الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن الأثير: (وقد تكرر ذكر المال على اختلاف مسمياته في الحديث ويفرق فيها بالقرائن).
والمال يجمع على: أموال، وتصغيره: مويل، وهو مذكر ومؤنث، يقال: هو المال، و: هي المال، ومنه قول حسان بن ثابت:
المال تزري بأقوام ذوي حسب
…
وقد تسود غير السيد المال (1)
(1) المصباح المنير، ولسان العرب. الصفحات السابقة.
المطلب الثاني: تعريف الفقهاء للمال
سأقتصر في هذا المبحث على نقل ما وجدته من تعريفات للفقهاء للمال، مع بيان أهم ملامحها ومحترزاتها بإجمال.
وقد اختلفت تعريفات الفقهاء للمال؛ نظرا لاختلاف وجهات نظرهم في المعاني الاصطلاحية المرادة منه، وقد ظهر اتجاهان يعكسان وجهة نظر كل منهما؛ أحدهما: اتجاه الأحناف، والآخر: اتجاه الجمهور، كما أثر في تعريفهم للمال اختلاف المأخذ والوجهة التي عرفوه منها؛ فمنهم من عرفه بصفته، ومنهم من عرفه بوظيفته، ومنهم من عرفه بحكمه
…
، لكن المؤثر الرئيس في اختلافهم والذي كان له أثر حقيقي على الفروع هو اختلاف الأعراف فيما يعد مالا وما لا يعد، وذلك أنه ليس له حد في اللغة ولا في الشرع، فحكم
فيه العرف.
ولعلي أسرد شيئا من تعريفاتهم للمال يتبين فيها ما ذكرته:
أولا: تعريف الحنفية للمال.
وردت عند فقهاء الحنفية عدة تعريفات للمال. ويلاحظ تباعدها أحيانا وذلك لاختلاف المأخذ والوجهة التي عرف المال منها:
- تعريف السرخسي: (والمال اسم لما هو مخلوق لإقامة مصالحنا به، ولكن باعتبار صفة التمول والإحراز)(1).
- تعريف آخر في المبسوط: (ما صح إحرازه على قصد التمول) قاله في سياق كلامه عن خلاف أبي حنيفة وصاحبيه في تقوم رق أم الولد (2).
- تعريف البحر الرائق: (وفي الحاوي القدسي: المال: اسم لغير الآدمي خلق لمصالح الآدمي وأمكن إحرازه والتصرف فيه على وجه الاختيار)(3).
(1) المبسوط (11/ 79).
(2)
المبسوط (7/ 160).
(3)
البحر الرائق (5/ 277).
- وفي العناية شرح الهداية: (قال محمد رحمه الله: المال كل ما يتملكه الناس من دراهم أو دنانير أو حنطة أو شعير أو حيوان أو ثياب أو غير ذلك)(1).
- تعريف التقرير والتحبير: (المال ما يصان ويدخر لوقت الحاجة)، وفي موضع آخر قال:(المال ما تجري فيه الرغبة والضنة)(2) ويلاحظ أنه كان في الأول يتكلم عن المنافع وفي الثاني عن الكفن يريد نفي المالية عنهما؛ فعرف المال في كل موضع بحسب غرضه.
- تعريف ابن عابدين: (المراد بالمال: ما يميل إليه الطبع ويمكن ادخاره لوقت الحاجة)، وقد نقله صاحب البحر الرائق أيضا عن الكشف الكبير (3).
- تعريف لابن عابدين أيضا: (المال: المنتفع به في التصرف على وجه الاختيار)(4).
(1) العناية (2/ 258).
(2)
التقرير والتحبير لمحمد بن محمد بن عمر الحنفي (3/ 173) و (1/ 208).
(3)
البحر الرائق (5/ 277).
(4)
حاشية رد المحتار (4/ 502).
- تعريف للسرخسي: (وكل عين ينتفع به -غير الآدمي الحر- فهو مال)(1).
ثانيا: تعريف المالكية للمال:
- تعريف الشاطبي: (وأعني بالمال: ما يقع عليه الملك ويستبد به المالك عن غيره إذا أخذه من وجهه. ويستوي في ذلك الطعام والشراب واللباس على اختلافها وما يؤدي إليها من جميع المتمولات)(2).
- تعريف القاضي عبد الوهاب: (يقطع في جميع المتمولات التي تتمول في العادة ويجوز أخذ الأعواض عليها)(3).
- تعريف ابن العربي للمال المعتبر شرعا حيث قال: (كل ما تمتد إليه الأطماع ويصلح عادة وشرعا للانتفاع به)(4) قاله وهو يعرف المسروق. وهذا يخرج المحرم قال: (فإن منع منه الشرع لم ينفع تعلق الطماعية فيه ولا يتصور الانتفاع منه كالخمر والخنزير مثلا).
ثالثا: تعريف الشافعية للمال
- تعريف الشافعي -رحمه الله تعالى- جاء في الأم: (ولا يقع
(1) أصول السرخسي (2/ 404).
(2)
الموافقات (2/ 17).
(3)
الإشراف على مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب البغدادي (2/ 271)، ونحوه في المعونة (3/ 1421).
(4)
أحكام القرآن لابن العربي المالكي (2/ 607).
اسم مال إلا على ما له قيمة يباع بها، وتكون إذا استهلكها مستهلك أدى قيمتها -وإن قلت- وما لا يطرحه الناس من أموالهم، مثل الفلس وما أشبه ذلك الذي يطرحونه) (1).
وفي موضع آخر: (ولا يقع اسم مال ولا علق إلا على ما له قيمة يتبايع بها، ويكون إذا استهلكها مستهلك أدى قيمتها -وإن قلت- وما لا يطرحه الناس من أموالهم؛ مثل الفلس وما يشبه ذلك.
والثاني: كل منفعة ملكت وحل ثمنها، مثل كراء الدار وما في معناها مما تحل أجرته) (2).
- قال السيوطي: (قال الشافعي رضي الله عنه: لا يقع اسم مال إلا على ما له قيمة يباع بها وتلزم متلفه وإن قلت وما لا يطرحه الناس مثل الفلس وما أشبه ذلك)(3)، وهو نقل لما سبق بتصرف يسير.
- تعريف الزركشي قال: (المال ما كان منتفعا أي مستعدا لأن ينتفع به وهو إما أعيان أو منافع)(4).
- قال النووي - رحمه الله تعالى-: (فما لا نفع فيه ليس
(1) الأم (5/ 171).
(2)
الأم (5/ 63).
(3)
الأشباه والنظائر للسيوطي ص (327).
(4)
المنثور للزركشي (3/ 222).
بمال
…
ولعدم المنفعة سببان:
أحدهما: القلة، كالحبة والحبتين من الحنطة، والزبيب، ونحوهما، فإن ذلك القدر لا يعد مالا
…
السبب الثاني: الخسة كالحشرات والحيوان الطاهر ضربان:
ضرب ينتفع به فيجوز بيعه كالنعم والخيل .... الضرب الثاني: ما لا ينتفع به، فلا يصح بيعه، كالخنافس، والعقارب، والحيات، والفأر، والنمل ونحوها
…
) (1).
- تعريف السمعاني: (المال ما يميل طباع الناس إليه، ولهذا سمي مالا، وطباع الناس يميل إلى هذه الأشياء لمنافع تظهر لها في ثاني الحال، فيكون مالا؛ مثل الأطفال، والجحوش للحمر، والمهر للأفراس).
رابعا: تعريف الحنابلة للمال:
- تعريف الفتوحي: (ما يباح نفعه مطلقا واقتناؤه بلا حاجة)(2).
- تعريف الحجاوي: (وهو ما فيه منفعة مباحة لغير حاجة أو ضرورة)(3).
(1) روضة الطالبين (3/ 350).
(2)
منتهى الإرادات للفتوحي تحقيق: عبد الغني عبد الخالق (1/ 256).
(3)
الإقناع للحجاوي (2/ 156).
- تعريف ابن بلبان: (وهو ما فيه منفعة مباحة)(1).
- تعريف ابن قدامة: (وهو ما فيه منفعة مباحة لغير ضرورة)(2)، وقد علق عليه التنوخي بقوله:(ولو قال المصنف رحمه الله: لغير حاجة كان جيدا لأن اقتناء الكلب يحتاج إليه ولا يضطر إليه)(3).
- جاء في الإنصاف: (علل المصنف الذي ليس بمال -كقشر الجوزة والميتة والخمر- بأنه لا يثبت في الذمة)(4).
والناظر إلى هذه التعريفات يجد أن للحنفية رأيا مستقلا في تعريف المال، فيما تبقى المذاهب الثلاثة الأخرى متقاربة في تعريفاتها بما يمكن معه أن نقول إن للفقهاء في تعريف المال اتجاهين:
الأول للحنفية، والثاني للجمهور.
وأبرز ملامح اتجاه الحنفية انفرادهم بأمرين:
1 -
أنهم لم يجعلوا إباحة الانتفاع شرعا شرطا في المالية؛ مما ساقهم إلى تقسيم المال إلى متقوم وغير متقوم. بينما اشترط الجمهور إباحة الانتفاع فلم يحتاجوا إلى هذا التقسيم.
(1) أخصر المختصرات لابن بلبان الدمشقي تحقيق: محمد العجمي ص (163).
(2)
المقنع (2/ 5)، مع حاشية الشيخ سليمان بن عبد الله -رحمه الله تعالى-.
(3)
الممتع في شرح المقنع للتنوخي (3/ 14).
(4)
الإنصاف (12/ 207).
2 -
أنهم اشترطوا إمكان الادخار لوقت الحاجة، فأخرجوا بذلك المنافع ونحوها من أن تكون أموالا، وخالفهم الجمهور فلم يشترطوا ذلك (1).
خامسا: تعريفات المتأخرين:
- رجح بعض المتأخرين تعريف المال بأنه: (كل ما يمكن حيازته والانتفاع به على وجه معتاد).
- جاء في معجم لغة الفقهاء تعريف المال بأنه: (كل ما يمكن الانتفاع به مما أباح الشرع الانتفاع به في غير حالات الضرورة كل ما يقوم بمال)(2).
- عرفه بعض المعاصرين بتعريف يتفق مع مسلك الجمهور، وهو:(ما كان له قيمة مادية بين الناس وجاز شرعا الانتفاع به في حال السعة والاختيار).
(1) راجع: معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء للدكتور نزيه حماد ص (293).
(2)
معجم لغة الفقهاء لمحمد رواس قلعه جي (ص 366، 367).