الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(فصل)
. الْقطع فِي السّرقَة أَجمعُوا عَلَيْهِ لقَوْله تَعَالَى (وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا) وَلِحَدِيث عَائِشَة مَرْفُوعا (تقطع الْيَد فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا) إِلَى غَيره من الْأَخْبَار. وَيقطع السَّارِق إِذا سرق بِثمَانِيَة شُرُوط: أَحدهَا السّرقَة لِأَنَّهُ تَعَالَى أوجب الْقطع على السَّارِق، فَإِذا لم تُوجد السّرقَة، لم يكن الْفَاعِل سَارِقا. وَهِي أَي السّرقَة أَخذ مَال مَعْصُوم خُفْيَة من ملك أَو نَائِبه فَيقطع الطرار من الطر بِفَتْح الطَّاء أَي الْقطع وَهُوَ من يبط جيبا أَو كَمَا أَو غَيرهمَا وَيَأْخُذ مِنْهُ نِصَابا، لَا جَاحد وَدِيعَة ومنتهب ومختطف وغاصب وخائن يُؤمن عَن الشَّيْء فيخفيه أَو بعضه أَو يجْحَد. وَالثَّانِي: كَون سَارِق مُكَلّفا لِأَن غير الْمُكَلف مَرْفُوع عَنهُ الْقَلَم،
مُخْتَارًا لِأَن الْمَكْر مَعْذُور، عَالما بمسروق وب [تَحْرِيمه] أَي الْمَسْرُوق عَلَيْهِ وَلَا قطع بِسَرِقَة منديل بطرفه نِصَاب مشدود لم يُعلمهُ وَلَا بجوهر يظنّ قِيمَته دون نِصَاب، وَلَا على جَاهِل تَحْرِيم سَرقَة، وَلَا تقبل دَعْوَى الْجَهْل مِمَّن نَشأ بَين الْمُسلمين كشرب. وَالثَّالِث: كَون مَسْرُوق مَالا لِأَن غير المَال لَا يُسَاوِيه فَلَا يلْحق بِهِ، مُحْتَرما لِأَن غير الْمُحْتَرَم كَمَال الْحَرْبِيّ يجوز سَرقته، وَلَو كَانَ الْمَسْرُوق من غلَّة وقف وَلَيْسَ من مستحقيه، وَلَا يقطع بِسَرِقَة مكَاتب وَأم ولد وحر وَلَو صَغِيرا وَلَا بمصحف وَلَا بِمَا مَعَ الْحر والمصحف من حلي وَنَحْوه، لِأَنَّهُ تَابع لما لَا يقطع بسرقته وَلَا بكتب بدع وتصاوير وَلَا بِآلَة لَهو أَو صَلِيب أَو صنم وَلَا بآنية فِيهَا خمر أَو مَاء. وَالرَّابِع: كَونه أَي الْمَسْرُوق نِصَابا، وَهُوَ أَي النّصاب ثَلَاثَة دَرَاهِم فضَّة خَالِصَة أَو تخلص من مغشوشة أَو ربع مِثْقَال ذَهَبا وَيَكْفِي الْوَزْن من الْفضة الْخَالِصَة أَو التبر الْخَالِص وَلَو لم يضربا، ويكمل أَحدهمَا بِالْآخرِ، فَلَو سرق درهما وَنصف دِرْهَم من خَالص الْفضة وَثمن دِينَار من خَالص الذَّهَب قطع لِأَنَّهُ سرق نِصَابا أَو مَا أَي مَتَاعا تبلغ قِيمَته أَي قيمَة الْمَتَاع أَحدهمَا أَي نِصَاب الذَّهَب وَالْفِضَّة من غَيرهمَا كَثوب وَنَحْوه يُسَاوِي ذَلِك، وَتعْتَبر الْقيمَة حَالَة الْإِخْرَاج من الْحِرْز، فَلَو نقصت بعد إِخْرَاجه قطع لَا إِن أتْلفه فِي الْحِرْز بِأَكْل أَو غَيره أَو نَقصه بِذبح أَو غَيره ثمَّ أخرجه. وَالْخَامِس: إِخْرَاجه أَي النّصاب من حرز مثله فَلَو سرق من غير حرز بِأَن وجد بَابا مَفْتُوحًا فَأخذ مِنْهُ نِصَابا فَلَا قطع، وَمن أخرج بعض
ثوب قِيمَته نِصَاب قطع بِهِ إِن قطعه من الثَّوْب لتحَقّق إِخْرَاجه إِذن وَإِلَّا فَلَا قطع وحرز كل مَال مَا حفظ بِهِ ذَلِك المَال عَادَة لِأَن معنى الْحِرْز الْحِفْظ وَهُوَ مُخْتَلف باخْتلَاف جنس المَال وبلده وَعدل السُّلْطَان وقوته وضدهما، فحرز جَوْهَر وَنقد وقماش فِي الْعمرَان بدار ودكان وَرَاء غلق وثيق أَي قفل خشب أَو حَدِيد، وصندوق بسوق ثمَّ حارس حرز، وحرز بقل وقدور باقلاء وطبيخ وَثمّ حارس وَرَاء الشرائج، وحرز خشب وحطب الحظائر، وماشية الصير، وَفِي مرعى براع يَرَاهَا غَالِبا، وسفن فِي شط بربطها، وإبل باركة معقولة بحافظ حَتَّى نَائِم. وحرز ثِيَاب فِي حمام وأعدال وغزل بسوق أَو خَان وَمَا كَانَ مُشْتَركا فِي دُخُول بحافظ كقعوده على مَتَاع، وَإِن فرط حَافظ فَنَامَ، أَو اشْتغل فَلَا قطع على السَّارِق وَضمن حَافظ معد للْحِفْظ وَإِن لم يستحفظه، وحرز بَاب تركيبه بِموضع وحلقة تركيبها فِيهِ، ونوم على رِدَاء أَو مجر فرس وَلم يزل عَنهُ ونعل بِرَجُل حرز. وَالسَّادِس: انْتِفَاء الشُّبْهَة فَلَا قطع بِسَرِقَة من عمودي نسبه، وَأما سَائِر أَقَاربه إِذا سرق مِنْهُم قطع، أما سَرقته من مَال وَلَده فلحديث (أَنْت وَمَالك لأَبِيك) وَأما سَرقته من مَال أَبِيه أَو جده أَو أمه أَو جدته وَإِن علوا
أمومة أَو من مَال ولد ابْنه أَو ولد بنته وَإِن سفلا، فلأنهم بَينهم قرَابَة تمنع من قبُول شَهَادَة بَعضهم لبَعض، وَلِأَن النَّفَقَة تجب لأَحَدهم على الآخر حفظا لَهُ فَلَا يجوز إِتْلَافه حفظا لِلْمَالِ. وَلَا بِسَرِقَة من غنيمَة لأحد مِمَّن ذكرنَا فِيهَا حق وَلَا بِسَرِقَة مُسلم من بَيت المَال إِلَّا الْقِنّ نصا ذكره فِي الْمُحَرر وَغَيره بِمَعْنَاهُ وَمَشى عَلَيْهِ فِي الْمُنْتَهى، قَالَ المنقح: وَالصَّحِيح لَا قطع. انْتهى. لِأَنَّهُ لَا يقطع بِسَرِقَة من مَال لَا يقطع بِهِ سَيّده، وسيده لَا يقطع بِالسَّرقَةِ من بَيت المَال فَكَذَا هُوَ، وَمَشى عَلَيْهِ فِي الْإِقْنَاع فَقَالَ: وَلَا يقطع مُسلم بسرقته من بَيت المَال وَلَو عبدا إِن كَانَ سَيّده مُسلما. وَلَا سَرقَة زوج أَو زَوْجَة من مَال الآخر وَلَو أحرز عَنهُ. وَالسَّابِع: ثُبُوتهَا أَي السّرقَة بِشَهَادَة عَدْلَيْنِ لقَوْله تَعَالَى 19 ((واستشهدوا شهيدين من رجالكم)) يصفانها أَي السّرقَة فِي شَهَادَتهمَا وَإِلَّا لم يقطع لِأَنَّهُ حد فيدرأ بِالشُّبْهَةِ كَالزِّنَا، وَلَا تسمع شَهَادَتهمَا قبل الدَّعْوَى من مَالك مَسْرُوق أَو من يقوم مقَامه أَو ثُبُوتهَا ب [إِقْرَار] السَّارِق مرَّتَيْنِ لِأَنَّهُ يتَضَمَّن إتلافا فَاعْتبر تكْرَار الْإِقْرَار فِيهِ كَالزِّنَا، أَو يُقَال: الْإِقْرَار أحد حجتي الْقطع فَاعْتبر فِيهِ التّكْرَار، وَاحْتج الإِمَام 16 (أَحْمد 6 (فِي رِوَايَة مهنأ بِمَا حَكَاهُ عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن عَليّ: لَا تقطع يَد السَّارِق حَتَّى يشْهد على نَفسه مرَّتَيْنِ مَعَ وصفهَا أَي السّرقَة أَي يصفها فِي كل مرّة لاحْتِمَال ظَنّه وجوب الْقطع عَلَيْهِ مَعَ فقد بعض الشُّرُوط ودوام عَلَيْهِ أَي الْإِقْرَار بِأَن
لَا يرجع عَنهُ حَتَّى يقطع فَإِن رَجَعَ ترك، وَلَا بَأْس بتلقينه الْإِنْكَار ليرْجع عَن إِقْرَاره، وَلَا بالشفاعة إِذا لم يبلغ الإِمَام فَإِذا بلغه حرمت وَلزِمَ الْقطع.)
)
16 -
(
16 -
(وَالثَّامِن: مطابة مَسْرُوق مِنْهُ أَو مُطَالبَة وَكيله أَو مُطَالبَة وليه إِن كَانَ مَحْجُورا عَلَيْهِ لحظه كسفيه وَنَحْوه لِأَن المَال يُبَاح بالبذل وَالْإِبَاحَة فَيحْتَمل إِبَاحَة مَالك إِيَّاه أَو إِذْنه لَهُ فِي دُخُول حرزه وَنَحْوه مِمَّا يسْقط الْقطع فَإِن طَالب رب المَال زَالَ هَذَا الِاحْتِمَال وانتفت الشُّبْهَة، فَلَو أقرّ بِسَرِقَة من مَال غَائِب أَو قَامَت بهَا بَيِّنَة انْتظر حُضُوره ودعواه لتتكامل شُرُوط الْقطع فَيحْبس السَّارِق إِلَى قدومه وَطَلَبه أَو تَركه وتعاد شَهَادَة الْبَيِّنَة بِهِ بعد دَعْوَاهُ لِأَن تَقْدِيمهَا عَلَيْهِ شَرط للاعتداد بهَا، وَإِن كذب مُدع نَفسه سقط الْقطع فَإِذا وَجب الْقطع لتوفر الشُّرُوط الْمُوجبَة لَهُ قطعت يَده أَي السَّارِق الْيُمْنَى لقِرَاءَة ابْن مَسْعُود فَاقْطَعُوا أيمانهما. وَهُوَ إِمَّا قِرَاءَة أَو تَفْسِير سَمعه من رَسُول الله إِذْ لَا يظنّ بِمثلِهِ أَن يثبت فِي الْقِرَاءَة شَيْئا بِرَأْيهِ وَلِأَنَّهُ قَول أبي بكر وَعمر وَلَا مُخَالف لَهما من الصَّحَابَة، وَلِأَن السّرقَة جِنَايَة الْيُمْنَى غَالِبا فتقطع من مفصل كَفه لقَوْل أبي بكر: تقطع يَمِين السَّارِق من الْكُوع وحسمت وغمست وجوبا فِي زَيْت مغلي، وَالْحكمَة فِي الغمس أَن الْعُضْو إِذا قطع فَغمسَ فِي زَيْت مغلي استدت أَفْوَاه الْعُرُوق فَيَنْقَطِع الدَّم إِذْ لَو ترك بِلَا غمس لنزف الدَّم فَأدى إِلَى مَوته. وَسن تَعْلِيقهَا ثَلَاثَة أَيَّام إِن رَآهُ الإِمَام فَإِن عَاد من قطعت يمناه إِلَى السّرقَة قطعت رجله الْيُسْرَى من
مفصل كَعبه بترك عقبَة نَص عَلَيْهِ، أما قطع الرجل فلحديث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا فِي السَّارِق (إِن سرق فَاقْطَعُوا يَده ثمَّ إِن سرق فَاقْطَعُوا رجله) وَلِأَنَّهُ قَول أبي بكر وَعمر وَلَا مُخَالف لَهما من الصَّحَابَة. وَأما كَونهَا الْيُسْرَى فقياسا على الْمُحَاربَة وَلِأَنَّهُ أرْفق بِهِ لِأَن الْمَشْي على الرجل الْيُمْنَى أسهل وَأمكن لَهُ من الْيُسْرَى. وَأما كَونه من مفصل كَعبه وَترك عقبه فَلَمَّا رُوِيَ عَن عَليّ أَنه كَانَ يقطع من شطر الْقدَم وَيتْرك عَقبهَا يمشي عَلَيْهِ وحسمت كَمَا تقدم فِي الْيَد، فَإِن عَاد فَسرق بعد قطع يَده وَرجله [حبس حَتَّى يَتُوب] وَيحرم أَو يقطع. وَقَالَ فِي الْإِقْنَاع: وَإِن وَجب قطع يمناه فَقطع الْقَاطِع يسراه بَدَلا عَن يمناه أَجْزَأت وَلَا تقطع يمناه، وَأما الْقَاطِع فَإِن كَانَ قطعهَا من غير اخْتِيَار من السَّارِق أَو كَانَ أخرجهَا السَّارِق دهشة أَو ظنا مِنْهُ أَنَّهَا تُجزئه فَعَلَيهِ دِيَتهَا. وَإِن كَانَ السَّارِق أخرجهَا اخْتِيَارا عَالما بالأمرين فَلَا شَيْء على الْقَاطِع وَلَا تقطع يمنى السَّارِق. انْتهى. وَجزم بِهِ فِي التَّصْحِيح وَالنّظم وَقدمه فِي الْمُنْتَهى. وَالْوَجْه الثَّانِي: تقطع جزم بِهِ فِي الْوَجِيز والتنقيح وَهُوَ ظَاهر مَا قدمه فِي الْفُرُوع.
ويجتمع الْقطع وَالضَّمان فَيرد مَا سرق لمَالِكه، وَإِن تلف فَمثل مثلي وَقِيمَة غَيره ويعمر مَا خربه من الْحِرْز وَعَلِيهِ أُجْرَة قَاطع وَثمن زَيْت حسم وَمن سرق ثمرا أَو جمار نخل وَهُوَ الكثر قبل إِدْخَال الْحِرْز كأخذه من رُءُوس نخل وَشَجر من غير حرز غرم قِيمَته مرَّتَيْنِ وَلَا قطع،)
)
16 -
(
16 -
(أَو سرق مَاشِيَة من المرعى من غير حرز غرم قِيمَته مرَّتَيْنِ وَلَا قطع، وَمن لم يجد مَا يَشْتَرِيهِ من نَحْو قوت أَو لم يجد مَا يَشْتَرِي بِهِ الْقُوت زمن مجاعَة غلاء لم يقطع بِسَرِقَة مَا سَرقه نصا. وَإِذا سرق الضَّيْف من مَال مضيفه من الْموضع الَّذِي أنزل فِيهِ أَو مَوضِع لم يحرزه عَنهُ لم يقطع، أَو مُحرز عَنهُ فَإِن كَانَ مَنعه قراه فَسرق بِقَدرِهِ لم يقطع وَإِلَّا قطع.