المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(كتاب الْقَضَاء) كتاب الْقَضَاء والفتيا. وَهِي مصدر من أفتى يُفْتِي إِفْتَاء، - كشف المخدرات لشرح أخصر المختصرات - جـ ٢

[البعلي، عبد الرحمن بن عبد الله]

الفصل: ‌ ‌(كتاب الْقَضَاء) كتاب الْقَضَاء والفتيا. وَهِي مصدر من أفتى يُفْتِي إِفْتَاء،

(كتاب الْقَضَاء)

كتاب الْقَضَاء والفتيا. وَهِي مصدر من أفتى يُفْتِي إِفْتَاء، وَهِي تَبْيِين الحكم الشَّرْعِيّ. وَيَنْبَغِي للمستفتي حفظ الْأَدَب مَعَ الْمُفْتِي ويجله ويعظمه وَلَا يسْأَل عِنْد هم أَو ضجر وَنَحْوه، وَلَا يلْزمه جَوَابه مَا لم يَقع، وَلَا مَا لَا يحْتَملهُ سَائل، وَلَا مَا لَا نفع فِيهِ، وَحرم تساهل مفت فِي الافتاء، وتقليد مَعْرُوف بالتساهل، ويقلد الْعدْل الْمُجْتَهد وَلَو مَيتا. وَيجوز تَقْلِيد مفضول من الْمُجْتَهدين مَعَ وجود أفضل مِنْهُ. وَهُوَ أَي الْقَضَاء لُغَة: إحكام الشَّيْء والفراغ مِنْهُ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل فِي الْكتاب لتفسدن فِي الأَرْض مرَّتَيْنِ) أَي أمضينا وأنهينا. وَشرعا تَبْيِين الحكم الشَّرْعِيّ والإلزام بِهِ وَفصل الْخُصُومَات. وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى 19 ((يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض فاحكم بَين النَّاس بِالْحَقِّ وَلَا تتبع الْهوى)) وَقَوله تَعَالَى 19 ((فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم)) وَقَوله عليه السلام (إِذا اجْتهد الْحَاكِم فَأصَاب فَلهُ أَجْرَانِ وَإِن أَخطَأ فَلهُ أجر) مُتَّفق عَلَيْهِ.

ص: 817

وَهُوَ فرض كِفَايَة لِأَن أَمر النَّاس لَا يَسْتَقِيم بِدُونِهِ كالإمامة وَالْجهَاد فِيهِ فضل عَظِيم لمن قوى عَلَيْهِ وَأَرَادَ الْحق فِيهِ، فينصب الإِمَام وجوبا بِكُل إقليم بِكَسْر الْهمزَة أحد الأقاليم السَّبْعَة قَاضِيا لِأَنَّهُ لَا يُمكن الإِمَام تولي الْخُصُومَات وَالنَّظَر فِيهَا فِي جَمِيع الْبِلَاد، وَلِئَلَّا تضيع الْحُقُوق بتوقف فصل الْخُصُومَات على السّفر لما فِيهِ من الْمَشَقَّة. والأقاليم السَّبْعَة أَولهَا الْهِنْد، الثَّانِي الْحجاز، الثَّالِث مصر، الرَّابِع بابل، وَالْخَامِس الرّوم وَالشَّام، السَّادِس بِلَاد التّرْك، السَّابِع بِلَاد الصين. كَذَا ذكر بَعضهم. ويختار الإِمَام لُزُوما لذَلِك أفضل من يجد علما وورعا لِأَن الإِمَام ينظر للْمُسلمين فَوَجَبَ عَلَيْهِ تَرْجِيح الْأَصْلَح لَهُم ويأمره بالتقوى لِأَنَّهَا رَأس الْأَمر كُله وملاكه، ويأمره ب تحرى الْعدْل أَي إِعْطَاء الْحق لمستحقه بِلَا ميل، لِأَنَّهُ الْمَقْصُود من الْقَضَاء، وَيجب على من يصلح للْقَضَاء إِذا طلب وَلم يُوجد غَيره من يوثق بِهِ أَن يدْخل فِيهِ إِن لم يشْغلهُ عَمَّا هُوَ أهم مِنْهُ فَلَا يلْزمه إِذن لحَدِيث (لَا ضَرَر) وَمَعَ وجود غَيره الْأَفْضَل لَهُ أَن لَا يجب. وَكره طلب الْقَضَاء مَعَ وجود صَالح لَهُ، وَيحرم بذل مَال فِيهِ وَأَخذه، وَهُوَ من أكل أَمْوَال النَّاس بِالْبَاطِلِ. وَيحرم طلبه وَفِيه مبَاشر، وَتَصِح تَوْلِيَة مفضول مَعَ وجود فَاضل، وَشرط لصِحَّة ولَايَة كَونهَا من إِمَام أَو نَائِبه فِيهِ وَمَعْرِفَة أَن الْمولى صَالح. والفاظها الصَّرِيحَة سَبْعَة: وليتك الحكم، وقلدتك، وفوضت،

ص: 818

أَو رددت، أَو جعلت إِلَيْك الحكم، واستخلفتك، واستنبتك فِي الحكم، فَإِذا أَحدهَا وَقبل مولى حَاضر بِالْمَجْلِسِ أَو غَائِب بعد بُلُوغ الْولَايَة أَو شرع الْغَائِب فِي الْعَمَل، وانعقدت. وَالْكِنَايَة نَحْو: اعتمدت، وعولت عَلَيْك، وأسندت. وَلَا تَنْعَقِد بهَا إِلَّا بِقَرِينَة نَحْو فاحكم أَو فَاقْض. وتفيد ولَايَة حكم عَامَّة فصل الْخُصُومَات وَأخذ الْحق مِمَّن هُوَ عَلَيْهِ وَدفعه إِلَى ربه وَالنَّظَر فِي مَال يَتِيم وَمَال مَجْنُون وَمَال سَفِيه لَا ولي لَهُم وَمَال غَائِب وَالنَّظَر فِي وقف عمله ليجري على شَرطه وَغير ذَلِك كالنظر فِي مصَالح طرق عمله وأفنية جمع فنَاء بِكَسْر الْفَاء وَهُوَ مَا اتَّسع أَمَام دور عمله وتنفيذ الْوَصَايَا وتزويج من لَا ولي لَهَا. وَله طلب رزق من بَيت المَال لنَفسِهِ وأمنائه وخلفائه حَتَّى مَعَ عدم الْحَاجة، فَإِن لم يَجْعَل لَهُ شَيْء وَلَيْسَ لَهُ مَا يَكْفِيهِ وَقَالَ: لِلْخَصْمَيْنِ لَا أَقْْضِي بَيْنكُمَا إِلَّا بِجعْل جَازَ الْأَخْذ لَا الْأُجْرَة. وَيجوز للْإِمَام أَن يوليه أَي القَاضِي عُمُوم النّظر فِي عُمُوم الْعَمَل بِأَن يوليه سَائِر الْأَحْكَام فِي سَائِر الْبِلَاد وَيجوز أَن يوليه خَاصّا فِي أَحدهمَا أَو خَاصّا فيهمَا فيوليه عُمُوم النّظر بمحلة خَاصَّة أَو يوليه خَاصّا بمحلة خَاصَّة فَينفذ حكمه فِي مُقيم بهَا وَفِي طاريء إِلَيْهَا من غير أَهلهَا، لِأَنَّهُ يصير من أَهلهَا فِي أَكثر الْأَحْكَام لَا فِي من لَيْسَ مُقيما بهَا وَلَا طارئا إِلَيْهَا، لِأَنَّهُ لم يدْخل تَحت ولَايَته. وَمن عزل نَفسه من إِمَام وقاض ووال ومحتسب وَنَحْوهم انْفَرد، لِأَنَّهُ وَكيل وَقَالَ: صَاحب الرِّعَايَة إِن لم يلْزمه قبُوله. انْتهى

ص: 819

وَلَا يَنْعَزِل بعزل قبل علمه لتَعلق قضايا النَّاس بِهِ فَيشق بِخِلَاف الْوَكِيل فَإِنَّهُ يتَصَرَّف فِي أَمر خَاص. وَمن أخبر بِمَوْت نَحْو قَاض مولى بِبَلَد وَولي وَغَيره فَبَان حَيا لم يَنْعَزِل. وَشرط فِي القَاضِي عشر صِفَات: الأولى وَالثَّانيَِة: مَا أَشَارَ إِلَيْهِمَا بقوله كَون قَاض بَالغا عَاقِلا لِأَن غير الْمُكَلف تَحت ولَايَة غَيره فَلَا يكون وليا على غَيره. وَالثَّالِثَة: كَونه ذكرا لِأَن القَاضِي يحضر محافل الْخُصُومَة وَالرِّجَال وَيحْتَاج فِيهِ إِلَى كَمَال الرَّأْي وَتَمام الْعقل والفطنة، وَالْمَرْأَة نَاقِصَة الْعقل ضَعِيفَة الرَّأْي لَيست أَهلا للحضور فِي محافل الرِّجَال، وَلَا تقبل شهادتها وَلَو كَانَ مَعهَا ألف امْرَأَة مَا لم يكن مَعَهُنَّ رجل. وَالرَّابِعَة: كَونه حرا كُله لِأَن غير مَنْقُوص بِالرّقِّ مَشْغُول بِحُقُوق سَيّده وَلم يكن أَهلا للْقَضَاء كَالْمَرْأَةِ. وَالْخَامِسَة: كَونه مُسلما لِأَن الْإِسْلَام شَرط الْعَدَالَة فَأولى أَن يكون شرطا للْقَضَاء. وَالسَّادِسَة: كَونه عدلا وَلَو تَائِبًا من قذف نصا فَلَا يجوز توليه من فِيهِ نقص يمْنَع قبُوله الشَّهَادَة. وَالسَّابِعَة: كَونه سميعا لِأَن الْأَصَم لَا يسمع كَلَام الْخَصْمَيْنِ. وَالثَّامِنَة: كَونه بَصيرًا لِأَن الْأَعْمَى لَا يعرف الْمُدعى من الْمُدعى عَلَيْهِ وَلَا الْمقر من الْمقر لَهُ. والتاسعة: كَونه متكلما لِأَن الْأَخْرَس لَا يُمكنهُ النُّطْق بالحكم وَلَا يفهم جَمِيع النَّاس إِشَارَته.

ص: 820

الْعَاشِر: كَونه مُجْتَهدا قَالَ فِي الْفُرُوع: إِجْمَاعًا ذكره ابْن حزم لقَوْله تَعَالَى (لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله) وَإِنَّهُم أَجمعُوا لِأَنَّهُ لَا يحل لحَاكم وَلَا مفت تَقْلِيد رجل لَا يحكم وَلَا يُفْتِي إِلَّا بقوله لَكِن فِي الإفصاح إِن الْإِجْمَاع انْعَقَد على تَقْلِيد كل من الْمذَاهب الْأَرْبَعَة لِأَن الْحق لَا يخرج عَنْهُم وَلَو كَانَ اجْتِهَاده فِي مَذْهَب إِمَامه للضَّرُورَة بِأَن لم يُوجد مُجْتَهد مُطلق لَا كَونه كَاتبا أَو ورعا أَو زاهدا أَو يقظا أَو مثبتا الْقيَاس أَو حسن الْخلق، وَالْأولَى كَونه كَذَلِك. وَمَا يمْنَع التَّوْلِيَة ابْتِدَاء يمْنَعهَا دَوْمًا إِلَّا فقد السّمع وَالْبَصَر فَمَا ثَبت عِنْده وَهُوَ سميع بَصِير وَلم يحكم بِهِ حَتَّى عمى أَو طرش فَإِن ولَايَة حكمه بَاقِيَة فِيهِ. وَيتَعَيَّن عَزله مَعَ مرض يمْنَع الْقَضَاء. والمجتهد من يعرف الْكتاب وَالسّنة، والحقيقة وَالْمجَاز، وَالْأَمر وَالنَّهْي، والمجمل والمبين، والمحكم والمتشابه، وَالْعَام وَالْخَاص، وَالْمُطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ، والمستثنى مِنْهُ، وصحيح السّنة وسقيمهما، ومتواترها وآحادها ومسندها والمنقطع مِمَّا يتَعَلَّق بِالْأَحْكَامِ، وَالْمجْمَع عَلَيْهِ والمختلف فِيهِ، وَالْقِيَاس وشروطه وَكَيف يستنبط الْأَحْكَام، والعربية المتداولة بالحجاز وَالشَّام وَالْعراق وَمَا يواليهم، فَمن عرف أَكثر ذَلِك فقد صلح للفتيا وَالْقَضَاء لتمكنه من الاستنباط وَالتَّرْجِيح بَين الْأَقْوَال.

ص: 821

قَالَ فِي آدَاب الْمُفْتِي: وَلَا يضرّهُ جَهله بذلك لشُبْهَة أَو إِشْكَال، لَكِن يَكْفِيهِ معرفَة وُجُوه دلَالَة الْأَدِلَّة وَكَيْفِيَّة أَخذ الْأَحْكَام من لَفظهَا وَمَعْنَاهَا. وَزَاد ابْن عقيل: وَيعرف الِاسْتِدْلَال واستصحاب الْحَال وَالْقُدْرَة على إبِْطَال شُبْهَة الْمُخَالف وَإِقَامَة الدَّلِيل على مذْهبه وَإِن حكم إثنان بَينهمَا رجلا يصلح للْقَضَاء بِأَن اتّصف بِمَا تقدم من شُرُوط القَاضِي، قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: الْعشْر الصِّفَات الَّتِي ذكرهَا فِي الْمُحَرر فِي القَاضِي لَا تشْتَرط فِيمَن يحكمه الخصمان فَيحكم بَينهمَا نفذ حكمه فِي كل مَا ينفذ فِيهِ حكم من ولاه إِمَام أَو نَائِبه فَلَا يحل لأحد نقضه حَيْثُ أصَاب الْحق. وَسن كَونه أَي القَاضِي قَوِيا بِلَا عنف لِئَلَّا يطْمع فِيهِ الظَّالِم لينًا بِلَا ضعف لِئَلَّا يهابه المحق حَلِيمًا لِئَلَّا يغْضب من كَلَام الْخصم فيمنعه الحكم، متأنيا من التأني وَهُوَ ضد العجلة لِئَلَّا تُؤدِّي عجلته إِلَى مَا لَا يَنْبَغِي، فطنا لِئَلَّا يخدع من بعض الْخُصُوم لغرة، قَالَ فِي الشَّرْح عَالما بلغَة أهل ولَايَته، عفيفا أَي كافا نَفسه عَن الْحَرَام لِئَلَّا يطْمع فِي ميله بأطماعه، بَصيرًا بِأَحْكَام الْحُكَّام قبله، وسؤاله إِذا ولى فِي غير بَلَده عَن علمائه يشاورهم ويستعين بهم على قَضَائِهِ وَيسْأل عَن عدوله لاستناد أَحْكَامه إِلَيْهِم وَثُبُوت الْحُقُوق عِنْده بهم فَيقبل أَو يرد من يرَاهُ لذَلِك أَهلا وليكون على بَصِيرَة مِنْهُم. وَسن إعلامهم يَوْم دُخُوله ليتلقوه من غير أَن يَأْمُرهُم بتلقيه، ودخوله

ص: 822

يَوْم الْإِثْنَيْنِ أَو الْخَمِيس أَو السبت ضحوة تفاؤلا لاستقبال الشَّهْر لابسا أجمل ثِيَابه وَكَذَا أَصْحَابه وَلَا يتطير، وَإِن تفاءل فَحسن. وَيجب عَلَيْهِ أَي القَاضِي الْعدْل بَين متحاكمين ترافعا إِلَيْهِ فِي لَفظه أَي كَلَامه لَهما وَفِي لَحْظَة أَي ملاحظته وَفِي مَجْلِسه وَفِي دُخُول عَلَيْهِ إِلَّا إِذا سلم أَحدهمَا عَلَيْهِ فَيرد وَلَا ينْتَظر سَلام الآخر، وَإِلَّا الْمُسلم مَعَ الْكَافِر فيتقدم دُخُولا وَيرْفَع جُلُوسًا، وَلَا يكره قِيَامه لِلْخَصْمَيْنِ. وَيحرم أَن يسَار أَحدهمَا أَو يلقنه حجَّته أَو يضيفه أَو يقوم لَهُ دون الآخر، وَله تَأْدِيب خصم افتأت عَلَيْهِ وَلَو لم يُثبتهُ بِبَيِّنَة كَمَا إِذا قَالَ: ارتشيت عَليّ، أَو حكمت عَليّ بِغَيْر الْحق، وَنَحْو ذَلِك، وَيسن أَن يحضر مَجْلِسه فُقَهَاء الْمذَاهب ومشاورتهم فِيمَا يشكل، فَإِن اتَّضَح لَهُ الحكم وَإِلَّا أَخّرهُ حَتَّى يَتَّضِح، فَلَو حكم وَلم يجْتَهد لم يَصح وَلَو أصَاب الْحق، وَحرم على قَاض الْقَضَاء وَهُوَ غَضْبَان غَضبا كثيرا، أَو حاقن أَو فِي شدَّة جوع أَو فِي شدَّة عَطش أَو هم أَو ملل أَو كسل أَو نُعَاس أَو برد مؤلم أَو حر مزعج لِأَن ذَلِك كُله فِي معنى الْغَضَب، لِأَنَّهُ يشغل الْفِكر الْموصل إِلَى إِصَابَة الْحق غَالِبا، فَإِن خَالف وَحكم على هَذِه الْحَالة فَأصَاب الْحق نفذ. وَكَانَ للنَّبِي الْقَضَاء مَعَ ذَلِك، لِأَنَّهُ لَا يجوز عَلَيْهِ غلط يقر عَلَيْهِ قولا وفعلا فِي حكم.

ص: 823

وَحرم عَلَيْهِ قبُول رشوة بِتَثْلِيث الرَّاء وقبوله هَدِيَّة من غير من كَانَ يهاديه قبل ولَايَته وَالْحَال أَنه لَا حُكُومَة لَهُ فَيُبَاح لَهُ أَخذهَا لانْتِفَاء التُّهْمَة إِذا كَانَت، وردهَا أولى. وَقَالَ 16 (القَاضِي) : يسْتَحبّ لَهُ التَّنَزُّه عَنْهَا. وَيكرهُ بَيْعه وشراؤه إِلَّا بوكيل لَا يعرف بِهِ. وَلَيْسَ لَهُ وَلَا لوال أَن يتجر. وَسن لَهُ عِيَادَة الْمَرِيض وشهود الْجَنَائِز وتوديع حَاج وغاز مَا لم يشْغلهُ، وَهُوَ فِي الدَّعْوَات للولائم كَغَيْرِهِ، وَلَا يُجيب قوما ويدع قوما بِلَا عذر، ويوصي الوكلاء والأعوان بِبَابِهِ بالرفق بالخصوم وَقلة الطمع ويجتهد أَن يَكُونُوا شُيُوخًا وكهولا من أهل الدّين والعفة والصيانة. وَيُبَاح أَن يتَّخذ لَهُ كَاتبا. وَشرط كَونه مُسلما عدلا، وَسن كَونه حَافِظًا عَالما، وَيجْلس بِحَيْثُ يُشَاهد القَاضِي. وَلَا ينفذ حكمه أَي القَاضِي على عدوه كَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ بل يُفْتِي عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا إِلْزَام بالفتيا بِخِلَاف الْقَضَاء، وَلَا ينفذ حكمه وَلَا يَصح لنَفسِهِ وَلَا لمن لَا تقبل شَهَادَته أَي القَاضِي لَهُ كزوجته وعمودي نسبه وَمن استعداده أَي القَاضِي على خصم فِي الْبَلَد بِمَا تتبعه الهمة لزمَه أَي القَاضِي إِحْضَاره أَي الْخصم وَلَو لم يحرر المستعدى الدَّعْوَى نصا. وَمن طلبه خَصمه أَو حَاكم حَيْثُ يلْزمه إِحْضَاره بِطَلَبِهِ مِنْهُ لمجلس الحكم لزمَه الْحُضُور وَإِلَّا أعلم القَاضِي الْوَالِي بامتناعه فَأحْضرهُ وَمن حضر وَثَبت امْتِنَاعه فللقاضي تأديبه بِمَا يرَاهُ. وَلَا يعدي حَاكم فِي مثل مَا

ص: 824

لَا تتبعه الهمة، قَالَ فِي عُيُون الْمسَائِل: لَا يَنْبَغِي للْحَاكِم أَن يسمع شكية أحد إِلَّا وَمَعَهُ خَصمه يسمع شكواه وَيرد جوابها. انْتهى. إِلَّا غير امْرَأَة بَرزَة أَي الَّتِي تبرز لقَضَاء حَاجَتهَا، فَإِن استعدى على البرزة حضرت وَلَو بِغَيْر محرم نصا، وَأما غَيرهَا وَهِي المخدرة إِذا استعدى عَلَيْهَا فتوكل كمريض وَنَحْوه مِمَّن لَهُ عذر، وَإِن وَجَبت عَلَيْهَا يَمِين أرسل الْحَاكِم من أَي أَمينا مَعَه شَاهِدَانِ يحلفها بحضرتهما. وَمن ادّعى قبل إِنْسَان شَهَادَة لم تسمع دَعْوَاهُ وَلم يعد عَلَيْهِ وَلم يحلف خلافًا للشَّيْخ تَقِيّ الدّين.

ص: 825