الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَاب النَّفَقَات)
. جمع نَفَقَة وَتجمع على نفاق كثمرة وثمار ، وَهِي لُغَة الدَّرَاهِم وَنَحْوهَا من الْأَمْوَال ، مَأْخُوذَة من النافقاء مَوضِع يَجعله اليربوع فِي مُؤخر الْجُحر رَقِيقا بعده لِلْخُرُوجِ إِذا أَتَى من بَاب الْجُحر رَفعه بِرَأْسِهِ وَخرج مِنْهُ ، وَمِنْه النِّفَاق لِأَنَّهُ خُرُوج من الْإِيمَان أَو خُرُوج الْإِيمَان من الْقلب فَسمى الْخُرُوج نَفَقَة لذَلِك. وَشرعا كِفَايَة من يمونه خبْزًا وأدم وَكِسْوَة وتوابعها كَمَاء شرب وطهارة وإعفاف وَنَحْوه ، وَيجب على زوج نَفَقَة زَوجته وَلَو مُعْتَدَّة من وَطْء بِشُبْهَة غير مطاوعة لواطىء؛ لِأَن للزَّوْج أَن يسْتَمْتع مِنْهَا بِدُونِ الْفرج فَإِن طاوعت فَلَا نَفَقَة لَهَا لِأَنَّهَا فِي معنى الناشز من مَأْكُول ومشروب وَكِسْوَة وسكنى بِالْمَعْرُوفِ لحَدِيث (عَلَيْكُم رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ) وويعتبر حَاكم ذَلِك بحالهما إِن تنَازعا فيفرض لموسرة مَعَ مُوسر عِنْد
تنَازع الزَّوْجَيْنِ من أرفع خبز الْبَلَد الْخَاص وأدمه الْمُعْتَاد لمثلهَا وَلَحْمًا عَادَة الموسرين بمحلهما ، وتنقل متبرمة من أَدَم إِلَى آخر ، وَلَا بُد من ماعون الدَّار ويكتفي بخزف وخشب وَالْعدْل مَا يَلِيق بهما وَمن الْكسْوَة مَا يلبس مثلهَا من حَرِير وقز وجيد كتَّان وقطن على مَا جرت بِهِ الْعَادة لمثلهَا من الموسرات بذلك الْبَلَد وَأقله قَمِيص وَسَرَاويل وطرحة هِيَ مَا تضيفه فَوق المقنعة ومقنعة ومداس وجبة الشتَاء ، ويفرض لَهَا مَا ينَام مثلهَا عَلَيْهِ وَهُوَ فرَاش ولحاف ومخدة وَأَقل مَا يفْرض للجلوس بِسَاط ورفيع الْحصْر. ويفرض لفقيرة مَعَ فَقير كفايتها من أدنى خبز الْبَلَد وَهُوَ الخشكار وأدمه وزيت مِصْبَاح وَلحم الْعَادة. ويفرض لفقيرة من كسْوَة وَمَا يلبس مثلهَا وَمَا ينَام مثلهَا عَلَيْهِ. وَيجْلس عَلَيْهِ ، ويفرض لمتوسطة مَعَ متوسط وموسرة مَعَ فَقير وعكسها أَي فقيرة مَعَ مُوسر مَا بَين ذَلِك لِأَنَّهُ اللَّائِق بحالتهما لِأَن فِي إِيجَاب الْأَعْلَى لموسرة تَحت فَقير ضَرَرا عَلَيْهِ بتكليفه مَا لَا يَسعهُ حَاله وَإِيجَاب الْأَدْنَى ضَرَر عَلَيْهَا فالتوسط أولى ، وَإِيجَاب الْأَعْلَى لفقيرة تَحت مُوسر زِيَادَة على مَا يَقْتَضِيهِ حَالهَا ، وَقد أَمر بِالْإِنْفَاقِ من سعته فالتوسط أولى ، وموسر نصفه حر كمتوسطين ، ومعسر نصفه حر كمعسرين ، وَلَا يملك الْحَاكِم أَن يفْرض الْقيمَة أَي قيمَة النَّفَقَة إِلَّا برضاهما أَي الزَّوْجَيْنِ ، وَإِن طلبت مَكَان الْخبز حبا أَو دَرَاهِم أَو دَقِيقًا أَو غير ذَلِك أَو مَكَان الْكسْوَة دَرَاهِم أَو غَيرهَا لم يلْزمه بذله ، وَلَا يلْزمهَا قبُوله بِغَيْر رِضَاهَا لَو بذله ، وَلَو تَرَاضيا على ذَلِك جَازَ.
وَعَلِيهِ أَي الزَّوْج مُؤنَة نظافتها أَي الزَّوْجَة من دهن وَسدر وَثمن مَاء ومشط وَأُجْرَة قيمَة بتَشْديد الْيَاء التَّحْتَانِيَّة الَّتِي تغسل شعرهَا وتسرحه وتضفره وَعَلِيهِ كنس الدَّار وَنَحْوه و [لَا] يلْزمه [دَوَاء وَأُجْرَة طيب] لَو مَرضت لِأَن ذَلِك لَيْسَ من حَاجَتهَا الضرورية الْمُعْتَادَة بل لعَارض فَلَا يلْزمه ، وَلَا يلْزمه أَيْضا ثمن طيب وحناء وخضاب وَنَحْوه ، وَإِن أَرَادَ مِنْهَا تزينا بِمَا ذكر أَو قطع رَائِحَة كريهة وأتاها بِهِ لَزِمَهَا اسْتِعْمَاله. وَيجب عَلَيْهَا ترك حناء وزينة نهى عَنْهُمَا الزَّوْج قَالَه الشَّيْخ تَقِيّ الدّين. وَعَلِيهِ لمن كَانَت بِلَا خَادِم ويخدم مثلهَا وَلَو لمَرض خَادِم وَاحِد وَيجوز كَونه امْرَأَة كِتَابِيَّة ، وَإِن قَالَت: أَنا أخدم نَفسِي وآخذ مَا يجب لخادم ، أَو قَالَ هُوَ أَنا أخدمك بنفسي وَأبي الآخر لم يجْبر. وَيلْزمهُ مؤنسة لحَاجَة. وَالْوَاجِب دفع الْقُوت أول نَهَار كل يَوْم ، وَيجوز مَا اتفقَا عَلَيْهِ من تَعْجِيل وَتَأْخِير وَلَا يجْبر من أبي ، وَتجب النَّفَقَة وَالْكِسْوَة وَنَحْوهمَا لمطلقة رَجْعِيَّة سَوَاء كَانَت حَامِلا أَو لَا كَزَوْجَة ، وَتجب ل [بَائِن] بِفَسْخ أَو طَلَاق حَامِل وَكَذَا ناشز [حَامِل] وَلَا شَيْء لغير الْحَامِل ، وَلَا تجب النَّفَقَة لزوجة متوفى عَنْهَا زَوجهَا من مَاله وَلَو حَامِلا بل من نصيب الْحمل ، قَالَ فِي الْإِقْنَاع: وَلَا نَفَقَة من التَّرِكَة لمتوفى عَنْهَا زَوجهَا وَلَو حَامِلا ، وَنَفَقَة الْحمل من نصِيبه ، وَلَا لأم ولد حَامِل وتنفق من مَال حملهَا نصا وَلَا سُكْنى لَهما وَلَا كسْوَة. انْتهى.
وَتجب لحمل ملاعنة إِلَى أَن يَنْفِيه بِلعان بعد وَضعه. وَمن أنْفق على بَائِن يَظُنهَا حَامِلا فَبَانَت حَائِلا رَجَعَ عَلَيْهَا. وَمن ترك الْإِنْفَاق يَظُنهَا حَائِلا فَبَانَت حَامِلا لزمَه نَفَقَة مَا مضى. وَمن ادَّعَت حملا وَجب إِنْفَاق ثَلَاثَة أشهر فان مَضَت وَلم يبن رَجَعَ ، وَالنَّفقَة لنَفس الْحمل لَا لَهَا من أَجله. فَتجب بِوُجُودِهِ وَتسقط عِنْد انقضائه ، وعَلى هَذَا لَو مَاتَ بِبَطْنِهَا انْقَطَعت لِأَنَّهَا لَا تجب لمَيت ، قَالَ فِي شرح الْمُنْتَهى: وَتسقط نَفَقَته بِمُضِيِّ الزَّمَان كَسَائِر الْأَقَارِب ، قَالَ المنقح: مَا لم تستدن بِإِذن الْحَاكِم أَو تنْفق بنية الرُّجُوع. انْتهى وَمن حبست عَن زَوجهَا وَلَو ظلما سَقَطت نَفَقَتهَا أَو نشزت أَو صَامت صوما نفلا أَو صَامت لكفارة أَو قَضَاء رَمَضَان وَوَقته أَي الْقَضَاء متسع سَقَطت نَفَقَتهَا أَو حجت حجا نفلا بِلَا إِذْنه أَو سَافَرت لحاجتها أَو لزيارة أَو نزهة وَلَو بِإِذْنِهِ أَو زنت فسافرت لأجل التَّغْرِيب سَقَطت نَفَقَتهَا لعدم التَّمْكِين بِخِلَاف حج فرض أَو صَلَاة مَكْتُوبَة فِي وَقتهَا بسنتها. وَلها أَي الزَّوْجَة الْكسْوَة على الزَّوْج والغطاء والوطاء كل عَام مرّة فِي أَوله من زمن الْوُجُوب وتملكه بِقَبض فَلَا بدل لما سرق أَو بلَى ، وَإِن انْقَضى الْعَام وَالْكِسْوَة بَاقِيَة فَعَلَيهِ كسْوَة الْعَام الْجَدِيد اعْتِبَارا بِمُضِيِّ الزَّمَان. وَإِن أكلت مَعَه أَو كساها بِلَا إِذْنهَا سَقَطت وَمَتى لم ينْفق عَلَيْهَا مُدَّة لعذر أَو غَيره وَلَو غَائِبا أَو مُعسرا لم تسْقط وَلَو لم يفرضها حَاكم وَتبقى النَّفَقَة دينا فِي ذمَّته أَي الزَّوْج ، وَلَو منع مُوسر نَفَقَة أَو كسْوَة أَو بعضهما وقدرت على مَاله أخذت كفايتها
وكفاية وَلَدهَا الصَّغِير عرفا بِغَيْر إِذْنه وَإِن لم تقدر أجْبرهُ حَاكم فَإِن أبي حَبسه فَإِن أصر على الْحَبْس وَقدر الْحَاكِم على مَاله أنْفق مِنْهُ ، فَإِن لم يقدر على مَاله أخذا وَلم يقدر على النَّفَقَة من مَال غَائِب وَلم يجد إِلَّا عرُوضا أَو عقارا بَاعه وَأنْفق عَلَيْهَا مِنْهُ ، فَيدْفَع إِلَيْهَا نَفَقَة يَوْم بِيَوْم فَإِن تعذر ذَلِك فلهَا الْفَسْخ بحاكم ، وَإِذا أعْسر بنفقتها فبذلها غَيره لم تجبر إِلَّا إِن ملكهَا الزَّوْج أَو دَفعهَا إِلَيْهَا وَكيله وَكَذَا من أَرَادَ قَضَاء دين عَن غَيره فَلم يقبل ربه أَي الدّين فَلَا يجْبر وَتقدم فِي السّلم ، وَإِن أنفقت الزَّوْجَة من مَاله أَي الزَّوْج فِي غيبته فَإِن الزَّوْج مَيتا رَجَعَ عَلَيْهَا أَي الزَّوْجَة وَارِث بِمَا أنفقته بعد مَوته ، سَوَاء أنفقته بِنَفسِهَا أَو بِأَمْر حَاكم لانْقِطَاع وجوب النَّفَقَة عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ [وَمن تسلم من] أَي زَوْجَة [يلْزمه] الزَّوْج [تسلمها] وَهِي الَّتِي يُوطأ مثلهَا وَجَبت نَفَقَتهَا وكسوتها أَو بذلته أَي التَّسْلِيم للزَّوْج تسلما تَاما هِيَ أَو وَليهَا وَجَبت عَلَيْهِ نَفَقَتهَا وكستها وَلَو مَعَ صغره أَي الزَّوْج ومرضه وعنته وجبه أَي قطع ذكره بِحَيْثُ لَا يُمكنهُ الْوَطْء ، أَو مَعَ تعذر وَطْء لحيض ونفاس أَو رتق أَو قرن أَو لكَونهَا نضوة الْخلقَة أَو مَرِيضَة أَو حدث بهَا شَيْء من ذَلِك عِنْده فَيلْزمهُ نَفَقَتهَا وكسوتها لَكِن لَو امْتنعت ثمَّ مَرضت فبذلته فَلَا نَفَقَة لَهَا ، وَإِن كَانَت الزَّوْجَة صَغِيرَة لَا يُمكن وَطْؤُهَا وَزوجهَا طِفْل أَو بَالغ لم تجب نَفَقَتهَا وَلَو مَعَ تَسْلِيم نَفسهَا لِأَنَّهَا لَيست للاستمتاع. وَمن بذلته وَزوجهَا غَائِب لم يفْرض لَهَا حَتَّى يراسله حَاكم ويمضي زمن يُمكن قدومه فِي مثله
وَلها أَي الزَّوْجَة منع تَسْلِيم نَفسهَا لزَوجهَا قبل دُخُول بهَا لقبض مهر حَال ، وَلها عَلَيْهِ النَّفَقَة إِذا ، وَعلم مِنْهُ أَنه لَيْسَ لَهَا منع نَفسهَا بعد الدُّخُول حَتَّى تقبضه ، وَلَا قبله حَتَّى تقبض الْمهْر الْمُؤَجل حَتَّى وَلَو حل الدُّخُول فَإِن فعلت فَلَا نَفَقَة لَهَا ، وَكَذَا وَلَو تساكنا بعد العقد فَلم يطْلبهَا الزَّوْج وَلم تبذل نَفسهَا وَلَا بذلها وَليهَا ، وَإِن طَال مقَامهَا على ذَلِك فَلَا نَفَقَة لَهَا لِأَن النَّفَقَة فِي مُقَابلَة التَّمْكِين الْمُسْتَحق وَلم يُوجد ، وَإِن أعْسر الزَّوْج بِنَفَقَة مُعسر فَلم يجد الْقُوت أَو أعْسر بكسوة مُعسر أَو أعْسر ب بَعْضهَا أَي النَّفَقَة أَو الْكسْوَة ، أَو أعْسر بمسكن مُعسر ، أَو صَار مُعسرا ، وَصَارَ لَا يجد النَّفَقَة إِلَّا يَوْمًا دون يَوْم فلهَا الْفَسْخ فَوْرًا ومتراخيا ، وَلها الْمقَام مَعَه مَعَ منع نَفسهَا وبدونه ، وَسَوَاء كَانَت حرَّة بَالِغَة رَشِيدَة أَو رقيقَة أَو صَغِيرَة أَو سَفِيهَة دون سَيِّدهَا أَو وَليهَا أَي فَلَا خيرة لَهُ وَلَا مَجْنُونَة لاخْتِصَاص الضَّرَر بهَا وَلَا تفسخ الزَّوْجَة إِن أعْسر زَوجهَا بِمَا أَي دين فِي ذمَّته أَو إِن غَابَ عطف على قَوْله: إِن أعْسر أَي إِن غَابَ مُوسر عَن زَوجته وتعذرت عَلَيْهَا النَّفَقَة باستدانة أَو غَيرهَا كَمَا إِذا لم يكن لَهُ مَال تتَنَاوَل مِنْهُ فلهَا أَي الزَّوْجَة الْفَسْخ جَوَاب الشَّرْط لتعذر الْإِنْفَاق عَلَيْهَا ، وَلَا يمْنَعهَا تكسبا وَلَا يحبسها مَعَ عسرته إِذا لم تفسخ لِأَنَّهُ إِضْرَار بهَا ، وَسَوَاء كَانَت غنية أَو فقيرة ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يملك حَبسهَا إِذا كفاها المئونة وأغناها عَمَّا لَا بُد لَهَا مِنْهُ. وتملك الْفَسْخ بعد رِضَاهَا بالْمقَام مَعَه وَبعد قَوْلهَا رضيت بعسرته أَو تزوجته عَالِمَة بهَا.
وَتبقى نَفَقَة مُعسر وَكسوته ومسكنه لزوجته إِن أَقَامَت مَعَه وَلم تمنع نَفسهَا دينا فِي ذمَّته ، وَمن قدر أَن يكْسب أجبر. وَلَا تملك الْفَسْخ إِلَّا بحاكم فَيفْسخ بطلبها أَو تفسخ بأَمْره وَترجع الزَّوْجَة على زَوجهَا بِمَا استدانته لَهَا أَو لولدها الصَّغِير مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَت استدانتها بِإِذن حَاكم أَو لَا.