المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

3 - ‌ ‌(فصل) 3. وَالْعَارِية بتَخْفِيف الْيَاء وتشديدها الْعين الْمَأْخُوذَة للِانْتِفَاع - كشف المخدرات لشرح أخصر المختصرات - جـ ٢

[البعلي، عبد الرحمن بن عبد الله]

الفصل: 3 - ‌ ‌(فصل) 3. وَالْعَارِية بتَخْفِيف الْيَاء وتشديدها الْعين الْمَأْخُوذَة للِانْتِفَاع

3 -

(فصل)

3.

وَالْعَارِية بتَخْفِيف الْيَاء وتشديدها الْعين الْمَأْخُوذَة للِانْتِفَاع بِلَا عوض، والإعارة إِبَاحَة نَفعهَا بِلَا عوض. وَهِي سنة، وتنعقد بِكُل قَول أَو فعل يدل عَلَيْهَا كأعرتك هذة الدَّابَّة. أَو: اركبها، أَو: استرح عَلَيْهَا، وَنَحْو دلك. وبدفعه دَابَّته لرفيقه عِنْد تَعبه، وتغطيته بكساء إِذْ برد، وَنَحْو دلك. وَشرط للإعارة أَرْبَعَة شُرُوط: أَحدهَا كَون معير أَهلا للتبرع شرعا، لِأَن الْإِعَارَة نوع تبرع، وَالثَّانِي كَون مستعير أَهلا للتبرع لَهُ بِتِلْكَ الْعين المعارة بِأَن يَصح مِنْهُ قبُولهَا هبة أشبه إِبَاحَة بِالْهبةِ، فَلَا تصح إِعَارَة عبد مُسلم لكَافِر لخدمته. وَيَأْتِي فِي الْمَتْن. وَالثَّالِث مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله وكل مُبْتَدأ مَا أَي شَيْء ينْتَفع بِهِ مَعَ بَقَاء عينه كدواب ورقيق ودور ولباس وَنَحْو تصح إعارته بِخِلَاف مَا لَا ينْتَفع بِهِ إِلَّا مَعَ تلف عينه كأطعمة وأشربة، فَإِن أَعْطَاهَا بِلَفْظ إِعَارَة فَقَالَ ابْن عقيل: يحْتَمل أَن يكون اباحة للِانْتِفَاع على وَجه الْإِتْلَاف. نَقله الْمجد فِي شَرحه وَاقْتصر عَلَيْهِ. وَالرَّابِعَة مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله نفعا مُبَاحا وَلَو لم يَصح الِاعْتِيَاض

ص: 481

عَنهُ كإعارة كلب لصيد وَنَحْوه تصح إعارته خبر، فَلَا تصح إِعَارَة لغناء أَو زمر وإناء ذهب أَو فضَّة وحلي محرم على رجل ليلبسه الا الْبضْع وَهُوَ أَن يعيره أمته ليستمتع بهَا فَيحرم وَلَا يَصح، فَإِنَّهُ وطىء مَعَ الْعلم بِالتَّحْرِيمِ فَعَلَيهِ الْحَد، وَكَذَا هِيَ إِن طاوعته وَولده رَقِيق، وَإِن كَانَ جَاهِلا فَلَا حد وَلَده حر وَيلْحق بِهِ، وَتجب قِيمَته للْمَالِك وَمهر الْمثل فيهمَا وَلَو مطاوعة إِلَّا أَن يَأْذَن السَّيِّد فَإِن أذن فَلَا مهر. وَأما للْخدمَة فَإِن كَانَت بَرزَة أَو شوهاء أَو كَبِيرَة لَا يَشْتَهِي مثلهَا جَازَ، وَكَذَا إِن كَانَت شَابة وَكَانَت الاعارة لمحرم أَو امْرَأَة أَو صبي، وَإِن كَانَت لشاب كره خُصُوصا العزب لِأَنَّهُ لَا يُؤمن عَلَيْهَا. وَتحرم الْخلْوَة بهَا وَالنَّظَر إِلَيْهَا بِشَهْوَة وَإِلَّا عبدا مُسلما فَتحرم إعارته لكَافِر لخدمة خَاصَّة، وَتقدم وَتَصِح إِعَارَة الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير للوزن فَإِن استعارها لينفقها أَو استعارها مَكِيلًا أَو مَوْزُونا فقرض. وَتجب إِعَارَة مصحف لمحتاج الى قِرَاءَة فِيهِ وَلم يجد غَيره وَإِن لم يكن مَالِكه مُحْتَاجا اليه وَإِلَّا صيدا وَنَحْوه أى الصَّيْد كإعارة آلَة يصيد بهَا وَنَحْوهَا فَتحرم لمحرم فَإِن فعل فَتلف الصَّيْد ضمنه لله بالجزاء وللمالك بِالْقيمَةِ. وَكَذَا يحرم أَن يعير أحد لمحرم كل مَا يحرم عَلَيْهِ اسْتِعْمَاله فِي الاحرام، وَإِلَّا أمة، وَإِلَّا أَمْرَد فَتحرم إعارتهما لغير مَأْمُون لِأَنَّهُ لَا يُؤمن عَلَيْهِمَا مِنْهُ. وَتكره اسْتِعَارَة أَبَوَيْهِ وَإِن علوا للْخدمَة. ولمستعير الرَّد مَتى شَاءَ. ولمعير الرُّجُوع مَتى شَاءَ مُطلقَة كَانَت أَو موقتة مَا لم يُؤذن فِي شغله بشىء يضر بالمستعير رُجُوعه، مثل أَن يعيره

ص: 482

سفينة لحمل مَتَاعه ولوحا يرقع بِهِ سفينة فرقعها بِهِ ولج فِي الْبَحْر فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوع وَلَا الْمُطَالبَة مَا دَامَت فِي اللجة حَتَّى ترسو السَّفِينَة. وَله الرُّجُوع قبل دُخُولهَا فِي الْبَحْر. وَكَذَا من أعَار أَرضًا للدفن أَو الزَّرْع. وَلَيْسَ لمن أعَار حَائِطا لوضع خشب عَلَيْهِ الرُّجُوع مَا دَامَ عَلَيْهِ، وَله الرُّجُوع قبل الْوَضع وَبعده مَا لم يبن عَلَيْهِ، فَإِن سقط لهدم أَو غَيره لم يعد إِلَّا بِإِذْنِهِ أَو عِنْد الضَّرُورَة إِن لم يتَضَرَّر الْحَائِط. وَمن أعير أَرضًا لغرس أَو بِنَاء وَشرط قلعه بِوَقْت أَو رُجُوع لزم قلعه عِنْده لَا تسويتها بِلَا شَرط، وَإِن لم يشْتَرط ذَلِك فلمعير أَخذه بِقِيمَتِه وقلعه وَيضمن نَقصه، وَإِن اخْتَار مستعير الْقلع سوى الْحفر. ومستعير فِي اسْتِيفَاء النَّفْع كمستأجر إِلَّا أَنه لَا يعير وَلَا يُؤجر إِلَّا بِإِذن. فَإِن أَعَارَهُ أَرضًا للغراس وَالْبناء أَو لأَحَدهمَا فَلهُ ذَلِك وَله أَن يزرع مَا شَاءَ، وَإِن استعارها للزَّرْع لم يغْرس وَلم يبن، وللغرس أَو الْبناء لم يملك الآخر. وتضمن الْعَارِية مُطلقًا أَي فرط أَو لم يفرط وَلَو شَرط نفي الضَّمَان. وكل مَا كَانَ أَمَانَة أَو مَضْمُونا لَا يَزُول عَن حكمه بِالشّرطِ بِمثل مثلى كصنجة من نُحَاس لَا صناعَة بهَا استعارها ليزن بهَا فَتلفت فَعَلَيهِ مثل مثل وَزنهَا من نوعها. وتضمن الْعَارِية ب [قيمَة غَيره] أَي المثلى يَوْم تلف لِأَن قيمتهَا

ص: 483

بدل عَنْهَا فَوَجَبَ عِنْد تلفهَا كَمَا يجب عِنْد إتلافها وَلِأَنَّهُ يَوْم تحقق فَوَاتهَا فِيهِ فَوَجَبَ اعْتِبَار الضَّمَان فِيهِ. و [لَا] تضمن الْعَارِية إِن تلفت بِاسْتِعْمَال بِمَعْرُوف كخمل منشفة وطنفسه، وثوب بلَى باللبس، لِأَن الْإِذْن فِي الِاسْتِعْمَال تضمن الْإِذْن فِي الاتلاف، وَمَا أذن فِي إِتْلَافه لَا يضمن كالمنافع، فَإِن حمل فِي الثَّوْب تُرَابا وَنَحْوه فَتلف ضمن لتعديه. وَيقبل قَول مستعير بِيَمِينِهِ إِنَّه لم يَتَعَدَّ، وَعَلِيهِ مئونه ردهَا، لَا مؤنتها عِنْده زمن انْتِفَاع بل على مَالِكهَا كالمؤجرة، وَيبرأ بردهَا إِلَى من جرت عَادَة الْإِنْسَان بِالرَّدِّ على يَده، كسائس وخازن وَزَوْجَة ووكيل عَام ووكيل فِي قبض حُقُوقه لَا بردهَا إِلَى اصطبله أَو غُلَامه، وَمن سلم لشَرِيكه الدَّابَّة فَتلفت بِلَا تعد وَلَا تَفْرِيط لم يضمن. وَإِن اخْتلف الْمَالِك والقابض، فَقَالَ: آجرتك، فَقَالَ: بل أعرتني قبل مُضِيّ مُدَّة من الْقَبْض لَهَا أُجْرَة فَقَوْل قَابض بِيَمِينِهِ، وَبعدهَا فَقَوْل مَالك فِيمَا مضى بِيَمِينِهِ وَله أُجْرَة الْمثل. وَكَذَا لَو ادّعى أَنه زرع الأَرْض عَارِية، وَقَالَ رَبهَا: إِجَارَة. وَإِن قَالَ قَابض لمَالِك: أعرتني أَو آجرتني، فَقَالَ: بل غضبتني، أَو قَالَ: أعرتك، فَقَالَ: بل آجرتني والبهيمة تالفة وَاخْتلفَا فِي ردهَا فَقَوْل مَالك بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُنكر. وَكَذَا لَو قَالَ الْقَابِض: أعرتني، قَالَ: غصبتني وَالْعين قَائِمَة فَقَوْل مَالك بِيَمِينِهِ فِي وجوب الْأجر وَرفع الْيَد ورد الْعين لمَالِكهَا، لِأَن الأَصْل عدم مَا يَدعِيهِ الْقَابِض. وَإِن قَالَ: أعرتك، فَقَالَ: أودعتني فَقَوْل مَالك، وَله قيمَة تالفه. وَكَذَا فِي عكسها بِأَن قَالَ الْمَالِك: أودعتك، فَقَالَ الْقَابِض: أعرتني فَقَوْل مَالك بِيَمِينِهِ وَله أُجْرَة

ص: 484

مَا انْتفع بهَا. وَإِن قَالَ مَالك: غصبتني. وَقَالَ قَابض: أودعتني، فَقِيَاس مَا سبق لِأَن الأَصْل فِي قبض مَال الْغَيْر الضَّمَان. وَلَا تضمن الْعَارِية إِن كَانَت وفقا ككتب علم وَسلَاح كسيف ورمح وَدرع مَوْقُوفَة على الْغُزَاة إِلَّا بتفريط وَلَا فِيمَا إِذا أعارها الْمُسْتَأْجر وَعَلِيهِ أَي الْمُسْتَعِير [مُؤنَة ردهَا] لمَالِكهَا كمغصوب وَإِن أركب شخص دَابَّته مُنْقَطِعًا لله تَعَالَى فَتلفت تَحْتَهُ لم يضمن الرَّاكِب شَيْئا لِأَنَّهَا بيد صَاحبهَا لكَون الرَّاكِب لم ينْفَرد بحفظها، أشبه مَا لَو غطى ضَيفه بلحافه فَحرق عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يضمنهُ. وَمن اسْتعَار ليرهن فالمرتهن أَمِين لَا يضمن إِلَّا بِالتَّعَدِّي أَو التَّفْرِيط وَيضمن الْمُسْتَعِير سَوَاء تلفت تَحت يَده أَو يَد الْمُرْتَهن.

ص: 485