الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(فصل)
وَيشْتَرط لوُجُوب الْقصاص أَي الْقود [أَرْبَعَة شُرُوط] بالاستقراء: أَحدهَا تَكْلِيف قَاتل أَي بِأَن يكون بَالغا عَاقِلا قَاصِدا لِأَن الْقصاص عُقُوبَة مُغَلّظَة فَلَا تجب على [غير] مُكَلّف كصغير وَمَجْنُون ومعتوه لأَنهم لَيْسَ لَهُم قصد صَحِيح كقاتل خطأ. وَإِن قَالَ جَان: كنت حَال الْجِنَايَة صَغِيرا وَقَالَ ولي الْجِنَايَة: بل مُكَلّفا وَأَقَامَا بينتين تَعَارَضَتَا وَتقدم أَن القَوْل قَول الصَّغِير حَيْثُ أمكن وَلَا بَيِّنَة. وَالشّرط الثَّانِي: عصمَة مقتول وَلَو مُسْتَحقّا دَمه بقتل لغير قَاتله. فَإِن قتل حَرْبِيّا أَو مُرْتَدا قبل تَوْبَته إِن قبلت ظَاهرا أَو زَانيا مُحصنا وَلَو قبل ثوبته عِنْد حَاكم إِذا ثَبت أَنه زنى مُحصنا بعد قَتله فَلَا قَود وَلَا دِيَة وَلَو أَنه مثله وَيُعَزر لاقتفائه على الإِمَام وَمن قطع طرف مُرْتَد أَو حَرْبِيّ فَأسلم ثمَّ وَقع بِهِ المرمى فَمَاتَ فَهدر. وَمن قطع طرفا أَو أَكثر من مُسلم فَارْتَد ثمَّ مَاتَ فَلَا قَود وَعَلِيهِ
الْأَقَل من دِيَة النَّفس أَو دِيَة مَا قطع يَسْتَوْفِيه الإِمَام، لِأَن مَال الْمُرْتَد فَيْء للْمُسلمين واستيفاؤه للْإِمَام. وَلَو عَاد لِلْإِسْلَامِ وَلَو بعد زمن تسري فِيهِ الْجِنَايَة فَكَمَا لَو لم يرْتَد فعلى قَاتله الْقود نصا لِأَنَّهُ مُسلم حَال الْجِنَايَة وَالْمَوْت أشبه مَا لَو لم يرْتَد. وَالشّرط الثَّالِث مكافأته أَي الْمَقْتُول لقَاتل حَال الْجِنَايَة بِأَن لَا يفضله قَاتله بدين وَلَا بحريّة وَلَا ملك فَيقْتل مُسلم أَو عبد بِمثلِهِ وكتابي بمجوسي وذمي بمستأمن وَكَافِر غير حَرْبِيّ جنى ثمَّ أسلم بِمُسلم لَا حربقن ومبعض وَلَا مكَاتب بقنه وَلَو كَانَ ذَا رحم محرم. وَإِن انْتقض عهد ذمِّي بقتل مُسلم حر أَو عبد وَقتل لنقض الْعَهْد فَعَلَيهِ دِيَة الْحر أَو قيمَة العَبْد. وَالشّرط الرَّابِع عدم الْولادَة بِأَن لَا يكون الْمَقْتُول ولدا للْقَاتِل وَإِن سفل وَلَا ولد بنت وَإِن سفلت فَيقْتل ولد بأب وَأم وجد وَجدّة لَا أحد الأَصْل من النّسَب بِالْوَلَدِ ولد الْبِنْت وَإِن سفل وَلَو كَانَ الْوَلَد أَو وَالِد الْبِنْت وان سفل حرا مُسلما وَالْقَاتِل كَافِرًا قِنَا. وَيُؤْخَذ حر بِالدِّيَةِ وَمَتى ورث قَاتل أَو وَلَده بعض دم الْمَقْتُول فَلَا قَود على قَاتل لِأَن الْقصاص لَا يَتَبَعَّض وَلَا يتَصَوَّر وُجُوبه للْإنْسَان [على] نَفسه وَلَا لوَلَده عَلَيْهِ كَمَا لَو قتل زَوجته فَورثَهَا وَلَدهَا مِنْهُ سقط الْقصاص أَو قتل أخاها فورثته ثمَّ مَاتَت فَورثَهَا الْقَاتِل أَو وَلَده فَكَذَلِك أَو قتلت أَو أَخا زَوجهَا فورثه زَوجهَا ثمَّ مَاتَ زَوجهَا فورثته هِيَ أَو وَلَدهَا فَلَا قصاص.
وَمن قتل شخصا لَا يعرف بِإِسْلَام وَلَا حريَّة أَو قتل ملفوفا وَادّعى كفره أَو رقّه أَو مَوته وَأنكر وليه أَو قتل شخصا فِي دَاره أَي الْقَاتِل وَادّعى أَنه دخل لقَتله أَو أَخذ مَاله فَقتله دفعا عَن نَفسه وَأنكر وليه، أَو تجارح اثْنَان وَادّعى كل الدّفع عَن نَفسه فالقود إِن وَجب شَرطه، أَو الدِّيَة وَيصدق مُنكر بِيَمِينِهِ، وَمَتى صدق الْوَلِيّ فَلَا قَود وَلَا دِيَة، وَيشْتَرط لاستيفائه أَي الْقصاص [ثَلَاثَة] شُرُوط: أَحدهَا تَكْلِيف مُسْتَحقّ لَهُ لِأَن غير الْمُكَلف لَيْسَ أَهلا للاستيفاء وَلَا تدخله النِّيَابَة وَلَا يملك استيفاءه لصغير أَو مَجْنُون أَب كوصي وحاكم، فَإِن احتاجا للنَّفَقَة فلولي مَجْنُون لَا صَغِير الْعَفو إِلَى الدِّيَة. وَالثَّانِي اتِّفَاقهم أَي الْمُسْتَحقّين للْقصَاص عَلَيْهِ أَي على الِاسْتِيفَاء فَلَيْسَ لبَعْضهِم اسْتِيفَاء بِدُونِ إِذن البَاقِينَ، لِأَنَّهُ يكون مُسْتَوْفيا لحق غَيره بِلَا إِذْنه وَلَا ولَايَة لَهُ عَلَيْهِ أشبه الدّين. [و] الثَّالِث أَن يُؤمن فِي اسْتِيفَائه أَي الْقصاص تعديه الِاسْتِيفَاء [إِلَى غير جَان] لقَوْله تَعَالَى (فَلَا يسرف فِي الْقَتْل) فَلَو لزم الْقود حَامِلا أَو حَائِلا فَحملت لم تقتل حَتَّى تضع حملهَا وتسقيه اللبأ، ثمَّ إِن وجد من يرضعه أقيد مِنْهَا، وَإِلَّا فحتى تفطمه لحولين، وَكَذَا حد برجم. وتقاد فِي الطّرف وتحد بجلد بِمُجَرَّد وضع. وَمَتى ادَّعَت الْحمل وَأمكن قبل وحبست لقود وَلَو مَعَ غيبَة ولي مقتول حَتَّى يتَبَيَّن أمرهَا فِي الْحمل وَعَدَمه.
[وَيحبس] جَان [لقدوم] وَارِث [غَائِب] ول [بُلُوغ] وَارِث صَغِير ول إفاقة وَارِث مَجْنُون لأَنهم شُرَكَاء فِي الْقصاص وَلِأَنَّهُ أحد بدلى النَّفس فَلَا ينْفَرد [بِهِ بَعضهم كَمَا لَا ينْفَرد] بِالدِّيَةِ لَو وَجَبت. وَيسْتَحق كل وَارِث من الْقود بِقدر إِرْثه من المَال وَمن لَا وَارِث لَهُ فالإمام وليه لَهُ أَن يقْتَصّ أَو يعْفُو إِلَى المَال. وَيجب اسْتِيفَاؤهُ أَي الْقصاص بحضره سُلْطَان أَو نَائِبه لافتقاره إِلَى اجْتِهَاد، وَيحرم الحيف فِيهِ، فَلَو خَالف وَفعل أَي اقْتصّ بِغَيْر حُضُوره وَقع الْموقع وَله تعزيره لافتئاته عَلَيْهِ، وَيجب اسْتِيفَاؤهُ بِآلَة مَاضِيَة وعَلى الإِمَام تفقدها فَإِن كَانَت كالة أَو مَسْمُومَة مَنعه من الِاسْتِيفَاء بهَا فَإِن عجل وَاسْتوْفى بهَا عزّر، وَينظر الإِمَام أَو نَائِبه فِي الْوَلِيّ فَإِن كَانَ يقدر على الِاسْتِيفَاء وَيحسن مكنه مِنْهُ، وَيُخَير ولي بَين أَن يُبَاشر وَلَو فِي طرف وَبَين أَن يُوكل، وَإِن لم يحسن الِاسْتِيفَاء أمره السُّلْطَان أَو نَائِبه أَن يُوكل. وَيجب اسْتِيفَاء فِي النَّفس بِضَرْب الْعُنُق أَي عتق الْجَانِي بِسيف لحَدِيث (إِذا قتلم فَأحْسنُوا القتلة) وَلِحَدِيث (قَود إِلَّا بِالسَّيْفِ) وَلِأَن الْقَصْد إِتْلَاف جملَته وَقد أمكن بِضَرْب عُنُقه لَا يجوز تعذيبه بِإِتْلَاف أَطْرَافه كقتله بِآلَة كالة. وَيحرم بِغَيْر سيف سَوَاء كَانَ قتل بِهِ أَو بِمحرم لعَينه كسحر وتجريع
خمر ولواط أَو بِحجر أَو تغريق أَو تحريق أَو هدم أَو حبس أَو خنق أَو غَيره، وَمن قطع طرف شخص ثمَّ قَتله قبل برئه دخل قَود طرفه فِي قَود نَفسه وَكفى قَتله، وَمن فعل بِهِ ولي الْجِنَايَة كَفِعْلِهِ فقد أَسَاءَ وَلم يضمنهُ، وَلَا يجوز قطع طرف بِغَيْر سكين.