المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

3 - ‌ ‌(فصل) فِي مِيرَاث الْحمل والمفقود والخنثي والغرقى وَأهل الْملَل - كشف المخدرات لشرح أخصر المختصرات - جـ ٢

[البعلي، عبد الرحمن بن عبد الله]

الفصل: 3 - ‌ ‌(فصل) فِي مِيرَاث الْحمل والمفقود والخنثي والغرقى وَأهل الْملَل

3 -

(فصل)

فِي مِيرَاث الْحمل والمفقود والخنثي والغرقى وَأهل الْملَل والمطلقة وَالْإِقْرَار بمشارك فِي الْمِيرَاث وَالْقَاتِل وَالْمُعتق بعضه ، فَقَالَ رحمه الله: وَالْحمل - بِفَتْح الْحَاء -

بقال امْرَأَة حَامِل وحاملة إِذا كَانَت حُبْلَى يَرث الْحمل وَيُورث عَنهُ ملكه بِإِرْث أَو وَصِيَّة إِن اسْتهلّ أَي صَوت بعد وضع كُله صَارِخًا نصا أَو عطس أَو تنفس أَو ارتضع أَو وجد مِنْهُ دَلِيل يدل على حَيَاته كحركة طَوِيلَة وسعال؛ لِأَن هَذِه الْأَشْيَاء تدل على الْحَيَاة المستقرة فَيثبت لَهُ حكم المستهل سوى حَرَكَة أَو سوى تنفس يسيرين أَو اخْتِلَاج ، قَالَ الْمُوفق: وَلَو علم مَعهَا حَيَاة لِأَنَّهُ لَا يعلم استقرارها لاحْتِمَال كَونهَا الْمَذْبُوح. وَإِن ظهر بعضه فَاسْتهلَّ ثمَّ انْفَصل مَيتا ، فَكَمَا لَو لم يستهل وَإِن طلب الْوَرَثَة الْقِسْمَة أَي قسْمَة التَّرِكَة لم يجبروا على الصَّبْر

ص: 565

وَقسمت ووقف لَهُ أَي الْحمل الْأَكْثَر من ارث ذكرين أَو انثيين وَيدْفَع لمن لَا يَحْجُبهُ الْحمل إِرْثه كَامِلا وَيدْفَع لمن ينقصهُ أَي يَحْجُبهُ حجب نُقْصَان الْيَقِين وَهُوَ أقل مِيرَاثه ، وَلَا يدْفع لمن يسْقطهُ شَيْء فَإِذا ولد الْحمل وَتبين أَن إِرْثه أقل مِمَّا وقف لَهُ أَخذ نصِيبه من ورد مَا بَقِي بعد فَرْضه لمستحقه وَإِن أعوز شَيْئا بِأَن وقف لَهُ نصيب ذكرين فَولدت ثَلَاثَة ذُكُور رَجَعَ على كل من هُوَ فِي يَده.

ثمَّ لنتكلم على مِيرَاث الْمَفْقُود وَمن انْقَطع جبره لغيبه ظَاهرهَا السَّلامَة كالأسر وَطلب الْعلم انْتظر تَتِمَّة تسعين سنة مُنْذُ ولد ، فَإِن فقد ابْن تسعين اجْتهد الْحَاكِم.

وَإِن كَانَ غالبها الْهَلَاك كطريق الْحجاز أَو فقد من بَين أَهله وَنَحْوه انْتظر تَتِمَّة أَربع سِنِين مُنْذُ فقد ثمَّ يقسم مَاله لِأَنَّهَا مُدَّة يتَكَرَّر فِيهَا تردد الْمُسَافِرين والتجار فانقطاع خَبره عَن أَهله مَعَ غيبته على هَذَا الْوَجْه يغلب فِيهِ ظن الْهَلَاك ، إِذْ لَو كَانَ بَاقِيا لم يَنْقَطِع خَبره إِلَى هَذِه الْغَايَة ، ولاتفاق الصَّحَابَة على اعْتِدَاد امْرَأَته بعد تربصها هَذِه الْمدَّة وحلها للأزواج بعد ، ويزكي مَاله قبل قسمه لما مضى ، وَإِن قدم بعد قسم مَاله أَخذ مَا وجده بِعَيْنِه وَرجع على من أَخذ الْبَاقِي. ثمَّ شرعت فِي الْكَلَام على مِيرَاث الْخُنْثَى ، وَهُوَ من لَهُ شكل ذكر وَفرج أُنْثَى وَيعْتَبر ببوله ،

فسبقه من أَحدهمَا ، وَإِن خرج مِنْهُمَا مَعًا اعْتبر أكثرهما ، فَإِن اسْتَويَا فمشكل من أشكل الْأَمر الْتبس ، فَإِن رُجي كشفه أعْطى وَمن مَعَه الْيَقِين لتظهر ذُكُور يته

بنبات لحية وَنَحْوهَا أَو أنوثته بحيض وَنَحْوه ، فَإِن مَاتَ أَو بلغ بِلَا أَمارَة أَخذ نصف إِرْثه بِكَوْنِهِ ذكرا فَقَط كَوَلَد أخي الْمَيِّت أَو عَمه أَو نصف إِرْثه بِكَوْنِهِ أُنْثَى فَقَط كَوَلَد أَب مَعَ زوج

ص: 566

وَأُخْت لِأَبَوَيْنِ وان ورث بهما تَسَاويا كَوَلَد أم فَلهُ السُّدس سَوَاء ظَهرت ذكوريته أَو أنوثته أَو بقى على إشكاله ، وان ورث بهما مُتَفَاضلا

فطريقه أَن تعْمل الْمَسْأَلَة على أَنه ذكر ثمَّ على أَنه أُنْثَى. وَيُسمى مَذْهَب المنزلين ، ثمَّ اضْرِب إِحْدَاهمَا فِي الْأُخْرَى إِن تباينا ، أَو وفقها إِن اتفقَا وتجتزىء بِإِحْدَاهُمَا إِن تماثلتا وبأكبرهما إِن تداخلنا ثمَّ اضْرِب الْحَاصِل فِي اثْنَيْنِ عدد حَالي الْخُنْثَى ثمَّ من لَهُ شَيْء من إِحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ اضربه فِي الْأُخْرَى إِن تباينتاأو فِي وفقها إِن توافقتا

واجمع مَاله فيهمَا إِن تماثلتا ، وَمن لَهُ شَيْء من أقل العدديين اضربه فِي نِسْبَة أقل الْمَسْأَلَتَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى ثمَّ يُضَاف الى مَاله من أكثرهما إِن تناسبتا. فَإِذا كَانَ ابْن وَبنت وَولد خُنْثَى فمسألة ذكوريته من خَمْسَة وأنوثته من أَرْبَعَة فَاضْرب إِحْدَاهمَا فِي الْأُخْرَى لتباينهما تكن عشْرين ثمَّ فِي اثْنَيْنِ تكن أَرْبَعِينَ ، للْبِنْت سهم من أَرْبَعَة فِي خَمْسَة وَسَهْم من خَمْسَة فِي أَرْبَعَة تِسْعَة ،

وللذكر سَهْمَان فِي خَمْسَة وسهمان فِي أَرْبَعَة ثَمَانِيَة عشر وللخنثى سهم فِي خَمْسَة

وسهمان فِي أَرْبَعَة ثَلَاثَة عشر ، وَكَذَلِكَ يفعل فِي الْبَقِيَّة.

ثمَّ لنتكلم على مِيرَاث الغرقى وَنَحْوهم. وَإِذا علم موت متوارثين مَعًا فَلَا إِرْث لأَحَدهمَا من الآخر فَإِن جهل الأسبق أَو علم ثمَّ نسى أَو جهلوا عينه ، فان يدع

وَرَثَة كل سبق موت الآخر ورث كل صَاحبه من تلاد مَاله - بِكَسْر التَّاء أَي قديم مَاله - الَّذِي مَاتَ وَهُوَ يملكهُ دون مَا وَرثهُ من الْمَيِّت مَعَه فَيقدر أَحدهمَا

مَاتَ أَولا وَيُورث الآخر مِنْهُ ثمَّ يقسم مَا وَرثهُ على الْأَحْيَاء من ورثته ثمَّ يصنع

بِالثَّانِي كَذَلِك ثمَّ بالثالث كَذَلِك وَهَكَذَا.

ص: 567

ثمَّ لنتكلم على مِيرَاث أهل الْملَل. وَلَا يَرث مباين فِي دين إِلَّا بِالْوَلَاءِ وَإِلَّا إِذا أسلم كَافِر قبل قسم مِيرَاث مُوَرِثه الْمُسلم فيرث مِنْهُ نصا وَلَو كَانَ الْوَارِث مُرْتَدا حِين موت مُوَرِثه. وَيَرِث الْكفَّار بَعضهم بَعْضًا وَلَو أَن أَحدهمَا ذمِّي وَالْآخر حَرْبِيّ ، أَو

مستأمن وَالْآخر ذمِّي أَو حَرْبِيّ إِن اتّفقت أديانهم ، وهم ملل شَتَّى لَا يتوارثون مَعَ

اختلافها.

ثمَّ نتكلم على مِيرَاث الْمُطلقَة. وَيثبت الْإِرْث لأحد الزَّوْجَيْنِ فِي مُدَّة رَجْعِيَّة سَوَاء طَلقهَا فِي الصِّحَّة أَو الْمَرَض ، وَيثبت الْمِيرَاث لَهَا فَقَط فِي تهمته بِقصد حرمانها بِأَن

أَبَانهَا فِي مرض مَوته الْمخوف أَو سَأَلته أقل من ثَلَاث فَطلقهَا ثَلَاثًا وَنَحْو ذَلِك.

ثمَّ نتكلم على مِيرَاث الْإِقْرَار بمشارك فِي الْمِيرَاث. وَإِذا أقرّ كل الْوَرَثَة وهم

مكلفون وَلَو بِنْتا ، وَلَيْسوا أَهلا للشَّهَادَة بوارث مشارك لمن أقرّ فِي الْمِيرَاث كَابْن يقر بِابْن آخر أَو يقر بمسقط لَهُ كأخ يقر بإبن للْمَيت، وَلَو من أمته أَي الْمَيِّت نصا فَصدقهُ مقرّ بِهِ أَو كَانَ صَغِيرا أَو مَجْنُونا ثَبت إِرْثه ، لَكِن يشْتَرط لثُبُوت نِسْبَة إِمَّا إِقْرَار جَمِيع الْوَرَثَة حَتَّى الزَّوْج وَولد الْأُم أَو شَهَادَة عَدْلَيْنِ ، فَلَا تقبل شَهَادَة إِنْسَان ، فَإِن لم يقر جمعيهم ثَبت نسبه وإرثه مِمَّن أقرّ بِهِ فَقَط.

ثمَّ تكلم على عدم مِيرَاث الْقَاتِل فَقَالَ رحمه الله: [وَمن قتل مُوَرِثه وَلَو] كَانَ الْقَتْل بمشاركة أَو ب سَبَب كحفر بِئْر أَو نصب نَحْو سكين أَو وضع حجر أَو رش مَاء أَو إِخْرَاج جنَاح بطرِيق أَو جِنَايَة مَضْمُونَة من بَهِيمَة وَنَحْو ذَلِك لم يَرِثهُ لحَدِيث لَيْسَ لقَاتل شَيْء وَمحل ذَلِك إِن

ص: 568

لزمَه أَي الْقَاتِل بِمُبَاشَرَة أَو تقود أَو لزمَه

دِيَة أَو لزمَه كَفَّارَة ، فَمن شربت دَوَاء ، فَأسْقطت لزمتها غرَّة عبد أَو أمة وَلَا تَرث مِنْهَا شَيْئا ، وَكَذَلِكَ لَا يَرث من سقى وَلَده وَنَحْوه دَوَاء أَو أدبه أَو فصده أَو بسط

سلْعَته لحَاجَة فَمَاتَ جزم بِهِ فِي الْمُنْتَهى ، وَاخْتَارَ الْمُوفق وَالشَّارِح أَن من أدب وَلَده وَنَحْوه أَو بسط سلْعَته لحَاجَة يَرِثهُ وَصَوَّبَهُ فِي الْإِقْنَاع لِأَنَّهُ غير مَضْمُون ، وَمَا لَا يضمن شَيْئا من هَذَا كَالْقَتْلِ قصاصا أَو حدا أَو دفعا عَن نَفسه وكقتل الْعَادِل الْبَاغِي وَعَكسه فِي الْحَرْب فَلَا يمْنَع الْإِرْث.

ثمَّ شرع فِي الْكَلَام على بَيَان منع مِيرَاث الرَّقِيق وَبَيَان مِيرَاث الْمبعض فَقَالَ رَحمَه

الله: [وَلَا يَرث رَقِيق] بِجَمِيعِ أَنْوَاعه كالمدبر وَالْمكَاتب وَالْمُعَلّق عتقه بِصفة وَأم الْوَلَد

وَلَا يُورث لِأَن فِيهِ نقصا منع كَونه مورثا فَمنع كَونه وَارِثا. وَأَجْمعُوا على أَن

الْمَمْلُوك لَا يُورث لِأَنَّهُ لَا مَال لَهُ وَلِأَن سَيّده أَحَق بمنافعه واكتسابه فِي حَيَاته فَكَذَا بعد مماته وَيَرِث مبعض وَيُورث ويحجب بِقدر حُرِّيَّته وَكَسبه وإرثه بجزئه الْحر لوَرثَته ، فَابْن نصفه حر وَأم وَعم حران فَلهُ نصف مَاله لَو كَانَ حرا وَهُوَ ربع وَسدس وَللْأُمّ ربع لِأَن الابْن الْحر يحجبها عَن سدس فنصفه الْحر يحجبها عَن نصف سدس فلهَا سدس وَنصف ومجموعها الرّبع ، وَالْبَاقِي وَهُوَ ثلث للعم تعصيبا وَتَصِح من اثْنَي عشر للْأُم ثَلَاثَة وللمبعض خَمْسَة وللعم أَرْبَعَة ، وَبنت وَأم

نصفهما حر وَأب حر للْبِنْت نصف مَا لَهَا لَو كَانَت حرَّة وَهُوَ ربع لِأَنَّهَا تَرث النّصْف لَو كَانَت حرَّة ، وَللْأُمّ مَعَ حريتها ورق الْبِنْت

ص: 569

ثلث ، وَالسُّدُس مَعَ حريَّة الْبِنْت فقد حَجَبتهَا عَن السُّدس فبنصفها تحجبها عَن نصفه ، يبْقى للْأُم الرّبع لَو كَانَت حرَّة فلهَا بِنصْف حريتها نصفه وَهُوَ الثّمن. وَالْبَاقِي وَهُوَ نصف وَثمن للْأَب فرضا وتعصيبا ، وَتَصِح من ثَمَانِيَة للْأُم وَاحِد وللبنت اثْنَان وَللْأَب خَمْسَة ،

وَإِن حصل بَينه وَبَين سَيّده مهيأة فَكل تركته لوَرثَته وَإِلَّا فبينهما بِالْحِصَصِ.

ص: 570