الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(فصل)
. الصَّيْد مصدر صَاد يصيد، وَشرعا اقتناص حَيَوَان حَلَال متوحش طبعا غير مَقْدُور عَلَيْهِ، وَالْمرَاد بِهِ هَهُنَا المصيود، وَهُوَ مُبَاح إِجْمَاعًا لقَوْله تَعَالَى 19 ((يسئلونك مَاذَا أحل لَهُم قل أحل لكم الطَّيِّبَات وَمَا علمْتُم من الْجَوَارِح مكلبين)) الْآيَة، فَقَالَ رحمه الله: الصَّيْد مُبَاح لقاصده وَيكرهُ لهوا، وَهُوَ أفضل مَأْكُول والزراعة أفضل مكتسب، وَأفضل التِّجَارَة فِي بز وعطر وغرس وَزرع وماشية، وأبغضها ورقيق وَصرف، وَأفضل الصِّنَاعَة خياطَة، وَنَصّ الإِمَام أَحْمد رحمه الله أَن كل مَا نصح فِيهِ فَهُوَ حسن وَأَدْنَاهُ حياكة وحجامة وَنَحْوهمَا، وأشدها كَرَاهَة صبغ وصياغة وحدادة وَنَحْوهَا. وَمن أدْرك صيدا مجروحا متحركا فَوق حَرَكَة مَذْبُوح واتسع الْوَقْت لتذكيته لم يبح إِلَّا بهَا وَلَو خشى مَوته وَلم يجد مَا يذكيه بِهِ، وَإِن امْتنع بعدوه فَلم يتَمَكَّن من ذبحه حَتَّى مَاتَ تعبا فحلال بِشُرُوطِهِ الْآتِيَة لِأَنَّهُ غير مَقْدُور عَلَيْهِ أشبه مَا لَو أدْركهُ مَيتا وَإِن لم يَتَّسِع الْوَقْت لتذكيته فكميت يحل بِشُرُوطِهِ.
وشروطه أَي الصَّيْد أَرْبَعَة أَحدهَا: كَون صائد من أهل ذَكَاة أَي تحل ذَبِيحَته وَلَو أعمى، فَلَا يحل صيد شَارك فِي صَيْده من لَا تحل ذَبِيحَته كمجوسي ومتولد بَينه وَبَين كتابي. وَالثَّانِي: الْآلَة وَهِي نَوْعَانِ: أَحدهمَا: آلَة ذَكَاة وَيشْتَرط جرحه بهَا فَإِن قَتله بثقله كشبكة وعصا وفخ وبندقة وَلَو مَعَ شدخ أَو قطع حلقوم ومريء لم يبح، وَمن نصب سكينا أَو منجلا أَو نَحْوهمَا مسميا حل مَا قَتله بِجرح وَلَو بعد موت ناصب أَو ردته، فَإِن لم يقْتله بجرحه لم يحل وَمَا رمى من صيد فَوَقع فِي مَاء أَو تردى من علو أَو وطيء عَلَيْهِ شَيْء وكل ذَلِك مِمَّا يقتل مثله لم يحل وَلَو مَعَه أَي جرحه، وَإِن رَمَاه بالهواء أَو على شَجَرَة حَائِط فَسقط أَو غَابَ مَا عقر وَأُصِيب يَقِينا وَلَو لَيْلًا ثمَّ وجد وَلَو بعد مَوته مَيتا حل كَمَا لَو وجد بِفَم جارحه أَو وَهُوَ يعبث بِهِ أَو فِيهِ سَهْمه. وَلَا يحل مَا وجد أثرا آخر يحْتَمل إعانته على قَتله كَأَكْل سبع. وَيحرم عُضْو أبانه صائد من صيد بمحدد مِمَّا بِهِ حَيَاة مُسْتَقِرَّة لحَدِيث (مَا أبين من حَيّ فَهُوَ ميتَة) ، فَإِن مَاتَ الصَّيْد فِي الْحَال حل كَمَا لَو لم تبْق فِيهِ حَيَاة مُسْتَقِرَّة.
وَالنَّوْع الثَّانِي: من آلَة الصَّيْد مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله أَو جارح معلم سَوَاء كَانَ مِمَّا يصيد كفهد وكلب أَو بمخلبه من الطير كصقر وباز وَنَحْوهمَا غير كلب أسود بهيم وَهُوَ مَا لَا بَيَاض فِيهِ نصا فَيحرم صَيْده نصا كَغَيْر الْمعلم إِلَّا أَن يُدْرِكهُ فِي الْحَيَاة فيذكي، لِأَنَّهُ أَمر بقتْله وَقَالَ: إِنَّه شَيْطَان رَوَاهُ مُسلم، وَيحرم اقتناؤه وتعليمه، وَيسن قَتله وَلَو معلما، وَكَذَا الْخِنْزِير، وَيحرم الِانْتِفَاع، وَفِي الْمُنْتَهى: يُبَاح قَتله أَي الْكَلْب الْأسود البهيم، وَيجب قتل الْعَقُور وَلَو معلما وَيحرم اقتناؤه. قَالَ فِي الغنية: وَيحرم تَركه قولا وَاحِدًا لَا إِن عقرت كلبة من قرب وَلَدهَا أَو خرقت ثَوْبه بل تنقل وَلَا يُبَاح قتل غَيرهمَا، وَهُوَ أَي تَعْلِيم مَا يصيد بنابه ثَلَاثَة أَشْيَاء أَن يسترسل إِذا أرسل وينزجر إِذا زجر قَالَ فِي الْمُغنِي: لَا فِي وَقت رُؤْيَة الصَّيْد، وَمَعْنَاهُ فِي الْوَجِيز وَإِذا أمسك صيدا لم يَأْكُل مِنْهُ وَلَا يعْتَبر تكَرر ذَلِك مِنْهُ، فَلَو أكل بعد لم يخرج عَن كَونه معلما وَلم يحرم مَا تقدم من صَيْده وَلم يبح صيد أكل مِنْهُ، وَيجب غسله مَا أصَاب فَم كلب. وَتَعْلِيم مَا يصيد بمخلبه بِكَسْر الْمِيم كصقر وباز وَنَحْوهمَا بأَمْره أَن يسترسل إِذا أرسل وَيرجع إِذا دعى لَا بترك الْأكل لقَوْل ابْن عَبَّاس: إِذا أكل الْكَلْب فَلَا تَأْكُل وَإِذا أكل الصَّقْر فَكل، رَوَاهُ الْخلال. وَيعْتَبر جرحه فَلَو قَتله بصدم وخنق لم يبح.
وَالثَّالِث: إرسالها أَي الْآلَة حَال كَون الْمُرْسل قَاصِدا للْفِعْل فَلَو احتك صيد بمحدد أَو وَقع عَلَيْهِ محدد فعقره بِلَا قصد أَو استرسل جارح بِنَفسِهِ فَقتل صيدا لم يحل وَمن حصل أَو عشش بِملكه صيد أَو طَائِر لم يملكهُ بذلك. وَيكرهُ صيد بشباش وَهُوَ طَائِر كالبومة تخيط عَيناهُ ويربط، وَأَن يصاد من وَكره لَا صيد الفرخ من وَكره وَلَا الصَّيْد لَيْلًا وَلَا بِمَا يسكر الصَّيْد نصا. وَيُبَاح شبكة وفخ ودبق وكل حِيلَة. وَذكر جمَاعَة يكره بمثقل كبنذق، وَكره الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الرَّمْي ببندق مُطلقًا لنهي عُثْمَان. وَنقل ابْن مَنْصُور وَغَيره لَا بَأْس بِبيع البندق يَرْمِي بِهِ الصَّيْد لَا الْعَبَث. وَالرَّابِع: التَّسْمِيَة أَي قَول باسم الله وتجزى بِغَيْر عَرَبِيَّة وَلَو مِمَّن يحسنها صَححهُ فِي الْإِنْصَاف عِنْد رمي نَحْو سهم أَو عِنْد إرْسَال جارح كذكاة، وَلَا تسْقط التَّسْمِيَة هَهُنَا أَي فِي الصَّيْد بِحَال أَي وَلَو سَهوا بِخِلَاف الذَّكَاة وَلَا يضر تقدم يسير. وَلَو سمى على صيد فَأصَاب غير حل لَا إِن سمى على سهم ثمَّ أَلْقَاهُ وَرمى بِغَيْرِهِ بِخِلَاف مَا لَو سمى على سكين ثمَّ أَلْقَاهَا وَذبح بغَيْرهَا لوُجُود التَّسْمِيَة على الذَّبِيحَة هَهُنَا وَسن تَكْبِير مَعهَا أَي التَّسْمِيَة، أَي قَول (باسم الله وَالله أكبر) كذكاة وَمن أعتق صيدا لم يزل ملكه عَنهُ أَو أرسل بَعِيرًا أَو غَيره كبقرة لم يزل ملكه عَنهُ.