المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث السادس: اختصاص الله تعالى بالمنة - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٨٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الفتاوى

- ‌إذا بليت العظام وهي واقعة بين المنازلوكانت عرضة للامتهان فما الحكم، بأي شيء يعرف بلاؤها

- ‌الأخذ مما لم يدفن فيه لحاجة الشارع

- ‌هدم ما بني فيها من المساكن وعدم تعويضهم

- ‌نقل الميت من بلده إلى المدينة

- ‌ القراءة على القبر

- ‌القراءة على الميت في المسجد أو عند القبر أو في بيته بدعة،وعمل الطعام بعد ثلاثة أيام أو بعد الختمة، القراءة المشروعة

- ‌إهداء ثواب القرب

- ‌إهداء ثواب صلاة النوافل والذبح والصدقة

- ‌إهداء ثواب الدعاء

- ‌صنع الطعام للمعزين ولقراء القرآن ثلاثة أيام

- ‌إقامة المأتم في أي يوم كان غير مشروعة

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌مسألة الزكاة في حلي الذهب والفضة من مسائل الخلاف

- ‌ أقوال العلماء بالنسبة لزكاة حلي النساء المستعملة

- ‌وجوب الزكاة في الحليالملبوس أو المعد للبس أو العارية

- ‌يجب إخراج زكاة الحلي منذ العلم بوجوبها

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ حكم من أخذ من لحيته أو حلقها بالكلية

- ‌ هل استعمال السواك له فترة محددة

- ‌ إذا اغتسل الرجل لتنظيف جسمه فهل يكفيه هذا الغسل عن الوضوء للصلاة

- ‌من فتاوى اللجنة الدائمةللبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ الصلاة في النعال

- ‌ حكم دخول المسجد بالحذاء

- ‌ حدود المسجد المعتبرة شرعا

- ‌ الإفطار للصائم المسافر للعمرة

- ‌ الصلاة في توسعة المسجد النبوي تحت المظلات تعتبر كالصلاة داخل المسجد النبوي

- ‌ المسجد الذي أسس على التقوى

- ‌ المسجد الأقصى

- ‌القرآن يهدي للتي هي أقوم

- ‌نماذج مما دل عليه القرآن الكريم

- ‌ عبد الله بن سلام

- ‌ كعب الأحبار

- ‌ وهب بن منبه

- ‌ الجن المكلفون بشرع الله

- ‌الفتوى وأثرها في حماية المعتقد وتحقيق الوسطية

- ‌فاتحة:

- ‌المبحث الأول: الفتوى وما يتعلق بها من أحكام:

- ‌المطلب الأول: تعريف الفتوى:

- ‌المطلب الثاني: خطورة مقام المفتي وأهميته:

- ‌المبحث الثاني - أهمية الفتوى في حماية العقيدة:

- ‌المطلب الأول: وسائل حفظ الدين، وعلاقة ذلك بالفتوى:

- ‌المطلب الثاني: الالتفاف حول " المحكمات " وأثره في الفتوى وحماية المعتقد:

- ‌المبحث الثالث: أثر الفتوى في تحقيق وسطية الأمة:

- ‌المطلب الأول: تحرير معنى الوسطية:

- ‌الخاتمة ونتائج البحث:

- ‌أحكام الصلاة في المقابر

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأول: الصلاة في المقابر:

- ‌المبحث الأول: حكم الصلاة في المقبرة من حيث الفعل:

- ‌المبحث الثاني: حكم الصلاة في المقبرة من حيث الإجزاء:

- ‌الفصل الثاني: الصلاة على الجنازة في المقابر:

- ‌المبحث الأول: حكم الصلاة على الجنازة في المقبرة:

- ‌المبحث الثالث: حكم الصلاة على قبر من صلي عليه عن فاتته الصلاة:

- ‌المبحث الخامس: بيان المدة التي يشرع فيها الصلاة على الميت في القبر:

- ‌الخاتمة:

- ‌المنهج الأصولي لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهاوأثره في الأحكام الشرعية إزاء المرأة

- ‌الفصل الأول:منهج عائشة الأصولي من خلال اجتهاداتها

- ‌المبحث الأول: التزامها بالنصوص:

- ‌المبحث الثاني: أخذها رضي الله عنها بالأدلة الشرعية المختلف فيها:

- ‌الفصل الثاني: أثر منهج أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الأصولي في الأحكام الشرعية الخاصة بالمرأة:

- ‌المبحث الأول: خروج المعتدة من وفاة من بيتها:

- ‌المبحث الثاني: أحكام الاستمتاع بالمرأة:

- ‌المبحث الثالث: صلاة المرأة في المسجد:

- ‌المبحث الخامس: وصل وإزالة شعر المرأة:

- ‌الخاتمة

- ‌التمهيد: منزلة حسن الخلق في الإسلام

- ‌المبحث الأول: مفهوم المنة، وفيه مطلبان:

- ‌المطلب الأول: معنى المنة في اللغة:

- ‌المبحث الثاني: الآثار في النهى عنها:

- ‌المبحث الثالث: الرياء وعلاقته بالمنة

- ‌المطلب الأول: معنى الرياء والنهي عنه:

- ‌المطلب الثاني: علاج الرياء:

- ‌المطلب الثالث: علاقة الرياء بالمنة:

- ‌المبحث الرابع: محبة الحمد بما لم يفعل وعلاقته بالمنة:

- ‌المبحث الخامس: العلة في النهي عن المنة:

- ‌المبحث السادس: اختصاص الله تعالى بالمنة

- ‌الخاتمة

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌المبحث السادس: اختصاص الله تعالى بالمنة

5 -

كذلك المان بعطائه يشهد نفسه مترفعا على الآخر مستعليا عليه غنيا عنه عزيزا، ويشهد ذل الآخذ وحاجته إليه وفاقته ولا ينبغي ذلك للعبد (1).

6 -

أن نفع الصدقة والنفقة عائد على المنفق، والله هو الغني لا يناله شيء من الصدقة، والحظ الأوفر فيها عائد على المتصدق (2).

(1) نفس المصدر والصفحة

(2)

ينظر: طريق الهجرتين، ابن القيم 367

ص: 369

‌المبحث السادس: اختصاص الله تعالى بالمنة

المنان: اسم من أسماء الله الحسنى التي ثبتت في السنة، فقد جاء في السنن «عن أنس بن مالك (2)» .

فالله عز وجل منان على عباده بإحسانه وإنعامه عليهم بشتى

(1) رواه أبو داود (1495)، النسائي 3/ 52، ابن ماجه 3858

(2)

(1) قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى

ص: 369

النعم التي لا تحصى، قال الحليمي:" وهو العظيم المواهب، فإنه أعطى الحياة والعقل والمنطق، وصور فأحسن الصور، وأنعم فأجزل وأسنى النعم، وأكثر العطايا والمنح ".

وقال الخطابي: " وأما المنان فهو كثير العطاء ".

وقال الأنباري في شرح اسم المنان: " معناه المعطي ابتداء، ولله المنة على عباده، ولا منة لأحد منهم عليه، تعالى الله علوا كبيرا "(1).

(1) لسان العرب، ابن منظور 6/ 4279

ص: 370

وقال الزجاجي: المنان فعال من قولك: مننت على فلان إذا اصطنعت عنده صنيعة، وأحسنت إليه، فالله عز وجل منان على عباده بإحسانه وإنعامه ورزقه إياهم.

وقال ابن الأثير: في أسماء الله تعالى المنان هو المنعم المعطي من المن: العطاء، لا من المنة، وكثيرا ما يرد المن في كلامهم بمعنى الإحسان إلى من لا يستثيبه، ولا يطلب الجزاء عليه. فالمنان من أبنية المبالغة كالسفاك والوهاب (1).

وقول ابن الأثير بأنه من المن: العطاء لا من المنة، غير مسلم فالمعنيان صحيحان في حق الله تعالى، فالله سبحانه وتعالى يدر العطاء على عباده منا عليهم بذلك وتفضلا، كذلك هو سبحانه يعدد نعمه ويذكرها ويمتن على عباده بفعلها.

(1) النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير 4/ 365

ص: 371

قال ابن كثير في قوله تعالى: {غَيْرُ مَمْنُونٍ} (1) قال بعضهم: غير ممنون عليهم، وهذا القول الأخير عن بعضهم قد أنكره غير واحد، فإن الله عز وجل له المنة على أهل الجنة في كل حال وآن ولحظة، وإنما دخلوها بفضله ورحمته، لا بأعمالهم فله المنة عليهم دائما سرمدا، والحمد لله وحده أبدا، ولهذا يلهمون تسبيحه وتحميده كما يلهمون النفس (2).

ثم إن منه تعالى على عباده من صفاته سبحانه العليا، لأن منه تعالى إفضال وتذكير بما يجب على الخلق من أداء واجب شكره (3). فهذه الصفة في حقه تعالى صفة كمال، وفي حق المخلوق، - بهذا المعنى - صفة نقص، فلا يلزم أن يكون كل كمال في الخالق كمالا في المخلوق.

قال ابن القيم: حظر الله على عباده المن بالصيغة، واختص به صفة لنفسه لأن من العباد تكدير وتعيير، ومن الله سبحانه وتعالى إفضال وتذكير (4).

(1) سورة فصلت الآية 8

(2)

تفسير ابن كثير 4/ 524

(3)

الزواجر، الهيتمي 1/ 188

(4)

طريق الهجرتين، ابن القيم 365

ص: 372

والمنة هي النعمة الثقيلة (1)، كما يقول الراغب.

ومن أعظم ما من الله تعالى به على عباده بعثة الرسل عليهم السلام، قال تعالى:{وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} (2).

وقال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (3)، فبعثته صلى الله عليه وسلم هي النعمة العظمى، والمنة الجسيمة التي من الله بها على عباده لأن في بعثته تخليصا لهم من عذاب النار بسبب الإيمان والابتعاد عن الشرك (4).

وقال تعالى: {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} (5).

(1) المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصفهاني، دار المعرفة، بيروت، ص 414

(2)

سورة إبراهيم الآية 11

(3)

سورة آل عمران الآية 164

(4)

تفسير ابن كثير 4/ 21

(5)

سورة الصافات الآية 114

ص: 373

وذلك بالنبوة والنجاة بمن آمن معهما من قهر فرعون وقومه، وإنزال الكتاب العظيم الواضح الجلي المبين وهو التوراة (1).

كذلك من الله تعالى على المؤمنين بأن هداهم للإيمان، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (2) وقال تعالى في حق الأعراب: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (3).

فنهى الله تعالى الأعراب عن المن بإسلامهم وبين أن نفع ذلك يعود عليهم، والله هو الذي يمن عليهم أن هداهم للإيمان، فمنه عليهم بذلك أفضل من كل شيء.

ومما من الله تعالى به على المؤمنين دخول الجنة ونجاتهم من النار، فقال تعالى:{قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} (4){فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} (5){إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} (6)

(1) المصدر نفسه 4/ 235. وينظر: تفسير السعدي 7/ 142

(2)

سورة النساء الآية 94

(3)

سورة الحجرات الآية 17

(4)

سورة الطور الآية 26

(5)

سورة الطور الآية 27

(6)

سورة الطور الآية 28

ص: 374

فالمنة لله على الإطلاق ويجب على كل مؤمن الاعتراف بهذا وهذا دأب الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ومن ذلك أنه لما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم قسم على المؤلفة قلوبهم، ولم يعط الأنصار شيئا، فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم، فقال:«يا معشر الأنصار! ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي، كلما قال شيئا: قالوا: الله ورسوله أمن (1)» .

وفي رواية: بل المن علينا لله ولرسوله (2).

كذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما ذكر له ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين مآثره الصالحة وأعماله، ووفاته رضي الله عنه وهو عنه راض، قال عمر: أما ما ذكرت من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضاه، فإنما ذاك من من الله تعالى من به علي وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر

(1) البخاري: 4330

(2)

أحمد 2/ 482، 3/ 76، 105، 253. وقال ابن حجر: وإسناده صحيح، الفتح 8/ 51

ص: 375