الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(فصل)
-
وَالْوَقْف مصدر وقف الشَّيْء إِذا حبسهوأحبه، قَالَ الْحَارِثِيّ: وَأَوْقفهُ لُغَة
لبني تَمِيم وَهُوَ سنة اخْتصَّ بهَا الْمُسلمُونَ قَالَ الشَّافِعِي: لم يحبس أهل الْجَاهِلِيَّة ووانما حبس أهل الْإِسْلَام. انْتهى. ثمَّ هُوَ شرعا تحبيس مَالك التَّصَرُّف مَاله المنتفع بِهِ مَعَ بَقَاء عينه بِقطع تصرفه وَتصرف غَيره فِي رقبته بِشَيْء من التَّصَرُّفَات يصرف ريعه فِي جِهَة بر تقربا إِلَى الله تَعَالَى. وَيصِح الْوَقْف بقول وَفعل مَعَ شَيْء دَال يدل عَلَيْهِ أَي الْوَقْف عرفا لمشاركة القَوْل فِي الدّلَالَة عَلَيْهِ كمن بنى أرضه مَسْجِدا أَو جعلهَا مَقْبرَة وَأذن للنَّاس إِذْنا عَاما أَن يصلوا فِيهِ أَي الْمَسْجِد الَّذِي بناه وَأَن [يدفنوا فِيهَا] أَي الأَرْض الَّتِي جعلهَا مَقْبرَة. وللوقف صَرِيح وكناية ، ف صَرِيحَة قَول الْوَاقِف وقفت وحبست وسبلت لِأَن كل وَاحِدَة من هَذِه الثَّلَاث لَا تحْتَمل غَيره بعرف الِاسْتِعْمَال وَالشَّرْع ، وكنايته أَي الْوَقْف تَصَدَّقت وَحرمت وأبدت لعدم خلوص كل مِنْهَا عَن الِاشْتِرَاك ، فالصدقة تسْتَعْمل فِي الزَّكَاة وَهِي ظَاهِرَة
فِي صَدَقَة التَّطَوُّع وَالتَّحْرِيم وَيصِح الْوَقْف من مُسلم على ذمِّي معِين وَلَو أَجْنَبِيّا من الْوَاقِف ، وَيسْتَمر الْوَقْف لَهُ إِذا أسلم ، وبلغو شَرط الْوَاقِف ،
وَيصِح [عَكسه] أَي من ذمِّي على مُسلم معِين أَو طَائِفَة كالمساكين ، ولايصح على الْكَنَائِس أَو بيُوت النَّار أَو البيع أَو الصوامع وَلَو من ذمِّي وَلَا على كتب التوارة وَالْإِنْجِيل وَلَا على حَرْبِيّ ومرتد وَلَا على نَفسه عِنْد الْأَكْثَر وينصرف
إِلَى من بعده فِي الْحَال ، فَمن وقف على نَفسه ثمَّ أَوْلَاده أَو الْفُقَرَاء صرفه فِي الْحَال
إِلَى أَوْلَاده أَو الْفُقَرَاء لِأَن وجود من لَا يصلح الْوَقْف عَلَيْهِ كَعَدَمِهِ فَكَأَنَّهُ وَقفه على من بعده ابْتِدَاء فَإِن لم يذكر بعد نَفسه جِهَة فملكه بِحَالهِ وَيُورث مِنْهُ وَعنهُ يَصح المنقح: اخْتَارَهُ جمَاعَة ابْن أبي مُوسَى وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَصَححهُ ابْن عقيل والحارثي وَأَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَة وَالْخُلَاصَة والتصحيح وَإِدْرَاك الْغَايَة ، وَمَال إِلَيْهِ فِي التَّلْخِيص ، وَجزم بِهِ فِي الْمنور وَمُنْتَخب الْآدَمِيّ ، وَقدمه فِي الْهِدَايَة وَالْمُسْتَوْعب وَالْهَادِي وَالْفَائِق وَالْمجد فِي مسودته على الْهِدَايَة وَعَلِيهِ الْعَمَل فِي زَمَاننَا وَقَبله عِنْد حكامنا من أزمنة متطاولة وَهُوَ أظهر ، وَفِي الْإِنْصَاف: وَهُوَ الصَّوَاب وَفِيه مصلحَة عَظِيمَة وترغيب فِي فعل الْخَيْر وَهُوَ من محَاسِن الْمَذْهَب. انْتهى من الْمُنْتَهى شَرحه.
وان وقف على غَيره وَاسْتثنى غَلَّته أَو بَعْضهَا لَهُ ولأولاده أَو الاستنفاع لنَفسِهِ أَو
لأَهله أَو يطعم صديقه مُدَّة حَيَاته أَو مُدَّة مَعْلُومَة صَحَّ الْوَقْف وَالشّرط ، فَلَو مَاتَ
فِي أَثْنَائِهَا فالباقي لوَرثَته. وَتَصِح إِجَارَتهَا. وَمن وقف على الْفُقَرَاء فافتقر تنَاول مِنْهُ. وَلَو وقف مَسْجِدا أَو مدرسة للفقهاء أَو رِبَاطًا للصوفية وَنَحْوه مِم يعم فَهُوَ كَغَيْرِهِ فِي الِانْتِفَاع بِهِ. قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: لَكِن من كَانَ من الصُّوفِيَّة جماعا لِلْمَالِ وَلم يتخلق بالأخلاق المحمودة وَلَا تأدب بالآداب الشَّرْعِيَّة غَالِبا لَا آدَاب وضعية ، أَو كَانَ فَاسِقًا لم يسْتَحق شَيْئا من الْوَقْف على الصُّوفِيَّة ، والصوفي الَّذِي يدْخل فِي الْوَقْف على الصُّوفِيَّة يعْتَبر لَهُ ثَلَاثَة شُرُوط: الأول أَن يكون عدلا فِي دينه ، الثَّانِي أَن يكون ملازما لغالب الْآدَاب الشَّرْعِيَّة فِي غَالب الْأَوْقَات وَإِن لم تكن وَاجِبَة كآداب الْأكل وَالشرب واللباس وَالنَّوْم وَالسّفر والصحبة والمعاملة
مَعَ الْخلق إِلَى صَرِيح فِي الظِّهَار. والتأبيد يسْتَعْمل فِي كل مَا يُرَاد تأبيده وَمن وقف وَغَيره. وَلَا بُد فِي الْكِنَايَة من نِيَّة الْوَقْف مَا لم يقل: على قَبيلَة كَذَا ، أَو طَائِفَة كَذَا أَو يقرن الْكِنَايَة بِأحد الْأَلْفَاظ الْخَمْسَة فتصدقت صَدَقَة مَوْقُوفَة أَو محبسه أَو مسبلة أَو مُحرمَة أَو مؤيدة ، أَو قرنها بِحكم كَأَن لَا تبَاع أَو لَا تورث لِأَن ذَلِك كُله لَا يسْتَعْمل فِي سوى الْوَقْف فانتفت الشّركَة. وشروطه أَي الْوَقْف خَمْسَة: الأول كَونه فِي عين مَعْلُومَة يَصح بيعهَا فَلَا يَصح وقف أم ولد وكلب ومرهون غير مصحف أَي فَيصح وَقفه سَوَاء قُلْنَا بِصِحَّة بَيْعه على مَا فِي شرح الْمُنْتَهى وَغَيره ، أَو بِعَدَمِ الصِّحَّة على مَا فِي الْإِقْنَاع ، وَينْتَفع بهَا - عطف على يَصح بيعهَا - مَا يعد انتفاعا عرفا نفعا مُبَاحا مَعَ بَقَائِهَا أَي الْعين فَلَا يَصح وقف مطعوم ومشروب ومشموم لَا ينْتَفع بِهِ مَعَ بَقَاء عينه بِخِلَاف ند أَو صندل وَقطع كافور فَيصح وَقفه لشم مَرِيض وَغَيره لَا وقف دهن وشمع لشعل وَلَا أَثمَان وقناديل تقد على الْمَسَاجِد وَلَا على غَيره. وَالثَّانِي كَونه للْوَقْف على جِهَة بر وَهُوَ اسْم جَامع للخير وَأَصله طَاعَة الله تَعَالَى ، وَالْمرَاد اشْتِرَاط معنى الْقرْيَة فِي الصّرْف إِلَى الْمَوْقُوف عَلَيْهِ لِأَن الْوَقْف قربَة وَصدقَة فَلَا بُد من وجودهَا فِيمَا لأَجله الْوَقْف إِذْ هُوَ الْمَقْصُود ، وَسَوَاء كَانَ الْوَاقِف مُسلما أَو ذِمِّيا. غير ذَلِك من آدَاب الشَّرِيعَة ، الثَّالِث: أَن يكون قانعا بالكفاية من الرزق بِحَيْثُ لَا يمسك مَا فضل عَن حَاجته فِي كَلَام طَوِيل ذكره فِي الْفَتَاوَى المصرية. انْتهى. وَلَا يشْتَرط فِي الصُّوفِي لِبَاس الْخِرْقَة المتعارفة عِنْدهم من يَد شيخ
وَلَا رسوم اشْتهر تعارفها بَينهم ، فَمَا وَافق مِنْهَا الْكتاب وَالسّنة فَهُوَ حق ، وَمَا لَا فَهُوَ بَاطِل ، وَلَا يلْتَفت إِلَى أشتراطه قَالَه الْحَارِثِيّ. انْتهى. وَالثَّالِث كَونه أَي الْوَقْف فِي غير مَسْجِد وَنَحْوه على معِين من جِهَة أَو شخص يملك ملكا ثَابتا كزيد وَمَسْجِد ، كَذَا فَلَا يَصح على مَجْهُول كَرجل وَمَسْجِد أَو أحد هذَيْن أَو لَا يملك كقن وَأم ولد أَو ملك من الْمَلَائِكَة أَو بَهِيمَة أَو ميت أم طير أَو جنى وَلَا على حمل اسْتِقْلَالا بل تبعا. فَإِن قيل: كَيفَ جوزتم الْوَقْف على الْمَسَاجِد والسقايات وأشباهها وَهِي لَا تملك ، قُلْنَا الْوَقْف هُنَاكَ على الْمُسلمين إِلَّا أَنه عين فِي نفع خَاص لَهُم. وَالرَّابِع كَون وَاقِف نَافِذ التَّصَرُّف فَلَا يَصح من مَحْجُور عَلَيْهِ وَلَا مَجْنُون. وَالْخَامِس أَن يكون وَقفه ناجزا أَي غير مُعَلّق وَلَا مُؤَقّت أَو مَشْرُوط فِيهِ الْخِيَار فَلَا يَصح تَعْلِيقه إِلَّا بِمَوْتِهِ بِأَن
قَالَ: هُوَ وقف بعد موتِي ، وَيلْزم من حِينه وَيكون من ثلث مَاله. وَيجب الْعَمَل بِشَرْط وَاقِف فِي الْوَقْف إِن وَافق شَرطه الشَّرْع كَشَرط لزيد كَذَا ولعمرو كَذَا ،
وَمثله اسْتثِْنَاء كعلي أَوْلَاد زيد إِلَّا فلَانا لم يكن لَهُ بِشَيْء ، ومخصص من صفة كالفقهاء وَالْمَسَاكِين أَو قَبيلَة كَذَا فَيخْتَص بهم ، لانه فِي معنى الشَّرْط. وَأَن خصص مَقْبرَة أَو رِبَاطًا أَو مدرسة أَو إمامتها أَو إِمَامَة مَسْجِد بِأَهْل مَذْهَب أَو بلد أَو قَبيلَة تَخْصِيص لَا الْمُصَلِّين بهَا بِذِي مَذْهَب فَلَا تَخْصِيص لَهُم ، ولغيرهم الصَّلَاة بهَا لعدم التزاحم وَلَو وَقع لَكَانَ أفضل لِأَن الْجَمَاعَة ترَاد لَهُ.
وَلَو جهل شَرط الْوَاقِف عمل بعادة جَارِيَة ثمَّ عرف ، وَمَعَ إِطْلَاق الْوَاقِف يَسْتَوِي فِي الْوَقْف غَنِي وفقير وَذكر وَأُنْثَى لثُبُوت الشّركَة دون التَّفْصِيل ، وَالنَّظَر عِنْد عدم الشَّرْط أَي شَرط الْوَاقِف نَاظرا أَو شَرطه فَمَاتَ لموقوف عَلَيْهِ إِن كَانَ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ محصورا وكل مِنْهُم ينظر على حِصَّته عدلا كَانَ أَو فَاسِقًا وَإِلَّا يكن الْوَقْف على مَحْصُور [ف] النّظر لحَاكم بلد الْمَوْقُوف كَمَا لَو كَانَ الْوَقْف [على مَسْجِد وَنَحْوه] كالفقراء ، وَمن أطلق النّظر للْحَاكِم شَمل أَي حَاكم كَانَ ، سَوَاء كَانَ مَذْهَب الْحَاكِم مَذْهَب حَاكم الْبَلَد زمن الْوَقْف أَو لَا. وَشرط فِي النَّاظر إِسْلَام إِن كَانَ الْوَقْف على مُسلم أَو جِهَة إِسْلَام كالمساجد والمدارس والربط وَنَحْوهَا ، وتكليف ، وكفاية لتصرف وخبرة بِهِ وَقُوَّة عَلَيْهِ. وَيضم لضعيف قوي أَمِين - لَا الذُّكُورَة وَالْعَدَالَة حَيْثُ كَانَ يَجْعَل الْوَاقِف لَهُ ، فَإِن كَانَ غَيره فَلَا بُد من الْعَدَالَة. وَلَا نظر لحَاكم مَعَ نَاظر خَاص ، لَكِن لَهُ النّظر الْعَام فيعترض عَلَيْهِ إِن فعل مَالا يسوغ فعله ، وَله ضم أَمِين إِلَيْهِ مَعَ تفريطه وتهمته ليحصل الْمَقْصُود ، وَلَا اعْتِرَاض لأهل الْوَقْف على نَاظر أَمِين وَلَاء الْوَاقِف. ولناظر الِاسْتِدَانَة على الْوَقْف بِلَا إِذن حَاكم لمصْلحَة ، كشرائه للْوَقْف سَيِّئَة أَو بِنَقْد لم يُعينهُ. ووظيفته حفظ الْوَقْف وعمارته وإيجاره وزرعه ومخاصمة فِيهِ وَتَحْصِيل ريعه من أُجْرَة أَو زرع أَو ثَمَر وَالِاجْتِهَاد فِي تنميته صرفه فِي
جهاته من عمَارَة وَإِعْطَاء مُسْتَحقّ وَنَحْوه ، وَله وضع يَده عَلَيْهِ والتقرير فِي وظائفه ، وَمن قرر فِي وَظِيفَة على وفْق الشَّرْع حرم صرفه عَنْهَا بِلَا مُوجب شَرْعِي. وَلَو آجر النَّاظر الْوَقْف بأنقص صَحَّ وَضمن النَّقْص. وَينْفق على ذِي روح مِمَّا عين وَاقِف. فَإِن لم يعين فَمن غَلَّته ، فَإِن لم يكن فعلى مَوْقُوف عَلَيْهِ معِين ، فَإِن تعذر بيع وَصرف ثمنه فِي عين تكون وَقفا لمحل الضَّرُورَة ، ونفقه مَا على معِين كالفقراء وَنَحْوهم من بَيت المَال فَإِن تعذر بيع كَمَا تقدم. وَإِن كَانَ عقارا لم تجب عِمَارَته إِلَّا بِشَرْط وَاقِف فَأن شَرطهَا عمل بِهِ ، وان أطلقها بِأَن شَرط أَن يعمر من ريعه مَا أتهدم تقدم على أَرْبَاب الْوَظَائِف. قَالَ المنقح: مَا لم يفض إِلَى تَعْطِيل مَصَالِحه فَيجمع بَينهمَا حسب الْإِمْكَان. وَإِن وقف على عدد معِين ثمَّ الْمَسَاكِين فَمَاتَ بَعضهم رد نصِيبه عَليّ من بقى. فَلَو مَاتَ الْكل فَهُوَ للْمَسَاكِين. وَإِن لم يذكر لَهُ مَالا بِأَن قَالَ: هَذَا وقف على زيد وَعَمْرو وَبكر وَسكت ، فَمن مَاتَ مِنْهُم صرف نصِيبه إِلَى الْبَاقِي. ثمَّ إِن مَاتُوا جَمِيعًا صرف مصرف الْمُنْقَطع لوَرَثَة الْوَاقِف نسبا على قدر إرثهم وَقفا ، فَإِن عدموا فللمساكين. وَإِن وقف على وَلَده أَو ولد غَيره كعلي ولد زيد ثمَّ الْمَسَاكِين فَهُوَ أَي الْوَقْف لذكر وَأُنْثَى وَخُنْثَى موجودين حَال الْوَقْف وَلَو حملا فَقَط نصا ، لِأَن اللَّفْظ يشملهم إِذْ الْوَلَد مصدر أُرِيد بِهِ اسْم الْمَفْعُول أَي الْمَوْلُود بِالسَّوِيَّةِ لِأَنَّهُ شرك بَينهم وَإِطْلَاق ألتشربك يَقْتَضِي التَّسْوِيَة ،
ثمَّ بعد انْقِرَاض أَوْلَاد الصلب ينْصَرف لولد بنيه أَي الْوَقْف أَو زيد لأَنهم دخلُوا فِي مُسَمّى الْوَلَد وَسَوَاء وجدوا حَالَة الْوَقْف أَو لَا ، ويستحقونه مُرَتبا بعد آبَائِهِم كَمَا لَو قَالَ: بَطنا بعد بطن. وَلَا يدْخل ولد الْبَنَات [و] إِن وقف على [بنيه أَو] على بني فلَان ف الْوَقْف [لذكور فَقَط] لَا يشاركهم غَيرهم من الْإِنَاث والخناثى إِلَّا أَن يتضحوا؛ لِأَن لفظ الْبَنِينَ وضع لذَلِك قَالَ تَعَالَى (أصطفى الْبَنَات على الْبَنِينَ) . وان كَانُوا أَي بَنو فلَان قَبيلَة كبني هَاشم وَبني تَمِيم دخل النِّسَاء لِأَن اسْم الْقَبِيلَة يَشْمَل ذكرهَا وأنثاها دون أَوْلَادهنَّ أَي أَوْلَاد نسَاء تِلْكَ الْقَبِيلَة من رجال غَيرهم لأَنهم إِنَّمَا ينتسبون لِآبَائِهِمْ. وَلَا يدْخل مواليهم لأَنهم لَيْسُوا مِنْهُم حَقِيقَة. وَإِن وقف على عقبه أَو نَسْله أَو ولد وَلَده أَو ذُريَّته لم يدْخل ولد بَنَاته إِلَّا بقرينه كَقَوْلِه: من مَاتَ عَن ولد فَنصِيبه لوَلَده. وَإِن وقف على قرَابَته أَو قرَابَة زيد [أَو] على أهل بَيته أَو على قومه دخل فِي الْوَقْف ذكر وَأُنْثَى من أَوْلَاده وَأَوْلَاد أَبِيه وهم إخْوَته وأخواته وَدخل أَوْلَاد جده وهم أَبوهُ وأعمامه وعماته وَأَوْلَاد جد أَبِيه وهم جده وأعمام وعمات أَبِيه فَقَط. وَإِن قَالَ: وقفت على الْأَيَامَى والعزاب فَلِمَنْ لَا زوج لَهُ من رجل وَامْرَأَة ، والأرامل النِّسَاء اللَّاتِي فارقهن أَزوَاجهنَّ - نصا وَبكر وثيب وعانس - وَهُوَ من بلغ حد التَّزْوِيج وَلم يتَزَوَّج - وأخوة بِضَم الْهمزَة وَتَشْديد الْوَاو - وعمومة لذكر وَأُنْثَى. والشاب والفتى من الْبلُوغ إِلَى الثَّلَاثِينَ ، والكهل مِنْهَا إِلَى
الْخمسين ، وَالشَّيْخ مِنْهَا إِلَى السّبْعين ، والهرم مِنْهَا إِلَى الْمَوْت ، أحسن الله ختاما. وَيَأْتِي فِي الْوَصَايَا. والرهط مَا دون الْعشْرَة من الرِّجَال خَاصَّة وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه وَالْجمع أرهط وأراهط وأراهيط ، وَفِي كشف الْمُشكل الرَّهْط مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة. وَإِن وقف أَو أوصى لأهل قريته أَو قرَابَته أَو إخْوَته وَنَحْوهم ف لَا يدْخل فِي الْوَقْف مُخَالف دينه أَي الْوَاقِف أَو الْمُوصي إِلَّا بقرينه تدل على إرادتهم ، فَلَو كَانُوا كلهم مخالفين لدينِهِ دخلُوا كلهم لِئَلَّا يُؤَدِّي إِلَى رفع اللَّفْظ بِالْكُلِّيَّةِ. فَأن كَانَ فيهم وَاحِد على دينه وَالْبَاقُونَ
يخالفون فَفِي الِاقْتِصَار عَلَيْهِ وَجْهَان ، وَجزم فِي الْإِقْنَاع بِأَنَّهُ لَا يقْتَصر؛ لِأَن حمل الْعَام على الْوَاحِد بعيد جدا وَإِن وقف على جمَاعَة يُمكن حصرهم كبنيه وَإِخْوَته أَو بني فلَان وَلَيْسوا قَبيلَة وَجب تعميمهم بِالْوَقْفِ وَجَبت التَّسْوِيَة بَينهم فِيهِ كَمَا لَو أقرّ لَهُم وَإِلَّا يُمكن كالوقف على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين لم يجب تعميمهم وَجَاز التَّفْضِيل بَينهم لِأَنَّهُ إِذا جَازَ حرمَان بَعضهم جَازَ تَفْضِيل غَيره عَلَيْهِ وَجَاز الِاقْتِصَار على وَاحِد لِأَن مَقْصُود الْوَاقِف عدم مُجَاوزَة الْجِنْس. وَإِن وقف على الْفُقَرَاء أَو على الْمَسَاكِين تنَاول الآخر وَلَا يدْفع إِلَى وَاحِد أَكثر مِمَّا يدْفع إِلَيْهِ من زَكَاة إِن كَانَ على صنف من أصنافها ، وَمن وجد فِيهِ صِفَات أَخذ بهَا كفقير هُوَ غَارِم وَابْن سَبِيل. وَمن يَأْخُذهُ الْفُقَهَاء من الْوَقْف فَهُوَ كرزق من بَيت المَال لَا كجعل وَلَا كَأُجْرَة.
وَإِن وقف على الْقُرَّاء فللحافظ ، وعَلى أهل الحَدِيث فَلِمَنْ عرف وَلَو أَرْبَعِينَ حَدِيثا ، وعَلى الْعلمَاء فلحملة الشَّرْع ، وعَلى سَبِيل الْخَيْر فَلِمَنْ أَخذ من زَكَاة لحَاجَة. وَالْوَقْف عقد لَازم بِمُجَرَّد القَوْل لَا يَنْفَسِخ بإقالة وَلَا غَيرهَا إِلَّا أَن تتعطل مَنَافِعه الْمَقْصُودَة مِنْهُ بخراب وَلم يُوجد مَا يعمر بِهِ ، أَو بِغَيْر خراب وَلَو مَسْجِدا يضيق على أَهله ، أَو خراب محلته أَو حَبِيسًا لَا يصلح للغزو فَيُبَاع وَلَو شَرط واقفه عدم بَيْعه وَشَرطه إِذن فَاسد نصا ، وَيصرف ثمنه فِي مثله أَو بعض مثله ، وَيصِح بيع بعض الْمَوْقُوف لإِصْلَاح بَاقِيَة إِن اتخذ الْوَاقِف والجهة. وَيجوز نقض مَنَارَة مَسْجِد وَجعلهَا فِي حَائِطه لتحصينه نصا. وَيجوز اخْتِصَار آنِية
وانفاق الْفضل على الْإِصْلَاح. وَمن وقف على ثغر فاختل صرف فِي ثغر مثله. وعَلى قِيَاسه مَسْجِد ورباط وَنَحْوهمَا. وَنَصّ الإِمَام أَحْمد فِيمَن وقف على قنطرة فانحرف المَاء: يرصد لَعَلَّه يرجع. وَمَا فضل عَن حَاجَة الْمَوْقُوف عَلَيْهِ مَسْجِدا كَانَ أَو غَيره من حصر وزيت ومغلَّ وَآلَة وَثمنهَا وأنقاض يجوز صرفه فِي مثله وَإِلَى فَقير نصا وَيحرم حفر بِئْر وغرس شجر بِمَسْجِد ، فَإِن فعل طمت وقلعت فَإِن لم تقلع فثمرتها لمساكينه ، وَإِن غرست قبل بنائِهِ ووقفت مَعَه فَإِن عين مصرفها عمل بِهِ وَإِلَّا فكوقف مُنْقَطع لوَرَثَة الْوَاقِف.