الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كتاب الطَّلَاق)
كتاب الطَّلَاق: وَأَجْمعُوا على جَوَازه. وَهُوَ لُغَة التَّخْلِيَة وَشرعا حل قيد النِّكَاح أَو بعضه. يكره الطَّلَاق بِلَا حَاجَة لإِزَالَة النِّكَاح الْمُشْتَمل على الْمصَالح الندوب إِلَيْهَا وَلِحَدِيث أبْغض الْحَلَال إِلَى الله تَعَالَى الطَّلَاق وَيُبَاح الطَّلَاق [لَهَا] أَي للْحَاجة كسوء خلق الْمَرْأَة. والتضرر بِهِ من غير حُصُول الْفَرْض لَهَا. وَيسن الطَّلَاق لتضررها باستدامة الْوَطْء كَحال الشقاق وَمَا يحوج الْمَرْأَة إِلَى المخالعة ليزيل ضررها. وَيسن الطَّلَاق أَيْضا لتركها الزَّوْجَة صَلَاة ، ولتركها عفة وَنَحْوهمَا كتفريطها فِي حُقُوق اللَّه إِذا لم يُمكنهُ إجبارها عَلَيْهَا لِأَن فِيهِ نقصا لدينِهِ وَلَا يَأْمَن من إِفْسَاد فرَاشه والحاقها بِهِ ولدا من غَيره إِذا لم تكن عفيفة. وَله عضلهاإذن والتضييق عَلَيْهَا لتفتدي مِنْهُ لقَوْله تَعَالَى 19 (:(وَلَا تعضلوهن لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة))
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: إِذا كَانَت تَزني لم يكن لَهُ إِِمْسَاكهَا على تِلْكَ الْحَال بل بفارقها وَإِلَّا كَانَ ديوثا. انْتهى وَيحرم الطَّلَاق فِي الْحيض وَفِي طهر أَصَابَهَا فِيهِ وَنَحْو ذَلِك. وَيجب على المؤلى بعد التَّرَبُّص إِذا لم يفِيء. وَالزَّوْجَة كالزوج فَيسنّ أَن تخلع مِنْهُ إِن ترك حَقًا للِّه تَعَالَى من صَلَاة وَنَحْوهَا فينقسم الطَّلَاق إِلَى أَحْكَام التَّكْلِيف الْخَمْسَة. وَلَا يجب على ابْن إطاعة أَبَوَيْهِ ولوعدلين فِي طَلَاق أَو منع من تَزْوِيج نصا وَلَا يَصح الطَّلَاق إِلَّا من زوج لحَدِيث إِنَّمَا الطَّلَاق لمن أَخذ بالساق. وَلَو كَانَ الزَّوْج [مُمَيّزا يعقله] أَي الطَّلَاق فَيصح طَلَاقه كَالْبَالِغِ. وَإِلَّا من الْحَاكِم على مؤل بعد التَّرَبُّص إِذا لم يفِيء. وَيعْتَبر إِرَادَة لَفظه لمعناه فَلَا طَلَاق لفقيه يكرره وَلَا حاك وَلَو عَن نَفسه وَلَا نَائِم. وَمن عذر بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول بِزَوَال عقله بِنَحْوِ جُنُون أَو إِغْمَاء أَو سرسام أَو نشاف أَو شرب مُسكر كرها أَو لم يعلم أَنه يزِيل الْعقل وَيَأْكُل بنج فَطلق لذَلِك لم يَقع أَو أكره على الطَّلَاق ظلما بِمَا يؤلمه كالضرب والخنق وعصر السَّاق وَالْحَبْس والغط فِي المَاء مَعَ الْوَعيد فَطلق لذَلِك لم يَقع أَو هدد من قَادر بِمَا يضرّهُ كثيرا بقتل وَقطع طرف وَضرب شَدِيد وَحبس وَقيد طَوِيل وَأخذ مَال كثير وَإِخْرَاج من ديار وَنَحْو ذَلِك ويغلب
على الظَّن وُقُوع مَا هدده بِهِ وَعجز عَن دَفعه والهرب مِنْهُ والاختفاء فَطلق لذَلِك أَي تبعا لقَوْل مكره لم يَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق. وَكَذَا من سحر ليطلق قَالَه الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَاقْتصر عَلَيْهِ فِي الْفُرُوع. قَالَ قي الْإِنْصَاف: قلت هُوَ من أعظم الإكراهات. أَو ترك التَّأْوِيل بِلَا عذر أَي لم يَقع. وَيَنْبَغِي لمن أكره على الطَّلَاق وطلق أَن يتَأَوَّل. فينوي بِقَلْبِه غير امْرَأَته وَنَحْو ذَلِك خُرُوجًا من خلاف من أوقع طَلَاق الْمُكْره إِذا لم يتَأَوَّل. أَو أكره على طَلَاق مُبْهمَة فَطلق مُعينَة لم يَقع أَيْضا. وَلَا يكون السب والشتم وَأخذ المَال الْيَسِير والاخراق وَهُوَ الإهانة بالشتم إِكْرَاها وَيَقَع الطَّلَاق من غَضْبَان وسكران ويؤاخذان بِكُل مَا يصدر مِنْهُمَا من قَول وَفعل يعْتَبر لَهُ الْعقل كَقَتل وَقذف وَنَحْوهمَا قَالَ ابْن رَجَب فِي شرح الْأَرْبَعين النووية: مَا يَقع من الغضبان من طَلَاق وعتاق وَيَمِين فَإِنَّهُ يُؤَاخذ بذلك كُله بِغَيْر خلاف وَاسْتدلَّ لذَلِك بأدلة صَحِيحَة وَأنكر على من يَقُول بِخِلَاف ذَلِك. وَمن غضب حَتَّى أغمى وغشى عَلَيْهِ لم يَقع طَلَاقه فِي تِلْكَ الْحَال لزوَال عقله أشبه الْمَجْنُون. وَمن صَحَّ طَلَاقه من بَالغ ومميز يعقله صَحَّ تَوْكِيله فِيهِ وَصَحَّ توكله فِيهِ أى الطَّلَاق لِأَن من صَحَّ تصرفه فِي شَيْء تجوز فِيهِ الْوكَالَة بِنَفسِهِ صَحَّ تَوْكِيله فِيهِ وَلِأَن الطَّلَاق إِزَالَة ملك فَيصح التَّوَكُّل فِيهِ وَالتَّوْكِيل فِيهِ كَالْعِتْقِ ولوكيل لم يحد مُوكله حدا أَن يُطلق مَتى شَاءَ لاوقت بِدعَة وَلَا أَكثر من وَاحِدَة إِلَّا إِن يَجْعَل لَهُ ذَلِك.
وَيصِح تَوْكِيل امْرَأَة زَوجته أَو غَيرهَا فِي طَلَاق نَفسهَا أَو غَيرهَا فَإِذا قَالَ لزوجته طَلِّقِي نَفسك كَانَ لَهَا ذَلِك متراخيا كوكيل ، وَيبْطل بِرُجُوع زوج عَنهُ بِوَطْء.
فَائِدَة: لَو وكل فِي ثَلَاث فَطلق وَاحِدَة أَو وكل وَاحِدَة فَطلق ثَلَاثًا طلقت وَاحِدَة نصا.
وَالسّنة لمريد الطَّلَاق أَن يطلقهَا أَي زَوجته طَلْقَة وَاحِدَة فِي طهر لم يُجَامع هَا فِيهِ أَي فِي الطُّهْر ثمَّ يَدعهَا بَان لَا يطلقهَا ثَانِيَة حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا إِلَّا طَلَاقا فِي طهر متعقب لرجعة فِي طَلَاق فِي حيض أَو نِفَاس أَو فِي [طهر جَامع فِيهِ] أَي الطُّهْر وَلم يستبن حملهَا أَو علقه على أكلهَا وَنَحْوه مِمَّا يعلم وُقُوعه حَالَة الْحيض وَالطُّهْر الَّذِي جَامع فِيهِ فَهُوَ بِدعَة أى طَلَاق بِدعَة محرم وَقع نصا لَكِن تسن رَجعتهَا من طَلَاق الْبِدْعَة. وَيحرم أَن يطلقهَا ثَلَاثًا وَلَو بِكَلِمَات فِي طهر فَأكْثر لم يصبهَا فِيهِ لَا بعد رَجْعَة أَو عقد محرم. وَلَا سنة وَلَا بِدعَة لمستبين حملهَا وَلَا لصغيرة وايسة لِأَنَّهَا لَا تَعْتَد بِالْأَقْرَاءِ فَلَا تخْتَلف عدتهَا وَلَا سنة وَلَا بِدعَة غير مَدْخُول بهَا لِأَنَّهَا لَا عدَّة لَهَا فتتضرر بتأخيرها وَيَقَع الطَّلَاق بتصريحه الصَّرِيح فِي الطَّلَاق وَغَيره مَا لَا يحْتَمل غير مَا وضع لَهُ اللَّفْظ مُطلقًا أَي سَوَاء نَوَاه بذلك أَو لَا هازلا كَانَ أَو مخطئا.
وَيَقَع الطَّلَاق بكنايته وَهِي مَا تحْتَمل غَيره وتدل على معنى الصَّرِيح [مَعَ النِّيَّة] أَي نِيَّة الطَّلَاق. وصريحة أَي الطَّلَاق لفظ طَلَاق أى الْمصدر فَيَقَع بقوله أَنْت الطَّلَاق وَنَحْوه وَمَا تصرف مِنْهُ أَي الطَّلَاق كطالق ومطلقة وطلقتك غير أَمر كطلقي وَغير مضارع كتطلقين وَغير اسْم فَاعل مُطلقَة بِكَسْر اللَّام وَمن قيل لَهُ: أطلقت امْرَأَتك فَقَالَ: نعم وَأَرَادَ الْكَذِب طلقت وَإِن لم ينْو الطَّلَاق لِأَن نعم صَرِيح فِي الْجَواب وَالْجَوَاب الصَّرِيح بِلَفْظ الصَّرِيح وأخليتهاونحوه فَقَالَ: نعم كِنَايَة إِن نوى بهَا الطَّلَاق وَقع وَإِلَّا فَلَا. وَمن طلق أَو ظَاهر من زَوجته ثمَّ قَالَ عقبه لضرتها شركتك أَو أَشْرَكتك مَعهَا أَو أَنْت شريكتها أَو مثلهَا أَو كهى فَهُوَ صَرِيح فيهمَا نصا. وَمن كتب صَرِيح طَلَاق زَوجته مِمَّا يبين وَقع وان لم ينْو لِأَنَّهَا صَرِيحَة فِيهِ فَلَو قَالَ لم أرد إِلَّا تجويد خطى أَو غم أَهلِي أَو قرا مَا كتبه وَقَالَ لم أرد إِلَّا الْقِرَاءَة قبل حكما. وَيَقَع بِإِشَارَة من أخرس فَقَط فَلَو لم يفهمها إِلَّا بعض النَّاس فكناية. وكناياته نَوْعَانِ: ظَاهِرَة وخفية فالظاهرة خمس عشرَة: أَنْت خلية وبرية وبائن وبتة وبتله وحرة وَأَنت الْحَرج وحبلك على غاربك وتزوجي من شِئْت وحللت للأزواج وسبيل أَو لاسلطان لي عَلَيْك وأعتقتك وغطي شعرك وتقنعي. والخفية عشرُون وَهِي: أَخْرِجِي واذهبي وذوقي وتجرعي وخليتك وَأَنت مخلاة وَأَنت وَاحِدَة وَلَيْسَت لي بِامْرَأَة واعتدي واستبرئي واعتزلي والحقي بِهَمْزَة وصل وَفتح الْحَاء بأهلك وَلَا
حَاجَة لي فِيك وَمَا بقى شَيْء وأغناك الله وَأَن الله قد طَلَّقَك وَالله قد أراحك مني وَجرى الْقَلَم وَلَفظ فِرَاق وَلَفظ السراح.
فَائِدَة: من طلق فِي قلبه لم يَقع فَإِن تلفظ بِهِ أَو حرك لِسَانه وَقع وَلَو لم يسمع نَفسه بِخِلَاف قِرَاءَة فِي صَلَاة. انْتهى. وَلَا يَقع بكناية وَلَو ظَاهِرَة إِلَّا بنية مُقَارنَة للفظ وَلَا يشْتَرط حَالَة الْخُصُوم أَو الْغَضَب أَو سُؤال طَلاقهَا وَلَو لم يردهُ أَو أَرَادَ غير إِذن دين وَلم يقبل حكما. وأمرك بِيَدِك كِنَايَة ظَاهِرَة تملك بهَا ثَلَاثًا واختاري نَفسك خُفْيَة لَيْسَ لَهَا أَن تطلق بهَا وَلَا بطلقي نَفسك أَكثر من وَاحِدَة. وَيَقَع بكناية ظَاهِرَة ثَلَاث وَلَو نوى وَاحِدَة على الْأَصَح وبخفية وَاحِدَة فَإِن نوى أَكثر وَقع مَا نَوَاه. وَقَوله أَنا طَالِق أَو بَائِن أَو حرَام أَو بَرِيء أَو راد مِنْك أَو قَالَ كلي واشربي واقعدي واقربي وَبَارك اللَّه عَلَيْك وَأَنت مليحة أَو قبيحة لَغْو لَا يَقع طَلَاقا وَإِن نَوَاه لِأَنَّهُ لَا يحْتَمل الطَّلَاق. وَإِن قَالَ: أَنْت طَالِق كل الطَّلَاق أَو أَكْثَره أَو جَمِيعه أَو عدد الحصي وَنَحْوه أَو قَالَ لَهَا يَا مائَة طَالِق وَقع ثَلَاث وان نوى وَاحِدَة. وان قَالَ: أَنْت طَالِق أَشد الطَّلَاق أَو أغلظه أَو أطوله أَو ملْء الدُّنْيَا أَو مثل الْجَبَل أَو على سَائِر الْمذَاهب وَقع وَاحِدَة مالم ينْو أَكثر. وَالطَّلَاق لَا يَتَبَعَّض بل جُزْء طَلْقَة كهي وَإِن طلق بعض زَوجته أَو جُزْءا لَا ينْفَصل كيدها وأذنها وأنفها طلقت وَإِن طلق جُزْءا ينْفَصل كشعرها وظفرها وسنها وريقها لم تطلق
وَإِن قَالَ لزوجته أَنْت عليَّ حرَام فظهار وَلَو نوى بِهِ طَلَاقا أَو إِن قَالَ أَنْت عليَّ كَظهر أُمِّي أَو الْحل على حرَام أَو أحل الله على حرَام أَو يلْزَمنِي الْحَرَام أَو الْحَرَام لَازم لي فَهُوَ ظِهَار وَلَو نوى بِهِ طَلَاقا وياتي فِي الظِّهَار. وان قَالَ: فِرَاشِي عَليّ حرَام فَإِن نوى امْرَأَته فظهار وَإِن نوى فرَاشه فيمين نصا وَإِن قَالَ أَنْت على كالميتة أَو قَالَ أَنْت على كَالدَّمِ وَقع مَا نَوَاه من طَلَاق وظهار وَيَمِين وَمَعَ عدم نِيَّة الطَّلَاق وَالظِّهَار وَالْيَمِين وَمَعَ عدم نِيَّة الطَّلَاق وَالظِّهَار وَالْيَمِين فَهُوَ ظِهَار لِأَن مَعْنَاهُ أَنْت على حرَام كالميتة وَالدَّم وَإِن قَالَ حَلَفت بِالطَّلَاق لَا أفعل كَذَا أَو لأفعلنه وَكذب بِأَن لم يكن حلف بِالطَّلَاق دين فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَلَزِمَه الطَّلَاق حكما مُؤَاخذَة لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَيعْتَبر عدد الطَّلَاق بِالرِّجَالِ حريَّة وَرقا فَيملك حر ثَلَاث تَطْلِيقَات. وَيملك مبعض ثَلَاث تَطْلِيقَات وَيملك عبد وَلَو طرا رقّه كذمي تزوج ثمَّ لحق بدار حَرْب فاسترق قبل أَن يُطلق وَلَو كَانَ مَعَه حرَّة أثنين تَطْلِيقَتَيْنِ وَلَو مُدبرا أَو مكَاتبا فَلَو علق عبد الثَّلَاث بِشَرْط فَوجدَ بعد عتقه وَقعت وان علقها بِعِتْقِهِ فَعتق لغت الثَّالِثَة وَلَو عتق بعد طَلْقَة ملك تَمام الثَّلَاث وَبعد طَلْقَتَيْنِ أَو عتقا مَعًا لم يملك ثَالِثَة فَلَو عتق بعد طَلْقَتَيْنِ لم يملك نِكَاحهَا حَتَّى تنْكح زوجا غَيره بِشُرُوطِهِ. وَإِذا قَالَ: أَنْت الطَّلَاق أَو أَنْت طَلَاق أَو أَنْت طَالِق وَلَو لم يذكر الْمَرْأَة وَنَحْوه فَهُوَ صَرِيح مُنجزا كَانَ أَو مُعَلّقا أَو محلوفا بِهِ
وَيَقَع وَاحِدَة مَا لم ينْو أَكثر: فَمن مَعَه عدد وَثمّ نِيَّة أَو سَبَب يَقْتَضِي تعميما أَو تَخْصِيصًا عمل بِهِ وَإِلَّا يَقع بِكُل وَاحِدَة طَلْقَة [وَيصِح اسْتثِْنَاء النّصْف] . وَالِاسْتِثْنَاء لُغَة من الثني وَهُوَ الرُّجُوع يُقَال ثنى رَأس الْبَعِير إِذا عطفه إِلَى وَرَائه فَكَانَ الْمُسْتَثْنى يرجع فِي قَوْله إِلَى مَا قبله. وإصطلاحا إِخْرَاج بعض الْجُمْلَة بإلا أَو مَا يقوم مقَامهَا من مُتَكَلم وَاحِد. فَأَقل من النّصْف نصا لِأَنَّهُ كَلَام مُتَّصِل أبان بِهِ الْمُسْتَثْنى غير مُرَاد بِالْأولِ فصح كَقَوْل الْخَلِيل (إِنَّنِي برَاء مَا تَعْبدُونَ إِلَّا الَّذِي فطرني) يُرِيد بِهِ الْبَرَاءَة مِمَّا سوى الله عز وجل ، من عدد طلقات كَمَا إِذا قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق ثِنْتَيْنِ إِلَّا وَاحِدَة يَقع طَلْقَة وَثَلَاثًا إِلَّا ثِنْتَيْنِ إِلَّا طَلْقَة يَقع ثِنْتَانِ. وَأَنت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَة إِلَّا وَاحِدَة وَأَنت طَالِق أَرْبعا إِلَّا ثِنْتَيْنِ يَقع ثِنْتَانِ أَيْضا. وَثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا أَو إِلَّا ثِنْتَيْنِ يَقع ثَلَاثًا وَيصِح اسْتثِْنَاء النّصْف فَأَقل من عدد [مطلقات] كَقَوْلِه: زوجتاى طالقتان إِلَّا فُلَانَة أَو زوجاتي الْأَرْبَع طَوَالِق إِلَّا فُلَانَة وفلانة [وَشرط] فِي اسْتثِْنَاء الطلقات تلفظ بِهِ فَلَا يَكْتَفِي اسْتِثْنَاؤُهُ بِقَلْبِه واتصال مُعْتَاد إِمَّا لفظا كَمَا إِذا أَتَى بِهِ متواليا وَإِمَّا حكما كانقطاعه بسعال أَو عطاس أَو تنفس وَنَحْوه بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ انْقِطَاعه بِكَلَام معترض أَو زمن طَوِيل فَإِنَّهُ يمْنَع صِحَة الِاسْتِثْنَاء.
وَشرط أَيْضا نِيَّته أَي الِاسْتِثْنَاء قبل تَمام مُسْتَثْنى مِنْهُ وَكَذَا شَرط مُلْحق كَقَوْلِه أَنْت طَالِق إِن دخلت الدَّار وَنَحْوه. وَيصِح أَن يسْتَثْنى بقلب النّصْف فَأَقل من عدد مطلقات فَقَط كَمَا إِذا قَالَ كنسائي طَوَالِق وَاسْتثنى وَاحِدَة بِقَلْبِه لم تطلق مَا لم يقل الْأَرْبَع وَنَحْوه فَإِن قَالَ نسَائِي الْأَرْبَع أَو الثَّلَاث أَو الاثنتان طَوَالِق وَاسْتثنى وَاحِدَة بِقَلْبِه طلقت فِي الحكم قَالَه فِي الْإِقْنَاع وَظَاهر الْمُنْتَهى تطلق بَاطِنا. وَإِن اسْتثْنى من سَأَلته طَلاقهَا دين وَلم يقبل فِي الحكم وان قَالَت طلق نِسَاءَك فَقَالَ: نسَائِي طَوَالِق طلقت مَا لم يستثنها وَلَو بقبله فَلَا تطلق. وَلَا يَصح أَن يسْتَثْنى بِقَلْبِه من عدد طلقات فَلَو قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا وَاسْتثنى بِقَلْبِه إِلَّا وَاحِدَة وَقعت الثَّلَاث. وَإِن قَالَ أَنْت طَالِق قبل موتِي تطلق فِي الْحَال وَكَذَا قبل موتك أَو قبل موت زيد لِأَن مَا قبل مَوته من حِين عقد الصّفة مَحل الطَّلَاق وَلَا وَمُقْتَضى للتأخر وقبيل موتِي أَو موتك أَو موت زيد يَقع فِي الْجُزْء الَّذِي يَلِيهِ الْمَوْت لِأَنَّهُ التصغير يَقْتَضِي أَن الْجُزْء الَّذِي يبْقى يسير. [و] إِن قَالَ: أَنْت طَالِق بعده أَي بعد موتِي أَو موتك أَو أَنْت طَالِق مَعَه أَي موتِي أَو موتك فَلَا تطلق لحُصُول الْبَيْنُونَة بِالْمَوْتِ. وان قَالَ: يَوْم موتِي طلقت بأوله. وَإِذا مت فَأَنت طَالِق قبله بِشَهْر لم يَصح. وَأَنت طَالِق أمس أَو قبل أَن أتزوجك وَنوى وُقُوعه إِذا وَقع فِي الْحَال وَإِلَّا لم يَقع وان علقه بِفعل مُسْتَحِيل كَأَن صعدت السَّمَاء أَو شَاءَ الْمَيِّت أَو الْبَهِيمَة أَو طرت أَو قلبت الْحجر ذَهَبا أَو علقه على مُسْتَحِيل لذاته كَانَ رددت أمس أَو جمعت بَين الضدين أَو شربت مَاء
الْكوز وَلَا مَاء فِيهِ لم تطاق فِي الْجَمِيع. وان قَالَ أَنْت طَالِق فِي هَذَا الشَّهْر أَو فِي هَذَا الْيَوْم أَو فِي هَذِه السّنة تطلق فِي الْحَال ، فَإِن قَالَ الْحَالِف أردْت فِي الْكل أَن يَقع آخر الْكل أَي كل وَقت من هَذِه الْأَوْقَات أَو فِي وَقت كَذَا دين قبل ذَلِك مِنْهُ حكما لِأَن آخر هَذِه الْأَوْقَات وأوساطها مِنْهَا لذَلِك لَا يُخَالف لَفظه إِذا لم يَأْتِ بِمَا يدل على استغراق الزَّمن للطَّلَاق ، وَإِن قَالَ أَنْت طَالِق عدا أَو أَنْت طَالِق يَوْم السبت وَنَحْوه كَيَوْم الْخَمِيس تطلق بأوله أَي بِطُلُوع فجره ، فَلَو قَالَ أردْت الآخر لم يدين وَلم يقبل ذَلِك مِنْهُ. وَأَنت طَالِق فِي غَد أَو رَجَب وَنَحْوه يَقع بأولهما ، وَله وَطْء قبل وُقُوعه. وَأَنت طَالِق إِلَى شهر أَو إِلَى حول أَو إِلَى أُسْبُوع وَنَحْوه يَقع بمضيه. وان قَالَ إِذا مَضَت سنة بالتنكر فَأَنت طَالِق تطلق بِمُضِيِّ اثْنَي عشر شهرا بِالْأَهِلَّةِ تَامَّة أَو نَاقِصَة لقَوْله تَعَالَى: 19 (وان عدَّة الشُّهُور عِنْد الله اثْنَا عشر شهرا) أَي شهور السّنة ويكمل مَا طلق فِي أَثْنَائِهِ بِالْعدَدِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا. وان قَالَ إِذا مَضَت السّنة بالمعرفة فَأَنت طَالِق فَتطلق [بانسلاخ] شهر [ذِي] الْحجَّة من السّنة الْمُعَلق فِيهَا. وَأَنت طَالِق إِذا مضى شهر فبمضي ثَلَاثِينَ يَوْمًا. وَإِذا مضى الشَّهْر فبانسلاخه. وَأَنت طَالِق كل يَوْم طَلْقَة. وَكَأن تلفظه نَهَارا - وَقع فِي الْحَال طَلْقَة. وَالثَّانيَِة بفجر الْيَوْم الثَّانِي وَالثَّالِثَة [بفجر الْيَوْم الثَّالِث] .