الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} (1) الآية، وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} (2) الآية (3).
وأحسن من قول الكوفيين وأكثر دقة قول الزمخشري:
" كل نداء في كتاب الله تعالى يعقبه فهم في الدين، إما من ناحية الأوامر والنواهي التي عقدت بها سعادة الدارين، وإما مواعظ وزواجر وقصص لهذا المعنى، كل ذلك راجع إلى الدين الذي خلق الخلق لأجله، وقامت السماوات والأرض به، فكان حق هذه أن تدرك بهذه الصيغة البليغة "(4)، (5).
(1) سورة يوسف الآية 4
(2)
سورة يونس الآية 23
(3)
ينظر: الإنصاف 1/ 120، 121
(4)
هو بهذا اللفظ في البرهان في علوم القران 2/ 324، وانظر. الكشاف1/ 226
(5)
ينظر لما سبق: أسلوب الإنشاء في سور المفصل 365، 366
المبحث الثاني: ما يعقب نداءه عليه الصلاة والسلام في القرآن:
جاء نداء الله عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام في القرآن في سبعة عشر موضعا جاء في غالبها بعد النداء الطلب، ففي عشرة مواضع منها جاء عقيب ندائه عليه الصلاة والسلام الأمر، وهي قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (1) وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} (2) وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى} (3) وقوله
(1) سورة المائدة الآية 67
(2)
سورة الأنفال الآية 65
(3)
سورة الأنفال الآية 70
تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} (1) في موضعين، وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} (2) قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} (3) وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} (4) وقوله تعالى. {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (5){قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (6) وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} (7){قُمْ فَأَنْذِرْ} (8)
وفي موضعين جاء عقيب ندائه النهي، إما مباشرة، وهو قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} (9) وإما معطوفا على الأمر، وهو قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} (10) وفي موضع واحد جاء عقيب ندائه عليه الصلاة والسلام الاستفهام، وذلك قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} (11)
فمجموع هذه المواضع على وجه الإجمال اثنا عشر موضعا جاءت وفق ما قررته آنفا من أن النداء يعقبه غالبا الأمر- وهو الأكثر- والنهي والاستفهام، وكأن النداء يهيء النفس ويعدها لقبول ما يطلب منها وامتثاله بعد ذلك، وكل هذه الأوامر التي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم امتثالها والقيام بها أوامر عظيمة، وهو الإمام والقدوة فيها لأمته، كما أنه الحقيق والجدير بالنهوض بها وأدائها كما أمر، فلا غرو حينئذ أن يأتي النداء بوصفه الشريف (النبي) أو (الرسول) أو ما يناسب حاله التي كان عليها، (المزمل)، (المدثر)، على سبيل العطف عليه والتلطف معه، مما يدل على رفعة قدره وعظيم منزلته عند ربه.
(1) سورة التحريم الآية 9
(2)
سورة الأحزاب الآية 1
(3)
سورة الأحزاب الآية 28
(4)
سورة الأحزاب الآية 59
(5)
سورة المزمل الآية 1
(6)
سورة المزمل الآية 2
(7)
سورة المدثر الآية 1
(8)
سورة المدثر الآية 2
(9)
سورة المائدة الآية 41
(10)
سورة الأحزاب الآية 1
(11)
سورة التحريم الآية 1
ومثل ذلك حين يأتي ما ينهى عنه، وهو الحزن بسبب مسارعة الكفار في كفرهم وتعلقهم بدينهم الباطل، أتى النداء بوصفه الشريف (الرسول) تأكيدا عليه وتذكيرا له للقيام بأداء مهمة الرسالة ودعوة الناس إلى هذا الدين، ولا يحزن إن قوبل بما ذكره الله عز وجل عنهم في الآية بعده، ومثله أيضا تقديم ندائه عليه الصلاة والسلام بـ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} (1) في مفتتح عتابه وسؤاله {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (2) وفي هذا من حسن التلطف معه والتنويه بشأنه ما لا يخفي، ونظير هذا تقديم العفو على العتاب في قوله تعالى:{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} (3).
أما المواضع التي جاء فيها عقيب ندائه عليه الصلاة والسلام الخبر فخمسة، اثنان منها جاء جملة شرطية، وهما قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} (4) الآية، وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (5) الآية.
والثلاثة الأخيرة هي: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (6) قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (7) وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} (8) الآية.
وبالتأمل في هذه الآيات الخمس تبين لي أن لها ارتباطا وثيقا بما سبق، فبيعة النساء النبي صلى الله عليه وسلم على ما ذكر في الآية هو رسالة النبي صلى الله عليه وسلم التي أمر بإبلاغها وعدم التواني في دعوة الناس
(1) سورة التحريم الآية 1
(2)
سورة التحريم الآية 1
(3)
سورة التوبة الآية 43
(4)
سورة الممتحنة الآية 12
(5)
سورة الطلاق الآية 1
(6)
سورة الأنفال الآية 64
(7)
سورة الأحزاب الآية 45
(8)
سورة الأحزاب الآية 50