ:
إِحْدَاهمَا: وَقع التحدي بِالْقُرْآنِ كُله، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{قل لَئِن اجْتمعت الْإِنْس وَالْجِنّ على أَن يَأْتُوا بِمثل هَذَا الْقُرْآن لَا يأْتونَ بِمثلِهِ} [الْإِسْرَاء: 88]، أَي: فَأتوا بِمثلِهِ إِن ادعيتم الْقُدْرَة، فَلَمَّا عجزوا تحداهم بِعشر سور، بقوله تَعَالَى:{فَأتوا بِعشر سور مثله مفتريات} [هود: 13]، فَلَمَّا عجزوا تحداهم بِسُورَة بقوله تَعَالَى:{فَأتوا بِسُورَة من مثله} [الْبَقَرَة: 23]، أَي: من مثل الْقُرْآن، أَو من مثل النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -،
فَلَمَّا عجزوا، تحداهم بِدُونِ ذَلِك
بقوله تَعَالَى: {فليأتوا بِحَدِيث مثله إِن كَانُوا صَادِقين} [الطّور: 34] .
الثَّانِيَة: إِن قيل: هَذَا التَّعْرِيف لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون لمجموع الْقُرْآن، أَو للأعم من ذَلِك وَمن بعضه، فَإِن كَانَ للْأولِ فَيَقْتَضِي: أَن الْبَعْض لَا يُسمى قُرْآنًا، وَأَن لَا يَحْنَث إِذا حلف لَا يقْرَأ قُرْآنًا، فَقَرَأَ شَيْئا مِنْهُ، وَلَا قَائِل بِهِ، وَإِن كَانَ الثَّانِي، فَكل كلمة بل كل حرف من الْقُرْآن قُرْآن، وانقسامه - حِينَئِذٍ - إِلَى هَذِه الْأَقْسَام، انقسام الْكُلِّي إِلَى جزئياته لَا الْكل إِلَى أَجْزَائِهِ، فالحد حِينَئِذٍ للماهية من حَيْثُ هِيَ، فَيصير قيد الإعجاز لَغوا، لِأَن الْكَلِمَة والحرف لَيْسَ فِيهِ إعجاز قطعا.
وَالْجَوَاب: الْتِزَام [الْألف] وَاللَّام فِي الْقُرْآن - حِينَئِذٍ - للْعهد فِي جملَته، فالبعض - حِينَئِذٍ - وَإِن كَانَ قُرْآنًا لكنه لم يُطلق على الْقُرْآن بِاللَّامِ العهدية كَمَا قَرَّرْنَاهُ، وَقد قَالَ الإِمَام الشَّافِعِي:(لَو قَالَ لعَبْدِهِ: إِن قَرَأت الْقُرْآن فَأَنت حر، أَنه لَا يعْتق إِلَّا بِقِرَاءَة الْجَمِيع) .