الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طاهر منتفع به؛ ولأنه يجوز أخذ العوض عليه في إجارة الظئر فأشبه المنافع، وأنه لبن يباح شربه؛ فيباح بيعه قياسا على لبن الأنعام. وهذا مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، وعن أحمد رواية بكراهته.
المبحث الرابع: في مالية الخمر والخنزير
يعتبر الحنفية الخمر والخنزير مالا. لكنهما في حق المسلم مال غير متقوم؛ لأنه لا يباح له شرعا الانتفاع بهما في حال السعه والاختيار، وفي حق غير المسلم مال متقوم؛ لأنه يتمولها، ولا يعتقد حرمتها، وذلك لأنه ليس من ضرورة التحريم سقوط المالية عندهم، بل سقوط التقوم، ومن ثم بنوا على ذلك وجوب ضمانهما للذمي؛ سواء أكان المتلف مسلما أو ذميا.
ولا يشكل على هذا ما جاء في البحر الرائق نقلا عن المحيط من أن الخمر ليس بمال (1)، فقد أجاب ابن عابدين عنه بقوله: (وأما ما في البحر عن المحيط من أنه غير مال فالظاهر أنه أراد بالمال المتقوم
(1) البحر الرائق (5/ 277).
توفيقا بين كلامهم) (1)، وذلك أن التقوم عندهم من شرطه المالية وإباحة الانتفاع فكل متقوم مال دون العكس.
وذهب جمهور الفقهاء إلى أن الخمر والخنزير ليسا بمال؛ لأن من شرط المالية عندهم إباحة الانتفاع المطلقة في حال الاختيار والاضطرار. وعليه فلا يصح بيعهما. لكنهم مع ذلك أوجبوا على من غصبها من ذمي أن يردها عليه بعينها -إن بقيت عينها- أما إن أتلفها على صاحبها الذمي فلا ضمان عليه، لا بمثلها ولا بقيمتها، عند الجمهور من الشافعية والحنابلة وبعض المالكية، وذهب الإمام مالك إلى أنه يضمنها للذمي بقيمتها، سواء كان المتلف مسلما أم ذميا. كما أوجب الشافعية ردها على صاحبها المسلم إن كانت محترمة وهي التي عصرت من غير قصد الخمرية (2).
لكنهم مع ذلك لا يوجبون حد السرقة على من سرق خمرا، وخنزيرا؛ لأنهما ليسا بمال (3).
(1) رد المحتار (4/ 503).
(2)
روضة الطالبين (5/ 17)، ومغني المحتاج (2/ 285).
(3)
مغني المحتاج (4/ 160)، ومعونة أولي النهى (8/ 464).