الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم أي فائدة للوحي مادام أن العقل هو الحاكم عليه.
الثاني: مذهب المشبهة وهم الذين بالغوا في إثبات الصفات حتى شبهوا صفات الله عز وجل بصفات خلقه.
ثم ظهر هناك مذهب ثالث أراد أن يوفق بين مذهب المعتزلة ومذهب أهل السنة والجماعة كان زعيمه (عبد الله بن كلاب)(1) الذي أثبت بعض الصفات ونفى البعض الآخر، وتابعه في ذلك أبو الحسن الأشعري، ثم رجع الأشعري في آخر حياته إلى مذهب السلف كما هو مبين في كتبه كالمقالات والإبانة وغيرهما.
والأشعرية اليوم، ليسوا على مذهب الأشعري، بل على مذهب ابن كلاب حيث يثبتون بعض الصفات وهي (العلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام والحياة) سبع صفات فقط، مع العلم بأنهم يوافقون المعتزلة قي أن القرآن لم يتكلم به الله عز وجل، وإن زعموا أنهم يثبتونه ولهم في معنى الكلام المثبت تصور منحرف.
ثم يؤلفون بقية الصفات الأخرى كالاستواء والمحبة والبغض والرضا والغضب وما إلى ذلك (2).
هذه هي المذاهب التي تكونت مخالفة لمذهب السلف، والأخير منها أقرب إلى أهل السنة والجماعة، ولكنهم مخالفون في أمور كثيرة كما يتبين ذلك من مؤلفاتهم.
وبعد هذا العرض الموجز نبين مذهب أهل السنة والجماعة وموقفهم من هذه المذاهب باختصار.
(1) راجع الفتاوى لابن تيمية 6: 367، 368، 521، 522). ومقالات الإسلاميين (1: 249 - 250).
(2)
راجع مقالات الإسلاميين (1: 345 - 350).
منهج السلف في الأسماء والصفات
(أ) تعريف السلف:
إذا أطلق السلف فالمراد بهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سار على طريقهم - وهم أعلام الأمة المشهورون، وفيما يلي نورد بعضا من علماء القرون الثلاثة المفضلة:
من التابعين من أهل المدينة:
سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وسالم بن عبد الله بن عمر، ومحمد بن الحنفية، وعلي بن الحسين بن علي، وابنه محمد، وعمر بن عبد العزيز، وزيد بن أسلم. ومحمد بن مسلم الزهري، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وجعفر الصادق، ومالك بن أنس، وابن الماجشون.
ومن أهل مكة:
عطاء وطاوس ومجاهد، وابن أبي مليكة، وعمرو بن دينار، وابن جريج، وابن عيينة، والفضيل بن عياض، والشافعي، والحميدي.
ومن أهل الشام:
رجاء بن حيوة، وعبد الله بن محيريز، وميمون بن مهران، والأوزاعي وابن شوذب.
ومن أهل مصر:
حيوة بن شريح، والليث بن سعد، وعبد الله بن وهب، والمزني، والبويطي.
ومن أهل الكوفة:
علقمة، والشعبي، وإبراهيم النخعي، ومالك بن مغول، والثوري، وأبو نعيم، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأخوه عثمان.
ومن أهل البصرة:
أبو العالية، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وابن المديني، والتستري.
ومن أهل بغداد:
أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو ثور، والطبري.
ومن أهل خراسان:
عبد الله بن المبارك، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن نصر المروزي، والسرخسي، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن خزيمة
هذه بعض أسماء أئمة السلف وقد ذكر، اللالكائي رحمه الله في أول كتابه (1) مائة وخمسين عالما، ثم في موضع آخر خمسمائة وخمسين شخصا من علماء الأمة ممن عاشوا في القرون الثلاثة المفضلة كلهم على مذهب أهل السنة والجماعة. هذا ليعلم أن المذاهب المنحرفة كانت شاذة في المجتمع الإسلامي ومخالفة لمنهج المسلمين.
(ب) منهج السلف في إثبات الصفات:
مذهب السلف هو ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم فيثبتون كل الصفات التي وردت في كتاب الله عز وجل، أو في السنة الصحيحة، ولا يردون شيئا منها أو يؤولونه لأنهم يعتقدون أن صفات الله عز وجل لا تشابه صفات خلقه، كما أن ذاته المقدسة لا تشابه ذوات خلقه فصفاته تليق به عز وجل.
والمنهج الذي سار عليه السلف في فهم العقيدة هو ما يلي:
إثبات كل الصفات الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة.
(2)
عدم رد شيء منها أو تأويله.
(3)
عدم تحكيم العقل في أمور العقيدة.
(4)
اعتقاد مخالفة صفات الله لصفات خلقه.
جـ) منهج السلف في الرد على المذاهب المنحرفة:
أولا - الرد على المعتزلة الذين يؤولون آيات الصفات على غير معناها، ويثبتون أسماء الله عز وجل بزعم أن في إثبات الصفات مشابهة للمخلوقات فقال علماء السلف:
(1)
إن المعتزلة - وكذلك بقية الطوائف المنتسبة للإسلام يقولون: إن لله ذاتا وأسماء لا تشبه ذوات خلقه ولا أسماءهم: فيقال لهم: وكذلك له صفات لا تشبه صفات خلقه إذ إن التفريق بين الأمرين لا دليل عليه.
إن كلام الله سبحانه وتعالى هو أفصح الكلام وأبلغه كما قال تعالى:
(1) كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1: 29 - 49) وراجع (1: 234 - 312).
{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (1)، وصرف ألفاظه عن ظاهرها إلى معان أخرى يقتضي خلاف ذلك، واتهام الله عز وجل بالعجز عن البيان - سبحانه عما يقول الظالمون؛ ثم يزعمون أن البشر من الفلاسفة والمتكلمين أقدر منه عز وجل على البيان فيحمل كلامه سبحانه وتعالى على غير ظاهره، وهذا فوق أنه كفر صريح سوء أدب مع الله سبحانه وتعالى.
(3)
إن المبلغ عن الله عز وجل وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، أفصح البشر وأحرصهم على ما ينفعهم فيستحيل مع هذا أن يبلغهم كلام ربهم ثلاثة وعشرين عاما وهو يريد معاني أخر من كلامه، ثم لا يبين لهم، والله عز وجل يقول:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (2).
(4)
إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا أفصح الأمة، وأحرصهم على معرفة دينهم، وقد كانوا يسمعون كلام الله عز وجل ثلاثة وعشرين عاما وهو مملوء بذكر صفات الله سبحانه وتعالى ولم يستشكلوا شيئا منها لعلمهم بأن معناها على ظاهرها، بما يليق في حق ربهم سبحانه وتعالى، ولو كان خلاف ذلك لنقل عنهم (3).
ثانيا - الرد على المشبهة الذين أساءوا فهم آيات الصفات فلم يفرقوا بين صفات الخالق والمخلوق لاشتراك الصفتين في الاسم.
قال علماء السلف:
إن الله سبحانه وتعالى خالق الخلق، وموجد الكون وهو الكامل في ذاته وصفاته وأفعاله، والخلق موجود من العدم ويلحقه النقص في ذاته وصفاته وأفعاله فكيف يسوى بين خالق كامل سبحانه ومخلوق ناقص. تعالى الله عن جهل الجاهلين وفهم المنحرفين.
يقول سبحانه وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (4) وهم يقولون بل هو مثل خلقه ويقول سبحانه وتعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (5) وهم
(1) سورة النحل الآية 89
(2)
سورة النحل الآية 44
(3)
راجع مختصر الصواعق المرسلة (أوائل الجزء الأول).
(4)
سورة الشورى الآية 11
(5)
سورة الإخلاص الآية 4