الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَالَ أَنَسٌ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقُرِّبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُبْزًا مِنْ شَعِيرٍ وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، قَالَ أَنَسٌ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ الصَّحْفَةِ، فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ يَوْمَئِذٍ» .
بَابٌ فِي أَكْلِ الثَّرِيدِ
3783 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ السَّمْتِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ، مَنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«كَانَ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الثَّرِيدُ مِنَ الْخُبْزِ، وَالثَّرِيدُ مِنَ الحَيْسِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ.
بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ التَّقَذُّرِ لِلطَّعَامِ
3784 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سِمَاكُ
===
"وراديًا" بضم دال وتشديد ياء ممدود وقد يقصر، "القرع" بفتح فسكون واحدة "دباءة حوالي الصحفة" بفتح اللام أي جوانبه، بعد يومئذ يحتمل أن يكون بعد مضاف إلى ما بعده وأن يكون مقطوعًا عن الإضافة، قيل: وما جاء من النهي عن مثله فهو إذا كرهه الجليس، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا يحبون عنه ذلك ويتلذذون به حتى كانوا يتبركون بنخامته صلى الله عليه وسلم.
بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ التَّقَذُّرِ لِلطَّعَامِ
3784 -
"وسأله رجل" قيل: هو عدي بن حاتم ذكره في بعض شروح المشكاة والمجمع، قلت: ورواية الترمذي تفيد أن هلبًا هو السائل، ففيها: سمعت قبيصة
بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنِي قَبِيصَةُ بْنُ هُلْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
===
ابن هلب يحدث عن أبيه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن طعام النصارى فقال: "لا يتخلجن في صدرك طعام ضارعت فيه النصرانية" ثم ذكر بسند آخر عن عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (1)، فهذا يفيد تعدد الواقعة وأن السائل في حديث هلب هو هلب والله تعالى أعلم.
"إِن من الطعام طعامًا " هو الطعام النصاري؛ كما يدل عليه رواية الترمذي المتقدمة، "أتحرّج منه" الحرج وهو الضيق ويطلق الإثم ومعنى أتحرج أجتنب وأمتنع كتأثم.
"اجتنب عن الإثم" فقال: يتخلجن قد اختلف في روايته مادة وهيئة، أما الأول فقال العراقي: المشهور أنه بتقديم الخاء المعجمة على الجيم، وروي بتقديم الحاء المهملة على الجيم، وأما الثاني: فهل هو من الافتعال أو من التفعل، والمعنى على التقادير واحد أي لا يقع في نفسك شك منه وريبة، "شيء" أي طعام كما في رواية الترمذي وظاهر هذا الكلام أنه نظيف، فالجواب لإفادة إباحته والإذن فيه وهو المشهور بين الجمهور لحديث:"الإثم ما حاك في صدرك"(2).
لكن قوله: "ضارعت" بسكون العين وفتح التاء على صيغة الخطاب أي شابهت به الملة النصرانية أي أهلها، يفيد أن سوق الجواب لإفادة المنع عنه كما ذهب إليه أبو موسى المديني، فقال: إنه منع منه، وذلك أنه سأله عن طعام
(1) الترمذي في السير (1565).
(2)
أحمد في مسنده (4/ 227) وهو حديث صحيح. وقال الهيثمي في الزوائد (1/ 180): رواه أحمد والبزار وفيه أبو عبد الله السلمي.
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ مِنَ الطَّعَامِ طَعَامًا أَتَحَرَّجُ مِنْهُ، فَقَالَ: «لَا
===
النصارى فكأنه أراد ألا يتحرك في ذلك شك أن ما شابهت فيه النصارى حرام أو خبيث أو مكروه، لكن قد يقال: إذا كان سوق الجواب للمنع فالتردد بين كونه حرامًا أو مكروهًا موجود فلا يستقيم نفي التردد، إلا أن يقال: نفى التردد بين كونه مباحًا أو ممنوعًا، وأثبت فيه المنع والتردد بعد ذلك بين أقسام الممنوع لا ينافيه، ولذلك جزم في المجمع أن سياق الحديث لا يناسب الإذن وإنما يناسب المنع، وقد يقال: إنه للإذن ومحط الكلام هو الطعام، والمعنى: لا يختلج في صدرك طعام تشتبه فيه النصارى وإنما يختلج دين أو خلق، "تشبه فيه النصاري" يعني أن التشبه الممنوع إنما هو في الدين والعادات والأخلاق لا في الطعام الذي يحتاج إليه كل أحد، والتشبه فيه لازم لاتحاد جنس مأكول الفريقين، وقد أذن الله تعالى فيه قوله:{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (1)، فالتشبه في مثله لا عبرة به ولا يختلج في الصدر حتى يسأل عنه، وأجاب الطيبي بأن جملة "ضارعت"جواب شرط محذوف أي إن شككت شابهت فيه الرهبانية والجملة الشرطية مستأنفة لبيان سبب النهي، والمعنى: لا يدخل في قلبك ضيق وحرج لأنك على الحنفية السهلة السمحة، فإذا شككت وشددت على نفسك بمثل هذا شابهت فيه الرهبانية (2).
وأجاب بعضهم على رواية: "لا يتخلجن في نفسك شيء" بأن المراد بشيء: شيء من الشك والريبة لا شيء من الطعام، وجملة:"ضارعت" صفة له
(1) سورة المائدة: آية (5).
(2)
عون المعبود (10/ 184).