الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(فصل)
. وَالْقِسْمَة بِكَسْر الْقَاف اسْم مصدر من قسمت الشَّيْء فانقسم، وَشرعا تَمْيِيز بعض الْأَنْصِبَاء عَن بعض وإفرازها عَنْهَا، وَقسم النَّبِي خَيْبَر على ثَمَانِيَة عشر سَهْما، وَهِي نَوْعَانِ: أَحدهمَا قسْمَة ترَاض وَهِي فِيمَا لَا يَنْقَسِم إِلَّا بِضَرَر على الشُّرَكَاء أَو أحدهم لحَدِيث (لَا ضَرَر وَلَا ضرار) ، أَو لَا يقسم إِلَّا ب رد عوض مِنْهُم أَو من أحدهم لِأَنَّهَا مُعَاوضَة بِغَيْر الرِّضَا كحمام ودور صغَار بِحَيْثُ يتعطل الِانْتِفَاع بهَا إِذا قسمت أَو يقل، وكشجر مُفْرد وَأَرْض بِبَعْضِهَا بِئْر أَو نَحوه لَا يُمكن قسمتهَا بالأجزاء وَالتَّعْدِيل. وَشرط لَهَا أَي الْقِسْمَة رِضَاء كل الشُّرَكَاء لِأَن فِيهَا إِمَّا ضَرَر أَو رد عوض وَكِلَاهُمَا لَا يجْبر الْإِنْسَان عَلَيْهِ. وَحكمهَا أَي هَذِه الْقِسْمَة ك حكم بيع يجوز فِيهَا مَا يجوز فِيهِ لمَالِك ووليه خَاصّا لما فِيهَا من الرَّد وَبِه تصير بيعا لبذل صَاحبه إِيَّاه عوضا عَمَّا حصل لَهُ من حق شَرِيكه وَهَذَا هُوَ البيع.
قَالَ الْمجد: الَّذِي تقرر عِنْدِي فِيمَا فِيهِ رد أَنه بيع فِيمَا يُقَابل الرَّد وإفراز فِي الْبَاقِي. انْتهى. فَلَا يَفْعَلهَا الْوَلِيّ إِلَّا إِن رَآهَا مصلحَة، وَإِلَّا فَلَا كَبيع عقار موليه وَمن دَعَا شَرِيكه [فِيهَا وَفِي شركَة] نَحْو عبد وَسيف وَفرس وَكتاب وَنَحْوه إِلَى بيع أَو دَعَاهُ إِلَى إجَازَة أجبر الْمُمْتَنع على البيع مَعَه فَإِن أَبى أَي امْتنع شَرِيكه بيع أَي بَاعه حَاكم عَلَيْهِمَا أَو أجر الْمُشْتَرك عَلَيْهِمَا أَي الشَّرِيكَيْنِ وَقسم ثمن أَو قسمت أُجْرَة بَينهمَا نصا. قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: وَهِي مَذْهَب أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد. الثَّانِي من نَوْعي الْقِسْمَة [قسْمَة إِجْبَار وَهِي مَالا ضَرَر فِيهَا] على أحد الشُّرَكَاء وَلَا رد عوض من وَاحِد على غَيره سميت بذلك لإجبار الْمُمْتَنع فِيهَا إِذا كملت شُرُوطه كمكيل من جنس وَاحِد كالحبوب كلهَا والمائعات وَمَا يُكَال من الثِّمَار كالتمر وَالزَّبِيب وَنَحْوهمَا، أَو من غَيرهَا كالأشنان وك مَوْزُون من جنس وَاحِد كالذهب وَالْفِضَّة وَنَحْوهَا من الجامدات سَوَاء كَانَ ذَلِك مِمَّا مسته النَّار كدبس وخل تمر أَولا كدهن وَلبن وك دور كبار ودكاكين وَأَرْض بساتين وَاسِعَة وَلَو لم تتساو أجزاؤها إِذا أمكنت قسمتهَا بالتعديل بِأَن لَا يَجْعَل شَيْء مَعهَا. وَيشْتَرط لحكم الْحَاكِم بالإجبار على الْقِسْمَة ثَلَاثَة شُرُوط: ثُبُوت ملك الدَّعْوَى، وَثُبُوت أَن لَا ضَرَر فِيهَا، وَثُبُوت إِمْكَان التَّعْدِيل للسهام فِي الْمَقْسُوم بِلَا جعل شَيْء مَعهَا وَإِلَّا فَلَا إِجْبَار فَيجْبر شريك أَو وليه إِن كَانَ مَحْجُورا عَلَيْهِ عَلَيْهَا أَي الْقِسْمَة وَيقسم حَاكم على غَائِب من الشَّرِيكَيْنِ أَو وليه، لِأَن قسْمَة الْإِجْبَار حق
على الْغَائِب فَجَاز الحكم بِهِ كَسَائِر الْحُقُوق بِطَلَب شريط للْغَائِب أَو وليه أَي ولي شريط الْغَائِب أَي إِن لم يكن مُكَلّفا، وَهَذِه الْقِسْمَة إِفْرَاز حق أحد الشَّرِيكَيْنِ من حق الآخر، يُقَال أفرزت الشَّيْء وفرزته إِذا عزلته، من الفرزة وَهِي الْقطعَة، فَكَانَ الْإِفْرَاد اقتطاع لحق أَحدهمَا من الآخر لَا بيع لِأَنَّهَا لَو كَانَت بيعا لم تصح بِغَيْر رضَا الشَّرِيك ولوجبت فِيهَا الشُّفْعَة وَلما لَزِمت بِالْقُرْعَةِ، فَيصح قسم لحم هدى وأضاحي، لَا قسم رطب من شَيْء بيابسه كَأَن يكون بَين اثْنَيْنِ قفيز رطب وقفيز تمر أَو رَطْل لحم نبيء ورطل مشوي لم يجز أَن يَأْخُذ أَحدهمَا التَّمْر وَاللَّحم المشوي وَالْآخر الرطب أَو اللَّحْم النيء لوُجُود الرِّبَا الْمحرم لِأَن حِصَّة كل وَاحِد من الرطب تقع بَدَلا من حِصَّة شَرِيكه من الْيَابِس فَيفوت التَّسَاوِي الْمُعْتَبر فِي بيع الربوى بِجِنْسِهِ. وَيصِح قسم ثَمَر يخرص خرصا، وَقسم مَا يُكَال وزنا وَعَكسه. وَيصِح أَن يتقاسما بأنفسهما وَأَن ينصبا قاسما، لِأَن الْحق لَا يعدوهما وَأَن يسألا حَاكما نَصبه، وَشرط كَون قاسما مُسلما إِذا نَصبه حَاكم وَكَونه عدلا وَكَونه عَارِفًا بِالْقِسْمَةِ ليحصل مِنْهُ الْمَقْصُود مَا لم يرضو بِغَيْرِهِ لِأَن الْحق لَا يعدوهم، وَيَكْفِي قَاسم وَاحِد حَيْثُ لم يكن فِي الْقِسْمَة تَقْوِيم، لِأَنَّهُ كالحاكم وَلَا يَكْفِي مَعَ تَقْوِيم إِلَّا إثنان، لِأَنَّهُ شَهَادَة بِالْقيمَةِ. وتباح أجرته وَهِي بِقدر الْأَمْلَاك نصا وَلَو شَرط خِلَافه قَالَ فِي الْمُنْتَهى، وَقَالَ فِي الْإِقْنَاع: فَإِن اسْتَأْجرهُ كل وَاحِد مِنْهُم بِأَجْر مَعْلُوم
ليقسم نصِيبه جَازَ، وَإِن استأجروه جَمِيعًا إِجَارَة وَاحِدَة بِأُجْرَة وَاحِدَة لزم كل وَاحِد من الْأجر بِقدر نصِيبه من الْمَقْسُوم مَا لم يكن شَرط. انْتهى. وَتسَمى الْأُجْرَة قسَامَة بِضَم الْقَاف وتعدل السِّهَام أَي سِهَام الْقِسْمَة أَي يعدلها الْقَاسِم بالأجزاء أَي أَجزَاء الْمَقْسُوم إِن تَسَاوَت، وَإِلَّا أَي وَإِن لم تتساو بل اخْتلفت فتعدل بِالْقيمَةِ، أَو تعدل ب [الرَّد إِن اقتضته] أَي الرَّد بِأَن لم يُمكن تَعْدِيل السِّهَام بالأجزاء وَلَا بِالْقيمَةِ فيعدل بِالرَّدِّ أَي بِأَن يَجْعَل لمن أَخذ الرَّدِيء أَو الْقَلِيل دَرَاهِم على من يَأْخُذ الْجيد أَو الْأَكْثَر ثمَّ يقرع بَين الشُّرَكَاء لإِزَالَة الْإِبْهَام فَمن خرج لَهُم سهم صَار لَهُ، وَكَيف مَا قرع جَازَ وَتلْزم الْقِسْمَة بهَا أَي الْقرعَة، لِأَن الْقَاسِم كالحاكم وقرعته حكم، نَص عَلَيْهِ، وَلَو كَانَت الْقِسْمَة فِيمَا فِيهِ رد عوض أَو ضَرَر إِذا تَرَاضيا عَلَيْهَا، وَسَوَاء تقاسموا بِأَنْفسِهِم أَو بقاسم، لِأَنَّهَا كَالْحكمِ من الْحَاكِم فَلَا تنقض وَلَا يعْتَبر رضاهم بعْدهَا كَمَا لَا يعْتَبر بعد حكم الْحَاكِم وَإِن خير أَحدهمَا أَي الشَّرِيكَيْنِ الآخر بِأَن قَالَ: لَهُ اختر أَي الْقسمَيْنِ شِئْت، بِلَا قرعه صحت أَي الْقِسْمَة ولزمت برضاهما وتفرقهما بأبدانهما لتفرق متابعين. وَمن ادّعى غَلطا فِيمَا تقاسماه بأنفسهما وأشهدا على رضاهما بِهِ لم يلْتَفت إِلَيْهِ فَلَا تسمع دَعْوَاهُ وَلَا تقتل مِنْهُ وَلَا يحلف غَرِيمه لرضاه بِالْقِسْمَةِ على مَا وَقع إِلَّا أَن يكون مدعى الْغَلَط مسترسلا لَا يحسن المشاحة فِيمَا يُقَال لَهُ فيغبن بِمَا لَا يتَسَامَح فِيهِ عَادَة فَتسمع دَعْوَاهُ وَيُطَالب بِالْبَيَانِ فَإِذا ثَبت غبنه فَلهُ فسخ الْقِسْمَة قِيَاسا على البيع، وَتقبل بِبَيِّنَة فِيمَا قسم
قَاسم حَاكم، وَإِن لم تكن بَيِّنَة حلف مُنكر الْغَلَط لِأَن الأَصْل صِحَة الْقِسْمَة وَأَدَاء الْأَمَانَة، وقاسم نصباه كقاسم حَاكم. وَإِذا تداعيا عينا لم تخل عَن أَرْبَعَة أَحْوَال: أَحدهَا أَن لَا تكون بيد أحد وَلَا ثمَّة ظَاهر وَلَا بَيِّنَة فيتحالفان ويتناصفانها، وَإِن وجد ظَاهر لأَحَدهمَا عمل بِهِ فيأخذها وَيحلف للْآخر. الثَّانِي: أَن تكون بيد أَحدهمَا فَهِيَ لَهُ بِيَمِينِهِ إِن لم تكن بَيِّنَة، فَإِن لم يحلف قضى عَلَيْهِ بِالنّكُولِ. الثَّالِث: أَن تكون بأيديهما كشيء كل مُمْسك لبعضه فيتحالفان ويتناصفانه، فَإِن قويت يَد أَحدهمَا كحيوان وَاحِد رَاكِبه وَآخر سائقه أَو قَمِيص وَاحِد لابسه وَآخر بكمه فَهُوَ للْأولِ بِيَمِينِهِ. وَإِن تنَازع صانعان فِي آلَة دكانهما فآلة كل صَنْعَة لصَاحِبهَا، وَمَتى كَانَ لأَحَدهمَا بَيِّنَة فالعين لَهُ وَلم يحلف فِي الْأَصَح، فَإِن كَانَ لكل مِنْهُمَا بَيِّنَة وتساوتا من كل وَجه تَعَارَضَتَا وتساقطتا فيتحالفان ويتناصفان مَا بأيديهما ويقرعان فِيمَا عداهُ كشيء لَيْسَ بيد أحد أَو بيد ثَالِث وَلم يُنَازع وَاحِد من المدعين فَمن خرجت لَهُ الْقرعَة فَهِيَ لَهُ بِيَمِينِهِ. وَإِن كَانَت الْعين بيد أَحدهمَا فَهُوَ دَاخل وَالْآخر خَارج وَبَيِّنَة الْخَارِج مُقَدّمَة على بَيِّنَة الدَّاخِل، لَكِن لَو أَقَامَ الْخَارِج بية أَنَّهَا ملكه وَأقَام الدَّاخِل بَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا مِنْهُ قدمت بَينته هَهُنَا لما مَعهَا من زِيَادَة الْعلم. وَإِن أَقَامَ أَحدهمَا بَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا من فلَان وَأقَام الآخر بَيِّنَة كَذَلِك عملا بأسبقهما تَارِيخا.
وَالرَّابِع: أَن تكون بيد ثَالِث فَإِن ادَّعَاهَا لنَفسِهِ حلف لكل وَاحِد يَمِينا فَإِن نكل أخذاها مِنْهُ مَعَ بدلهَا واقترعا عَلَيْهَا أَي على الْعين وبدلها لِأَن الْمَحْكُوم لَهُ بِالْعينِ غير معِين، وَإِن قَالَ: هِيَ لأَحَدهمَا وأجهله وصدقاه على جَهله بمستحقها مِنْهُمَا لم يحلف وَإِن كذباه حلف يَمِينا وَاحِدَة ويقرع بَينهمَا فَمن قرع وَأَخذهَا نصا. وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.