الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكلف أَبُو لَهب بِتَصْدِيق النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
فِي أخباره، وَمِنْه: أَن لَا يصدقهُ، فقد كلف بتصديقه بِعَدَمِ تَصْدِيقه.
ورد: كلفوا بتصديقه، وعِلم الله بِعَدَمِهِ، وإخباره بِهِ، لَا يمْنَع الْإِمْكَان الذاتي كَمَا سبق، لَكِن لَو كلفوا بتصديقه بعد علمهمْ بِعَدَمِهِ، لَكَانَ من بَاب مَا علم الْمُكَلف امْتنَاع وُقُوعه، وَمثله غير
وَاقع لانْتِفَاء فَائِدَة التَّكْلِيف - وَهِي الِابْتِلَاء - لَا لِأَنَّهُ محَال، وَالله أعلم.
قَوْله: {فعلى الْجَوَاز لم يَقع، وَحكي عَن الْأَكْثَر.
قَالَ ابْن الزَّاغُونِيّ، وَالْمجد: الْمحَال لذاته مُمْتَنع سمعا إِجْمَاعًا.
[وَقَالَ أَبُو بكر، وَابْن شاقلا، وَجمع: بلَى] .
[وَقيل: الْمُمْتَنع عَادَة] } .
إِذا قُلْنَا: يجوز التَّكْلِيف بالمحال لذاته، فَهَل وَقع أم لَا؟ فِيهِ أَقْوَال.
أَحدهَا: أَنه لم يَقع، وَهُوَ الصَّحِيح.
قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: صَار الْأَكْثَر إِلَى امْتِنَاعه.
وَاخْتَارَهُ الْغَزالِيّ، والآمدي، وَأكْثر الْمُعْتَزلَة.
قَالَ ابْن الزَّاغُونِيّ وَالْمجد ابْن تَيْمِية: (الْمحَال لذاته مُمْتَنع سمعا إِجْمَاعًا، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي الْجَوَاز الْعقلِيّ وَالِاسْم اللّغَوِيّ) كَمَا تقدم عَنهُ.
وَالْقَوْل الثَّانِي: وَقع ذَلِك مُطلقًا.
قَالَ أَبُو بكر عبد الْعَزِيز - من أَصْحَابنَا -: (الله يتعبد خلقه بِمَا يُطِيقُونَ وَبِمَا لَا يُطِيقُونَ) ؛ وَأطلق.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق ابْن شاقلا - من أَصْحَابنَا أَيْضا -: (إِن الله تَعَالَى أَرَادَ تَكْلِيف عباده بِمَا لَيْسَ فِي طاقتهم وَلَا قدرتهم، وَاحْتج بقوله تَعَالَى: {وَيدعونَ إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [الْقَلَم: 42] ) .
وَاخْتَارَ هَذَا القَوْل الْفَخر الرَّازِيّ، وَغَيره، وَزعم الرَّازِيّ:(أَن جَمِيع التكاليف مِمَّا لَا يُطَاق، قَالَ: لِأَنَّهَا إِمَّا مَعْلُومَة الْوُقُوع، فَتكون وَاجِبَة الْوُقُوع، أَو وَاجِبَة الْعَدَم، فَتكون ممتنعة الْوُقُوع، والتكليف بِالْوَاجِبِ الْوُقُوع، أَو الْمُمْتَنع الْوُقُوع، تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق) .
قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: (وَهَذَا إِنَّمَا يَقْتَضِي تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق عقلا، لَا عَادَة، لِأَن امْتنَاع خلاف الْعلم إِنَّمَا هُوَ عقلا، والنزاع لَيْسَ فِيهِ، بل فِي الْمحَال العادي، فَلَا يحصل مَطْلُوبه) انْتهى.
وَمن قَالَ: إِن الِاسْتِطَاعَة مَعَ الْفِعْل - وَمن جُمْلَتهمْ: ابْن حمدَان فِي " نِهَايَة المبتدئين " - قَالَ: بِأَن الْمحَال وَاقع قطعا.
لَكِن قَالَ ابْن شاقلا: (الِاسْتِطَاعَة تكون مَعَ الْفِعْل أَو قبله) ، وَقد قَالَ بِوُقُوع الْمحَال مُطلقًا.
وَقَالَ التَّمِيمِي: (قد يُسمى الْإِنْسَان مستطيعا إِذا كَانَ سليما من الْآفَات) .
وَالْقُدْرَة هِيَ: التَّمَكُّن من التَّصَرُّف، وَقيل: سَلامَة البنية.
وَالْقَوْل الثَّالِث: وَقع فِي الْمُمْتَنع عَادَة دون غَيره.
قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: (وَصَارَ الْغَزالِيّ، وَالشَّيْخ، والآمدي، إِلَى جَوَاز الْمُمْتَنع لغيره فِي ذَاته، وَنصر الْغَزالِيّ إِمْكَان الْمُمْتَنع الذاتي دون وُقُوعه) .
قَالَ التَّاج السُّبْكِيّ: (وَالْحق وُقُوع الْمُمْتَنع بِالْغَيْر لَا بِالذَّاتِ) .