المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابع: الآثار المترتبة على لزوم الجماعة والآثار المترتبة على الخروج عنها - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٧٦

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الاحتفال بذكرى نزول القرآن بدعة

- ‌الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج غير مشروع

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌حكم قراءة الفاتحة على قبور الأولياء

- ‌ما مدى صحة ما يذكرمن قصص عن أهوال القبور

- ‌حكم الاستشهاد بقصص أهوال القبور

- ‌حكم اصطحاب بعض الغافلين لزيارة القبور

- ‌من سمع ميتا يشكوفي قبره من حقوق عليه

- ‌وجوب احترام قبور المسلمين وعدم امتهانها

- ‌لا يجوز أن يمشى بالنعال بين القبور

- ‌ خلع النعال عند دخول المقبرة

- ‌حكم السكن بين القبور

- ‌ إيقاف السيارات على القبور

- ‌نبش القبر إذا دعت الحاجة

- ‌نبش القبر لمصلحة

- ‌نبش القبر الذي في المسجد إذا كان هو الأخير

- ‌حكم قطع الأشجار المؤذية من المقابر

- ‌حكم نقل عظام الميت إذا بليت

- ‌حكم كسر عظم الميت الكافر

- ‌كسر عظم الميت لا يوجب القصاص

- ‌حكم نقل الأعضاء بعد وفاة الميت دماغيا

- ‌ وصية المتوفى بالتبرع بأعضائه

- ‌حكم شراء الجثث لغرض التشريح

- ‌حكم تشريح جثة الميت للتعلم

- ‌ المتوفى دماغيا

- ‌حكم تشريح الجنازة المشكوك في قتلها

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ الصلاة خلف المشرك

- ‌ سئلت عن شيء أعرفه ولا أريد أن أبوح به

- ‌ ضرب الطفل اليتيم لتأديبه

- ‌من فتاوى اللجنة الدائمةللبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ اختلاف في وقت الصلاة

- ‌ مشكلة صلاة العشاء والفجر في مقاطعة نيوكاسل ببريطانيا

- ‌ صلاة العشاء قبل دخول وقتها

- ‌ حكم عدم أداء صلاة العشاء بحجة أنه يجوز تأخيرها إلى آخر الليل

- ‌ أداء صلاة الفجر جماعة في المسجد

- ‌توحيد الألوهية

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأول: مسائل عامة تتعلق بتوحيد الألوهية:

- ‌ تعريف توحيد الألوهية:

- ‌ منزلته من الدين الإسلامي:

- ‌ أساليب القرآن في الدعوة إليه:

- ‌ تحقيقه:

- ‌ علاقته بتوحيد الربوبية:

- ‌فوائده:

- ‌ بيان خطأ منهج المتكلمين في خلطهم بين توحيد الألوهية والربوبية

- ‌المبحث الثاني: في العبادة:

- ‌ تعريفها:

- ‌ أركان العبادة:

- ‌ شروط العبادة:

- ‌ خصائص العبادة:

- ‌ أنواع العبادة:

- ‌المبحث الثالث: نواقض توحيد الألوهية

- ‌أقسامه:

- ‌أنواعه:

- ‌ الكفر:

- ‌تعريفه:

- ‌أنواعه:

- ‌ النفاق:

- ‌ احتياط الشرع لتوحيد الألوهية:

- ‌الخاتمة:

- ‌وسطية أهل السنة والجماعة في باب القدر

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأول: معنى الوسطية لغة وشرعا

- ‌المبحث الثاني: تعريف أهل السنة والجماعة

- ‌المبحث الثالث: تعريف القدر لغة وشرعا

- ‌المبحث الرابع: معنى الإيمان بالقدر عند أهل السنة وأدلتهم على ذلك

- ‌المبحث الخامس: مراتب الإيمان بالقدر وأدلتها

- ‌المرتبة الأولى: الإيمان بعلم الله عز وجل السابق بكل شيء:

- ‌المرتبة الثانية: الإيمان بكتابة المقادير

- ‌المرتبة الثالثة: الإيمان بالمشيئة والقدرة

- ‌المرتبة الرابعة: الإيمان بأن الله هو الخالق وحده

- ‌المبحث السادس: النهي عن الخوض في القدر

- ‌المبحث السابع: قول أهل السنة والجماعة في القدر

- ‌المبحث الثامن: أثر الإيمان بالقدر على المسلم

- ‌الخاتمة:

- ‌الأحاديث الواردة في لزوم الجماعة(دراسة حديثية فقهية)

- ‌المقدمة:

- ‌الفصل الأول: دراسة الأحاديث الواردة في الحث على لزوم الجماعة

- ‌المبحث الأول: الأحاديث الواردة في الجماعة

- ‌المبحث الثاني: الأحاديث الواردة في السمع والطاعة لولاة الأمر

- ‌الفصل الثاني: فقه الأحاديث الواردة في الحث على لزوم الجماعة وفيه ستة مباحث

- ‌المبحث الأول: معنى الجماعة الوارد ذكرها في حديث النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثاني: الجماعة موجودة إلى قيام الساعة

- ‌المبحث الثالث: وجوب لزوم الجماعة

- ‌المبحث الرابع: الآثار المترتبة على لزوم الجماعة والآثار المترتبة على الخروج عنها

- ‌المبحث الخامس: وقوع الظلم والمعاصي لا يسوغ الخروج عن الجماعة

- ‌المبحث السادس: إنكار المنكر لا ينافي لزوم الجماعة

- ‌الخاتمة:

- ‌الأشياء المختلف في ماليتها عند الفقهاء

- ‌المبحث الأول: تعريف المال والتمول

- ‌المطلب الأول: بيان المراد بالمال عند أهل اللغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الفقهاء للمال

- ‌المبحث الثاني: عناصر صفة المالية

- ‌المطلب الأول: عنصر (إمكان الادخار)

- ‌المطلب الثاني: عنصر (الانتفاع)

- ‌المطلب الثالث: عنصر (حل الانتفاع)

- ‌المطلب الرابع: عنصر (إمكان المعاوضة عنه)

- ‌المطلب الخامس: عنصر (العينية)

- ‌الفصل الثاني: الأشياء التي اختلف في ماليتها

- ‌المبحث الأول: في مالية الدين

- ‌المبحث الثاني: في مالية المنفعة

- ‌المبحث الثالث: في مالية الآدمي

- ‌المبحث الرابع: في مالية الخمر والخنزير

- ‌المبحث الخامس: في مالية الكلب

- ‌المبحث السادس: في مالية الميتة والدم

- ‌الخاتمة:

الفصل: ‌المبحث الرابع: الآثار المترتبة على لزوم الجماعة والآثار المترتبة على الخروج عنها

‌المبحث الرابع: الآثار المترتبة على لزوم الجماعة والآثار المترتبة على الخروج عنها

لا خيار للمؤمن في امتثال أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم سواء ظهرت له الآثار المترتبة على فعل المأمور به أم لم تظهر، قال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (1).

لكن في اقتران الأمر بالآثار المترتبة على فعله تحفيز للنفوس على الاستجابة، وترغيب لها في الامتثال وكلما كانت الآثار المترتبة على فعل المأمور عظيمة كان الاستجابة أشد، والرغبة آكد.

ولما كان شأن لزوم الجماعة عظيما، وخطر الخروج عن الطاعة جسيما جاءت الآثار المترتبة على لزومها كبيرة وعظيمة والآثار المترتبة على الخروج عنها خطيرة وجسيمة، وسوف نسوق فيما يلي بعض تلك الآثار لتزداد النفوس تعظيما لأمر الجماعة وإقبالا على لزومها:

فمن تلك الآثار ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم: «يد الله على الجماعة (2)» فإن هذا الخبر يفيد الرعاية التامة من الله تبارك

(1) سورة الأحزاب الآية 36

(2)

سنن الترمذي (كتاب الفتن، ح 2167).

ص: 285

وتعالى للجماعة؟ يقول أبو السعادات ابن الأثير رحمه الله في معنى الحديث: "أي أن الجماعة المتفقة من أهل الإسلام في كنف الله ووقايته فوقهم، وهم بعيد من الأذى والخوف، فأقيموا بين ظهرانيهم "(1).

ومن آثار تلك الرعاية الإلهية للجماعة عصمتها من الضلالة التي هي سبب كل شر وبلاء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الله لا يجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة (2)» ولا شك أن الملازم للجماعة مشمول بتلك الرعاية داخل في تلك العصمة من الضلالة.

ومن فوائد لزوم الجماعة استصلاح القلوب وتطهيرها من الغل، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم أبدا؛ إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة؛ فإن دعوتهم تحيط من ورائهم (3)» .

يقول ابن الأثير رحمه الله: والمعنى: "أن هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب فمن تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والغل والشر"(4).

(1) النهاية في غريب الحديث (5/ 293).

(2)

سنن الترمذي الفتن (2167).

(3)

سنن الترمذي (كتاب العلم، ح 2658).

(4)

النهاية (3/ 381).

ص: 286

وقال ابن القيم رحمه الله: " أي لا يحمل الغل ولا يبقى فيه مع هذه الثلاثة فإنها تنفي الغل والغش وفساد القلب وسخائمه "(1). ومن فوائد لزوم الجماعة أيضا الانتفاع بدعوات أفرادها كما قال صلى الله عليه وسلم: «فإن دعوتهم تحيط من ورائهم (2)» . يقول ابن الأثير رحمه الله في معنى العبارة: "أي تحدق بهم من جميع جوانبهم"(3).

ويقول شيخنا الشيخ عبد المحسن العباد: " ذكرت هذه الجملة بعد الخصلة الثالثة وهي لزوم جماعة المسلمين، لبيان الفائدة التي يستفيدها الملازم للجماعة، وهي أن يكون له حظ ونصيب من دعواتهم، والمعنى: أن دعوة المسلمين تحدق بهم وتحفهم من جميع جوانبهم، فمن لازم الجماعة كان له نصيب في دعوات المسلمين الصادرة من أفرادهم لعمومهم "(4).

وأعظم آثار لزوم الجماعة هي رحمة الله التي لا تفارق الجماعة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الجماعة رحمة» فقد جعل الذي أعطي جوامع الكلم ونواصي البيان -صلوات الله وسلامه عليه- الجماعة عين الرحمة وما ذلك إلا لبيان شدة ملازمة الرحمة

(1) مفتاح دار السعادة (ص 79).

(2)

سنن ابن ماجه المناسك (3056).

(3)

النهاية (1/ 461).

(4)

دراسة حديث نضر الله امرءا .. (ص 195).

ص: 287

للجماعة، فإنها تلازمها في كل أحوالها حتى تنتهي بها إلى جنة النعيم كما قال صلى الله عليه وسلم:«من أراد بحبحة الجنة فعليه بالجماعة (1)» .

ورحمة الله هي سبب كل سعادة وفلاح، فما خالطت قليلا إلا كثرته، ولا عسيرا إلا يسرته، ولا كربا إلا نفسته، ولا شدة إلا فرجتها، وما نزعت من شيء إلا كان نقمة ووبالا على صاحبه، وهي بيد الله وحده، قال تعالى:{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} (2)، ومفارقة الجماعة تخرج بأصحابها من تلك الرحمة إلى العذاب، كما قال صلى الله عليه وسلم:«الجماعة رحمة والفرقة عذاب (3)» فملازمة العذاب للفرقة مثل ملازمة الرحمة للجماعة، وهذا أيضا مفهوم من المقابلة بينهما في الحديث، وربما كانت مفارقة الجماعة والخروج من الطاعة سببا لسوء الخاتمة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية (4)» .

وقال صلى الله عليه وسلم: «من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه (5)» .

وكما تنتهي الرحمة بالملازم لجماعة إلى بحبحة الجنة، فقد

(1) سنن الترمذي الفتن (2165)، مسند أحمد (1/ 18).

(2)

سورة فاطر الآية 2

(3)

مسند أحمد (4/ 375).

(4)

صحيح مسلم (كتاب الإمارة، ح 1848).

(5)

سنن أبي داود (كتاب السنة، ح 4758).

ص: 288

ينتهي العذاب الملازم للفرقة بأهل الفرقة إلى نار جهنم، فقد قال صلى الله عليه وسلم:«إن الله لا يجمع أمة محمد على ضلالة، ويد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار (1)» .

لهذه الأمور ولغيرها مما اشتملت عليه النصوص السابقة اشتد حرص السلف رضوان الله عليهم على لزوم الجماعة، والسمع والطاعة، وتحذيرهم من المخالفة والفرقة، يقول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لبعض من قل فقههم لتلك النصوص وضاقوا ذرعا ببعض المخالفات الموجودة في الجماعة:" إن الذي تكرهون في الجماعة خير من الذي تحبون في الفرقة ".

ويقول الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله:

إن الجماعة حبل الله فاعتصموا

منه بعروته الوثقى لمن دانا

كم يدفع الله بالسلطان معضلة

عن ديننا رحمة منه ودنيانا

لولا الأئمة لم تأمن لنا سبل

وكان أضعفنا نهبا لأقوانا

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أهمية ولاية أمر الناس وأنه لا قيام للدين والدنيا إلا بها، وساق بعض النصوص في ذلك إلى أن قال:" ويقال: ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة واحدة بلا سلطان ".

ثم قال رحمه الله: " والتجربة تبين ذلك ".

(1) سنن الترمذي (كتاب الفتن، ح 2167).

ص: 289

قلت: صدق رحمه الله، وشاهد ذلك من واقعنا اليوم حال بلاد الصومال وبلاد العراق، فقد كان نظام الحكم فيهما على قدر كبير من الظلم والفجور، ولكن الحال الذي وصلت إليه بعد سقوط الحكم فيهما من سفك الدماء، وانتهاك الأعراض، وخراب الديار أسوأ بكثير مما كانت عليه قبل ذلك فهل من معتبر؟!.

ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله: "ولهذا كان السلف كالفضيل بن عياض وأحمد بن حنبل وغيرهما يقولون: لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها للسلطان "(1).

والمراد الدعوة لولي الأمر بالصلاح والإصلاح واجتماع الكلمة عليه؛ يقول البربهاري رحمه الله: " إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان فاعلم أنه صاحب سنة، إن شاء الله ".

ثم أسند إلى الفضيل بن عياض رحمه الله قوله: " لو أن لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان" قيل له: يا أبا علي فسر هذا؟ قال: "نعم، إذا جعلتها في نفسي لم تعدني، وإذا جعلتها في السلطان فصلح صلح بصلاحه العباد والبلاد، فأمرنا أن ندعو لهم بالصلاح ولم نؤمر أن ندعو عليهم، وإن ظلموا وإن جاروا؛ لأن ظلمهم وجورهم على أنفسهم وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين"(2).

(1) السياسة الشرعية (1/ 729 - 742).

(2)

شرح السنة (ص 116).

ص: 290