الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأدلة منها: قوله تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (1)، فإسلام الوجه: إخلاص العمل، والإحسان فيه: متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (2).
وقال صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3)» .
(1) سورة لقمان الآية 22
(2)
سورة آل عمران الآية 85
(3)
أخرجه البخاري في البيوع، باب النجش، ومسلم في الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، وانظر: جامع الأصول حديث 75.
د -
خصائص العبادة:
للعبادة في الإسلام خصائص فريدة منها ما يلي:
1 -
الشمول: ويتجلى في جانبين:
الأول: في أنواع العبادة، فقد شملت العبادة جميع أفعال الإنسان القلبية والقولية والجسدية، سواء ما يتعلق بعلاقة العبد بربه أو بما سواه من البشر أفرادا وجماعات.
وقد أشارت النصوص إلى هذا الشمول في أكثر من موضع، من ذلك قوله تعالى:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان (2)» .
الثاني: في جانب القائمين بها، فإن العبادة تشمل جميع طبقات المجتمع وفئاته، لا تختص بطبقة أو فئة دون أخرى، ولذا جاء الخطاب بها عاما شاملا.
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (3)،
(1) سورة البقرة الآية 177
(2)
رواه البخاري في كتاب الإيمان، باب 3 حديث 9، ومسلم في كتاب الإيمان، باب 12 حديث 58.
(3)
سورة البقرة الآية 21
وقال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (1).
2 -
الاستمرار:
كذلك من خصائص العبادة في الإسلام الاستمرار ابتداء من سن التمييز تمرينا، ومن سن البلوغ تكليفا، وتستمر به حتى الموت.
قال تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} (2){وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (3).
قال ابن كثير: (ويستدل بهذه الآية الكريمة وهي قوله: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (4)، على أن العبادة كالصلاة ونحوها واجبة على الإنسان ما دام عقله ثابتا. . .) (5).
3 -
اليسر والسهولة:
كذلك تختص العبادة في الإسلام باليسر والسهولة؛ لأنها من وضع الرؤوف الرحيم، ولأنها شرعت من أجل إسعاد الإنسان في الدنيا والآخرة.
قال تعالى: {طه} (6){مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} (7).
(1) سورة الأنبياء الآية 92
(2)
سورة الحجر الآية 98
(3)
سورة الحجر الآية 99
(4)
سورة الحجر الآية 99
(5)
تفسير ابن كثير ج 2، ص 560.
(6)
سورة طه الآية 1
(7)
سورة طه الآية 2
وقال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} (2).
وقال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (4).
وقال صلى الله عليه وسلم: «بعثت بالحنيفية السمحة (5)» .
(1) سورة الأعراف الآية 157
(2)
سورة الحج الآية 78
(3)
سورة البقرة الآية 185
(4)
سورة البقرة الآية 286
(5)
رواه أحمد ج 5، ص 266.
وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه (1)» . . الحديث " (2).
قال ابن حجر: (سمي الدين يسرا بالنسبة إلى الأديان قبله؛ لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم. . .)(3).
4 -
توقيفية:
والمراد بذلك أن العبادة موقوفة على الكتاب والسنة، فلا مجال لأحد أن يزيد فيها أو ينقص من عند نفسه.
قال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} (4)، وقال تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (5)
وقال تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (6).
يقول ابن كثير: (يقول تعالى مخبرا عمن أسلم وجهه لله، أي:
(1) صحيح البخاري الإيمان (39)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5034).
(2)
رواه البخاري في كتاب الإيمان، باب الدين يسر، حديث 39.
(3)
فتح الباري ج 1 ص 93.
(4)
سورة الشورى الآية 13
(5)
سورة الشورى الآية 21
(6)
سورة لقمان الآية 22
أخلص له العمل وانقاد لأمره واتبع شرعه، ولهذا قال:{وَهُوَ مُحْسِنٌ} (1) أي: في عمله باتباع ما به أمر وترك ما عنه زجر) (2).
وقال صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (3)» .
وفي الصحيحين وغيرهما عن عابس بن ربيعة قال: رأيت عمر أتى الحجر فقال: (أما والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك، ثم دنا فقبل)(4).
5 -
التنوع:
والمراد بذلك: أن الشارع قد نوع العبادة إلى أنواع متعددة من حيث حكمها تبعا لأقسام الحكم التكليفي، فمنها الواجب، ومنها الحرام، ومنها المندوب، ومنها المكروه، ومنها المباح.
وذلك توسعة على العباد، ومراعاة لأحوال نشاطهم وكسلهم من جهة، وزيادة في الامتحان من جهة أخرى، ففي المباحات توسعة على العباد، وفي المندوب والمكروه تخفيفا عنهم وزيادة في الاختبار
(1) سورة لقمان الآية 22
(2)
تفسير ابن كثير ج 3، ص 451.
(3)
أخرجه البخاري في البيوع، باب النجش، ومسلم في الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، وانظر: جامع الأصول حديث 75.
(4)
انظر: كنز العمال، حديث 12507.