الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(فصل)
. وَتَصِح الْوكَالَة وَهِي بِفَتْح الْوَاو وَكسرهَا - اسْم مصدر بِمَعْنى التَّوْكِيل ولغة التَّفْوِيض تَقول: وكلت أَمْرِي إِلَى الله تَعَالَى. أَي فوضته واكتفيت بِهِ، وَتطلق أَيْضا بِمَعْنى الْحِفْظ وَمِنْه: حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل، أَي الحفيظ. وَشرعا استنابة جَائِز التَّصَرُّف مثله فِيمَا تدخله النِّيَابَة. وَتَصِح مُؤَقَّتَة، كَأَنْت وَكيلِي شهرا، ومعلقة كوصية وَإِذا دخل رَمَضَان وَنَحْوه، وَتَصِح بِكُل قَول يدل على إِذن نصا كبع عَبدِي فلَانا أَو أعْتقهُ وَنَحْوه، أَو فوضت إِلَيْك أمره، أَو جعلتك نَائِبا عني فِي كَذَا، أَو أقمتك مقَامي لِأَنَّهُ لفظ دلّ على الْإِذْن فصح كلفظها، وَيصِح قبُولهَا أَي الْوكَالَة بِكُل قَول أَو فعل من الْوَكِيل يدل عَلَيْهِ أَي الْقبُول. وَيصِح فَوْرًا أَو متراخيا، وكل عقد جَائِز كشركة ومساقاة وَنَحْوهمَا فَهُوَ كَالْوكَالَةِ فِيمَا تقدم، وَشرط تعْيين الْوَكِيل لَا علمه بِالْوكَالَةِ، فَلَو بَاعَ عبد زيد على أَنه فُضُولِيّ وَبَان أَن زيدا كَانَ وَكله فِيهِ قبل البيع، صَحَّ اعْتِبَارا بِمَا فِي نفس الْأَمر لَا بِمَا فِي ظن الْمُكَلف. وللوكيل التَّصَرُّف بِخَبَر من ظن صدقه بتوكيل زيد لَهُ مثلا، وَيضمن مَا ترَتّب على تصرفه إِن أنكر زيد الْوكَالَة، وَإِن أَبى الْوَكِيل قبُولهَا فكعزله نَفسه،
وَشرط كَونهمَا أَي الْمُوكل وَالْوَكِيل جائزي التَّصَرُّف، فَلَا يَصح تَوْكِيل السَّفِيه فِي عتق عَبده سوى تَوْكِيل أعمى وَنَحْوه عَالما فِيمَا يحْتَاج لرؤية كجوهر وعقار فَيصح، وَإِن لم يَصح مِنْهُ ذَلِك بِنَفسِهِ لِأَن منعهما التَّصَرُّف فِي ذَلِك لعجزهما عَن الْعلم بِالْمَبِيعِ لَا لِمَعْنى فيهمَا يَقْتَضِي منع التَّوْكِيل. وَمثله توكل فَلَا يَصح أَن يُوجب نِكَاحا عَن غَيره من لَا يَصح مِنْهُ إِيجَابه لموليته لنَحْو فسق، وَلَا أَن يقبله من لَا يَصح مِنْهُ لنَفسِهِ ككافر يتوكل فِي قبُول نِكَاح مسلمة لمُسلم، سوى قبُول نِكَاح أُخْته وَنَحْوهَا لأَجْنَبِيّ، وَسوى قبُول حر وَاجِد الطول نِكَاح أمة لمن تُبَاح لَهُ الْأمة من قن أَو حر عادم الطول خَائِف الْعَنَت، وَسوى توكل غَنِي فِي قبض زَكَاة لفقير، وَسوى طَلَاق امْرَأَة نَفسهَا أَو غَيرهَا بوكالة. وَتَصِح وكَالَة الْمُمَيز بِإِذن وليه فِي كل تصرف لَا يعْتَبر لَهُ الْبلُوغ كتصرفه بِإِذْنِهِ، وَمن لَهُ تصرف فِي شَيْء فَلهُ توكل فِيهِ وَله تَوْكِيل فِيهِ أَي فِيمَا لَهُ التَّصَرُّف فِيهِ، وَتَصِح الْوكَالَة فِي كل حق آدَمِيّ من عقد وَغَيره كَطَلَاق ورجعة وَبيع وَشِرَاء وحوالة وَرهن وَضَمان وَشركَة وَكِتَابَة ووديعة ومضاربة وجعالة ومساقاة وَإِجَارَة وقرض وَصلح وَهبة وَصدقَة وَوَصِيَّة وتدبير وإيقاف وَقِسْمَة وَنَحْو ذَلِك، وَلَا تصح فِي ظِهَار وَلَا فِي لعان وَلَا فِي أَيْمَان وَنذر وإيلاء وقسامة وَقسم بَين الزَّوْجَات وَشَهَادَة والتقاط واغتنام وَدفع جِزْيَة ومعصية ورضاع وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا تدخله النِّيَابَة، وَتَصِح فِي بيع مَاله كُله أَو مَا شَاءَ مِنْهُ،
وبالمطالبة بحقوقه كلهَا أَو مَا شَاءَ مِنْهَا، وبالإبراء مِنْهَا كلهَا أَو مَا شَاءَ مِنْهَا. قَالَ فِي الْإِقْنَاع: وَظَاهر كَلَامهم فِي بِعْ، من مَالِي مَا شِئْت، لَهُ بيع كل مَاله. وَلَا يَصح: وَكلتك فِي كل قَلِيل وَكثير وَتسَمى المفوضة ذكر الْأَزجيّ اتِّفَاق الْأَصْحَاب، لِأَنَّهُ يدْخل فِيهِ كل شَيْء من هبة مَاله وَطَلَاق نِسَائِهِ وَعتق رَقِيقه فيعظم الْغرَر وَالضَّرَر، وَلِأَن التَّوْكِيل شَرطه أَن يكون فِي تصرف مَعْلُوم. وَلَا يَصح قَوْله: اشْتَرِ مَا شِئْت أَو اشْتَرِ عبدا بِمَا شِئْت حَتَّى يبين لَهُ نوعا يَشْتَرِيهِ وَقدر ثمن. وَتَصِح الْوكَالَة فِي كل حق الله عز وجل تدخله النِّيَابَة من إِثْبَات حق واستيفائه وَعبادَة كتفرقة صَدَقَة وَنذر وَكَفَّارَة وَزَكَاة وَحج وَعمرَة، وَتدْخل رَكعَتَا الطّواف تبعا لَهما. وَيصِح: أخرج زَكَاة مَالِي من مَالك. وللوكيل اسْتِيفَاء حد بِحَضْرَة مُوكله وغيبته وَلَو فِي قصاص وحد قذف، وَالْأولَى بِحُضُورِهِ فيهمَا. وَلَيْسَ لَهُ أَن يُوكل فِيمَا يتَوَلَّى مثله إِلَّا بِإِذن مُوكله، وَله أَن يُوكل فِيمَا يعجز عَنهُ مثله لكثرته وَلَو فِي جَمِيعه وَفِيمَا لَا يتَوَلَّى مثله لنَفسِهِ كالأعمال الدنية فِي حق أَشْرَاف النَّاس المترفعين عَنْهَا عَادَة، لِأَن الْإِذْن إِنَّمَا ينْصَرف لما جرت بِهِ الْعَادة، وَإِن أذن لَهُ مُوكل فِي التَّوْكِيل تعين أَن يكون الثَّانِي أَمينا فَلَا يجوز لَهُ أَن يُوكل غير أَمِين إِلَّا مَعَ تعْيين الْمُوكل الأول بِأَن قَالَ لَهُ: وكل زيدا مثلا، فَلهُ تَوْكِيله وَإِن لم يكن أَمينا. وَإِن وكل أَمينا فخان فَعَلَيهِ عَزله لِأَن إبقاءه تَفْرِيط تَضْييع:
وَلَيْسَ لَهُ أَن يعْقد مَعَ فَقير أَو قَاطع طَرِيق أَو يَبِيع نسَاء أَو بِمَنْفَعَة أَو عرض أَو بِغَيْر نقد الْبَلَد غالبه إِن جمع نقودا. أَو بِغَيْر الْأَصْلَح مِنْهَا إِن تَسَاوَت رواجا إِلَّا بِإِذن مُوكله فِي الْكل. وَهِي أَي الْوكَالَة وَشركَة ومضاربة ومساقاة ومزارعة ووديعة وجعالة ومسابقة وعارية عُقُود جَائِزَة من الطَّرفَيْنِ، لِأَن غايتها إِذن وبذل نفع وَكِلَاهُمَا جَائِز، وَلكُل من الْمُتَعَاقدين فَسخهَا أَي هَذِه الْعُقُود كفسخ الْإِذْن فِي أكل طَعَامه، وَتبطل كلهَا بِمَوْت أَحدهمَا وجنونه وَالْحجر عَلَيْهِ لسفه حَيْثُ اعْتبر رشده كالتصرف المالي. فَإِن وكل فِي طَلَاق ورجعة وَنَحْوهمَا لم تبطل بِسَفَه. وَتبطل بسكر يفسق بِهِ فِيمَا يُنَافِيهِ كإيجاب نِكَاح. وبفلس مُوكل فِيمَا حجر عَلَيْهِ فِيهِ. وبردته لَا بردة وَكيله إِلَّا فِيمَا ينافيها. وبتدبيره أوكتابته قِنَا وكل فِي عتقه لَا بسكناه وَلَا بِبيعِهِ بيعا فَاسِدا مَا وكل فِي بَيْعه. وينعزل بِمَوْت مُوكله وبعزله وَلَو لم يبلغهُ ذَلِك. وَلَا يقبل قَول مُوكل إِنَّه عزل وَكيله قبل تصرفه فِي غير طَلَاق بِلَا بَيِّنَة. وَيقبل قَوْله إِنَّه أخرج زَكَاته قبل دفع وَكيله للساعي، ويأخذها الْوَكِيل من السَّاعِي إِن بقيت فِي يَده لفساد الْقَبْض فَإِن فرقها على مستحقيها، أَو تلفت بِيَدِهِ فَلَا رُجُوع عَلَيْهِ. وَحُقُوق عقد مُتَعَلقَة بموكل لِأَن الْملك ينْتَقل إِلَيْهِ ابْتِدَاء وَلَا يدْخل فِي ملك الْوَكِيل فَلَا يعْتق قريب وَكيل عَلَيْهِ وَلَا يَصح بِلَا إِذن مُوكل بيع وَكيل لنَفسِهِ بِأَن يَشْتَرِي مَا وكل فِي بَيْعه من نَفسه لنَفسِهِ وَلَا يَصح شِرَاؤُهُ أَي الْوَكِيل مِنْهَا أَي من نَفسه لمُوكلِه بِأَن وكل فِي شِرَاء شَيْء فَاشْتَرَاهُ من نَفسه لمُوكلِه لِأَنَّهُ خلاف الْعرق فِي ذَلِك، وكما لَو صرح لَهُ فَقَالَ بِعْهُ أَو اشتره من غَيْرك للحوق
التُّهْمَة لَهُ فِي ذَلِك فَإِن أذن لَهُ صَحَّ إِذا تولى طرفِي العقد فيهمَا، كأب الصَّغِير إِذا بَاعَ من مَاله لوَلَده أَو اشْترى من مَاله لوَلَده. وَمثله نِكَاح كَأَن يُوكل الْوَلِيّ الزَّوْج أَو عَكسه أَو يوكلا وَاحِدًا أَو يُزَوّج عَبده الصَّغِير بأمته وَنَحْوه فيتولى طرفِي العقد. وَولده أَي الْوَكِيل ووالده ومكاتبه وَنَحْوهم مِمَّن ترد شَهَادَته لَهُ كنفسه فَلَا يجوز البيع لأَحَدهم وَلَا الشِّرَاء مِنْهُ مَعَ الْإِطْلَاق، لِأَنَّهُ يتهم فِي حَقهم ويميل إِلَى ترك الِاسْتِقْصَاء عَلَيْهِم فِي الثّمن كتهمته فِي حق نَفسه، بِخِلَاف نَحْو أَخِيه وَعَمه، وكالوكيل حَاكم وأمينه ووصي وناظر وقف ومضارب، قَالَ المنقح: وَشريك عنان ووجوه فَلَا يَبِيع أحد مِنْهُم من نَفسه وَلَا وَلَده ووالده لما تقدم، فَيعلم مِنْهُ أَنه لَيْسَ لناظر الْوَقْف غير الْمَوْقُوف عَلَيْهِ أَن يُؤجر عين الْوَقْف لوَلَده وَلَا وزجته، وَلَا تؤجر ناظرة زَوجهَا وَنَحْوه للتُّهمَةِ وَإِن بَاعَ الْوَكِيل أَو الْمضَارب بِدُونِ ثمن مثل أَو بِدُونِ ثمن مُقَدّر أَو اشْترى الْوَكِيل أَو الْمضَارب ب ثمن أَكثر مِنْهُ أَي من ثمن الْمثل أَو الْمُقدر نصا صَحَّ البيع وَالشِّرَاء لِأَن من صَحَّ بَيْعه وشراؤه بِثمن صَحَّ بأنقص مِنْهُ وأزيد كَالْمَرِيضِ وَضمن وَكيل ومضارب فِي شِرَاء زِيَادَة أَي مثل الزِّيَادَة عَن ثمن مثل أَو مُقَدّر أَو أَي وَضمن نقصا أَي كل النَّقْص عَن مُقَدّر وَضمن كل مَالا يتَغَابَن بِمثلِهِ عَادَة فِيمَا لم يقدر، بِأَن يُعْطي لوَكِيله ثوبا ثمن مثله مائَة دِرْهَم، يَبِيعهُ لَهُ وَلم يقدر لَهُ الثّمن فيبيعه بِثَمَانِينَ وَالْحَال أَن مثل الثَّوْب وَقد يَبِيعهُ غَيره بِخَمْسَة وَثَمَانِينَ درهما، فَهَذِهِ الْخَمْسَة الَّتِي نقصت عَن ثمن مثله مِمَّا يتَغَابَن النَّاس بِمثلِهِ فِي الْعَادة فَلَو أَو الْوَكِيل بَاعَ بِمثل هَذَا النَّقْص لم يضمن لِأَن التَّحَرُّز عَن مثل هَذَا
عسر، لكنه لَو بَاعَ بِنَقص لَا يتَغَابَن بِمثلِهِ فِي التِّجَارَة وَهُوَ عشرُون من مائَة فَيضمن جَمِيع هَذَا النَّقْص. وبعه لزيد، فَبَاعَهُ لغيره لم يَصح. وَمن أَمر بِدفع شَيْء إِلَى نَحْو قصار معِين ليصنعه فَدفع ونسيه فَضَاعَ لم يضمن. وَإِن أطلقهُ الْمَالِك فَدفعهُ الْوَكِيل إِلَى من لَا يعرفهُ ضمن، وبعه بدرهم فَبَاعَهُ بِهِ وبعرض أَو بِدِينَار صَحَّ، وَكَذَا بِأَلف نسَاء فَبَاعَ بِهِ حَالا وَلَو مَعَ ضَرَر يلْحق الْمُوكل بحفظه الثّمن لِأَنَّهُ زَاده خيرا مَا لم يَنْهَهُ فَإِن نَهَاهُ لم يَصح للمخالفة. وَبعد فَبَاعَ بعضه بِدُونِ ثمنه كُله لم يَصح، أَو يكن عبيدا أَو صبرَة وَنَحْوهَا فَيصح بَيْعه مفرقا مَا لم يقل: صَفْقَة. وَكَذَا شَاءَ فَلَو قَالَ اشْتَرِ لي عشرَة عبيد أَو عشرَة أَرْطَال غزل أَو عشرَة أَمْدَاد بر صَحَّ شراؤها صَفْقَة وشيئا بعد شَيْء مَا لم يقل صَفْقَة. وبعه بِأَلف فِي سوق كَذَا فَبَاعَهُ فِي سوق آخر صَحَّ مَا لم يَنْهَهُ أَو يكن لَهُ فِيهِ غَرَض صَحِيح. وَإِن قَالَ اشتره بِكَذَا فَاشْتَرَاهُ مُؤَجّلا، أَو اشْتَرِ شَاة بِدِينَار فَاشْترى شَاتين تساويه إِحْدَاهمَا أَو شَاة تساويه بِأَقَلّ صَحَّ ووكيل شخص وَكله فِي مَبِيع ليَبِيعهُ لَهُ يُسلمهُ أَي يملك تَسْلِيمه لمشتريه لِأَنَّهُ من تَمام البيع وَلَا يقبض الْوَكِيل ثمنه أَي لَا يملك قبض ثمنه فَإِن تعذر قَبضه لم يلْزمه شَيْء كَمَا لَو ظهر الْمَبِيع مُسْتَحقّا أَو مَبِيعًا، قَالَ المنقح: مَا لم يفض إِلَى رَبًّا، فَإِن أفْضى إِلَى رَبًّا كأمره بِبيع قفيز بر بِمثلِهِ أَو شعير فَبَاعَهُ وَلم يحضر مُوكله ملك قَبضه للْإِذْن فِيهِ شرعا وَعرفا إِلَّا أَن يَأْذَن لَهُ فِي الْقَبْض فَلهُ الْقَبْض أَو إِلَّا بِقَرِينَة تدل عَلَيْهِ مثل تَوْكِيله فِي بيع ثوب فِي سوق غَائِب عَن الْمُوكل
أَو مَوضِع يضيع الثّمن بترك قبض أَو نَحْو ذَلِك فَلهُ قَبضه أَيْضا فَمَتَى ترك قَبضه ضمنه، وَسلم وَكيل الشِّرَاء الثّمن أَي يملك تَسْلِيم الثّمن ووكيل خُصُومَة أَي إِذا وكل شخص آخر فِي خُصُومَة ف لَا يقبض الْوَكِيل لِأَن الْإِذْن فِيهِ لم يتَنَاوَلهُ نطقا وَلَا عرفا وَقد يرضى للخصومة من لَا يرضى للقبض ووكيل فِي قبض دين أَو عين يُخَاصم أَي يكون وَكيلا فِي مخاصمة وَالْوَكِيل أَمِين لَا يضمن مَا تلف بِيَدِهِ إِلَّا بتعد أَو تَفْرِيط لِأَنَّهُ نَائِب عَن الْمَالِك فِي الْيَد وَالتَّصَرُّف، فالهلاك فِي يَده كالهلاك فِي يَد الْمَالِك كَالْمُودعِ وَالْوَصِيّ، وَسَوَاء كَانَ مُتَبَرعا أَو بِجعْل فَإِن فرط أَو تعدى ضمن وَيقبل قَوْله أَي الْوَكِيل فِي نفيهما أَي التَّعَدِّي والتفريط بِيَمِينِهِ إِذا ادَّعَاهُ مُوكله، لِأَنَّهُ أَمِين وَلَا يُكَلف بِبَيِّنَة لِأَنَّهُ مِمَّا تتعذر إِقَامَة الْبَيِّنَة عَلَيْهِ، وَلِئَلَّا يمْتَنع النَّاس من الدُّخُول فِي الْأَمَانَات مَعَ الْحَاجة إِلَيْهَا، وَيقبل قَوْله فِي هَلَاك الْعين أَو الثّمن بِيَمِينِهِ، ك مَا تقبل دَعْوَى شخص مُتَبَرّع رد الْعين أَو رد ثمنهَا أَي الْعين لموكل لِأَنَّهُ قبض الْعين لنفع مَالِكهَا لَا غير، فَهُوَ كَالْمُودعِ، وَلَا يقبل قَول وَكيل يَجْعَل، لِأَن فِي قَبضه نفعا لنَفسِهِ أشبه الْمُسْتَعِير وَلَا إِذا ادّعى الرَّد لوَرثَته أَي الْمُوكل لأَنهم لم يأتمنوه وَلَا قَول وَرَثَة وَكيل فِي دفع لموكل إِلَّا بِبَيِّنَة تشهد بذلك. وَيقبل إِقْرَاره على الْمُوكل فِي كل مَا وكل فِيهِ من بيع وَإِجَارَة وَصرف وَغَيرهَا.
وَمن عَلَيْهِ حق فَادّعى إِنْسَان أَنه وَكيل ربه فِي قَبضه أَو أَنه وَصِيّه أَو أُحِيل بِهِ فَصدقهُ مدعى عَلَيْهِ لم يلْزمه دفع إِلَيْهِ وَإِن كذبه لم يسْتَحْلف، وَإِن دَفعه وَأنكر صَاحبه ذَلِك حلف وَرجع على دَافع وَحده إِن كَانَ دينا فَإِن نكل لم يرجع بِشَيْء، وَرجع دَافع على مدعي الْوكَالَة أَو الْحِوَالَة بِمَا دفع مَعَ بَقَائِهِ وببدله إِن تلف بتعديه أَو تفريطه لَا بِمَنْزِلَة الْغَاصِب وَبلا تعد أَو تَفْرِيط لم يضمنهُ وَلم يرجع عَلَيْهِ دَافع بِشَيْء لِأَنَّهُ مقرّ بِأَنَّهُ أَمِين حَيْثُ صدقه فِي دَعْوَى الْوكَالَة أَو الْوَصِيَّة، وَأما مَعَ دَعْوَى الْحِوَالَة فَيرجع دَافع على قَابض مُطلقًا أَي سَوَاء بَقِي فِي يَده أَو تلف بتعد أَو تَفْرِيط أَو لَا، لِأَنَّهُ قَبضه لنَفسِهِ فَدخل على أَنه مَضْمُون عَلَيْهِ. وَإِن كَانَ الْمَدْفُوع عينا كوديعة وَنَحْوهَا ووجدها رَبهَا أَخذهَا لِأَنَّهَا عين مَاله، وَإِن لم يجدهَا ضمن أَيهمَا شَاءَ، وَلَا يرجع الدَّافِع بهَا على غير متْلف أَو مفرط لاعتراف كل مِنْهُمَا بِأَن مَا أَخذه الْمَالِك ظلم واعتراف الدَّافِع بِأَنَّهُ لم يحصل من الْقَابِض مَا يُوجب الضَّمَان فَلَا يرجع عَلَيْهِ بظُلْم غَيره، هَذَا كُله إِذا صدق من عَلَيْهِ الْحق الْمُدَّعِي، وَأما مَعَ عدم تَصْدِيق فَيرجع على مَدْفُوع إِلَيْهِ بِمَا دَفعه لَهُ مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَ دينا أَو عينا، بَقِي أَو تلف، لِأَنَّهُ لم يقر بوكالته وَلم يثبت بَيِّنَة، وَمُجَرَّد التَّسْلِيم لَيْسَ تَصْدِيقًا. وَإِن ادّعى مَوته وَأَنه وَارثه لزمَه دَفعه إِلَيْهِ مَعَ تَصْدِيق، وحلفه مَعَ إِنْكَار موت رب الْحق وَإِن الطَّالِب وَارثه، وَصفَة الْيَمين أَنه لَا يعلم صِحَة مَا قَالَه لِأَن الْيَمين هَهُنَا على فعل الْغَيْر فَتكون على نفي الْعلم.