الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا خلاف فِي أَن الله تَعَالَى قَادر على إنطاق الْحجر الْأَصَم بِلَا أدوات، فَكيف عجزوا الله تَعَالَى عَن الْكَلَام بِلَا أدوات.
قلت أَنا: الَّذِي يقطع بِهِ عَنْهُم، أَنهم لَا يَقُولُونَ: إِن الله يحْتَاج كحاجتنا، قِيَاسا لَهُ علينا، فَإِنَّهُ عين التَّشْبِيه، وهم لَا يَقُولُونَ ذَلِك ويفرون مِنْهُ، وَالظَّاهِر: أَن الشَّيْخ قَالَ ذَلِك على تَقْدِير قَوْلهم لَهُ.
ثمَّ قَالَ: وَقَوْلهمْ: إِن التَّعَاقُب يدْخل فِي الْحُرُوف.
قُلْنَا: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِي حق من ينْطق بالمخارج والأدوات، وَلَا يُوصف الله بذلك.
قَالَ الْحَافِظ أَبُو نصر: (إِنَّمَا يتَعَيَّن التَّعَاقُب فِيمَن يتَكَلَّم بأداة تعجز عَن أَدَاء شَيْء إِلَّا بعد الْفَرَاغ من غَيره، وَأما الْمُتَكَلّم بِلَا جارحة فَلَا يتَعَيَّن فِي كَلَامه التَّعَاقُب، وَقد اتّفقت الْعلمَاء على أَن الله تَعَالَى يتَوَلَّى الْحساب بَين خلقه يَوْم الْقِيَامَة فِي حَالَة وَاحِدَة، وَعند كل وَاحِد مِنْهُم: أَن الْمُخَاطب فِي الْحَال هُوَ وَحده، وَهَذَا خلاف التَّعَاقُب) انْتهى.
ثمَّ قَالَ الشَّيْخ الْمُوفق: وَقَوْلهمْ: (إِن الْقَدِيم لَا يتَجَزَّأ وَلَا يَتَعَدَّد) ، غير صَحِيح، فَإِن أَسمَاء الله تَعَالَى مَعْدُودَة: قَالَ الله تَعَالَى: {وَللَّه الْأَسْمَاء الْحسنى} [الْأَعْرَاف: 180]، وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -: "
إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما
من أحصاها دخل الْجنَّة "، وَهِي قديمَة.
وَقد نَص الشَّافِعِي: أَن أَسمَاء الله تَعَالَى غير مخلوقة.
وَقَالَ الإِمَام أَحْمد: (من قَالَ إِن أَسمَاء الله مخلوقة فقد كفر) .
وَكَذَلِكَ كتب الله، فَإِن التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَالْفرْقَان مُتعَدِّدَة، وَهِي كَلَام الله تَعَالَى غير مخلوقة، وَإِنَّمَا هَذَا شَيْء أَخَذُوهُ من علم الْكَلَام، وَهِي مطرح عِنْد جَمِيع الْأَئِمَّة.
قَالَ أَبُو يُوسُف: (من طلب الْعلم بالْكلَام تزندق) .
وَقَالَ الشَّافِعِي: (مَا ارتدى بالْكلَام أحد فأفلح) .
وَقَالَ أَحْمد: (مَا أحب الْكَلَام أحد فَكَانَ عاقبته إِلَى خير) .