الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
ما ورد عنه في آداب السامع والمحدث
"
ومصطلح الحديث
إن علم المصطلح ينبني على دراسة أقوال أئمة الحديث النقاد القدامى الذين قضوا حياتهم في خدمة الحديث الشريف، واكتسبوا فيه تجارب علمية أودعوها في مؤلفاتهم، أو روى عنهم أصحابهم فوصلت إلينا في مؤلفات المتأخرين، وكان للإمام وكيع في هذا الصنف من العلم حظ كبير لممارسته الطويلة في التأليف والرواية والتحديث، والاحتكاك بالرجال ومعرفة أحوالهم، وهذا ليس يخفى على من درس مؤلفات أهل العلم في المصطلح.
وفيما يلي نسرد آراءه وأقواله وأفعاله في هذا الباب لنعرف مدى أصالة علم مصطلح الحديث، وإسهام السلف في جمع مادتها حيث تبلور هذا العلم بعد غربلة أفكارهم وتحريرها في صورة قواعد هذا الفن، حيث صارت هذه القواعد أصح القواعد للإثبات التاريخي وأعلاها وأدقها، وقلدهم فيها العلماء في أكثر الفنون النقلية، وفي الحقيقة أن هذا العلم أساس لكل العلوم النقلية وهو جدير بأن يوصف بأنه: منطق المنقول وميزان تصحيح الأخبار (1).
(1) الباعث الحثيث (8 - 9).
نصائح وتوجيهات لطلبة العلم:
1 -
فضيلة الرحالين في طلب الحديث: قال أبو هشام الرفاعي: سمعت وكيعا يقول: لو أن الرجل لم يصب في الحديث شيئا إلا أنه يمنعه من الهوى كان قد أصاب فيه (1).
2 -
استدل أصحاب المصطلح بصنيع وكيع أنه كان يقول: حدثني سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث " وبغيره أنه من آداب المحدث أنه يحسن أن يثني على شيخه (2).
(1) شرف أصحاب الحديث (60).
(2)
الباعث الحثيث (153) وتدريب الراوي (2/ 136).
3 -
قال وكيع: إذا أردت حفظ الحديث فاعمل به (1).
4 -
قال علي بن خشرم: شكوت إلى وكيع قلة الحفظ، فقال: استعن على الحفظ بقلة الذنوب (2).
واشتهر عن الشافعي شعره:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي
…
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور
…
ونور الله لا يهدى لعاصي
كذا في الديوان المنسوب إليه (3).
وفي الفوائد البهية في تراجم الحنفية:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي
…
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وعلله بأن العلم فضل
…
وفضل الله لا يحويه عاصي
5 -
وأخرج الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع في مبحث: عود الطالب إلى وطنه، واختيار إقامته على ظعنه بسنده عن رزق الله بن موسى قال: مشيت خلف وكيع بن الجراح، وهو يريد مسجد الجامع، فسألته عن أحاديث؟ فقال لي: هون عليك، فإن كلام الناس من مائتي سنة، لا يلحق كلمة (4).
6 -
وأخرج الخطيب في الجامع في باب أدب السماع بسنده عن شجاع بن مخلد قال: قال وكيع: من فهم، ثم استفهم، فإنما يقول: اعرفوني أني أجيد أخذ الحديث.
7 -
وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان الكوفي: سمعت وكيعا يقول: من استفهم وهو يفهم، فهو طرف من الرياء (5).
(1) الباعث الحثيث (153) وتدريب الراوي (2/ 144).
(2)
شعب الإيمان للبيهقي (1/ 2 / 288) وتهذيب الكمال (8/ 733).
(3)
(54).
(4)
الجامع (2/ 303).
(5)
الجامع (1/ 131).
8 -
وقال يحيى بن أيوب العابد: سمعت وكيعا يقول: من خرج من بيته إلى مجلس محدث بلا محبرة، فقد نوى المسألة (1).
9 -
وأخرج وكيع في زهده (رقم 539 بتحقيقي) عن بعض مشايخه: كنا نستعين في طلب الحديث بالصوم.
10 -
وقال وكيع: لا ينبل الرجل حتى يكتب عمن هو فوقه ومن هو مثله ومن هو دونه.
وقال: لا يكون الرجل عالما حتى يسمع ممن هو أسن منه، وممن هو مثله، وممن هو دونه (2).
11 -
وكان لا يجلس ولا يحدث إلا وجهه إلى القبلة (3).
12 -
قال أبو السائب سالم بن جنادة: جالست وكيع بن الجراح سبع سنين فما رأيته بزق ولا رأيته مس - والله - حصاة بيده، ولا رأيته إلا يستقبل القبلة وما رأيته يحلف بالله.
13 -
اجتمع أصحاب الحديث عند وكيع قال: وعليه ثوب أبيض فانقلبت المحبرة على ثوبه - فسكت مليا، ثم قال: ما أحسن السواد في البياض (4).
14 -
قال أحمد بن سنان: كان عبد الرحمن بن مهدي لا يتحدث في مجلسه ولا يقوم أحد من مجلسه، ولا يبرى فيه قلم ولا يبتسم أحد، فإن تحدث أو برى صاح ونهى عنه.
وكذا كان يكون ابن نمير، وكان أشد الناس في هذا، وكان وكيع أيضا يكونون في
(1) الجامع (1/ 131).
(2)
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 274).
(3)
ترتيب تاريخ ابن معين (2/ 630).
(4)
الجامع لأخلاق الراوي (1/ 280) وتاريخ دمشق (17/ 399 / أ).