المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌وجهة نظر الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي الأمين - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ١٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌خلاف العلماء في أن العقوبة في شرب الخمر هل هي حد أو تعزير

- ‌تطبيق إجمالي على المسائل المطلوب بيان حكمها

- ‌وجهة نظر

- ‌ هل يجوز لمن صلى الفرض أن يؤم جماعة أخرى بالفرض نفسه

- ‌ قراءة الفاتحة للمأموم

- ‌ المسح على الجوارب

- ‌ متابعة المأموم الإمام في التسليمتين

- ‌ نقل زكاة المال إلى بلد غير البلد الذي فيها إقامة المزكي

- ‌ التيمم عند فقد الماء أو تعذر استعماله

- ‌ غسل الرجل والمرأة من الجنابة

- ‌ المسح على الجوربين إذا كان الوقت باردا

- ‌ سافر إلى الحج ونوى عمرته لأمه وحجه لأبيه

- ‌ صلاة من يحمل صورة

- ‌ المريض لا يقوى على صيام رمضان، وكان لا يرجى برؤه

- ‌بيع سلعة من الطعام أو غيره إلى أجل معلوم

- ‌ الرقية بالقرآن والأذكار والأدعية

- ‌ حكم المسح على الجوربين

- ‌ إذا كان عيسى عليه السلام حيا فهل سينزل آخر الزمان

- ‌ لماذا سمي عيسى ابن مريم بالمسيح

- ‌ حكم لبس الذهب المحلق

- ‌تقديم: لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

- ‌ قول ابن القيم في "مختصر الصواعق

- ‌ قول ابن رجب في شرح الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية:

- ‌ قول ابن كثير في تفسير سورة الحديد:

- ‌قواعدفي أدلة الأسماء والصفات

- ‌القاعدة الأولى: الأدلة التي تثبت بها أسماء الله تعالى وصفاته

- ‌القاعدة الثانية: الواجب في نصوص القرآن والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف

- ‌القاعدة الثالثة: ظواهر نصوص الصفات معلومة لنا باعتبار، ومجهولة لنا باعتبار آخر

- ‌القاعدة الرابعة: ظاهر النصوص ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني

- ‌المثال الأول: الحجر الأسود يمين الله في الأرض

- ‌المثال الثالث: إني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن

- ‌المثال الرابع: قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}

- ‌المثال الحادي عشر: قوله تعالى في الحديث القدسي: «وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه

- ‌المثال الثالث عشر: قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا

- ‌المثال الرابع عشر: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}

- ‌المثال الخامس عشر: قوله تعالى في الحديث القدسي: «يا ابن آدم مرضت فلم تعدني

- ‌آيات الصفات

- ‌حاجة الإنسان إلى معرفة الله عز وجل

- ‌وسائل المعرفة

- ‌ثانيا: القسم الخارجي (الوحي)

- ‌ثمرة معرفة أسماء الله وصفاته

- ‌الصحابة وآيات الصفات

- ‌رواد المناهج المنحرفة

- ‌منهج السلف في الأسماء والصفات

- ‌نماذج من أقوال أهل السنة والجماعة في تفسير آيات الصفات

- ‌ جاهلية التصوف:

- ‌مفهوم الدين الإسلامي عند الصوفية:

- ‌من واضع علم التصوف

- ‌مفهوم الذكر عند الصوفية:

- ‌(مشايخ الصوفية يفترون الكذب في سبيل الدعوة إلى طرقهم)

- ‌ألقاب وهمية يستغلها مشايخ الصوفية لاستجلاب الأرزاق وإفساد العقيدة:

- ‌للصوفية ديوان باطني:

- ‌ الفرد المسلم هو الأساس في عملية بناء المجتمع

- ‌ الإعداد الروحي:

- ‌ الإعداد العقلي:

- ‌ الإعداد الوجداني:

- ‌ الإعداد الجسمي:

- ‌ الإعداد الاجتماعي:

- ‌ الإعداد المهني:

- ‌عوامل بناء الشخصية المسلمة:

- ‌البيت المسلم حلقة من حلقات الإعداد:

- ‌وسائل الإعلام:

- ‌رأي القائلين بالتحريم:

- ‌رأي القائلين بجواز الترجمة:

- ‌الحكم في قضية ترجمة معاني القرآن

- ‌الإمام وكيع: حياته وآثاره

- ‌ الفرق بين منهج أهل السنة وبين أهل البدع:

- ‌ ما ورد عنه في معنى قول السلف:

- ‌ كلامه في الفرق المبتدعة:

- ‌ تكفيره لبشر المريسي وأتباعه من الجهيمة:

- ‌ تكفيره لمن قال بخلق القرآن:

- ‌قوله في مسألة الإيمان وزيادته ونقصانه:

- ‌ قوله في مسألة الاستثناء في الإيمان:

- ‌ حمايته للسنة وحثه على التمسك بها:

- ‌ عنايته بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌ ما ورد عنه في آداب السامع والمحدث

- ‌نصائح وتوجيهات لطلبة العلم:

- ‌مذهبه في الرواية بالمعنى

- ‌مذهبه في العرض على المحدث:

- ‌مذهبه فيما سمع قراءة أن لا يقال فيه حدثنا:

- ‌مذهبه في الإعلام من أنواع الإجازة:

- ‌مذهبه في التدليس والمدلسين:

- ‌مذهبه في السماع عن الضعفاء:

- ‌مذهبه في إجازة الرواية من الكتاب الصحيح

- ‌مذهبه في إلحاق الاسم المتيقن سقوطه في الإسناد:

- ‌ أصح الإسناد عنده:

- ‌مذهبه في الجمع بين الرواية والدراية:

- ‌معرفته بعلل الحديث ونقد الرجال

- ‌مذهبه فيمن يقع الوهم في حديثه كثيرا:

- ‌مذهبه الرجوع إلى قول من خالفه آخر أحفظ منه:

- ‌مذهبه في رواية قبول المبتدعة:

- ‌ألفاظ الجرح والتعديل عند وكيع بن الجراح

- ‌تأثره بمنهج ابن جريج ويحيى بن أبي زائدة في التأليف:

- ‌منهجه في التصنيف:

- ‌سرد أسماء مؤلفاته:

- ‌فقهه وإفتاؤه

- ‌الإسلام ومواجهته لحركات التبشير الأوروبيفي غرب أفريقيا

- ‌وضع المسلمين تحت الإدارة الأوربية للمستعمرات في غرب أفريقيا:

- ‌مصادر البحث

- ‌الإهابة بالمسلمين لمساعدةإخوانهم في أفريقيا

- ‌ما هكذا الدعوةإلى الله يا صالح

- ‌مؤتمرات إسلامية

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ ‌وجهة نظر الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي الأمين

‌وجهة نظر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي الأمين محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد:

فإن الله - سبحانه - أرسل رسوله محمدا بالهدى والنور وشرع له لأمته شريعة هي منتهى الكمال والسمو، وفيها ما يحتاج الناس إليه في أمور دينهم ودنياهم فيها الوعد والإغراء لمن تمسك بحبل الله، وأحل ما أحل الله ورسوله، وحرم ما حرم الله ورسوله، ودان دين الحق بأن يمكن الله له في الأرض، ويزيده بصيرة عند انبهام الأمور، ويقينا عند اضطراب الأفكار، وفرقانا يفرق به بين الحق والباطل، قال الله سبحانه وتعالى:{إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} (1) وعلم سبحانه حاجة عباده إلى حفظ ما تتوقف حياتهم الطيبة عليه، مما سماه العلماء الضروريات الخمس التي هي حفظ الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال، وشرع عقابا صارما يرتب ردعا وزجرا، وينتج عنه أمن واستقرار، وأعطى كل ذي رعاية ما هو مؤهل لتحمله، وجعل عليه مسئولية بقدر ما أعطاه من سلطة، فللإمام العام سلطة واسعة وعليه مسئولية عظيمة، عليه مسئولية الحفاظ على كيان الأمة، والعناية بحماية حرماتها، وصيانة معتقدها وأنفسها وعقولها وأعراضها وأموالها، وشرع عقوبات جعل بعضها خاصا بصاحب المسئولية العامة والولاية العليا، يوقع منها ما يضمن قمع الباطل وكبح جماح أهل الفساد، ويزجر به مرضى النفوس الذين لا يزعهم إيمانهم لضعفه، ولا يوقف اندفاعهم إسلامهم لخفته وقلة مبالاتهم، فهم بحاجة إلى زاجر سلطاني وعقوبة شرعية.

فلذا شرع سبحانه الحدود التي هي أصلح علاج لأمراض الأمة، وأنجع دواء لأدوائها، ابتداء بحد القذف والخمر، وانتهاء بحد الرجم وقطع يد السارق، وعقوبة المحاربين ومن ألحق بهم من أهل الجرائم، وما كان من هذه الجرائم فرديا يقع أثره على الأفراد جعل حده غير قابل للزيادة والنقصان، وما كان من الجرائم أثره عاما يهدد كيان الأمة بالاضطراب، ويجرئ أهل الشر على الخروج علانية، شرع له عقوبة قوية وجعل أمرها عائدا إلى ولي أمر الأمة، وراعي مصالحها، والمسئول عن المحافظة على أمنها وإشاعة العدل والأمان بين أفرادها، ومن ذلك جريمة المحاربين الساعين في الأرض بالفساد، وحصر جزاء هذه الفئة بما ذكره سبحانه في آية المائدة حيث قال عز وجل

(1) سورة الأنفال الآية 29

ص: 80

{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (1) وقد قرر المحققون من أهل العلم أن الإمام مخير في إيقاع إحدى العقوبات المنصوص عليها في هذه الآية على من اتصف بالصفة المذكورة فيها، وأن لفظة (أو) تفيد التخيير وهذا المعنى هو الذي أخذ به كافة أعضاء هيئة كبار العلماء، كما هو موضح في القرار رقم (85) في 11/ 11 / 1401 هـ الصادر في هذه الدورة، ولم يخالف في ذلك أحد، ونظرا لأن أكثرية الأعضاء رأوا أن التخيير المنصوص عليه في الآية ينبغي إسناده إلى القضاة؛ لأنهم نواب الإمام في إصدار الأحكام، واستثنوا من التخيير ما لو قتل المحارب في محاربته أحدا فرأوا أنه لا خيار في قتله، وأن قتله حتم، وأن ذلك إجماع على ما حكاه ابن المنذر رحمه الله.

ونظرا لأننا نرى أن الخيار إنما هو للإمام؛ لماله من سعة النظر وشمول الولاية ومعرفة مصالح البلاد عامة، وتقديره لما لا يقدره القضاة من أبعاد سياسية لها أثرها في مصير الأمة، ويعاني من شرور المجرمين ما لا يعاني بعضه القضاة- وقد فرق العلماء بين تصرفات القاضي والإمام، وبينوا أن بعض التصرفات مما ينبغي أن يختص به الإمام العام، ولا شك أن التخيير في عقوبة المحارب من ذلك، فإنه لا أحد من أهل العلم فيما نعلم قال أن القاضي مخير في عقاب المحاربين، وجميع من تكلم على تفسير آية الحرابة ممن يقول بالتخيير قال: إن الإمام هو المخير، لكن إذا قال ولي الأمر في قضية جزئية من قضايا الحرابة والسعي بالأرض فسادا أن على القاضي أن يحكم فيها بما يراه الأصلح صار القاضي مفوضا فيها، والذي نرى أنه المتفق مع مدلول الآية الكريمة، والمتفق مع ما قرره المحققون من أهل العلم أن الخيار لولي الأمر وليس للقاضي، وإنما يصير للقاضي بإسناده إليه من الإمام، فقد يخفى على القاضي ما كان معلوما للإمام، وقد لا يحيط بظروف الأحوال في جميع أنحاء الدولة؛ فيحكم القاضي بالحبس في قضية يرى الإمام أن القتل فيها أنكى، وقد يرى الإمام في قضية أخرى أن قطع الأيدي والأرجل من خلاف أوقع في النفوس وأزجر لها، وقد يرى في بعض الأحوال أن عدم القتل أجلب للمصلحة وأعظم دفعا للمفاسد، ولهذا نظائر وأمثال فقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم قتل من يستحق القتل لولا أمر خارج عن مستحق القتل، كما في امتناعه صلى الله عليه من

(1) سورة المائدة الآية 33

ص: 81

قتل رأس المنافقين؛ لئلا يقول الناس أن محمدا يقتل أصحابه، وترك صلى الله عليه وسلم قتله؛ درءا للفتنة كما في قصة الإفك، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من يعذرني في رجل بلغني أذاه في أهلي (1)» إلى آخر الحديث. ومثله امتناعه من قتل حاطب رضي الله عنه؛ لأنه شهد بدرا وغير ذلك، وقد درأ عمر رضي الله عنه حد السرقة عن السارق؛ لظروف اقتضت ذلك، والإمام بحكم ما له من نظر شامل ومسئولية واسعة وإحساس بما يقع في بلاده وما يحيط بها، ولارتباطه بأمور لا يرتبط بها القاضي يكون هو المعني بالتخيير، ومهمة القاضي إثبات جريمة الحرابة، ولذا فإننا نرى ما يلي:

1 -

إن الخيار المقصود في الآية معني به الإمام وليس القاضي، وأن الإمام مخير في إيقاع أي العقوبات الأربع شاء من قتل أو صلب حتى الموت، أو تقطيع للأيدي والأرجل من خلاف، أو نفي من الأرض بأن يحبس المحارب حتى يموت في سجنه، وإسناد الاختيار إلى القضاة رغم أنه لم يقل به أحد من العلماء فيما نعلم، سوف يكون له آثار لا تخدم مصلحة الأمة، ولا يحصل معها زجر المفسدين، فكثيرا ما تصدر الأحكام في قضايا خطيرة بعقوبات خفيفة، وقد عانت السلطة من ذلك الشيء الكثير، وأقرب الأمور أن القضاة -في الأعم الأغلب- سوف يختارون أخف العقوبات إلا في حال حصول قتل من المحاربين، ثم قد يختلفون هل يحكمون بقتل الجميع أو بقتل من حصل منه القتل وحده، وفي ذلك من النتائج التي لا تحمد.

2 -

إن هذا الخيار للإمام في كافة أنواع الحرابة والفساد المنصوص على حكمه في آية المائدة، ولا يستثنى من ذلك كون المحارب قتل أحدا أثناء حرابته، فإذا تحقق للإمام أن عدم قتله أعظم دفعا للمفاسد وأكبر جلبا للمصالح، فله أن يختار عقوبة غير القتل من العقوبات المنصوص عليها في الآية. وعليه في كل ما يختار أن يتقي الله سبحانه، ويقصد في اختياره وجه الله، وأن لا تأخذه في الله لومة لائم، وأن لا يتأثر بشفاعة أحد؛ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من يقبل شفاعة في حد من حدود الله (2)» ، وإذا أشكل على ولي الأمر شيء من ذلك فعليه أن يشاور من يثق بعلمه ودينه وبعد نظره. قال سبحانه وتعالى:{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} (3) وقال جل وعلا: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (4)، وقال تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (5)،

(1) صحيح البخاري الشهادات (2661)، صحيح مسلم كتاب التوبة (2770)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 198).

(2)

صحيح البخاري الحدود (6788)، صحيح مسلم الحدود (1688)، سنن الترمذي الحدود (1430)، سنن النسائي قطع السارق (4902)، سنن أبو داود الحدود (4373)، سنن ابن ماجه الحدود (2547)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 162)، سنن الدارمي الحدود (2302).

(3)

سورة الشورى الآية 38

(4)

سورة آل عمران الآية 159

(5)

سورة الأنبياء الآية 7

ص: 82

وقال: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

صالح بن محمد بن لحيدان

عبد الرزاق عفيفي

عبد الله بن عبد الرحمن الغديان

(1) سورة المائدة الآية 2

ص: 83

صفحة فارغة

ص: 84

الفتاوى

إعداد

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

في هذه الزاوية تجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما يرد إليها من أسئلة واستفتاءات تهم المسلمين في شئونهم الدينية والاجتماعية.

ص: 85

صفحة فارغة

ص: 86

فتوى برقم 421 في 27/ 1393 هـ

الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:

فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الاستفسار المرسل من أحد السائلين وهو:

السؤال: شخص يعتقد أن الموجب للغسل في الاحتلام هو خروج المني إذا رأى النائم صريح الوطء، وأنه كان لا يغتسل إلا إذا رأى ذلك منه في النوم. فإذا خرج منه المني ولم ير صريح فعل الوطء منه في النوم لم يغتسل، وأنه مضى عليه قرابة ثمانية أعوام وهو على هذا، ويسأل عن حكم صلاته لهذه الأعوام الماضية.

* * *

الجواب: وبعد دراسة اللجنة الدائمة للاستفتاء أجابت بما يلي:

لا يخفى أن الغسل يجب بخروج المني دفقا بلذة في اليقظة، وبوجوده مطلقا في حال النوم؛ لما روى الإمام أحمد عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا فضخت الماء فاغتسل، وإن لم تكن فاضخا فلا تغتسل (1)» ، والفضح هو خروجه بالغلبة.

ولما في الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها «أن أم سليم رضي الله عنها قالت: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال: نعم إذا رأت الماء (2)» ، ولا يتقيد وجوب الغسل بالوطء، وإنما يجب بخروج المني ولو لم يحصل الوطء؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:«إذا فضخت الماء فاغتسل (3)» أما إذا التقى الختانان في حال اليقظة، فيجب الغسل مطلقا سواء أنزل أم لا، وعليه فإن على هذا السائل أن يعيد صلواته طيلة المدة الطويلة التي كان لا يغتسل إذا خرج المني منه بدون رؤية صريح الوطء في النوم بقدر الاستطاعة، وبالله التوفيق.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

عبد الله بن سليمان بن منيع

عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

(1) صحيح البخاري الوضوء (178)، صحيح مسلم كتاب الحيض (303)، سنن الترمذي الطهارة (114)، سنن النسائي الطهارة (193)، سنن أبو داود الطهارة (206)، سنن ابن ماجه كتاب الطهارة وسننها (505)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 109)، موطأ مالك الطهارة (86).

(2)

صحيح البخاري العلم (130)، صحيح مسلم الحيض (313)، سنن الترمذي الطهارة (122)، سنن النسائي الطهارة (197)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (600)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 292)، موطأ مالك الطهارة (118).

(3)

صحيح البخاري الوضوء (178)، صحيح مسلم كتاب الحيض (303)، سنن الترمذي الطهارة (114)، سنن النسائي الطهارة (193)، سنن أبو داود الطهارة (206)، سنن ابن ماجه كتاب الطهارة وسننها (505)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 109)، موطأ مالك الطهارة (86).

ص: 87

فتوى برقم 584 وتاريخ 4/ 11 / 1393 هـ

الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:

فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الاستفسار المرسل من أحد السائلين وهو:

السؤال الأول: هل يجوز أن يؤم المسافر أفرادا مقيمين وماذا عليهم في حال قصره الصلاة وجمعه فيها؟

الجواب: إذا كان المسافر أهلا للإمامة جاز له أن يؤم أفرادا مقيمين، فإذا كانت الصلاة مما يرخص للمسافر أن يقصرها وقصرها فإذا فرغ منها أتموا ما قصر. فإذا جمع ما يجوز له جمعه منها لم يجمعوا معه، لانفراده بالرخصة في ذلك دونهم- لما ثبت أن عمر كان إذا قدم مكة صلى لهم ركعتين ثم قال: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر. رواه مالك في الموطأ.

ص: 88

السؤال الثاني: هل يجوز للمسافر أن يجمع بدون قصر أو يقصر بدون جمع؟

الجواب: نعم يجوز له ذلك، والقصر في حقه أفضل من الإتمام- لأن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه- كما أن الجمع له في حال مسيره في السفر أفضل له لما ذكر.

ص: 88

السؤال الثالث: هل يجوز أن يأتم المسافر بالمقيم، وهل له بعد فراغه من الصلاة أن يجمع معها ما يجوز له جمعه منفردا أو بجماعة مثله؟

ص: 88

الجواب: نعم يجوز للمسافر أن يأتم بالمقيم إلا أنه يتعين عليه متابعته في صلاته حتى يسلم، بمعنى أنه لا يجوز له وهو مؤتم بمقيم أن يقصر الصلاة الرباعية بل يتعين عليه إتمامها متابعة لإمامه- لما رواه أحمد بسنده «عن ابن عباس أنه سئل (ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد وأربعا إذا ائتم بمقيم؟ فقال تلك السنة» ، وفي رواية أخرى تلك سنة أبي القاسم).

وقد أورد ابن حجر هذا الحديث في التلخيص الحبير، ولم يتكلم عليه وقال: إن أصله في مسلم والنسائي: فإذا فرغ من صلاته جاز له أن يجمع ما له جمعه معها سواء انفرد في ذلك أم جمع مع جماعة المسافرين.

ص: 89

السؤال الرابع: هل الأفضل أن يصلي المسافرون مع الإمام الراتب في المسجد صلاة الظهر، ثم يصلون العصر جمعا بعد ذلك، أم يصلون الظهر والعصر ولا ينتظرون الإمام؟

الجواب: إذا لم يشق عليهم انتظار الإمام الراتب فمن الأفضل صلاتهم مع الإمام الراتب في المسجد؛ لما في تلك الصلاة من مزيد الأجر بكثرة الاجتماع والانتظار الذي هو نوع من الصلاة، أما إذا كان يشق عليهم ذاك فإن لهم أن يصلوا الظهر والعصر جمعا وقصرا ولا ينتظرون الإمام الراتب.

ص: 89

السؤال الخامس: هل يجوز للجنود المقيمين في غير وطنهم من أفراد القوات المسلحة الجمع والقصر، وهل يجوز لمن يسافر يوميا من عاصمة تلك البلد إلى مقر عمله والمسافة تبعد 130 كم أن يجمع ويقصر أثناء السفر. ذهابا وإيابا؟

الجواب: إذا كانت إقامتهم على نية الإقامة لأكثر من أربعة أيام فالمذهب (1) أن عليهم الإتمام وعدم الجمع؛ لأن الترخص برخص السفر مشروط بأن لا تزيد الإقامة على أربعة أيام. أما إذا لم تكن لهم فيه إقامة أو كانت لهم إلا أنها أربعة أيام فأقل فلهم القصر والجمع على

(1) المذهب الحنبلي.

ص: 89