المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نماذج من أقوال أهل السنة والجماعة في تفسير آيات الصفات - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ١٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌خلاف العلماء في أن العقوبة في شرب الخمر هل هي حد أو تعزير

- ‌تطبيق إجمالي على المسائل المطلوب بيان حكمها

- ‌وجهة نظر

- ‌ هل يجوز لمن صلى الفرض أن يؤم جماعة أخرى بالفرض نفسه

- ‌ قراءة الفاتحة للمأموم

- ‌ المسح على الجوارب

- ‌ متابعة المأموم الإمام في التسليمتين

- ‌ نقل زكاة المال إلى بلد غير البلد الذي فيها إقامة المزكي

- ‌ التيمم عند فقد الماء أو تعذر استعماله

- ‌ غسل الرجل والمرأة من الجنابة

- ‌ المسح على الجوربين إذا كان الوقت باردا

- ‌ سافر إلى الحج ونوى عمرته لأمه وحجه لأبيه

- ‌ صلاة من يحمل صورة

- ‌ المريض لا يقوى على صيام رمضان، وكان لا يرجى برؤه

- ‌بيع سلعة من الطعام أو غيره إلى أجل معلوم

- ‌ الرقية بالقرآن والأذكار والأدعية

- ‌ حكم المسح على الجوربين

- ‌ إذا كان عيسى عليه السلام حيا فهل سينزل آخر الزمان

- ‌ لماذا سمي عيسى ابن مريم بالمسيح

- ‌ حكم لبس الذهب المحلق

- ‌تقديم: لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

- ‌ قول ابن القيم في "مختصر الصواعق

- ‌ قول ابن رجب في شرح الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية:

- ‌ قول ابن كثير في تفسير سورة الحديد:

- ‌قواعدفي أدلة الأسماء والصفات

- ‌القاعدة الأولى: الأدلة التي تثبت بها أسماء الله تعالى وصفاته

- ‌القاعدة الثانية: الواجب في نصوص القرآن والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف

- ‌القاعدة الثالثة: ظواهر نصوص الصفات معلومة لنا باعتبار، ومجهولة لنا باعتبار آخر

- ‌القاعدة الرابعة: ظاهر النصوص ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني

- ‌المثال الأول: الحجر الأسود يمين الله في الأرض

- ‌المثال الثالث: إني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن

- ‌المثال الرابع: قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}

- ‌المثال الحادي عشر: قوله تعالى في الحديث القدسي: «وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه

- ‌المثال الثالث عشر: قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا

- ‌المثال الرابع عشر: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}

- ‌المثال الخامس عشر: قوله تعالى في الحديث القدسي: «يا ابن آدم مرضت فلم تعدني

- ‌آيات الصفات

- ‌حاجة الإنسان إلى معرفة الله عز وجل

- ‌وسائل المعرفة

- ‌ثانيا: القسم الخارجي (الوحي)

- ‌ثمرة معرفة أسماء الله وصفاته

- ‌الصحابة وآيات الصفات

- ‌رواد المناهج المنحرفة

- ‌منهج السلف في الأسماء والصفات

- ‌نماذج من أقوال أهل السنة والجماعة في تفسير آيات الصفات

- ‌ جاهلية التصوف:

- ‌مفهوم الدين الإسلامي عند الصوفية:

- ‌من واضع علم التصوف

- ‌مفهوم الذكر عند الصوفية:

- ‌(مشايخ الصوفية يفترون الكذب في سبيل الدعوة إلى طرقهم)

- ‌ألقاب وهمية يستغلها مشايخ الصوفية لاستجلاب الأرزاق وإفساد العقيدة:

- ‌للصوفية ديوان باطني:

- ‌ الفرد المسلم هو الأساس في عملية بناء المجتمع

- ‌ الإعداد الروحي:

- ‌ الإعداد العقلي:

- ‌ الإعداد الوجداني:

- ‌ الإعداد الجسمي:

- ‌ الإعداد الاجتماعي:

- ‌ الإعداد المهني:

- ‌عوامل بناء الشخصية المسلمة:

- ‌البيت المسلم حلقة من حلقات الإعداد:

- ‌وسائل الإعلام:

- ‌رأي القائلين بالتحريم:

- ‌رأي القائلين بجواز الترجمة:

- ‌الحكم في قضية ترجمة معاني القرآن

- ‌الإمام وكيع: حياته وآثاره

- ‌ الفرق بين منهج أهل السنة وبين أهل البدع:

- ‌ ما ورد عنه في معنى قول السلف:

- ‌ كلامه في الفرق المبتدعة:

- ‌ تكفيره لبشر المريسي وأتباعه من الجهيمة:

- ‌ تكفيره لمن قال بخلق القرآن:

- ‌قوله في مسألة الإيمان وزيادته ونقصانه:

- ‌ قوله في مسألة الاستثناء في الإيمان:

- ‌ حمايته للسنة وحثه على التمسك بها:

- ‌ عنايته بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌ ما ورد عنه في آداب السامع والمحدث

- ‌نصائح وتوجيهات لطلبة العلم:

- ‌مذهبه في الرواية بالمعنى

- ‌مذهبه في العرض على المحدث:

- ‌مذهبه فيما سمع قراءة أن لا يقال فيه حدثنا:

- ‌مذهبه في الإعلام من أنواع الإجازة:

- ‌مذهبه في التدليس والمدلسين:

- ‌مذهبه في السماع عن الضعفاء:

- ‌مذهبه في إجازة الرواية من الكتاب الصحيح

- ‌مذهبه في إلحاق الاسم المتيقن سقوطه في الإسناد:

- ‌ أصح الإسناد عنده:

- ‌مذهبه في الجمع بين الرواية والدراية:

- ‌معرفته بعلل الحديث ونقد الرجال

- ‌مذهبه فيمن يقع الوهم في حديثه كثيرا:

- ‌مذهبه الرجوع إلى قول من خالفه آخر أحفظ منه:

- ‌مذهبه في رواية قبول المبتدعة:

- ‌ألفاظ الجرح والتعديل عند وكيع بن الجراح

- ‌تأثره بمنهج ابن جريج ويحيى بن أبي زائدة في التأليف:

- ‌منهجه في التصنيف:

- ‌سرد أسماء مؤلفاته:

- ‌فقهه وإفتاؤه

- ‌الإسلام ومواجهته لحركات التبشير الأوروبيفي غرب أفريقيا

- ‌وضع المسلمين تحت الإدارة الأوربية للمستعمرات في غرب أفريقيا:

- ‌مصادر البحث

- ‌الإهابة بالمسلمين لمساعدةإخوانهم في أفريقيا

- ‌ما هكذا الدعوةإلى الله يا صالح

- ‌مؤتمرات إسلامية

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌نماذج من أقوال أهل السنة والجماعة في تفسير آيات الصفات

يقولون بمشابهة صفاته لصفات خلقه، وهذا يقتضي وجود كفو وشبيه به سبحانه عز وجل وتعالى عما يقولون ".

وهذا القول قد اندثر القائلون به، إذ قليل العقل يكفي لمعرفة بطلانه.

ثالثا - الرد على الأشاعرة الذين يثبتون بعض الصفات ويؤولون البعض الآخر بزعم أن المؤول فيه مشابهة.

قال علماء السلف:

(1)

كما أنكم تقولون: إن له ذاتا وأسماء وصفات معدودة لا تشبه ذوات الخلق ولا أسماءهم ولا صفاتهم، فقولوا في المؤول مثل ما قلتموه في المثبت إذ هذا تفريق بمجرد الظن، والظن لا يغني من الحق شيئا.

(2)

ويرد عليهم كذلك بما تقدم في الرد على المعتزلة لمشابهتهم لهم في هذا الأمر.

(3)

ويرد على الجميع بما تقدم في أول المبحث من أن العقل عاجز عن إدراك الأمور الغيبية بنفسه استقلالا لخضوعه للمعلومات الحسية.

ص: 264

‌نماذج من أقوال أهل السنة والجماعة في تفسير آيات الصفات

ولكي يتضح منهج أهل السنة في تفسير النصوص الواردة في صفات الله عز وجل نورد هنا مجموعة من كلامهم في إحدى صفات الله عز وجل التي نطق بها الكتاب والسنة ألا وهي:

" الاستواء "

ورد إثبات الاستواء في سبع آيات من كتاب الله كقوله عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (1)، {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (2). . . . . . . . . ونحو ذلك.

قال مالك بن أنس: (الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب والسؤال

(1) سورة طه الآية 5

(2)

سورة يونس الآية 3

ص: 264

عنه بدعة).

وقال أبو حنيفة - جوابا لمن قال: لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض؟ فقال: (فقد كفر: لأن الله يقول {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (1) وعرشه فوق سبع سماوات) وقال: (إذا أنكر أنه في السماء فقد كفر).

وقال علي بن المديني - عن مذهب الجماعة - (يؤمنون بالرؤية والكلام وأن الله فوق السماوات على العرش استوى).

وقال الترمذي: (هو على العرش كما وصف نفسه في كتابه وعلمه وقدرته وسلطانه في كل مكان).

وقيل لابن المبارك: بماذا نعرف ربنا؟ قال: (إنه فوق السماوات على عرشه بائن من خلقه).

وقال أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي زمنين في كتابه - أصول السنة: (ومن قول أهل السنة أن الله عز وجل خلق العرش واختصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق، ثم استوى عليه كيف شاء كما أخبر عن نفسه).

وأخيرا: نسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

(1) سورة طه الآية 5

ص: 265

صفحة فارغة

ص: 266

التصوف من صور الجاهلية

للشيخ / محمد أمان بن علي الجامي.

رئيس شعبة العقيدة بقسم الدراسات العليا

بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (سابقا)

الحمد لله رب العالمين، وصلاة الله وسلامه ورحمته وبركاته على رسوله الأمين، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

وبعد: فإن الجاهلية التي نريد أن نتحدث عن بعض صورها غير الجاهلية التي تتبادر إلى الأذهان إذا أطلقت.

لأن الجاهلية في الأصل اسم لفترة زمنية قبل الإسلام بما فيها من أعمال وثنية وتصرفات جاهلية من شرك وظلم، وفساد أخلاق، وغير ذلك.

وقد انتهت تلك الفترة ببزوغ فجر الإسلام وطلوع شمسه وانتشار نوره في العالم حتى أنار الطريق لكل سالك، فدخل الناس في دين الله أفواجا، فقامت للإسلام دولة قوية ذات منعة، وعاش المسلمون في عصر النبوة حياة لم يسبق لها مثيل - ولن يوجد لها مثيل قطعا - توحيد خالص لله وحده، وعدل، وإنصاف، وطاعة لله ولرسوله، وتحابب في الله وتآخ، واعتزاز بالإسلام، وعزة، وكرامة، وهيبة في قلوب الأعداء.

وقد سجل لهم القرآن هذا المعنى في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (1).

هكذا عاش المسلمون في ذلك العهد الفريد إلى أن انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى، إلا أنه لم ينتقل إلى الرفيق الأعلى إلا بعد أن نزل إعلان من السماء بأن الدين قد كمل - فالكامل لا يقبل الزيادة عادة - وأن نعمة الله على أتباع محمد بالإسلام قد تمت، وذلك

(1) سورة المنافقون الآية 8

ص: 267

قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (1).

نزلت الآية الكريمة في حجة الوداع في يوم الجمعة، وفي اليوم نفسه خطب النبي الكريم خطبة يوم عرفة المشهورة، جاء في آخرها قوله عليه الصلاة والسلام وهو يخاطب أصحابه:«أنتم مسئولون عني فماذا أنتم قائلون؟. قالوا: نشهد أنك بلغت ونصحت. فجعل يقول عليه الصلاة والسلام: اللهم اشهد. اللهم اشهد. يرفع أصبعه (3) إلى الصحابة قائلا: اللهم اشهد. اللهم اشهد. اللهم اشهد» . .

ولم يعش النبي صلى الله عليه وسلم بعد حجة الوداع طويلا، بل أخذ يحدث أصحابه وأتباعه أنه إن تركهم سوف لا يسلمهم للفوضى، بل يتركهم على منهج واضح ليس فيه أدنى غموض، إذ قال لهم:«تركتكم على بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك (4)» ، وفي لفظ:«تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، كتاب الله (5)» .، «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله وسنتي (6)». نعم، تركهم على هذا المنهج الموصوف، ونصحهم ليتمسكوا به ولا يحيدوا عنه، ولا يزيدوا فيه، وحذرهم عن الزيادة والخالفات، بل يلتزمون المنهج حرفيا.

فقال عليه الصلاة والسلام محذرا لهم عن الابتداع: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (7)» ، «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد (8)» ، «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (9)» . .

(1) سورة المائدة الآية 3

(2)

صحيح البخاري الحج (1785)، صحيح مسلم كتاب الحج (1218)، سنن الترمذي الحج (856)، سنن النسائي مناسك الحج (2763)، سنن أبو داود كتاب المناسك (1905)، سنن ابن ماجه المناسك (3074)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 321)، سنن الدارمي كتاب المناسك (1850).

(3)

(2) إلى الله الذي فوقه وفوق كل شيء، ثم ينكبها نكب الإناء ينكبه أماله وكبه.

(4)

سنن الترمذي العلم (2676)، سنن أبو داود السنة (4607)، سنن ابن ماجه المقدمة (44)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 126)، سنن الدارمي المقدمة (95).

(5)

سنن ابن ماجه المقدمة (44).

(6)

موطأ مالك الجامع (1661).

(7)

صحيح مسلم الأقضية (1718)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 180).

(8)

صحيح البخاري الصلح (2697)، صحيح مسلم الأقضية (1718)، سنن أبو داود السنة (4606)، سنن ابن ماجه المقدمة (14)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 256).

(9)

سنن الترمذي العلم (2676)، سنن ابن ماجه المقدمة (44)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 126)، سنن الدارمي المقدمة (95).

ص: 268

ثم إنه عليه الصلاة والسلام ترك هذا المنهج في أيد أمينة وقوية، في أيدي جماعة كانت حريصة على الأمة حرصا يشبه حرصه عليه الصلاة والسلام عليهم، وهم رجال رباهم على المنهج، واطمأن إلى فهمهم للمنهج، وهم أصحابه الذين اختارهم الله لصحبته، وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدون المهديون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وإخوانهم، فحافظوا على المنهج وأحسنوا التصرف فيه بحزم دونه كل حزم ودعوا إليه بصدق وإخلاص وضحوا في سبيل ذلك بكل ممكن.

وفور وفاة رسول الله عليه الصلاة والسلام ارتدت بعض قبائل العرب، وبعضها منعت الزكاة، فنهض أبو بكر لقتالهم، فتوقف باقي الصحابة وفي مقدمتهم عمر بن الخطاب في قتال مانعي الزكاة مجتهدين، قالوا: كيف نقاتل قوما يشهدون ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟ فأقسم بالله أبو بكر الصديق لو أنهم منعوه عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام لقاتلهم، لأنهم فرقوا بين الصلاة والزكاة، ولأن الزكاة من حقوق الإسلام وواجباته المالية، ولأن الإسلام بجميع حقوقه وواجباته إنما هو لله الحي الذي لا يموت، فلا يموت الإسلام ولا شيء من واجباته بموت النبي عليه الصلاة والسلام.

وهذا هو أول إعلان أعلنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه عندما علم ما حصل لعمر بن الخطاب عندما قبض النبي عليه الصلاة والسلام، إذ ظن عمر أن النبي لم يقبض بعد، بل إنه سوف يعود، فهدأه أبو بكر فقال فيما قال: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ثم تلا قوله تعالى من سورة آل عمران:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} (1).

واندهش عمر عند سماعه هذه الآية دهشة قريبة من دهشته من وفاة رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى يقول: كأنه لم يسمع هذه الآية قبل هذه المرة، وهو يحفظها ويقرؤها وكأنها نزلت من توها وهي تخاطبه.

وبعد ذلك البيان من الخليفة الأول أبي بكر الصديق، رجع عمر ومن معه إلى رأي أبي بكر فاقتنعوا بوجوب قتال مانعي الزكاة، إذ لو لم يفعلوا لكانت فتنة في صفوف الأمة

(1) سورة آل عمران الآية 144

ص: 269