الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نقل الميت من بلده إلى المدينة
من محمد بن إبراهيم إلى صاحب السمو الملكي
وزير الداخلية سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فقد جرى الاطلاع على الاستفتاء الموجه إلينا رفق خطاب سموكم رقم 6734 وتاريخ 1 6 82هـ من المدعو س. أ. م. المتضمن استفتاءه عن حكم نقله بعد موته من بلده إلى المدينة المنورة لدفنه فيها.
نفيد سموكم أنه لا يظهر لنا جواز ذلك، لما روى البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم (1)» ، وروى الطبراني بإسناد حسن من حديث ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره» ، ولا شك أن في نقله تأخيرا لجنازته وحبسا لها، زيادة على تعريضها للتغيير والانتهاك، وإلزام تركته بزيادة كبيرة في مؤنة نقله وما يستتبعه النقل من تصبير ونحوه، وهذا هو الذي دفع عائشة رضي الله عنها أن تقول بشأن أخيها عبد الرحمن ما قالت، مما رواه الحاكم في مستدركه بسنده إلى
(1) البخاري الجنائز (1252)، مسلم الجنائز (944)، الترمذي الجنائز (1015)، النسائي الجنائز (1910)، أبو داود الجنائز (3181)، ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1477)، أحمد (2/ 240)، مالك الجنائز (574).
صفية بنت شيبة قالت: قدمت عائشة رضي الله عنها فأتيتها أعزيها بأخيها عبد الرحمن بن أبي بكر فقالت: رحم الله أخي إن أكثر ما أجد في نفسي أنه لم يدفن حيث مات.
قالت: وكان أخوها قد توفي بالحبشي فخرجت إليه فئة قريش فحملوه إلى أعلى مكة.
قال في " المغني والشرح الكبير ": ولا ينقل الميت من بلد إلى بلد آخر إلا لغرض صحيح، وهذا قول الأوزاعي وابن المنذر. قال عبد الله بن أبي مليكة: توفي عبد الرحمن بن أبي بكر بالحبشي فحمل إلى مكة فدفن، فلما قدمت عائشة أتت قبره، ثم قالت: والله لو حضرتك ما دفنت إلا حيث مت، ولو شهدتك ما زرتك. ولأن ذلك أخف لمؤنته وأسلم له من التغيير. أهـ.
وقال في " فتح القدير" لابن الهمام الحنفي: أما إذا أرادوا نقله قبل الدفن وتسوية اللبن فلا بأس بنقله نحو ميل أو ميلين. قال المصنف في " التجنيس" لأن المسافة إلى المقابر قد تبلغ هذا المقدار. وقال السرخسي: قول محمد بن مسلمة ذلك دليل على أن نقله من بلد إلى بلد مكروه، والمستحب أن يدفن كل في مقبرة البلدة التي مات بها ـ إلى أن قال: ثم قال المصنف: وذكر أنه إذا مات في بلده كره نقله إلى أخرى لأنه اشتغال بما لا يفيد بما فيه تأخير دفنه وكفى بذلك كراهة. أهـ.
ولم ينقل إلينا أن أحدا من الصحابة رضوان الله عليهم نقل بعد موته من بلد إلى بلد، اللهم إلا ما ورد عن حمل سعد بن أبي وقاص