المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

3 - ‌ ‌(فصل) . عشرَة النِّسَاء بِكَسْر الْعين أَصْلهَا الِاجْتِمَاع ، - كشف المخدرات لشرح أخصر المختصرات - جـ ٢

[البعلي، عبد الرحمن بن عبد الله]

الفصل: 3 - ‌ ‌(فصل) . عشرَة النِّسَاء بِكَسْر الْعين أَصْلهَا الِاجْتِمَاع ،

3 -

(فصل)

. عشرَة النِّسَاء بِكَسْر الْعين أَصْلهَا الِاجْتِمَاع ، وَيُقَال لكل جمَاعَة عشرَة ومعشر ، وَشرعا مَا يكون بَين زَوْجَيْنِ من الألفة والانضمام ، فَقَالَ رحمه الله: وَيلْزم كلا من الزَّوْجَيْنِ معاشرة الآخر بِالْمَعْرُوفِ من الصُّحْبَة الجميلة وكف الْأَذَى وَأَن لَا يمطله بِمَا يلْزمه لَهُ مَعَ قدرته وَلَا يتكره لبذله أَي بذل مَا عَلَيْهِ من حق الآخر بل ببشر وطلاقه وَجه لَا يتبعهُ منَّة وَلَا أَذَى ، وَحقه عَلَيْهَا أعظم من حَقّهَا عَلَيْهِ لقَوْله تَعَالَى:(وللرجال عَلَيْهِنَّ دَرَجَة) وَليكن غيورا من غير إفراط. وَيسن لكل مِنْهُمَا تَحْسِين الْخلق لصَاحبه والرفق بِهِ وَاحْتِمَال أَذَاهُ. قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: معاشرة الْمَرْأَة بالتلطف مَعَ إِقَامَة الهيبة. انْتهى. وَلَا يَنْبَغِي أَن يعلمهَا قدر مَاله وَلَا بفشي إِلَيْهَا سرا يخَاف إذاعته وَيجب بِعقد تَسْلِيم زَوْجَة حرَّة يُوطأ مثلهَا أَي الزَّوْجَة وَإِلَّا لم يلْزم تَسْلِيمهَا وَلَو قَالَ: أحصنها وأربيها لِأَنَّهَا لَيست محلا للاستمتاع وَلَا يُؤمن أَن يوقعها فيفيضها وَنَصه: بنت تسع فَإِن أَتَى عَلَيْهَا تسع سِنِين

ص: 621

دفعت إِلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُم أَن يحبسوها بعد التسع وَلَو نَضرة الْخلقَة فِي بَيت زوج مُتَعَلق بيجب إِن طلبَهَا الزَّوْج وَلم تكن الزَّوْجَة شرطت دارها فان شرطتها فلهَا الْفَسْخ إِن نقلهَا عَنْهَا للُزُوم الشَّرْط وَلَا يلْزم ابْتِدَاء تَسْلِيم مُحرمَة ومريضة لَا يُمكن الِاسْتِمْتَاع بهَا وصغيرة وحائض وَلَوْلَا أَطَأ وَقَوله ابْتِدَاء احْتِرَاز عَمَّا لَو طرا الْإِحْرَام أَو الْمَرَض أَو الْحيض بعد الدُّخُول فَلَيْسَ لَهَا مَعَ نَفسهَا من زَوجهَا مِمَّا بياح لَهُ مِنْهَا وَلَو بذلت نَفسهَا وَهِي كَذَلِك لزمَه تسلم مَا عدا الصَّغِيرَة وَمَتى امْتنعت قبل مرض ثمَّ حدث الْمَرَض قلا نَفَقَة لَهَا وَلَو بذلت نَفسهَا عُقُوبَة لَهَا. وَمن استمهل مِنْهُمَا أمْهل الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَة لِأَنَّهَا مِمَّا جرت بِهِ الْعَادة طلبا لليسر والسهولة وَيرجع فِي ذَلِك للْعُرْف لِأَنَّهُ لَا تَقْدِير فِيهِ. وَلَا يُمْهل من طلب المهلة مِنْهُمَا لعمل جهاز بِفَتْح الْجِيم وَكسرهَا وَفِي الغنية إِن استمهلت هِيَ أَو أَهلهَا اسْتحبَّ لَهُ إجابتهم مَا يعلم بِهِ التهيؤ من شِرَاء جهاز وتزين وَيجب تَسْلِيم أمة مَعَ الْإِطْلَاق لَيْلًا فَقَط نصا وَللسَّيِّد استخدامها نَهَارا فَلَو شَرط التَّسْلِيم نَهَارا أَو بذله سَيِّدهَا نَهَارا وَكَانَ قد شَرط كَونهَا فِيهِ عِنْده أَو لَا وَجب لَيْلًا وَنَهَارًا لِأَن الزَّوْجِيَّة تَقْتَضِي وجوب التَّسْلِيم مَعَ الْبَذْل لَيْلًا وَنَهَارًا وَإِنَّمَا منع مِنْهُ فِي الْأمة نَهَارا لحق السَّيِّد فَإِذا بذله فقد ترك حَقه فَعَاد إِلَى الأَصْل ولزوج استمتاع بِزَوْجَة كل وَقت على أَي صفة كَانَت إِذا كَانَ الْوَطْء فِي الْقبل وَلَو من جِهَة عجيزتها مَا لم

ص: 622

يَضرهَا أَو لم يشغلها عَن فرض وَلَو كَانَت على التَّنور أَو ظهر القتب وَله الاستمناء بِيَدِهَا فَإِن زَاد عَلَيْهَا فِي الْجِمَاع صولحوا على شَيْء مِنْهُ قَالَ 16 (القَاضِي) : لِأَنَّهُ غير مُقَدّر فَرجع الى اجْتِهَاد الإِمَام وَلَا يجوز لَهَا تطوع بِصَلَاة وَلَا صَوْم وَهُوَ حَاضر أَلا بِإِذْنِهِ وَلَا يكره الْجِمَاع فِي لَيْلَة من اللَّيَالِي وَلَا يَوْم من الْأَيَّام وَكَذَا السّفر وَالتَّفْصِيل والخياطة والغزل والصناعات كلهَا وَله التَّلَذُّذ بَين الآليتين من غير إيلاج وَلَيْسَ لَهَا استدخال ذكره وَهُوَ نَائِم بِلَا إِذْنه وَلها لمسه وَتَقْبِيله بِشَهْوَة وَقَالَ 16 (القَاضِي) : يجوز تَقْبِيل الْفرج قبل الْجِمَاع وَيكرهُ بعده. وَيحرم وَطْؤُهَا فِي الدبر فَإِن فعل عزّر إِن علم التَّحْرِيم لارتكابه مَعْصِيّة لَاحَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَة وَإِن تطاوعا عَلَيْهِ أَو أكرهها وَنهى فَلم ينْتَه فرق بَينهمَا وَله السّفر حَيْثُ شَاءَ بِغَيْر إِذْنهَا وَله السّفر ب زَوْجَة حرَّة مَا لم تكن شرطت بَلَدهَا أَو تكن أمة فَلَيْسَ لَهُ السّفر بهَا بِلَا إِذن سَيِّدهَا وَلَا لسَيِّد سفر بهَا بِلَا إِذن زَوجهَا وَله أى الزَّوْج إجبارها أى الزَّوْجَة على غسل من حيض ونفاس إِن كَانَت مكلفة وَظَاهر مَا فِي الْمُنْتَهى وَلَو ذِمِّيَّة خلافًا لما فِي الْإِقْنَاع وَله إجبارها على غسل من جَنَابَة وعَلى غسل نَجَاسَة وعَلى اخذ مَا تعافه النَّفس من شعر وَغَيره كظفر وَظَاهره وَلَو قَلِيلا بِحَيْثُ تعافه النَّفس وَإِزَالَة وسخ فان احْتَاجَت إِلَى شِرَاء المَاء فثمنه عَلَيْهِ وتمنع من أكل مَاله رَائِحَة كريهة كبصل وثوم وكراث وَمن تنَاول مَا يمرضها وتمنع الذِّمِّيَّة من دُخُول كَنِيسَة وبيعة وَتَنَاول محرم وَشرب مَا

ص: 623

يسكرها لَا دونه نصا وَلَا تكره على إِفْسَاد صَومهَا أَو صلَاتهَا بِوَطْء أَو غَيره وَلَا على إِفْسَاد سبتها لبَقَاء تَحْرِيمه عَلَيْهِم. وَيلْزمهُ أى الزَّوْج الْوَطْء لزوجة مسلمة كَانَت أَو ذِمِّيَّة حرَّة أَو أمة بطلبها فِي كل أَرْبَعَة اشهر مرّة وَاحِدَة إِن قدر على الْوَطْء نصا لِأَنَّهُ تَعَالَى قدره بأَرْبعَة اشهر فِي حق المؤلى فَكَذَا فِي حق غَيره فَإِن أَبى الْوَطْء بعد الْأَرْبَعَة الْأَشْهر بِلَا عذر فرق الْحَاكِم بَينهمَا إِن طلبت ذَلِك وَلَو قبل الدُّخُول نَص عَلَيْهِ فِي رجل يَقُول: غَدا أَدخل بهَا غَدا ادخل بهَا الى شهر هَل يجْبر على الدُّخُول؟ قَالَ: اذْهَبْ إِلَى أَرْبَعَة اشهر إِن دخل والا فرق بَينهمَا قَالَه فِي الْإِقْنَاع وَيلْزمهُ مبيت فِي المضجع بِطَلَب الزَّوْجَة حرَّة كَانَت أَو أمة فيبيت عِنْد زَوْجَة حرَّة لَيْلَة من كل أَربع لَيَال إِن لم يكن عذر وَعند [أمة] لَيْلَة [من كل سبع] لَيَال لِأَن اكثر مَا يُمكن انه يجْتَمع مَعهَا ثَلَاث حرائر لَهُنَّ سِتّ وَلها السَّابِعَة وَله الِانْفِرَاد فِي الْبَقِيَّة بِنَفسِهِ أَو مَعَ سريته. وَإِن سَافر الزَّوْج فَوق نصف سنة فِي غير حج أَو غَزْو أَو طلب رزق يحْتَاج إِلَيْهِ نصا وَطلبت الزَّوْجَة قدومه راسله حَاكم فَإِن أَبى إِن يقدم بِلَا عذر بعد مراسلة الْحَاكِم إِلَيْهِ فرق بَينهمَا بطلبها وَلَو قبل الدُّخُول نصا وَإِن غَابَ غيبَة ظَاهرهَا السَّلامَة وَلم يعلم خَبره فَلَا فسخ لزوجته لذَلِك بِحَال سَوَاء تضررت بترك النِّكَاح أَو لَا.

ص: 624

وَسن إِن يَقُول عِنْد الْوَطْء: اللَّهُمَّ جنبنا الشَّيْطَان وجنب الشَّيْطَان مَا رزقتنا. قَالَ ابْن نصر الله: وتقوله الْمَرْأَة أَيْضا. وَقَالَ عَطاء فِي قَوْله تَعَالَى: (وَقدمُوا لأنفسكم) أَي التَّسْمِيَة عِنْد الْجِمَاع. وَكره الْوَطْء متجردين وإكثار الْكَلَام حَالَته ونزعه قبل فراغها ووطؤه بِحَيْثُ يرَاهُ أَو يسمعهُ غير طِفْل لَا يعقل وَلَو رَضِيا وَأَن يحدثا بِمَا جرى بَينهمَا وَحرمه فِي الغنية لِأَنَّهُ من السِّرّ وإفشاء السِّرّ حرَام وَأَن يقبلهَا أَو يُبَاشِرهَا بِحَضْرَة النَّاس لِأَنَّهُ دناءة، وَسن أَن يُغطي رَأسه حَال الْجِمَاع وان لَا يسْتَقْبل الْقبْلَة وَله الْجمع بَين نِسَائِهِ مَعَ إمائه بِغسْل وَاحِد، وَسن أَن يتَوَضَّأ لمعاودة وَطْء وَالْغسْل أفضل وَتقدم فِي آخر فصل الْغسْل. [وَحرم] على زوج [جمع] بَين [زوجتيه] إِن زَوجته وامته أَو زَوْجَاته وإمائه بمسكن وَاحِد مالم ترضيا وَله منعهَا أَي الزَّوْجَة من الْخُرُوج من منزله وَيحرم عَلَيْهَا ذَلِك بِلَا إِذن أَو ضَرُورَة كإتيان بمأكل ومشرب وَنَحْوهمَا لعدم من يَأْتِيهَا بِهِ، وَلَا نَفَقَة لَهَا مَا دَامَت خَارِجَة من منزله مَا لم تكن حَامِلا لنشوزها وَلَيْسَ لَهُ منعهَا من كَلَام أَبَوَيْهَا وَلَا منعهما من زيارتها إِلَّا مَعَ ظن حُصُول ضَرَر يعرف بقرائن الْحَال وَلَا يلْزمهَا طَاعَة أَبَوَيْهَا فِي فِرَاقه وَلَا فِي زيارتهما وَنَحْوه بل طَاعَته أَحَق.

ص: 625

تَتِمَّة: يسْتَحبّ أَن يلاعبها عِنْد الْجِمَاع لتنهض شهوتها فتنال من اللَّذَّة مثل مَا ناله ، وَأَن تتَّخذ خرقَة تنَاولهَا لَهُ بعد فَرَاغه من جِمَاعهَا. قَالَ أَبُو حَفْص: يَنْبَغِي أَن لَا تظهر الْخِرْقَة بَين يَدي امْرَأَة من أهل دارها ، فَإِنَّهُ يُقَال إِن الْمَرْأَة إِذا أخذت الْخِرْقَة وفيهَا المنى فتمسحت بهَا كَانَ مِنْهُ الْوَلَد. انْتهى. وَقَالَ الْحلْوانِي فِي التَّبْصِرَة: وَيكرهُ أَن يمسح ذكره بالخرقة الَّتِي تمسح بهَا فرجهَا. انْتهى. وَلَا يكره نخرها عِنْد الْجِمَاع وَلَا نخره قَالَ مَالك: لَا بَأْس بالنخر عِنْد الْجِمَاع وَأرَاهُ سفها فِي غير ذَلِك يعاب على فَاعله. [و] يجب [على] زوج غير طِفْل التَّسْوِيَة بَين زَوْجَات فِي الْقسم بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الْمُهْملَة ، وَهُوَ توزيع الزَّمَان على زَوْجَاته إِن كن اثْنَتَيْنِ فَأكْثر ، وَلَا يجب عَلَيْهِ التَّسْوِيَة بَينهُنَّ فِي وَطْء ودواعيه وَكِسْوَة وَنَحْوهمَا أَي الْوَطْء وَالْكِسْوَة كالتسوية فِي النَّفَقَة والشهوة [إِذا قَامَ بِالْوَاجِبِ] وَإِن أمكنه ذَلِك كَانَ أولى لِأَنَّهُ أبلغ فِي الْعدْل وعماده الْقسم اللَّيْل لِأَنَّهُ مأوى الْإِنْسَان إِلَى منزله ، وَفِيه يسكن إِلَى أَهله وينام على فرَاشه مَعَ زَوْجَاته ، وَالنَّهَار للمعاش والاشتغال قَالَ تَعَالَى:(وَمن رَحمته جعل لكم اللَّيْل وَالنَّهَار لتسكنوا فِيهِ ولتبتغوا من فَضله) وَاللَّيْل يتبعهُ النَّهَار إِلَّا فِي حارس وَنَحْوه كمن معاشه بِاللَّيْلِ ف عماد قسمه النَّهَار ويتبعه اللَّيْل ، وَيكون الْقسم لَيْلَة وَلَيْلَة إِلَّا أَن يرضين بِأَكْثَرَ.

ص: 626

وَزَوْجَة أمة على النّصْف من زَوْجَة حرَّة وَلَو كِتَابِيَّة فلهَا مَعَ الْحرَّة لَيْلَة من ثَلَاث لَيَال ، زَوْجَة مبعضة يقسم لَهَا بِالْحِسَابِ فللمنصفة ثَلَاث لَيَال والحرة أَربع ، وَيقسم مَرِيض ومجبوب وَخصي وعنين وَنَحْوه لِأَن الْقسم للأنس ، وَيقسم لحائض ونفساء ومريضة ومعيبة ورتقاء وكتابية ومحرمة وزمنة ومميزة ومجنونة مَأْمُونَة وَنَحْوهَا. وَيحرم أَن يدْخل إِلَى غير ذَات لَيْلَة فِيهَا أَو فِي نَهَارهَا إِلَّا لضَرُورَة أَو حَاجَة كعيادة وَنَحْوهَا فَإِن لم يلبث لم يقْض وَإِن لبث أَو جَامع لزمَه قَضَاء لبث وجماع وَإِن أَبَت الزَّوْجَة الْمبيت مَعَه أَي الزَّوْج أَي أغلقت الْبَاب دونه أَو قَالَت لَهُ لَا تدخل عِنْدِي أَو أَبَت السّفر مَعَه أَو سَافَرت فِي حَاجَتهَا وَلَو بِإِذْنِهِ سقط قسمهَا وَسَقَطت نَفَقَتهَا لعصيانها فِي الْأَوليين وَعدم التَّمْكِين من الِاسْتِمْتَاع فِي الْأَخِيرَة ، بِخِلَاف مَا إِذا سَافَرت مَعَه لوُجُود التَّمْكِين ، وَلَا يسْقط حَقّهَا إِن سَافَرت لِحَاجَتِهِ كبعثه بهَا أَو انتقالها إِلَى بلد آخر بِإِذْنِهِ. وَإِن تزوج بكرا وَلَو أمة وَمَعَهُ غَيرهَا وَلَو حرائر أَقَامَ عِنْدهَا سبعا ثمَّ دَار الْقسم [أَو] أَي وَإِن تزوج ثَيِّبًا وَلَو أمة وَمَعَهُ غَيرهَا أَقَامَ عِنْدهَا ثَلَاثًا لِأَنَّهُ يُرَاد للأنس وَإِزَالَة الاحتشام ، وَالْأمة والحرة سَوَاء فِي الِاحْتِيَاج إِلَى ذَلِك فاستوتا فِيهِ كَالنَّفَقَةِ ثمَّ دَار الْقسم وَلَا يحْتَسب عَلَيْهَا بِمَا أَقَامَ عِنْدهَا وَتصير الجديدة آخِرهنَّ نوبَة. والنشوز من النشز وَهُوَ مَا ارْتَفع من الأَرْض فَكَأَن الزَّوْجَة ارْتَفَعت

ص: 627

وتعالت عَمَّا فرض عَلَيْهَا من المعاشرة بِالْمَعْرُوفِ ، وَيُقَال نشزت بالشين وَالزَّاي ونشصت بالصَّاد الْمُهْملَة فَهِيَ نَاشِزَة ونشز عَلَيْهَا زَوجهَا جفاها وأضر بهَا قَالَ فِي الْمُبْدع وَغَيره وَهُوَ حرَام أَي النُّشُوز معصيتها أَي الزَّوْجَة إِيَّاه أَي الزَّوْج فِيمَا يجب عَلَيْهَا إطاعته فِيهِ فَمَتَى ظهر مِنْهَا أمارته أَي النُّشُوز بِأَن منعته الِاسْتِمْتَاع أَو أَجَابَتْهُ مُكْرَهَة أَو بتثاقل وعظها أَي خوفها الله تَعَالَى ، وَذكرهَا مَا أوجب عَلَيْهَا من الْحق وَالطَّاعَة وَمَا يلْحقهَا من الْإِثْم بالمخالفة وَمَا يسْقط بِهِ من النَّفَقَة وَالْكِسْوَة وَمَا يُبَاح من هجرها وضربها لقَوْله تَعَالَى: 19 (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن) . وَفِي الحَدِيث (إِذا باتت الْمَرْأَة مهاجرة فرَاش زَوجهَا لعنتها الْمَلَائِكَة حَتَّى ترجع)، مُتَّفق عَلَيْهِ فان أصرت الزَّوْجَة نَاشِزَة بعد وعظها هجرها فِي المضجع أَي ترك مضاجعتها مَا شَاءَ مَا دَامَت كَذَلِك وهجرها فِي الْكَلَام ثَلَاثًا أَي ثَلَاثَة أَيَّام لَا فَوْقهَا لقَوْله تَعَالَى 19 (:(واهجروهن فِي الْمضَاجِع)[/ اي] وَلِحَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا لَا يحل لمُسلم أَن يهجر أَخَاهُ فَوق ثَلَاث أَيَّام فَإِن أصرت مَعَ هجرها فِي المضجع وَالْكَلَام على مَا هِيَ عَلَيْهِ ضربهَا ضربا غير شَدِيد لحَدِيث لَا يجلد أحدكُم امْرَأَته جلد العَبْد ث

ص: 628

يضاجعها فِي آخر الْيَوْم ،)

19 -

(وَيكون عشرَة أسواط فَأَقل بفرقها على بدنهَا ويجتنب الْوَجْه والبطن والمواضع المخوفة ، وَلَيْسَ لَهُ ضربهَا إِلَّا بعد هجرها فِي الْفراش وَالْكَلَام لِأَن الْقَصْد التَّأْدِيب والزجر فَيبْدَأ بالأسهل فالأسهل ، وَله أَي الزَّوْج ضربهَا أَي الزَّوْجَة على ترك فَرَائض الله تبارك وتعالى كواجب صَلَاة وَصَوْم وَنَحْوهمَا لَا تعزيرها فِي حَادث مُتَعَلق بِحَق الله تَعَالَى. وَإِن ادّعى كل ظلم صَاحبه أسكنهما الْحَاكِم إِلَى جَانب ثِقَة يشرف عَلَيْهِمَا ويكشف حَالهمَا كَمَا يكْشف عَن عَدَالَة وإفلاس من خبْرَة بَاطِنه ويلزمها الْإِنْصَاف وَيكون الإسكان الْمَذْكُور قبل بعث الْحكمَيْنِ ، فَإِن خرجا إِلَى الشقاق والعداوة وبلغا إِلَى المشاتمة بعث الْحَاكِم حكمين حُرَّيْنِ مُسلمين ذكرين عَدْلَيْنِ مكلفين يعرفان الْجمع والتفريق وَالْأولَى من أهلهما وهما وكيلان من الزَّوْجَيْنِ فِي ذَلِك لَا يرسلان إِلَّا برضاهما وتوكيلهما فَلَا يملكَانِ تفريقا إِلَّا بإذنهما. فَيَأْذَن الرجل لوَكِيله فِيمَا يرَاهُ من طَلَاق أَو إصْلَاح وكإذن الْمَرْأَة لوكيلها فِي الْخلْع وَالصُّلْح على مَا يرَاهُ.

ص: 629

بَاب الْخلْع. يُقَال خلع امْرَأَته خلعا وخالعها مخالعة واختلعت هِيَ مِنْهُ فَهِيَ خَالع. وَأَصله من خلع الثَّوْب؛ لِأَن الْمَرْأَة تتخلع من لِبَاس زَوجهَا قَالَ تَعَالَى: (هن لِبَاس لكم وَأَنْتُم لِبَاس لَهُنَّ) . وَهُوَ - بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون اللَّام - فِرَاق الزَّوْج زَوجته بعوض يَأْخُذهُ مِنْهَا أَو من غَيرهَا بِأَلْفَاظ مَخْصُوصَة وَيَأْتِي. يُبَاح الْخلْع لسوء عشرَة بَين زَوْجَيْنِ بِأَن صَار كل مِنْهُمَا كَارِهًا للْآخر وَلَا يحسن صحبته لقَوْله تَعَالَى: (فان خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُود اللَّه فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ) وَيُبَاح ل بغضة الْمَرْأَة زَوجهَا لخلقه أَو خلقه ول كبر ول قلَّة دينه أَو ضعفه وخافت إِثْمًا بترك حَقه. وَتسن إجابتها إِلَّا أَن يكون لَهُ إِلَيْهِمَا ميل ومحبة فَيُسْتَحَب صبرها وَعدم افتدائها. وَيكرهُ الْخلْع وَيصِح مَعَ استقامة الْحَال. وَإِن عضلها أَي ضارها بِالضَّرْبِ أَو التَّضْيِيق عَلَيْهَا أَو منعهَا حُقُوقهَا من الْقسم وَالنَّفقَة وَنَحْو ذَلِك ظلما لتفدي نَفسهَا فالخلع بَاطِل والعوض مَرْدُود والزوجية بِحَالِهَا إِلَّا

ص: 630

أَن يكون بِلَفْظ طَلَاق أَو نِيَّته فَيَقَع رَجْعِيًا وَإِلَّا لَغْو ، وَإِن فعل ذَلِك لَا لتفتدي أَو لزناها أَو نشوزها أَو تَركهَا فرضا فالخلع صَحِيح ، وَلَا يفْتَقر إِلَى حَاكم. وَلَا بَأْس بِهِ فِي الْحيض وَالطُّهْر الَّذِي أَصَابَهَا فِيهِ إِن كَانَ بسؤالها. [وَهُوَ] أَي الْخلْع بِلَفْظ خلع كخلعة أَو بِلَفْظ فسخ كفسخت أَو بِلَفْظ [مفاداة] كفاديت وَلم ينْو بِهِ طَلَاق فسخ لَا ينقص بِهِ عدد الطَّلَاق؛ وَلَو لم ينْو الْخلْع لِأَنَّهَا صَرِيحَة وكناياته باريتك وأبرأتك وابنتك فَمَعَ سُؤال الْخلْع وبذل الْعِوَض يَصح بِلَا نِيَّة وَإِلَّا فَلَا بُد مِنْهَا من أَتَى بكناية وَتعْتَبر الصِّيغَة مِنْهُمَا فَلَا خلع بِمُجَرَّد بذل مَال وقبوله بِلَا لفظ من زوج.)

19 -

(وَإِن أجابها بِلَفْظ طَلَاق وَقع بِهِ طَلْقَة بِأَنَّهُ أَو أجابها بنيته أَي الطَّلَاق وَقع بِهِ طَلْقَة بَائِنَة إِن أجابها بكنيته أَي الطَّلَاق الْخفية وَقع طَلْقَة بَائِنَة وَلَا يَصح الْخلْع وَإِلَّا بعوض مِنْهَا أَو من غَيرهَا فَإِن خَالعهَا بِلَا عوض لم يَقع خلع وَلَا طَلَاق وَإِلَّا أَن يكون بِلَفْظ أَو نِيَّته فَيَقَع رَجْعِيًا. وَيكرهُ أَن يخلعها بعوض أَكثر مِمَّا أَعْطَاهَا إِيَّاه وَيصِح بذله أَي الْعِوَض مِمَّن يَصح تبرعه وَهُوَ الْحر الْمُكَلف غير الْمَحْجُور عَلَيْهِ من [زَوْجَة واجنبي] وَلَو مِمَّن شهد بِطَلَاقِهَا وَردت شَهَادَتهمَا. وَيصِح الْخلْع ب [عوض] مَجْهُول كعلى مَا بِيَدِهَا أَو ببيتها من دَرَاهِم أَو مَتَاع فان لم يكن شَيْء فَلهُ ثَلَاثَة دَرَاهِم أَو مايسمى مَتَاعا كَالْوَصِيَّةِ

ص: 631

وَيصِح الْخلْع بِشَيْء مَعْدُوم كعلي حمل أمتها أَو غنهما وَنَحْو ذَلِك فَإِن لم تحمل شَيْئا أرضته بِشَيْء نصا. الْوَاجِب مَا بتناوله الِاسْم وَلَا يَصح الْخلْع إِن خلعها بِلَا عوض وَتقدم قَرِيبا لِأَنَّهُ لَا يملك فسخ النِّكَاح بِلَا مُقْتَض مَعَه بِخِلَاف على عوض فَيصير مُعَارضَة. وَلَا يَصح بعوض محرم يعلمَانِهِ كخمر وخنزير وَهُوَ بالمحرم كَيْلا عوض فَإِذا خلعها على عوض محرم يعلمَانِهِ بنية طَلَاق وَقع رَجْعِيًا لَان الْخلْع من كنايات الطَّلَاق فادا نَوَاه بِهِ وَقع وَقد خلا عَن الْعِوَض فَكَانَ رَجْعِيًا فَإِن لم ينْو طَلَاقا فلغو. وَإِن لم يعلماه محرما كَأَن خلعها على عبد فَبَان حرا أَو مُسْتَحقّا أَو على خل فَبَان خمرًا أَو مُسْتَحقّا صَحَّ الْخلْع وَله بدله قيمَة العَبْد أَو مثل الْخلّ. وَيحرم الْخلْع وَلَا يَصح أَن وَقع حِيلَة ل أجل إِسْقَاط يَمِين طَلَاق والحيل خداع لَا يحل مَا حرم اللَّه تَعَالَى. قَالَ فِي التَّنْقِيح: وغالب النَّاس وَاقع فِي ذَلِك. وَفِي وَاضح ابْن عقيل: يسْتَحبّ إِعْلَام المستفتي بِمذهب غَيره أَن كَانَ أَهلا للرخصة كطالب التخليص من الرِّبَا فَيردهُ إِلَى من يرى التَّحَلُّل للخلاص مِنْهُ وَالْخلْع بعد وُقُوع الطَّلَاق أَي تَعْلِيقه. انْتهى. وَطَلَاق منجز بعوض أَو مُعَلّق بعوض كخلع فِي أبانته فَلَو قَالَ لزوجته إِن أَعْطَيْتنِي عبدا فَأَنت طَالِق طلقت بَائِنا بِأَيّ عبد اعته لَهُ وَملكه. وَإِن أَعْطَيْتنِي هَذَا العَبْد أَو هَذَا الثَّوْب الهروى فَأَنت طَالِق وأعطته إِيَّاه طلقت وَلَا شَيْء لَهُ إِن بَان معيبا أَو مرويا لِأَنَّهَا لم تلتزم غَيره وتغليبا

ص: 632

للْإِشَارَة وان علقه على خمر وَنَحْوه فَأَعْطَتْهُ إِيَّاه فالطلاق رَجْعِيّ وَإِن أَعْطَيْتنِي ثوبا هرويا فَأَعْطَتْهُ مرويا أَو هرويا مَغْصُوبًا لم تطلق وَإِن أَعطَتْهُ هرويا معيبا فَلهُ مطالبتها بسليم وَتطلق بِوُجُود الصّفة الْمُعَلق عَلَيْهَا وَإِذا قَالَ لزوجته مَتى أَعْطَيْتنِي أَو أقبضتني ألفا فَأَنت طَالِق أَو قَالَ لَهَا إِذا أَعْطَيْتنِي أَو اقبضتني ألفا فَأَنت طَالِق أَو قَالَ لَهَا أَن أَعْطَيْتنِي أَو أقبضتني ألفا فَأَنت طَالِق لزم التَّعْلِيق من جِهَته فَلَيْسَ لَهُ إِبْطَاله لِأَن الْمُغَلب فِيهِ حكم التَّعْلِيق لجِهَة تَعْلِيقه على الشَّرْط فَأَي وَقت أَعطَتْهُ على صفة يُمكنهُ الْقَبْض فِيهَا آلفا فَأكْثر وازنة بإحضار الْألف وآذنها فِي قَبضه طلقت طَلَاقا بَائِنا بعطيته أَي بعطية الزَّوْجَة الْألف لزَوجهَا وَلَو مَعَ نقص فِي الْعدَد وَاكْتفى بِتمَام الْوَزْن وَملكه لِأَنَّهُ إِعْطَاء شَرْعِي وَلَو تراخت بإعطائها لَهُ الْألف.)

19 -

(وَإِن قَالَت لزَوجهَا أخلعني أَو طَلقنِي بِأَلف أَو قَالَت لَهُ أخلعني أَو طَلقنِي على ألف أَو اخلعني أَو طَلقنِي وَلَك ألف أَو أَن خلعتني أَو طَلقنِي فلك أَو أَنْت بَرِيء من الْألف فَفعل الزَّوْج أَي خلعها أَو طَلقهَا وَلَو لم يذكر الْألف بَانَتْ مِنْهُ واستحقها أَي الْألف من غَالب نقد الْبَلَد أَن أجابها على الْفَوْر وَلها الرُّجُوع قبل إجَابَته. وَلَيْسَ لَهُ أَي الْأَب خلع زَوْجَة ابْنه الصَّغِير أَو الْمَجْنُون وَلَا طَلاقهَا وَلَا لسيدهما أَيْضا وَلَا خلع ابْنَته الصَّغِيرَة بِشَيْء من مَالهَا كَغَيْرِهِ من الْأَوْلِيَاء لانه لَا حَظّ لَهَا فِيهِ. وان خالعت وَأمة زَوجهَا على شَيْء بِلَا إِذن سَيِّدهَا أَو محجورة لسفه

ص: 633

أَو صغر أَو جُنُون لم يَصح وَلَو أذن فِيهِ ولي. وَيَقَع بِلَفْظ طَلَاق أونيته رَجْعِيًا. وَإِذا قَالَ لَهَا: خالعتك بِأَلف فأنكرته أَو قَالَت إِنَّمَا خالعك غَيْرِي بَانَتْ وتحلف لنفي الْعِوَض وَإِن أقرَّت وَقَالَت ضمنه غَيْرِي أَو فِي ذمَّة غَيْرِي فَقَالَ بل فِي فِي ذِمَّتك لَزِمَهَا الْعِوَض. وَإِن اخْتلفَا فِي قدره أَو عينه أَو صفته أَو تَأْجِيله فقولها نصا وان علق الزَّوْج طَلاقهَا أَي الزَّوْجَة على صفة كَقَوْلِه: إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا مثلا ثمَّ أَبَانهَا بخلع أَو طَلْقَة أَو ثَلَاث فَوجدت الصّفة حَال بينونتها [أَو لَا نَكَحَهَا فَوجدت] الصّفة بِأَن دخلت الدَّار وَهِي فِي عصمته أَو فِي عدَّة طَلَاق رَجْعِيّ طلقت نصا وَكَذَا فِي الحكم عتق أَي إِذا علق عتق قنه على صفة ثمَّ بَاعه فَوجدت الصّفة أَولا ثمَّ بَاعه فَوجدت عتق وَإِلَّا فَلَا. وَالله اعْلَم.

ص: 634