الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمساعدته بمال أو جاه أو جهد فذلك النفع مرتبط بإرادة الله تعالى، وهو سبب من أسبابه، ولا ينافي التسليم به الاعتقاد بأن الله تعالى هو النافع الضار.
وأما الاستفهام عمن يعتقد أن لزيد مثلا قدرة على نفع أو ضر غيره من دون الله أو مع الله هل يعتبر مشركا مع أنه لم يقل ذلك أو يفعل ما هو بمعناه؟ فغير خاف عليكم أن الاعتقاد جزء من الإيمان، فمن اعتقد شيئا فقد آمن به واطمأن به قلبه، ومن اطمأن قلبه بأن المخلوق ينفع أو يضر من دون الله أو مع الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فقد كفر أو أشرك، سواء نطق لسانه بذلك، أو عمل ما يقتضيه، أو لا. وبالله التوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
النذر والذبح للولي
س: هل يجوز النذر والذبح لغير الله كالنذر والذبح لولي، أو الصدقة على اسم الولي، وسبيل الحسين. والطعام للميت بعد وفاته يوم الثالث والعاشر والعشرين والأربعين وبعد ستة أشهر وسنة من وفاته؟
ج: الحمد لله. النذر والذبح من أنواع العبادة التي هي محض حق الله، لا يصلح منها شيء لغير الله، لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، فضلا عن غيرهما. فمن نذر أو ذبح لغير الله
فقد أشرك بالله شركا يخرج به عن ملة الإسلام، قال الله تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1){لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (2)، وقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (3)، وقال تعالى:{مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (4)، وعن طارق بن شهاب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب. قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا، فقالوا لأحدهما: قرب، قال ليس عندي شيء أقرب، قالوا له: قرب ولو ذبابا، فقرب ذبابا، فخلوا سبيله فدخل النار، وقالوا للآخر: قرب، فقال: ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل، فضربوا عنقه فدخل الجنة» رواه أحمد. وروى مسلم في صحيحه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: «لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثا، لعن الله من غير منار الأرض (5)» .
والنذر لغير الله باطل بإجماع المسلمين؛ لأنه نذر لمخلوق، والنذر للمخلوق شرك بالله، حيث إن النذر عبادة، والعبادة لا
(1) سورة الأنعام الآية 162
(2)
سورة الأنعام الآية 163
(3)
سورة النساء الآية 48
(4)
سورة المائدة الآية 72
(5)
صحيح مسلم الأضاحي (1978)، سنن النسائي الضحايا (4422)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 118).
يجوز صرفها لغير الله. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (اقتضاء الصراط المستقيم): وأما ما نذر لغير الله، كالنذر للأصنام والشمس والقمر، والقبور ونحو ذلك فهو بمنزلة أن يحلف بغير الله من المخلوقات، والحالف بالمخلوقات لا وفاء عليه ولا كفارة، وكذلك الناذر للمخلوقات، فإن كليهما شرك، والشرك ليس له حرمة ". وقال رحمه الله فيمن نذر للقبور ونحوها: " وهذا النذر معصية باتفاق المسلمين، لا يجوز الوفاء به، وكذلك إذا نذر مالا للسدنة أو المجاورين العاكفين بتلك البقعة فإن فيهم شبها من السدنة التي كانت عند اللات والعزى ومناة، يأكلون أموال الناس بالباطل، ويصدون عن سبيل الله. والمجاورون هناك فيهم شبه من الذين قال فيهم الخليل عليه السلام:{مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} (1). والذين اجتاز بهم موسى عليه السلام وقومه، قال تعالى:{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} (2). فالنذر لأولئك السدنة والمجاورين في هذه البقاع نذر معصية. وفيه شبه من النذر لسدنة الصلبان والمجاورين عندها، أو لسدنة الأبداد في الهند والمجاورين عندها انتهى كلامه.
وقال في (قرة عيون الموحدين) عند توجيهه القول بأن النذر لغير الله شرك: وذلك لأن الناذر لله وحده علق رغبته به
(1) سورة الأنبياء الآية 52
(2)
سورة الأعراف الآية 138