الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من فتاوى اللجنة الدائمة
للبحوث العلمية والإفتاء
الفتوى رقم 4991
س: نحن جماعة من إخوانكم المسلمين من بني هاجر، وعندنا
اختلاف في وقت الصلاة
، فنرجو من الله ثم منكم أن توضحوا لنا الطريق المستقيم في ذلك، مع العلم أنه لا يوجد عندنا سوى تقويم دولة قطر، فهل يجوز لنا أن نتبع دولة قطر في إقامة الصلاة أم نؤخر عشر دقائق؟ وإذا سمحتم هل يجوز لنا أن نتأخر عشر دقائق أو ربع ساعة أو ثلث ساعة في جميع أوقات الصلاة لكي ننتظر الجماعة؟ فهل تبطل صلاتنا أم ماذا؟ وفي شهر رمضان المبارك نحن نسكن في أرض طامنة، فعند هبوط الشمس تختلف الآراء من حيث الإفطار، لذلك نرجو إفادتنا.
ج: دين الإسلام دين السماحة واليسر والسهولة، قال الله تعالى:
{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (1)، وقال:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (2)، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما (3)» ، ولهذا جعل الله تعالى لمواقيت العبادات أمارات كونية يشترك في معرفتها العام والخاص، الأمي منهم والعالم، رحمة بالناس وتيسيرا لهم ودفعا للحرج عنهم، من ذلك قوله تعالى في تحديد الصوم اليومي بدءا ونهاية:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (4).
وبين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بعمله وقوله، فقد ثبت عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أنه قال:«كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان، فلما غابت الشمس قال: " يا فلان انزل فاجدح لنا "، قال: يا رسول الله إن عليك نهارا، قال: " انزل فاجدح لنا "، قال: فنزل فجدح فأتاه به، فشرب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال بيده: " إذا غابت الشمس من هاهنا وجاء الليل من هاهنا فقد أفطر الصائم " (5)» ، وعن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقبل
(1) سورة البقرة الآية 185
(2)
سورة الحج الآية 78
(3)
صحيح البخاري الحدود (6786)، صحيح مسلم الفضائل (2328)، سنن أبي داود الأدب (4785)، مسند أحمد (6/ 281)، موطأ مالك الجامع (1671).
(4)
سورة البقرة الآية 187
(5)
البخاري 2/ 241 ط استانبول.
الليل وأدبر النهار وغابت الشمس فقد أفطر الصائم (1)».
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «" لا يمنعن أحدكم أو أحدا منكم أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن (أو ينادي) بليل ليرجع قائمكم، ولينبه نائمكم، وليس أن يقول الفجر أو الصبح "، وقال بأصابعه ورفعها إلى فوق وطأطأ إلى أسفل حتى يقول هكذا (2)» ، وقال زهير: بسبابتيه إحداهما فوق الأخرى، ثم مدهما عن يمينه وشماله (3)، يبين بالإشارة الأولى الفجر الكاذب، وبالإشارة الثانية الفجر الصادق، وهو النور الذي يعترض الأفق في جهة الشرق جنوبا وشمالا، وقوله صلى الله عليه وسلم في بدء صوم رمضان وانتهائه:«صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدد (4)» .
وفي رواية: «" فصوموا ثلاثين يوما " (5)» ، فأوجب الصوم برؤية هلال رمضان، وأوجب الإفطار برؤية هلال شوال لسهولة ذلك على الأمة، العالم والأمي، والحضري والبدوي، وقد يكون الأمي والبدوي أبصر بذلك من غيرهم رحمة من الله وفضلا، ولم يعول في
(1) البخاري 2/ 240 ط استانبول.
(2)
صحيح البخاري الأذان (621)، صحيح مسلم الصيام (1093)، سنن أبي داود الصوم (2347)، سنن ابن ماجه الصيام (1696)، مسند أحمد (1/ 435).
(3)
البخاري 1/ 153 استانبول، ومسلم برقم (1093)، وأبو داود برقم (2347)، وابن ماجه برقم (1696).
(4)
البخاري 2/ 229. . . . بألفاظ مختلفة.
(5)
صحيح البخاري الصوم (1909)، صحيح مسلم الصيام (1081)، سنن الترمذي الصوم (684)، سنن النسائي الصيام (2123)، سنن ابن ماجه الصيام (1655)، مسند أحمد (2/ 497)، سنن الدارمي الصوم (1685).
ذلك على علم الفلك، أي: علم سير النجوم.
ومن ذلك قوله تعالى في أوقات الصلوات الخمس: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} (1)، وقوله:{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (2){وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا} (3)، وبينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وعمله، وذلك فيما ثبت عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«وقت الظهر إذا زالت الشمس وصار ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة، فإنها تطلع بين قرني شيطان (4)» .
«وعن سليمان بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا سأله عن وقت الصلاة، فقال له:" صل معنا هذين - يعني اليومين - "، فلما زالت الشمس أمر بلالا فأذن،
(1) سورة الإسراء الآية 78
(2)
سورة الإنسان الآية 25
(3)
سورة الإنسان الآية 26
(4)
الإمام أحمد 2/ 210 و 223، ومسلم برقم (612)، وأبو داود برقم (392)، والنسائي 1/ 258.
ثم أمره فأقام، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني أمره أن يبرد بالظهر فأبرد بها، فأنعم أن يبرد بها، وصلى العصر والشمس مرتفعة، أخرها فوق الذي كان، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها، ثم قال:" أين السائل عن وقت الصلاة؟ "، فقال الرجل: أنا يا رسول الله، فقال:" وقت صلاتكم بين ما رأيتم "(1)»، إلى غير ذلك من الأحاديث المبينة تفصيل وقت الصلاة قولا وعملا، ولم ينط ذلك بسير النجوم ولا بقول علماء الفلك فضلا من الله تعالى وإحسانا ودفعا للحرج عن المكلفين من عباده.
وعلى هذا فالطريق الفطري السهل هو التعويل في معرفة أوقات الصلوات على ما نبه عليه الشرع من الأمارات الكونية التي تقدم بيانها؛ لكونه عاما يعرفه الحضري والبدوي من متعلم وغير متعلم، أما معرفة الأوقات عن طريق حساب سير النجوم فمع كونه تقريبيا لا يتيسر لكل أحد.
(1) الإمام أحمد 3/ 351، ومسلم برقم (617)، والترمذي برقم (152)، والنسائي 1/ 257.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
نائب الرئيس
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
من الفتوى رقم 4100
السؤال الأول: هل للتقويم الحالي مشروعية أم لا؟
ج: التقويم من الأمور الاجتهادية، فالذين يضعونه بشر يخطئون ويصيبون، ولا ينبغي أن تناط به أوقات الصلاة والصيام من جهة الابتداء والانتهاء؛ لأن ابتداء هذه الأوقات وانتهاءها جاء في القرآن والسنة، فينبغي الاعتماد على ما دلت عليه الأدلة الشرعية، ولكن هذه التقاويم الفلكية قد يستفيد منها المؤذنون والأئمة في أوقات الصلاة على سبيل التقريب، أما في الصوم والإفطار فلا يعتمد عليها من جميع الوجوه؛ لأن الله سبحانه علق الحكم بطلوع الفجر إلى الليل، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:«" صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة (1)» .
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
(1) صحيح البخاري الصوم (1909)، صحيح مسلم الصيام (1081)، سنن الترمذي الصوم (684)، سنن النسائي الصيام (2123)، سنن ابن ماجه الصيام (1655)، مسند أحمد (2/ 497)، سنن الدارمي الصوم (1685).