الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وكان عرشه على الماء (1)».
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «جاء سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله، بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن، فيم العمل اليوم؟ أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير أم فيما نستقبل؟ قال: لا، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير (2)» (3).
(1) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب القدر (4/ 2044).
(2)
صحيح مسلم القدر (2648)، مسند أحمد (3/ 293).
(3)
المصدر السابق (4/ 2041).
المرتبة الثالثة: الإيمان بالمشيئة والقدرة
.
وهي الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة للكائنات، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، كما قال الله - تعالى - في إثبات مشيئته:{وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} (1)، وقال في قدرته:{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (2).
وقال الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} (3)، دلت هذه الآية على أن الله - تعالى - لو شاء إيمان جميع الناس لفعل ذلك، وهذا يستلزم قدرته عليه، ولكن الذي جعل ذلك غير واقع هو إرادته ومشيئته عدم إيمان الجميع، فدل ذلك على أن
(1) سورة إبراهيم الآية 27
(2)
سورة البقرة الآية 284
(3)
سورة يونس الآية 99
الفعل لا يوجد بمجرد كون الله قادرا عليه، بل لا بد مع القدرة من الإرادة والمشيئة، وإلا لزم وقوع كل مقدور. ومثل هذه قول الله تعالى:{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (1)، وقد جاء في حديث جابر رضي الله عنه قال:«لما نزلت هذه الآية:، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أعوذ بوجهك " قال: " أعوذ بوجهك " قال: هذا أهون أو هذا أيسر (5)» ، فبين سبحانه وتعالى أنه القادر على كل شيء، ولا شيء يعجزه، كما قال:{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (6)، وقال:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} (7).
ومشيئة الله - تعالى - عامة لكل شيء من أفعاله وأفعال عباده (8)،
(1) سورة السجدة الآية 13
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير (5/ 193).
(3)
سورة الأنعام الآية 65 (2){قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ}
(4)
سورة الأنعام الآية 65 (3){أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ}
(5)
سورة الأنعام الآية 65 (4){أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}
(6)
سورة البقرة الآية 284
(7)
سورة فاطر الآية 44
(8)
انظر رسائل في العقيدة لابن عثيمين ص (37).
كما قال تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} (1)، وقال:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} (2)، فتوفيق الناس للهدى والعمل به وجمعهم على ذلك إنما هو بفعل الله تعالى، وقد علق فعله بمشيئته، فهذا دليل على أن مشيئته تعم أفعاله، ومن الأدلة على ذلك كذلك قوله تعالى:{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} (3)، وقوله:{وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} (4)، وأما الدليل على أن مشيئة الله تتعلق بأفعال العباد فقوله تعالى:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} (5)، وقوله:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ} (6)، بل إن مشيئة العباد تابعة لمشيئة الله - تعالى - كما قال:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (7).
ومن الأحاديث الدالة على هذه المرتبة حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) سورة السجدة الآية 13
(2)
سورة الأنعام الآية 35
(3)
سورة القصص الآية 68
(4)
سورة إبراهيم الآية 27
(5)
سورة الأنعام الآية 112
(6)
سورة النساء الآية 90
(7)
سورة التكوير الآية 29