المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(كتاب الْإِقْرَار) كتاب الْإِقْرَار. وَهُوَ لُغَة الِاعْتِرَاف لقَوْله تَعَالَى (وَإِذ أَخذ - كشف المخدرات لشرح أخصر المختصرات - جـ ٢

[البعلي، عبد الرحمن بن عبد الله]

الفصل: ‌ ‌(كتاب الْإِقْرَار) كتاب الْإِقْرَار. وَهُوَ لُغَة الِاعْتِرَاف لقَوْله تَعَالَى (وَإِذ أَخذ

(كتاب الْإِقْرَار)

كتاب الْإِقْرَار. وَهُوَ لُغَة الِاعْتِرَاف لقَوْله تَعَالَى (وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين) الْآيَة وَقَوله تَعَالَى (وءاخرون اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) . وَقَوله تَعَالَى: (أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى) ورجم النَّبِي ماعزا والغامدية بإقرارها. وَشرعا الْإِظْهَار فَقَالَ رحمه الله: يَصح الْإِقْرَار من مُكَلّف أَي بَالغ عَاقل لَا من صَغِير غير مَأْذُون وَلَا من مَجْنُون مُخْتَار لَا مكره عَلَيْهِ بِلَفْظ أَو كِتَابَة أَو إِشَارَة من أخرس فَقَط لَا من نَاطِق وَلَا مِمَّن يثقل لِسَانه. وَلَا يَصح الْإِقْرَار على الْغَيْر إِلَّا إِذا كَانَ من وَكيل فَيصح على مُوكله فِيمَا وَكله فِيهِ وَإِلَّا من ولي على موليه وَإِلَّا من وَارِث على مُوَرِثه بِمَا يُمكن صدقه، بِخِلَاف مَا لَو أقرّ بِجِنَايَة من عشْرين سنة وَسنة دونهَا. وَيصِح الْإِقْرَار من مَرِيض مرض الْمَوْت الْمخوف بوارث وَيَأْخُذ

ص: 855

دين من وَارِث وبمال لغير وَارِث، وَلَا يقبل الْإِقْرَار من مَرِيض مرض الْمَوْت بِمَال وَارِث إِلَّا بِبَيِّنَة أَو إجَازَة بَاقِي الْوَرَثَة كالعطية وَلِأَنَّهُ مَحْجُور عَلَيْهِ فِي حَقه فَلم يَصح إِقْرَاره لَهُ، لَكِن يلْزم الْإِقْرَار إِن كَانَ حَقًا وَإِن لم يقبل وَلَو صَار الْوَارِث الْمقر لَهُ عِنْد الْمَوْت أَجْنَبِيّا وَيصِح إِقْرَاره لأَجْنَبِيّ وَلَو صَار عِنْد الْمَوْت وَارِثا اعْتِبَارا بِحَالَة الْإِقْرَار لَا بِالْمَوْتِ عكس الْوَصِيَّة، فَمن أقرّ لِأَخِيهِ فَحدث لَهُ ابْن، أَو قَامَ بِهِ مَانع لم يَصح إِقْرَاره. وَإِن أقرّ لَهُ وللمقر ابْن فَمَاتَ الابْن قبل الْمقر صَحَّ الْإِقْرَار، وَإِعْطَاء كإقرار فَلَو أعطَاهُ وَهُوَ غير وَارِث صَحَّ الْإِعْطَاء وَلَو صَار وَارِثا عِنْد الْمَوْت لعدم التُّهْمَة إِذْ ذَاك ذكر هَذِه الْمَسْأَلَة فِي التَّرْغِيب وَوَافَقَهُ مُوسَى الحجاوي عَلَيْهَا وتبعهما الْمَنْصُور عَلَيْهَا، وَالصَّحِيح أَن الْعبْرَة فِيهَا بِحَالَة الْمَوْت كَالْوَصِيَّةِ عكس الْإِقْرَار فيقف على إجَازَة الْوَرَثَة. وَإِن أقرَّت امْرَأَة وَلَو سَفِيهَة أَو أقرّ وَليهَا الْمُجبر أَو الَّذِي أَذِنت لَهُ فِي النِّكَاح بِنِكَاح لم يَدعه أَي النِّكَاح إثنان قبل أَو أقرَّت لاثْنَيْنِ قبل إِقْرَارهَا لِأَنَّهُ حق عَلَيْهَا وَلَا تُهْمَة فِيهِ فَلَو أَقَامَا بينتين قدم أسبقهما تَارِيخا فَإِن جَهله الْوَلِيّ فسخا وَلَا تَرْجِيح لأَحَدهمَا بِكَوْنِهَا بِيَدِهِ. وَيقبل إِقْرَار صبي تمّ لَهُ عشر سِنِين أَنه بلغ باحتلام، وَمثله جَارِيَة لَهَا تسع سِنِين لَا بسن إِلَّا بِبَيِّنَة. وَمن ادّعى عَلَيْهِ بِشَيْء كألف مثلا فَقَالَ فِي جَوَابه نعم أَو قَالَ بلَى أَو نَحْوهمَا كصدقت أَو إِنِّي مقرّ أَو قَالَ: اتزنه أَو خُذْهُ أَو اقبضه أَو هِيَ صِحَاح أَو كَأَنِّي جَاحد لَك حَقك فقد أقرّ لَهُ

ص: 856

لوُقُوع ذَلِك عقب الدَّعْوَى، لَا إِن قَالَ أَنا أقرّ وَلَا أنكر أَو خُذ لاحْتِمَال أَن يكون المُرَاد خُذ الْجَواب، أَو أَي وَلَا يقبل إِن قَالَ اتزن أَو نَحوه كأحرز أَو افْتَحْ كمك لاحْتِمَال أَن يكون ذَلِك لشَيْء غير الْمُدعى بِهِ. وَلَا يضر الْإِنْشَاء فِيهِ أَي فِي الْإِقْرَار كَأَن قَالَ: لَهُ على إِن شَاءَ الله، أَو إِلَّا أَن يَشَاء الله بل هُوَ إِقْرَار صَحِيح وَإِذا قَالَه لَهُ عَليّ ألف لَا يلْزَمنِي أَو قَالَ لَهُ على ألف من ثمن خمر وَنَحْوه. كَثمن كلب أَو: من مُضَارَبَة تلفت وَشرط على ضَمَانهَا أَو وَدِيعَة وَنَحْو ذَلِك يلْزمه أَي الْمقر ألف لِأَن مَا ذكر بعد قَوْله لَهُ على ألف رفع لجَمِيع مَا أقرّ بِهِ فَلَا يقبل كاستثناء الْكل وَإِن قَالَ لَهُ عَليّ ألف أَو كَانَ لَهُ عَليّ ألف قَضيته إِيَّاه أَو بعضه أَو قَالَ بَرِئت مِنْهُ وَلم يعزه لسَبَب ف هُوَ مُنكر يقبل قَوْله بِيَمِينِهِ نصا طبق جَوَابه ويخلى سَبيله حَيْثُ لَا بَيِّنَة، هَذَا الْمَذْهَب، قَالَ فِي الْإِنْصَاف: لِأَنَّهُ رفع مَا ثَبت بِدَعْوَى الْقَضَاء مُتَّصِلا. وَقَالَ أَبُو الْخطاب: يكون مقرا مُدعيًا للْقَضَاء فَلَا يقبل إِلَّا بِبَيِّنَة، فَإِن لم تكن بَيِّنَة حلف الْمُدعى أَنه لم يقْض وَلم يُبرئهُ وَاسْتحق، وَقَالَ: هَذَا رِوَايَة وَاحِدَة ذكرهَا ابْن أبي مُوسَى. وَاخْتَارَهُ أَبُو الْوَفَاء وَابْن عَبدُوس فِي تَذكرته وَقدمه فِي الْمَذْهَب وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِير. انْتهى. قَالَ ابْن هُبَيْرَة: لَا يَنْبَغِي للْقَاضِي الْحَنْبَلِيّ أَن يحكم بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة وَيجب الْعَمَل بقول أبي الْخطاب لِأَنَّهُ الأَصْل وَعَلِيهِ جَمَاهِير الْعلمَاء، فَإِن ذكر السَّبَب فقد اعْترف بِمَا يُوجب الْحق من عقد أَو غصب أَو نَحْوهمَا

ص: 857

فَلَا يقبل قَوْله أَنه بَرِيء مِنْهُ إِلَّا بِبَيِّنَة. انْتهى من شرح الْمُنْتَهى. وَإِن ثَبت مَا أقرّ بِهِ بِبَيِّنَة أَو عزاهُ الْمقر لسَبَب كَأَن قَالَ: عَليّ كَذَا من قرض أَو ثمن فَلَا يقبل قَوْله حَيْثُ ثَبت عَلَيْهِ بِبَيِّنَة أَو عزاهُ لسَبَب، وَإِن أقرّ لَهُ بِأَلف وَأنكر سَبَب الْحق الْمُوجب للألف ثمَّ ادّعى الدّفع بِبَيِّنَة لم يقبل ذَلِك مِنْهُ. وَيصِح اسْتثِْنَاء النّصْف فَأَقل فَيلْزمهُ ألف فِي قَوْله: عَليّ ألف إِلَّا ألفا أَو إِلَّا سِتّمائَة، وَله عشرَة إِلَّا خَمْسَة يلْزمه خَمْسَة بِشَرْط أَلا يسكت بَين المستثني والمستثنى مِنْهُ وَأَن يكون من جنسه ونوعه. وَمن قَالَ: لَهُ على هَؤُلَاءِ العبيد الْعشْرَة إِلَّا وَاحِدًا فَصَحِيح وَيلْزمهُ تَسْلِيم تِسْعَة، فَإِن مَاتُوا أَو قتلوا أَو غصبوا إِلَّا وَاحِدًا فَقَالَ هُوَ الْمُسْتَثْنى قبل بِيَمِينِهِ. وَيصِح الِاسْتِثْنَاء من الِاسْتِثْنَاء فَمن قَالَ: لَهُ على سَبْعَة إِلَّا ثَلَاثَة إِلَّا درهما يلْزمه خَمْسَة وَمن أقرّ بِقَبض أَو إقباض أَو هبة وَنَحْوهَا كرهن وَنَحْوه ثمَّ أنكر الْمقر بِأَن قَالَ: مَا قَبضته وَنَحْوه وَلم يجْحَد إِقْرَاره الصَّادِر مِنْهُ بِالْقَبْضِ والإقباض وَالْحَال أَنه لَا بَيِّنَة تشهد بذلك وَسَأَلَ إحلاف خَصمه لزمَه لجَرَيَان الْعَادة بِالْإِقْرَارِ بذلك قبله، وَمن بَاعَ شَيْئا أَو وهب شَيْئا أَو أعتق عبدا ثمَّ أقرّ بذلك أَي بِمَا بَاعه أَو وهبه أَو أعْتقهُ لغيره لم يقبل إِقْرَاره على مُشْتَر أَو متهب أَو عَتيق لِأَنَّهُ أقرّ على غَيره وتصرفه نَافِذ ويغرمه أَي بدله لمقر لَهُ. وَإِن قَالَ: لم يكن ملكي ثمَّ ملكته بعد، قبل بِبَيِّنَة تشهد بِهِ مَا لم

ص: 858

يكذبها أَي الْبَيِّنَة بِنَحْوِ قبضت ثمن ملكي أَو قَالَ بِعْتُك أَو وَهبتك ملكي هَذَا، فَإِن وجد ذَلِك لم تسمع بِبَيِّنَة، وَلَا يقبل رُجُوع مقرّ عَن إِقْرَاره إِلَّا فِي حد لله تَعَالَى، فَأَما حُقُوق الْآدَمِيّين وَحُقُوق الله تَعَالَى الَّتِي لَا تدرأ بِالشُّبُهَاتِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَة فَلَا يقبل رُجُوعه عَنْهَا. وَمن قَالَ: غصبت هَذَا العَبْد من زيد لَا بل من عَمْرو أَو غصبته مِنْهُ وغصبه هُوَ من عَمْرو فَهُوَ لزيد وَيغرم قِيمَته لعَمْرو وغصبته من زيد وَملكه لعمر فَهُوَ لزيد وَلَا يغرم لعَمْرو شَيْئا وَإِن قَالَ: لَهُ عَليّ شَيْء أَو لَهُ عَليّ كَذَا أَو لَهُ مَال عَظِيم وَنَحْوه كخطير أَو كثير أَو نَفِيس، أَو زَاد: عِنْد الله، قيل لَهُ فسره، وَيلْزمهُ تَفْسِيره فَإِن فسره بِشَيْء وَصدقه الْمقر لَهُ ثَبت. وَإِن أَبى تَفْسِيره حبس حَتَّى يفسره وَيقبل تَفْسِيره بِأَقَلّ مَال لِأَن الشَّيْء يصدق على أقل مُتَمَوّل، والعظيم وَنَحْوه لَا حد لَهُ فِي الشَّرْع وَلَا فِي الْعرف وَيخْتَلف النَّاس فَمنهمْ من يعظم الْقَلِيل وَمِنْهُم من يعظم الْكثير فَلم يثبت فِي ذَلِك حد يرجع إِلَى تَفْسِيره، وَأي وَيقبل تَفْسِيره بكلف مُبَاح نَفعه وبحد قذف وشفعة لَا بميتة أَو خمر أَو كلب غيرمباح أَو مَالا يتمول كقشر جوزة وَنَحْوه كحبة بر ورد سَلام وتشميت عاطس. وَإِن قَالَ: لَهُ عَليّ مَا بَين دِرْهَم وَعشرَة دَرَاهِم لزمَه ثَمَانِيَة، لَهُ مَا بَين دِرْهَم إِلَى عشرَة، وَمن دِرْهَم إِلَى عشرَة، يلْزمه تِسْعَة. وَله على قفيز حِنْطَة بل قفيز شعير، أَو دِرْهَم بل دِينَار لزماه، وَله عليَّ دِرْهَم أَو دِينَار لزمَه أَحدهمَا ويعينه، وَله عَليّ دِرْهَم فِي دِينَار لزمَه دِرْهَم، وَإِن قَالَ أردْت الْعَطف أَو مَعَ لزماه،

ص: 859

وَإِن قَالَ لَهُ عِنْدِي تمر فِي جراب بِكَسْر الْجِيم أَو لَهُ عِنْدِي سكين فِي قرَاب بِكَسْر الْقَاف أَو لَهُ فص فِي خَاتم وَنَحْو ذَلِك كَثوب فِي منديل، أَو عبد عَلَيْهِ عِمَامَة، أَو دَابَّة عَلَيْهَا سرج، أَو سرج على دَابَّة، أَو عِمَامَة على عبد، أَو دَار مفروشة، أَو دَابَّة فِي بَيت أَو زَيْت فِي زق يلْزمه الأول دون الثَّانِي. وَإِقْرَاره بشجر لَيْسَ إِقْرَاره بأرضه فَلَا يملك غرس مَكَانهَا لَو ذهبت وَلَا يملك رب الأَرْض قلعهَا، وثمرتها للْمقر لَهُ وَإِقْرَاره بِأمة لَيْسَ إِقْرَاره بحملها، وببستان يَشْمَل أشجاره، وبشجرة يَشْمَل أَغْصَانهَا. وَإِن اتفقَا على عقد وَادّعى أَحدهمَا صِحَة العقد وَادّعى الآخر فَسَاده فَالْقَوْل قَول مدعى الصِّحَّة بِيَمِينِهِ. وَمن قَالَ بِمَرَض مَوته: هَذِه الْألف لقطَة فتصدقوا بِهِ، وَلَا مَا لَهُ غَيره لزم الْوَرَثَة الصَّدَقَة بِجَمِيعِهِ وَلَو كذبوه. وَيحكم بِإِسْلَام من أقرّ وَلَو مُمَيّزا أَو قبيل مَوته بِشَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله تَسْلِيمًا.

اللَّهُمَّ اجْعَلنِي مِمَّن أقرّ بهَا مخلصا فِي حَيَاته وَعند مماته وَبعد وَفَاته آمين وَالله سبحانه وتعالى أعلم بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمرجع والمآب.

قَالَ مُؤَلفه تغمده الله برحمته وَأَسْكَنَهُ أَعلَى فراديس جنته: وَهَذَا آخر مَا تيَسّر جمعه بمعونة الْملك الْوَهَّاب، وَأَنا أسأله تَعَالَى أَن يَجعله خَالِصا لوجهه الْكَرِيم، ونجاه من نَار الْجَحِيم وَالْعَذَاب الْأَلِيم، وَمَفَازًا بالنعيم الْمُقِيم، إِنَّه حَلِيم كريم رءوف رَحِيم، وَأَن ينفع بِهِ من اشْتغل بِهِ أَو نظر فِيهِ أَو تَأمل مَعَانِيه، وَأَن يحشرنا بحت لِوَاء سيد الْمُرْسلين، وَأَن يغْفر لي وَسَائِر الْمُسلمين أَجْمَعِينَ، وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم، وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين.

لخطأ لأَنهم متهمون لما فِي ذَلِك من دفع الدِّيَة عَن أنفسهم، وَلَو كَانَ الشَّاهِد فَقِيرا أَو بَعيدا فِي الْأَصَح لجَوَاز أَن يوسر أَن يَمُوت من هُوَ أقرب مِنْهُ، وَلَا شَهَادَة الْغُرَمَاء بِجرح شُهُود دين على مُفلس، وَلَا شَهَادَة الضَّامِن لمن ضمنه بِقَضَاء الْحق أَو الْإِبْرَاء مِنْهُ، وَلَا شَهَادَة عَدو على عدوه. وَيعْتَبر فِي الْعَدَاوَة كَونهَا لغير الله تَعَالَى فِي غير عقد نِكَاح وَأما فِيهِ فَتقبل، وَمن سره مساءة أحد أَو غمه فرحه فَهُوَ عدوه قَالَ فِي التَّرْغِيب: وَمن موانعها العصبية فَلَا شَهَادَة لمن عرف بهَا وبالإفراط فِي الحمية كتعصب قَبيلَة على قَبيلَة وَإِن لم يبلغ رُتْبَة الْعَدَاوَة انْتهى.

وكل من قُلْنَا لَا تقبل شَهَادَته لَهُ كعمودي نسب وَنَحْو ذَلِك فَإِنَّهَا تقبل عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا تهمه فِيهَا فَوَجَبَ أَن تقبل عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ، وكل من تقبل شَهَادَة لَهُ لَا تقبل بِجرح شَاهد عَلَيْهِ كالسيد يشْهد بِجرح من شهد على مكَاتبه أَو عَبده بدين، لِأَنَّهُ مُتَّهم فِيهَا لم يحصل فِيهَا من دفع الضَّرَر عَن نَفسه فَكَأَنَّهُ شهد لنَفسِهِ، وَقد قَالَ الزُّهْرِيّ: مَضَت السّنة فِي الْإِسْلَام أَنه لَا يجوز شَهَادَة خصم وَلَا ظنين. والظنين الْمُتَّهم. وَتقبل مِمَّن صناعته دنيئة عرفا كحجام وحائك وحارس ونخال وَهُوَ الَّذِي يتَّخذ غربالا أَو نَحوه يغربل بِهِ فِي مجاري المَاء. وَمَاء الطَّرِيق وَغَيرهَا وَهُوَ المقلش وصباغ وزبال وكناس الْعذرَة فَإِن صلى بِالنَّجَاسَةِ وَلم ينظف لم تقبل شَهَادَته. وَمَتى زَالَت الْمَوَانِع مِنْهُم فَبلغ الصَّغِير وعقل الْمَجْنُون وَأسلم الْكَافِر وَتَابَ الْفَاسِق قبلت شَهَادَتهم بِمُجَرَّد ذَلِك وَلَا يعْتَبر فِي التائب إصْلَاح الْعَمَل وَتقدم بَيَان التَّوْبَة فِي حكم الْمُرْتَد، والقاذف بالشتم ترد شَهَادَته وَرِوَايَته حَتَّى يَتُوب، وَالشَّاهِد بِالزِّنَا إِذا لم تصل الْبَيِّنَة تقبل رِوَايَته لَا شَهَادَته.

ص: 860