الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أضجع شاة يذبحها، وجعل يحد الشفرة، فعلاه بالدَّرة وقال له: هلا حددتها أولاً؟ (1) والذين يقولون بالعقاب يشترطون أن يتكرر إتيان المكروه وترك المندوب حتى يمكن العقاب، فالعقاب عندهم ليس على الإتيان أو الترك في ذاته، وإنما هو على اعتياد إتيان المكروه وترك المندوب، ويعتبرون أن العادة تتكون من تكرار الفعل مرتين (2) .
وإذا وقع الإتيان أو الترك ماساً بمصلحة عامة أو بالنظام العام عوقب على الإتيان والترك دون حاجة للتكرار، سواء أخذنا برأي القائلين بالعقوبة أو بالرأي المضاد؛ لأن العقاب في هذه الحالة ليس أساسه اعتبار الفعل مكروهاً أو الترك مندوباً إليه، وإنما أساسه أن الفعل أو الترك ماس بالمصلحة العامة أو النظام العام.
* * *
الفرع الرابع
كيف طبقت القوانين الوضعية القاعدة
111 -
القوانين الوضعية وقاعدة النص على الجريمة والعقاب: لم تعرف القوانين قاعدة: "لا جريمة ولا عقاب بلا نص" إلا في أواخر القرن الثامن عشر؛ لأن القاعدة وليدة الثورة الفرنسية، أما قبل ذلك فكان القضاة يتحكمون في تحديد الجرائم وتعيين عقوبتها، فيعتبرون الفعل جريمة ولو لم يكن نص على تجريمه، ويعاقبون عليه بأية عقوبة شاءوا ولو لم يكن منصوصاً
(1) مواهب الجليل ج6 ص320.
(2)
مواهب الجليل ج6 ص320، الأحكام السلطانية ص312.
عليها، وقد كانت هذه السلطة التحكمية هي الدافع الأول الذي دفع إلى تقرير القاعدة والعمل بها (1) .
112 -
كيف طبقت القوانين القاعدة؟: والقوانين الوضعية لا تطبق القاعدة اليوم على الوجه الذي سبق أن طبقتها به يوم عرفتها، فقد كان القانون الفرنسي أول قانون طبقها، وعنه أخذت أكثر القوانين، وكان القانون الفرنسي يتشدد أول الأمر في تطبيقها تشدداً عظيماً، فعين الجرائم تعييناً دقيقاً وجعل لكل جريمة عقوبة محددة ليس للقاضي أن يزيد فيها أو ينقص منها، فكانت مهمة القاضي منحصرة في أن يحكم بالعقوبة إذا تبين له أن المتهم مدان، وأن يحكم بالبراءة إذا لم تثبت التهمة دون أن يكون لظروف المتهم أو الجريمة أثر على العقوبة، ولم يكن للسلطة التنفيذية حق العفو ولا تخفيض العقوبة، فكانت مهمتها قاصرة على تنفيذ الحكم أياً كان.
وقد اضطر المشرع الفرنسي إلى العدول عن هذا النظام، لا لأنه غير صالح ولكن لعدم صلاحية الأداة التي وكل إليها تطبيقه، فالتشريع الفرنسي يأخذ بنظام المحلفين وهم أناس ينقادون لعاطفتهم أكثر مما ينقادون لعقولهم، فكانوا يقررون في كثير من الحالات أن المتهمين ليسوا مدانين، لا لأن المتهمين برآء ولكن تحرجاً من معاقبتهم بعقوبة شديدة لا يملك القاضي أن يتصرف في تطبيقها أو يخفف من شدتها، ولا تملك السلطة التنفيذية أن تخفضها أو تتساهل في تنفيذها، ومن ثم عدلت نصوص القانون الفرنسي لمعالجة هذه الحالة فجعل المشرع لكل عقوبة حدين: حداً أدنى وحداً أعلى، وترك للقاضي أن يقدر العقوبة فيما بين هذين الحدين، كما أنه جعل لكثير من الجرائم عقوبتين، وترك للقاضي أن
(1) شرح قانون العقوبات للدكتورين كامل مرسي والسعيد مصطفى ص101، القانون الجنائي لعلي بدوي ص102، القانون الجنائي لأحمد صفوت ص77.
يحكم بهما معاً أو يختار إحداهما فقط (1) .
وقد انتقلت قاعدة "لا جريمة ولا عقوبة بلا نص" من القانون الفرنسي إلى القوانين الوضعية الأخرى، ولكنها أخذت تتطور تحت تأثير التجربة والاختيار وحاجات الجماعة؛ فأعطى القضاة حق إيقاف تنفيذ العقوبة، وأعطت السلطة التنفيذية الحق في العفو عن العقوبة أو تخفيضها، وحق الإفراج تحت شرط، واستحدث نظام العقوبة غير المحدودة.
ومع أن القاعدة تطورت هذا التطور الكبير فإن شراح القانون الوضعي يرون أن القاعدة ظلت محترمة، وأن هذا التوسع لا يخل بشرعية العقوبة ما دام أن هذا التوسع جاء طبقاً لنصوص القانون، وما دام أن القضاة يستعملون سلطة خولهم الشارع إياهم مقدماً.
ولقد كان التساهل في تطبيق القاعدة من ناحية العقوبة، وبقيت القاعدة سليمة محترمة زمناً طويلاً فيما يختص بتعيين الجريمة، حتى إذا جاء القرن العشرون أخذت القاعدة كلها تصبح محلاً للانتقاد وهاجمها الكثيرون من الشراح بحجة أنها لا تصلح لمواجهة الضرورات الاجتماعية، وأنها تؤدي إلى ضياع مصلحة الجماعة، ذلك أن نصوص القوانين الجنائية تقصر دائماً عن تناول كل ما يخل بنظام الجماعة وصوالحها، وأن المجرمين يتفننون في الهرب من الوقوع تحت سلطان النصوص ثم يعبثون ما شاءوا بمصالح الأفراد والجماعة ونظامها، وهم آمنون من العقاب، فإذا استصدرت قوانين لتحريم الأفعال الجديدة التي أدى ارتكابها للعبث بالمصلحة العامة، عاد المجرمون يعملون على التهرب من نصوصها القاصرة، وعادوا إلى جرائمهم آمنين من العقاب.
وقد كان لهذا الانتقاد أثره العلمي فبدأت بعض الدول الكبرى تخرج على
(1) شرح قانون العقوبات للدكتورين كامل مرسي والسعيد مصطفى ص102، القانون الجنائي لعلي بدوي ص102 وما بعدها.
القاعدة من جديد فيما يختص بتعيين الجريمة وتحديد العقوبة معاً، كالتشريع الألماني الصادر في سنة 1935، حيث خول للقاضي إذا عرض عليه فعل يمس المجتمع الألماني دون أن يكون قد ورد فيه نص جنائي خاص أن يعتبر هذا الفعل جريمة ويوقع على مرتكبه عقوبة (المادة الثانية من القانون الألماني) .
وكالقانون الإيطالي، فإنه ترك للقاضي في بعض الأحوال تعديل تنفيذ العقوبة من حيث مدتها وأسلوبها.
وكالقانون السوفياتي الذي خرج على القاعدة من سنة 1926.
وكالقانون الدانمركي الذي أباح العقاب على أي فعل يمكن قياسه على فعل آخر محرم.
ولا نذكر القانون الإنجليزي الذي يأخذ بنظام يشبه نظام التعازير في الشريعة. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل بدأ علماء القانون الجنائي يناقشون المبدأ في مؤتمراتهم العامة بعد أن كان فوق المناقشة؛ توصلاً إلى معرفة مدى حاجة المجتمع إليه، ومدى عجز المبدأ عن حماية صوالح المجتمع، وقد عرض هذا الموضوع على المؤتمر الدولي الرابع لقانون العقوبات في سنة 1937، ولكن المؤتمر قرر الإبقاء على القاعدة.
ويتجه العلماء والشراح الآن إلى الخروج على القاعدة من وجهين: فمن ناحية الجريمة يرون الاكتفاء بتعيين الأفعال المحرمة تعييناً عاماً، بحيث يدخل تحت النص الواحد أكثر من حالة واحدة، وبحيث لا يستطيع المجرم أن يفلت من هذا النص العام المرن. ومن ناحية العقوبة يرون الاكتفاء بتحديد الحد الأقصى للعقوبة دون الحد الأدنى؛ ليكون للقاضي سلطة واسعة في تطبيق العقوبة، بل يرى بعض كبار العلماء الجنائيين أن يترك تحديد العقوبة - نوعاً ومقداراً - إلى اختيار القاضي وتقديره حتى تكون العقوبة محققة للغاية من تشريعها (1) .
113 -
بين الشريعة والقانون: ظاهر مما سبق أن كلاً من الشريعة
(1) الموسوعة الجنائية ج5 ص552 وما بعدها، القانون الجنائي لعلي بدوي ص103، شرح قانون العقوبات للدكتورين كامل مرسي والسعيد مصطفى ص102- 104
والقوانين الوضعية توجب أن لا تكون جريمة ولا عقوبة بلا نص، ولكن الشريعة تختلف عن القوانين في تطبيق هذه القاعدة من عدة وجوه:
أولاً: من حيث تاريخ تطبيق القاعدة: طبقت الشريعة الإسلامية القاعدة بل أن تعرفها القوانين الوضعية وتطبقها باثنى عشر قرناً على الأقل، فالقوانين الوضعية لم تأت بشئ جديد، وإنما أخذت النظرية التي ابتكرتها الشريعة.
ثانياً: من حيث التطبيق بصفة عامة: يختلف تطبيق القاعدة في الشريعة باختلاف نوع الجرائم التي تطبق عليها، ففي الجرائم الخطيرة التي يتأثر بها أمن الجماعة ونظامها تأثراً شديداً تتشدد الشريعة في تطبيق القاعدة تشدداً تاماً، فتدقق في تحديد الجريمة وتعيين العقوبة، وهذا هو المتبع في جرائم الحدود، وفي جرائم القصاص والدية.
وفي الجرائم الأقل خطورة - وهي جرائم التعازير بصفة عامة - تتساهل الشريعة في تطبيق القاعدة من ناحية العقوبة، فتجعل لجرائم التعازير كلها مجموعة من العقوبات، وتترك للقاضي أن يختار من بينها العقوبة الملائمة. وفي جرائم التعازير المقررة للمصلحة العامة تتساهل الشريعة في تطبيق القاعدة من ناحية الجريمة، وتكتقي بوضع نصوص عامة جداً يدخل تحتها أي فعل يمس المصلحة العامة والنظام العام. فكأن الشريعة تطبق القاعدة بثلاثة طرق؛ لكل نوع من الجرائم طريقة خاصة تلائمه وتلائم مصلحة الجماعة والأفراد.
أما القوانين الوضعية فتطبق القاعدة بطريقة واحدة على كل الجرائم، ولعل هذا هو علة النتائج السيئة التي ترتبت على تطبيق القاعدة، ففي أول الأمر طبقت القوانين الوضعية الطريقة الأولى - التي خصصتها الشريعة للجرائم الخطيرة - على كل الجرائم التي يعاقب عليه القانون، فكان التعميم في التطبيق سبباً في تحرج المحلفين والقضاة من الحكم بعقوبة شديدة في جريمة غير خطيرة وفي تبرئة كثير من القضايا، ثم عدلت القوانين الوضعية عن هذه الطريقة، وأخذت بطريقة الشريعة الثانية مع تضييق سلطة القاضي في اختيار العقوبة وتحديدها، ولكنها
طبقت هذه الطريقة أيضاً بصفة عامة، فكان من نتيجة هذا التعميم أن كثر وقوع الجرائم الخطيرة، وصارت تزيد عاماً بعد عام؛ لأن القضاة يعاقبون عليها بعقوبات بسيطة، مستعملين سلطتهم في اختيار العقوبة وتقديرها، وهذه الطريقة هي المتبعة الآن في معظم القوانين الوضعية، إلا أن بعض القوانين الوضعية كالقانون الألماني والقانون الدانمركي أخذت أيضاً بطريقة الشريعة الثالثة في بعض الجرائم؛ فكأنها تطبق الطريقتين الشرعيتين الثانية والثالثة.
ولا شك أن نظرية الشريعة الإسلامية في تطبيق القاعدة أكثر دقة ومرونة وأقرب إلى حاجات الجماعة، وأكفل بحماية الأمن والنظام، كما أن فيه العلاج الناجع لما ظهر من عيوب في تطبيق القاعدة بطريقة واحدة على كل الجرائم.
ثالثاً: من حيث الجريمة: تراعي الشريعة، كقاعدة عامة عندما تحدد الجريمة، أن يكون النص عاماً، ومرناً إلى حد كبير، بحيث ينطوي تحته كل ما يمكن تصوره من حالات، ولا يخرج عن حكمه أية حالة، والشريعة تضيق من دائرة هذا التعميم (1) إلى حد ما في جرائم الحدود وجرائم القصاص والدية، أما فيما عداها فالتعميم في النص يأخذ حده كما هو الحال في المعاصي التي يحزر فيها، مثل قوله تعالى:{وَلا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12] تحريماً جريمة التجسس، ومثل قوله:{وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، ومثل قوله:{وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ} [الشعراء: 181]، ومثل قوله:{لَا تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ} [الأنفال: 27] ، وفي التعزير المقرر للمصلحة العامة يصل التعميم والمرونة إلى حد تحريم الفعل بوصفه لا بذاته، بحيث لا يمكن معرفة ما إذا كان الفعل جريمة أو غير جريمة إلا بعد أن يقع. وقد كان لعموم النصوص ومرونتها أثرها البالغ في صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان، واستغنائها عن التعديل والتبديل.
(1) إذا لم يكن التضييق ظاهراً في النصوص المحرمة للجريمة فإنه ظاهر في بقية النصوص الأخرى التي تحكم الجريمة، فالسرقة جاء نصها عاماً ولكن دائرة هذا التعميم ضيقت بما وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم من قيود؛ كاشتراط الحرز، واشتراط أن لا يكون الثمر معلقاً، وغير ذلك.
أما القوانين الوضعية فالأصل فيها أن تحدد الجريمة، وتعيينها تعييناً دقيقاً، وتبين أركانها الأساسية التي لا تقوم بغيرها، ومن ثم كانت الأفعال التي يمكن أن تدخل تحت أي نص محدودة، وكانت كل حلة جديدة تقتضي تغييراً في النصوص، وكان من السهل التحايل على النصوص والتهرب من أحكام قانون العقوبات. ولعل هذا هو الذي دعا علماء القانون الآن إلى أن يفكروا في أن تكون النصوص عامة ومرنة؛ لدرجة تسمح بأن تحكم كل الحالات، وهذا الذي يقوم به علماء القانون اليوم هو الأساس الذي قامت عليه الشريعة الإسلامية.
رابعاً: من حيث العقوبة: القاعدة العامة في الشريعة هي أن ينص على عقوبة الجريمة بحيث تتعين العقوبة لا شك فيه، وبحيث لا يكون للقاضي أن يخلق عقوبة من عنده، وقد فرقت الشريعة بين الجرائم التي تمس أمن الجماعة ونظامها مساساً شديداً، وبين غيرها من الجرائم، والقسم الأول هو جرائم الحدود وجرائم القصاص والدية، والقسم الثاني هو جرائم التعازير بأنواعها المختلفة. ففي جرائم القسم الأول لكل جريمة عقوبة أو عقوبات معينة، لا خيار للقاضي في توقيعها، هو ملزم بالحكم بها متى ثبت لديه أن الجاني أرتكب الجريمة. أما في القسم الثاني فقد عينت الشريعة مجموعة من العقوبات لجرائم التعازير بأنواعها، وتركت للقاضي أن يختار العقوبة الملائمة أو أكثر من عقوبة، كما تركت له أ، يقدر العقوبة من بين الحد الأعلى والحد الأدنى للعقوبة إذا كانت ذات حدين، وأن يوقف تنفيذ العقوبة أو يمضيها طبقاً لما يراه ملائماً لحال المجرم ولظروف الجريمة.
أما القوانين الوضعية فتحدد لكل جريمة عقوبة واحدة هي في الغالب ذات حدين، أو تحدد لكل جريمة عقوبتين كلتاهما ذات حدين، وتترك للقاضي أن يوقع العقوبتين أو عقوبة واحدة، وأن يقدر العقوبة من بين الحد الأدنى والأعل للعقوبة، وله أن يوقف تنفيذ العقوبة بشروط معينة وله أن يمضيها، وفي كيثر من الجرائم تشترط القوانين الوضعية أن لا تنزل العقوبة عن حد معين
كما أنها تمنع إيقاف تنفيذ العقوبة، والغالب أن يكون ذلك في الجرائم الخطيرة.
وظاهر من هذا أن سلطة القاضي في القوانين الوضعية أضيق بكثير من سلطة القاضي في الشريعة، فالقاضي الذي يطبق القانون الوضعي مقيد بتطبيق العقوبة التي حددها القانون إذا كانت عقوبة واحدة، ولا يستطيع أن يختار إلا بين عقوبتين إذا أعطي حق الاختيار، وليس له في كثير من الأحوال أن ينزل بالعقوبة عن حد معين، وليس له أن يوقف التنفيذ في كثير من الجرائم، وهو بالتالي لا يملك السلطان الكافي الذي يساعده على معالجة المجرم والإجرام علاجاً يتفق مع المصلحة العامة.
وقد رأى الكثير من كبار العلماء أن علاج هذه الحالة لا يتأتى إلا إذا أمكن القاضي من اختيار العقوبة نوعاً ومقداراً، وهذا يتأتى إلا إذا كان له أن يطبق مجموعة من العقوبات، فإذا أخذ بهذا الرأي الذي ينادي به كبار العلماء اليوم فإن القانون يصبح مثل الشريعة فيما يتعلق بجرائم التعازير وعقوباتها.
وظاهر كذلك من منع القاضي من إيقاف التنفيذ في الجرائم الخطيرة، ومن عدم السماح له بأن ينزل بالعقوبة عن حد معين، ومن تحديد عقوبة أو عقوبتين لكل جريمة، ظاهر من هذا أن القوانين تأخذ مبدأ الشريعة في جرائم الحدود والقصاص ولكن إلى حد محدود.
وليس يهمنا أن تكون القوانين الوضعية مخالفة للشريعة الآن في بعض الحالات، فقد كانت تخالفها في كل شئ حتى أواخر القرن الثامن عشر، وإنما يهمنا أن نعلم أن القانون الوضعي بدأ بعد ذلك يسير وراء الشريعة، ويأخذ بمبادئها، ويطبق نظرياتها، وأن ما يطلبه علماء القانون أن يتحقق في القانون هو نفس ما تأخذ به الشريعة، وما تقوم عليه، وإن في ذلك لذكرى للذاكرين.
* * *