الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتكلف لك قياما ونحوه، لأجل إحسانك عليه، فكف سلامك عنه. قال ابن زيد: فشيء خير من السلام " (1).
وتحصل المنة في كل ما أنفق من وجوه القربات، فلا تقتصر على الصدقات بل تكون في الإنفاق على النفس. والأهل والولد والأقربين، فليست خاصة بالصدقة، بل في جميع النفقات الواجبة والمستحبة (2).
(1) تفسير الطبري، 4/ 656، الزواجر للهيتمي 1/ 189
(2)
الزواجر للهيتمي 1/ 188
المبحث الثاني: الآثار في النهى عنها:
1 -
جاء النهي عن المنة في نصوص كثيرة منها قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (1).
فنهى الله تعالى عن إبطال أجور الصدقات بالمن والأذى، وشبهه بإبطال كفر الذي ينفق ماله رئاء الناس أجر نفقته، ونهى عباده أن يكونوا كالمنافقين الذين هذا المثل صفة أعمالهم (2).
(1) سورة البقرة الآية 264
(2)
تفسير الطبري، 4/ 659، 663
فالصدقة تبطل بما يتبعها من المن والأذى، فما بقي ثواب الصدقة بخطيئة المن والأذى، فلا بد من انتفاء كل منهما، أي المن والأذى، وإن كان بعضهم يرى أنهما ملازمان وذلك مثل أن يقول: قد أعطيتك فما شكرت، ففيها منة وأذى (1).
وكان سبحانه قبل هذه الآية مدح الذين ينفقون في سبيله، ثم لا يتبعون ما أنفقوا من الخيرات والصدقات منا على من أعطوه، فلا يمنون على أحد، ولا يمنون به لا بقول ولا بفعل (2)، فقال:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (3). ونبه بقوله " ثم " على أن المن والأذى ولو تراخى عن الصدقة وطال زمنه ضر بصاحبه ولم يحصل له مقصود الإنفاق (4).
وإذا كانت المنة في النفقة في سبيل الله مذمومة، فمن باب أولى ذمها وذم صاحبها في غيرها من النفقات (5).
وقال الضحاك: ألا ينفق الرجل ماله خير من أن ينفقه ثم يتبعه منا وأذى، فضرب الله مثله كمثل كافر أنفق ماله، لا يؤمن بالله ولا باليوم
(1) تفسير ابن كثير 1/ 325، وينظر الزواجر للهيتمي 1/ 189
(2)
تفسير ابن كثير 1/ 325،
(3)
سورة البقرة الآية 262
(4)
طريق الهجرتين، ابن القيم 366
(5)
ينظر: فتح الباري، ابن حجر 3/ 298
الآخر، فضرب الله مثلهما جميعا {كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا} (1) فكذلك من أنفق ماله ثم أتبعه منا وأذى (2).
على أن غيره من المفسرين يرى أن مثل الصفوان خاص بالمرائي، وأما المان فمثله كمثل الجنة التي أصابها إعصار فيه نار فاحترقت - كما سيأتي في المبحث القادم. .
2 -
عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، المنان الذي لا يعطي شيئا إلا منه، والمنفق سلعته بالحلف الفاجر، والمسبل إزاره (3)» .
والمراد بنفي تكليمهم أي لا يكلمهم كلاما ينفعهم ويسرهم (5).
(1) سورة البقرة الآية 264
(2)
تفسير الطبري، 4/ 664
(3)
رواه مسلم 106
(4)
رواه مسلم 105
(5)
ينظر: شرح النووي 2/ 114