الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَنِ قَاضِيًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُرْسِلُنِي وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ، وَلَا عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ، فَقَالَ:«إِنَّ اللَّهَ سَيَهْدِي قَلْبَكَ، وَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ، فَإِذَا جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْكَ الْخَصْمَانِ، فَلَا تَقْضِيَنَّ حَتَّى تَسْمَعَ مِنَ الْآخَرِ، كَمَا سَمِعْتَ مِنَ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يَتَبَيَّنَ لَكَ الْقَضَاءُ» ، قَالَ:«فَمَا زِلْتُ قَاضِيًا، أَوْ مَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَعْدُ» .
بَابٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي إِذَا أَخْطَأَ
3583 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
===
نفي التجربة بكيفية فصل الخصومات وكيفية دفع كل من المتخاصمين كلام الآخر ومكر أحدهما بالآخر، أي إني ما جربت ذلك قبل هذا وإلا فهو كامل العلم بأحكام الدين وقضايا الشرع، "أن يتبين لك القضاء" أي وجهه.
بَابٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي إِذَا أَخْطَأَ
3583 -
"إنما أنا بشر" أي لا أعلم من الغيب إلاما اطلع الله تعالى عليه، كما هو شأن البشر "أن يكون" أن زائدة دخلت في خبر لعل تشبهًا لها بعسى، "ألحن" أي أفطن لها، وأعرف بها أو أقدر على بيان كلامه، "أقطع له قطعة" أي أقطع له ما هو حرام عليه "يفضيه إلى النار" قال السيوطي: هذا في أول الأمر لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحكم بالظاهر ويكل سرائر الخلق إلى الله تعالى كسائر الأنبياء عليهم السلام، ثم خص صلى الله عليه وسلم بأن أذن له أن يحكم بالباطن أيضًا وأن يقتل بعلمه
3584 -
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أُسَامَةَ
===
خصوصية انفرد بها عن سائر الخلق بالإجماع (1)، قال القرطبي: اجتمعت الأمة على أنه ليس لأحد أن يقتل بعلمه إلا النبي صلى الله عليه وسلم اهـ.
قلت: كلام القرطبي محمول على هذه الأمة وألا يشكل الأمر بقتل خضر فتأمل، فإن قيل: هذا يدل على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قد يقرر على الخطأ، وقد اتفق الأصوليون على أنه لا يقرر عليه، أجيب بأنه في ما حكم بالاجتهاد وهذا في فصل الخصومات بالبينة والإقرار والنكول. قال السبكي: هذه قضية شرطية لا تستدعي وجودها بل معناها، بيان أن ذلك جائز ولم يثبت لنا قط أنه صلى الله عليه وسلم حكم بحكم ثم بان خلافه بوجه من الوجوه، وقد صان الله تعالى أحكام نبيه عن ذلك مع أنه لو وقع لم يكن في ذلك محذور.
قلت: الحكم بالظاهر واجب عليه في مثل ذلك ولا خطأ منه أصلًا في ذلك، وإنما الخطأ ممن أقام الحجة الباطلة ولو سلم فمن أين علم أن يقرر عليه حتى يتوهم التنافي بين هذا وبين القاعدة الأصولية، فيحتاج إلى الجواب؛ إذ ليس في الحديث أزيد من إمكان القضاء فلعله لا يقرر على ذلك القضاء فالأخذ بذلك القضاء مفضيًا إلى النار في حق من يأخذ من مال الغير والله تعالى أعلم.
3584 -
"ألا دعوتهما" استثناء منقطع أو هو من باب التعليق بالمحال؛ إذ
(1) تنوير الحوالك بشرح موطأ مالك (2/ 197).
بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي مَوَارِيثَ لَهُمَا، لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ إِلَّا دَعْوَاهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَبَكَى الرَّجُلَانِ، وَقَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقِّي لَكَ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَمَّا إِذْ فَعَلْتُمَا مَا فَعَلْتُمَا فَاقْتَسِمَا، وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ، ثُمَّ اسْتَهَمَا، ثُمَّ تَحَالَّا» .
3585 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: يَخْتَصِمَانِ فِي مَوَارِيثَ وَأَشْيَاءَ قَدْ دَرَسَتْ، فَقَالَ:«إِنِّي إِنَّمَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ بِرَأْيِي فِيمَا لَمْ يُنْزَلْ عَلَيَّ فِيهِ» .
===
الدعوى ليست ببينة وتوخيا الحق أي طلباه. واقصداه فيما تصغابه من القسمة أو أعدلا في القسمة، "ثم استهما" أي اقترعا لطهر سهم كل واحد منكما ثم تحالا يجعل كل منكما صاحبه في حل.
3585 -
"برأي" كأنه أراد بالرائي استخراج الأحكام الجزئية من القواعد الكلية للقضاء، وفيه إشارة إلى أنه كان يقضي بالوحي أحيانًا إذا أوحي إليه فيِ خصوص جزئي والله تعالى أعلم، كأنه يريد قال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَينَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} (1) والتكلف أي المشقة في استخراج ذلك الظن ولم يرد به التحكم بلا دليل، وفيه دليل على أن المجتنهد يخطئ ويصيب.
(1) سورة النساء: آية (105).