الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(فصل)
فِي الْعَفو عَن الْقصاص. وَهُوَ المحو والتجاوز، وَأَجْمعُوا على جَوَازه وَيجب ب قتل عمد عدوان الْقود أَو الدِّيَة، فَيُخَير ولي الْجِنَايَة بَينهمَا و [الْعَفو مجَّانا أفضل] لقَوْله تَعَالَى 19 ((وَأَن تعفوا أقرب للتقوى)) . وَلِحَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا (مَا عَفا رجل عَن مظْلمَة إِلَّا زَاده الله تَعَالَى عزا) رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ. وَيصِح عَفوه بِلَفْظ صَدَقَة. وكل مَا أدّى مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ إِسْقَاط ثمَّ لَا تَعْزِير على جَان، فَإِن اخْتَار الْوَلِيّ الْقود فَلهُ أَخذ الدِّيَة وَالصُّلْح على أَكثر مِنْهَا، وَمَتى اخْتَار الدِّيَة ابْتِدَاء تعيّنت فَلَو قَتله قتل بِهِ [أَو عَفا] عَن الْقود عفوا مُطلقًا بِأَن قَالَ: عَفَوْت عَن الْقود وَلم يقل على مَال أَو بِلَا مَال تعيّنت الدِّيَة أَو هلك جَان تعيّنت الدِّيَة فِي مَاله لتعذر اسْتِيفَاء الْقود. وَمن قطع طرفا عمدا كإصبع فعفى عَنهُ ثمَّ سرت الْجِنَايَة
إِلَى عُضْو آخر كَبَقِيَّة الْيَد أَو إِلَى النَّفس وَالْعَفو على مَال أَو غَيره كخمر وَنَحْوه فَلَا قصاص وَله تَمام دِيَة مَا سرت إِلَيْهِ من يَد أَو نفس وَلَو مَعَ موت جَان فيغلي أرش مَا عفى عَنهُ من دِيَة مَا سرت إِلَيْهِ وَيجب الْبَاقِي لِأَنَّهُ حق الْمَجْنِي عَلَيْهِ فِيمَا سرت إِلَيْهِ الْجِنَايَة لَا فِيمَا عفى عَنهُ، وَمن وكل غَيره فِي اسْتِيفَاء قَود ثمَّ عَفا مُوكل عَن قَود وكل فِيهِ وَالْحَال أَنه لم يعلم وَكيل بعفوه حَتَّى اقْتصّ فَلَا شَيْء عَلَيْهِمَا أَي لَا على الْوَكِيل وَلَا على الْمُوكل لِأَنَّهُ محسن بِالْعَفو، وَلَا تَفْرِيط من الْوَكِيل لعدم تمكن استدراكه، أشبه مَا لَو عَفا بعد مَا رَمَاه، فَإِن علم الْوَكِيل فَعَلَيهِ الْقصاص وَإِن وَجب لقن قَود أَو وَجب لَهُ تَعْزِير قذف فَطَلَبه أَي طلب مَا وَجب لَهُ من قَود أَو تَعْزِير قذف لَهُ [وإسقاطه] أَي إِسْقَاط مَا وَجب لَهُ عَن ذَلِك لَهُ أَي للقن لاختصاصه بِهِ وَإِن مَاتَ الْقِنّ قبل اسْتِيفَاء ذَلِك ف طلبه وإسقاطه لسَيِّده لِأَنَّهُ أَحَق بِهِ مِمَّن لَيْسَ فِيهِ ملك والقود فِيمَا دون النَّفس كالقود فِيهَا أَي النَّفس، أَي من أَخذ بِغَيْرِهِ فِي النَّفس أَخذ فِيمَا دونهَا وَمن لَا فَلَا، كالأبوين مَعَ ولدهما، وَالْحر مَعَ العَبْد، وَالْمُسلم مَعَ الْكَافِر. [وَهُوَ] الْقود فِيمَا دون النَّفس نَوْعَانِ: أَحدهمَا فِي الطّرف فَيُؤْخَذ كل من عين وأنف وَأذن وَسن وَنَحْوهَا كجفن وشقة وَيَد وَرجل وَنَحْو ذَلِك بِمثلِهِ أَي الْعُضْو الْمُتْلف فتؤخذ الْعين بِالْعينِ وَالْأنف بالأنف وَالْأُذن بالأذن وَالسّن بِالسِّنِّ والجفن بالجفن والشقة الْعليا
بالعليا والسفلى بالسفلى وَالْيَد بِالْيَدِ وَالرجل بِالرجلِ والإصبع بالإصبع وَالذكر بِالذكر والخصية والألية والشفر وَنَحْوه كل وَاحِد بِمثلِهِ لقَوْله تَعَالَى 19 ((وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ)) الْآيَة. وَيشْتَرط للْقصَاص فِي الطّرف ثَلَاثَة شُرُوط الأول مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله بِشَرْط مماثلة فِي الِاسْم كَالْيَدِ بِالْيَدِ، وَفِي الْموضع كاليمين بِالْيَمِينِ، فَلَا تُؤْخَذ يَد بِرَجُل وَلَا يَمِين بيسار وَعَكسه. وَالثَّانِي مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله وبشرط أَمن من حيف أَي يُمكن الِاسْتِيفَاء بِلَا حيف، بِأَن يكون الْقطع من مفصل بِفَتْح أَوله وَكسر ثالثه أَو يَنْتَهِي إِلَى حد كمارن أنف وَهُوَ مَا لَان فَلَا قصاص فِي جَائِفَة وَكسر عظم غير سنّ وَنَحْوه كضرس، وَلَا إِن قطع قَصَبَة الْأنف أَو بعض ساعد أَو سَاق أَو ورك، وَأما الْأَمْن من الحيف فَشرط لجَوَاز الِاسْتِيفَاء لوُجُوب الْقصاص حَيْثُ وجدت شُرُوطه، وَهُوَ العداون على مكافئه عمدا مَعَ الْمُسَاوَاة فِي الِاسْم وَالصِّحَّة والكمال لَكِن الِاسْتِيفَاء غير مُمكن لخوف الْعدوان. وَفَائِدَة ذَلِك أَنا إِذْ قُلْنَا: إِنَّه شَرط للْوُجُوب تعيّنت الدِّيَة إِذا لم يُوجد الشَّرْط، وَإِن قُلْنَا إِنَّه شَرط للاستيفاء دون الْوُجُوب، فَإِن قُلْنَا الْوَاجِب الْقصاص عينا لم يجب بذلك شَيْء إِلَّا أَن الْمَجْنِي عَلَيْهِ إِذا عَفا يكون قد عَفا حَتَّى يحصل لَهُ ثَوَابه، وَإِن قُلْنَا مُوجب الْعمد أحد شَيْئَيْنِ انْتقل الْوُجُوب إِلَى الدِّيَة قَالَه فِي الْمُنْتَهى وَشَرحه. وَالثَّالِث: مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله وبشرط اسْتِوَاء الطَّرفَيْنِ فِي
صِحَة وَكَمَال فَلَا تُؤْخَذ يَد أَو رجل كَامِلَة الْأَصَابِع والأظفار بناقصتها رضى أَو لَا، وَلَا عين صَحِيحَة بقائمة، وَلَا لِسَان نَاطِق بأخرس، وَلَا عُضْو صَحِيح بأشل وَلَا ذكر فَحل بِذكر خصي أَو عنين وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا اسْتِوَاء فِيهِ. وَمن أذهب بعض لِسَان أَو مارن أَو شفة أَو حَشَفَة أَو أذن أَو سنّ أَو قيد مِنْهُ مَعَ أَمن قلع لسن بِقدر الَّذِي أذهبه جَان بِنِسْبَة الْأَجْزَاء كثلث وَربع وَخمْس، وَلَا قَود وَلَا دِيَة لما رجى عوده فِي مُدَّة تَقُولهَا أهل الْخِبْرَة من عين كسن وضرس وَنَحْوهمَا، أَو مَنْفَعَة كعدو وَنَحْوه فَلَو مَاتَ فِي تِلْكَ الْمدَّة تعيّنت دِيَة الذَّاهِب. النَّوْع الثَّانِي من نَوْعي الْقود فِيمَا دون النَّفس فِي الجروح وَيجوز الْقصاص فِيهَا بِشَرْط انتهائها أَي الجروح إِلَى عظم كموضحة فِي رَأس وَوجه وجرح عضد وساعد وَنَحْوهمَا كفخذ وسَاق وَقدم وَنَحْوه، ولمجروح جرحا أعظم من مُوضحَة كهاشمة ومنقلة أَن يقْتَصّ مُوضحَة وَيَأْخُذ مَا بَين دِيَتهَا ودية الشَّجَّة، فَيَأْخُذ فِي هاشمة خمْسا من الْإِبِل وَفِي منقلة عشرا وتضمن سرَايَة جِنَايَة بقود أَو دِيَة فِي نفس ودونها وَلَو اندمل الْجرْح واقتص من جَان ثمَّ انْتقصَ فسرى، لحُصُول التّلف بِفعل الْجَانِي أشبه مَا لَو بَاشرهُ، فَلَو قطع إصبعا فتآكلت أُخْرَى أَو الْيَد وَسَقَطت فالقود، وَفِيمَا يشل الْأَرْش، وَلَا تضمن سرَايَة [قَود] لقَوْل 16 (عمر وَعلي) : من مَاتَ عَن أحد أَو قصاص لَا دِيَة لَهُ، الْحق قَتله، رَوَاهُ سعيد بِمَعْنَاهُ، فَلَو قطع طرفا قودا
فسرى إِلَى النَّفس فَلَا شَيْء على قَاطع، لَكِن لَو قطعه قهرا مَعَ حر أَو برد أَو بِآلَة كالة أَو مَسْمُومَة وَنَحْوه لزمَه بَقِيَّة الدِّيَة. وَلَا يقْتَصّ مجني عَلَيْهِ أَي يحرم عَلَيْهِ ذَلِك عَن جِنَايَة طرف وَلَا جِنَايَة [جرح] قبل الْبُرْء لحَدِيث جَابر أَن رجلا جرح رجلا وَأَرَادَ أَن يستقيد فَنهى النَّبِي أَن يستقاد من الْجَارِح حَتَّى يبرأ الْمَجْرُوح. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَلَا يطْلب لَهما أَي جِنَايَة الطّرف وَالْجرْح دِيَة قبل الْبُرْء لاحْتِمَال السَّرَايَة، فَإِن اقْتصّ مَجْرُوح قبل برْء فسراية الْجَانِي والمجني عَلَيْهِ بعد الاقتصاص هدر.