الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (1){قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (2){نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} (3) الآيات.
رابعا: بيان بعض الأحكام المتعلقة بالنساء، سواء ما كان خاصا به عليه الصلاة والسلام مع أهله، كتخييرهن بين البقاء معه أو تخلية سبيلهن، وبيان ما أحل الله له من النساء وما اختاره له وخصه به، أو ما يشترك فيه أفراد الأمة، كالأمر بالحجاب وبيان بعض أحكام الطلاق، دل على هذا الآيات الكريمة التالية:
- قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} (4) الآية.
- قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} (5) الآية.
- قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} (6) الآية.
- قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (7) الآية وقد سبق في الفصل الأول بيان معاني هذه الآيات وما تضمنته من أحكام شرعية ولطائف بيانية ونكات بلاغية.
(1) سورة المزمل الآية 1
(2)
سورة المزمل الآية 2
(3)
سورة المزمل الآية 3
(4)
سورة الأحزاب الآية 28
(5)
سورة الأحزاب الآية 50
(6)
سورة الأحزاب الآية 59
(7)
سورة الطلاق الآية 1
الفصل الثالث: خصائص نداء النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن:
المبحث الأول: نداؤه عليه الصلاة والسلام بالوصف لا باسمه العلم:
إن افتتاح الكلام بالنداء يدل على الاعتناء بما سيلقى على المخاطب، وكأنه يعد نفسه ويهيئها لذلك، فيقع منها موقع
الإصابة، حيث تتلقاه بحس واع وذهن منتبه، ثم إن نداء المخاطب بوصفه الشريف دليل على سموه وفضله على غيره.
وهذا ما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم عن غيره حيث نودي بوصفه (الرسول) في آيتين، و (النبي) في ثلاث عشرة آية؛ تشريفا وتكريما له، ودلالة على رفعة قدره وعظيم منزلته عند ربه، وحثا له على تبليغ رسالة ربه ودعوة الناس إلى هذا الدين، وغيره من الأنبياء نودي باسمه العلم.
2 قال العز بن عبد السلام: " نداء النبي بالنبوة فيه فائدة التفخيم والإكرام، والحث على الطاعة والإذعان؛ شكرا لنعمة النبوة. والنداء بالرسالة فيه الفائدتان المذكورتان في النداء بالنبوة، مع التأكيد بذكر الرسالة، وهي من النعم الجسام لأنها تستلزم النبوة وتحث على تبليغ الرسالة، فما أحسن قوله:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (1)(2).
ونودي أيضا بوصفين مشتقين من حالته التي كان عليها؛ تأنيسا وملاطفة له، وتثبيتا وتقوية لفؤاده، وهما (المزمل)، (المدثر)، ولا يخفي ما ينطوي عليه العدول عن ندائه باسمه إلى ندائه بهذه الصفات من دلالة على سمو مكانته عند من يخاطبه، وتعريفا لجلالة قدره وعظيم منزلته عند غيره.
وقد أبان هذا بعض المفسرين فيما سبق وقرروه، وذكروا ما تضمنته تلك الآيات من لطائف بيانية ونكات بلاغية تقوي هذا
(1) سورة المائدة الآية 67
(2)
ينظر الإشارة إلى الإيجاز ص 333.
الغرض وتؤكد هذا المعنى.
وقد أمر الله تعالى المؤمنين ألا ينادوا الرسول صلى الله عليه وسلم باسمه، فلا يقولوا له:(يا محمد) بل: (يا نبي الله)، وحتى في هذا الأمر ذكر اسمه، بل استبدل به صفة الرسول، قال تعالى {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} (1) الآية وقد جاء في سبب نزول الآية ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما: يا محمد، يا أبا القاسم، فأنزل الله {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} (2).
ففي هذا تعظيم وتوقير له عليه الصلاة والسلام مع التواضع كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} (3) الآيات.
(1) سورة النور الآية 63
(2)
سورة النور الآية 63
(3)
سورة الحجرات الآية 2
قال بعض المفسرين: أمرهم الله أن يدعوه: يا رسول الله يا نبي الله في لين وتواضع ولا يصيحوا به من بعيد يا أبا القاسم، ولا ينادوه: يا محمد في تجهم (1)، بل أمر الله سبحانه أن يبجل ويعظم ويفخم ويشرف، بأن يتعلم الأدب في مناداته والحديث معه عليه الصلاة والسلام.
(1) تجهم: أي في وجه غليظ كريه، القاموس (جهم) 4/ 92
المبحث الثاني: التزام ندائه عليه الصلاة والسلام ب (يا أيها).
كثيرا ما يجيء النداء في القرآن ب (يا) المتلوة بـ (أيها)(1)، وللزمخشري تحليل بديع وكشف عن سر كثرة هذا التركيب في القرآن، حيث يقول: " وأي وصلة إلى نداء ما فيه الألف واللام. . . وهو اسم مبهم مفتقر إلى ما يوضحه ويزيل إبهامه، فلا بد أن يردفه اسم جنس أو ما يجري مجراه، يتصف به حتى يضح (2) المقصود بالنداء، فالذي يعمل فيه حرف النداء هو أي، والاسم التابع له صفته، كقولك: يا زيد الظريف، إلا أن أيا لا يستقل بنفسه استقلال زيد، فلم ينفك من الصفة.
وفي هذا التدرج من الإبهام إلى التوضيح ضرب من التأكيد والتشديد، وكلمة التنبيه المقحمة بين الصفة وموصوفها لفائدتين:
(1) ينظر في الحديث عنها: مغني اللبيب 1/ 78، الإتقان 1/ 501
(2)
من الوضوح، أي: يتضح
معاضدة حرف النداء ومكانفته (1) بتأكيد معناه، ووقوعها عوضا مما يستحقه، أي: من الإضافة.
فإن قلت: لم كثر في كتاب الله النداء على هذه الطريقة ما لم يكثر في غيره؛ قلت: لاستقلاله بأوجه من التأكيد وأسباب من المبالغة؛ لأن كل ما نادى الله له عباده من أوامره ونواهيه؛ وعظاته وزواجره ووعده ووعيده واختصاص (2) أخبار الأمم الدارجة عليهم، وغير ذلك مما أنطق به كتابه أمور عظام (3)، وخطوب جسام ومعان عليهم أن يتيقظوا لها، ويميلوا بقلوبهم، وبصائرهم إليها، وهم عنها غافلون، فاقتضت الحال أن ينادوا بالآكد الأبلغ " (4).
وللرازي تفريق دقيق بين النداء بـ (يا) و (يا أيها)، وبيان السر البياني في اختصاص ندائه عليه الصلاة والسلام بـ (يا أيها) المراد منه، حيث يقول: " قول القائل: يا رجل يدل على النداء، وقوله: يا أيها الرجل يدل على ذلك أيضا، وينبئ عن خطب المنادى له أو غفلة المنادى. . . ولأن قوله:
(1) مكانفته: إعانته وحفظه، القاموس (كنف) 3/ 192
(2)
هكذا في الكشاف، وفي الإتقان 2/ 897 فيما نقله عنه (واقتصاص)
(3)
خبر (لأن) السابقة
(4)
الكشاف 1/ 225، 226