الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: أثر منهج أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الأصولي في الأحكام الشرعية الخاصة بالمرأة:
المبحث الأول: خروج المعتدة من وفاة من بيتها:
اتفق السلف والخلف على أنه إذا توفي الرجل وجب على زوجته أن تعتد أربعه أشهر وعشرا واختلف فيما إن كانت حاملا، والراجح أنها تعتد بوضع حملها.
واختلف أيضا في المكان الذي تقضي المرأة عدتها فيه. فذهبت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إلى أن المعتدة من الوفاة تعتد حيث شاءت، ولا يجب عليها البقاء في بيت زوجها الذي توفي وهي به (1) ويجوز لها الانتقال إلى غيره من البيوت.
الأدلة:
واستدلت السيدة عائشة رضي الله عنها لما ذهبت بما يلي:
1 -
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (2).
وجه الاستدلال:
إن الله أوجب على المتوفى عنها زوجها العدة، ولم يحدد لها مكان
(1) انظر: مصنف عبد الرازق (7/ 29)، سنن البيهقي (7/ 436)، مصنف ابن أبي شيبة (5/ 188)
(2)
سورة البقرة الآية 234
العدة، فدل ذلك على أن الأمر فيه يسر وسهولة وسعة لها، فتعتد حيث شاءت، لأن المقصود هو الزمان الذي تمكثه، لا المكان الذي تعتد به (1).
2 -
وجه الاستدلال:
قالوا: إن الله تعالى أباح لها الخروج والانتقال، وأن هذا مرجعه إليها، لا إلى الأولياء، قال ابن عباس: نسخت هذه الآية عدتها عند أهلها، فتعتد حيث شاءت، وهو قول الله تعالى:{غَيْرَ إِخْرَاجٍ} (3)(4).
وقال عطاء: إن شاءت عند أهله سكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت؛ لقوله تعالى:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} (5)(6).
دليلها بالرأي:
أن المنزل لا يخلو من أن يكون ملكا للميت، أو ملكا لغيره، فإن كان ملكا لغيره وهو مكترى، أو مباح فقد بطل العقد بموته، فلا يحل
(1) انظر: موسوعة فقه عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها (ص 693)
(2)
سورة البقرة الآية 240
(3)
سورة البقرة الآية 240
(4)
انظر: البخاري (8/ 193) تفسير الآية
(5)
سورة البقرة الآية 240
(6)
انظر: صحيح البخاري (8/ 193) تفسير الآية
لأحد سكناه إلا بإذن صاحبه، وطيب نفسه. قال صلى الله عليه وسلم:«لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه (1)» .
وإن كان ملكا للميت، فقد صار للغرماء أو للورثة، أو للوصية، فلا يحل لها مال الغرماء، أو الورثة أو الموصى لهم، وإنما لها منه مقدار ميراثها إن كانت وارثة فقط (2).
وقد وافقها على ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وابن عباس، وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم أجمعين - وتابعها الحسن البصري، وعطاء، وطاووس، وعمر بن عبد العزيز رحمهم الله (3)، ومن الفقهاء ابن حزم رحمه الله (4).
وهذا هو الراجح، لأن الهدف الأكبر من عدة المتوفى عنها زوجها هو براءة الرحم من الحمل، وهذا الهدف يتحقق في أي مكان تعتد به (5).
ورؤية عائشة في المعتدة من وفاة لا يجب عليها أن تعتد في بيت زوجها مبني على فكرة عند الأصوليين، هي التأويل، حيث أولت
(1) أخرجه: الدارقطني في سننه (3/ 22)، كتاب البيوع، البيهقي في سننه (8/ 182)، وهو حديث ضعيف، وقد ضعفه الزيلعي في نصب الراية (4/ 169)
(2)
انظر: المحلى لابن حزم (10/ 283)
(3)
انظر: مصنف عبد الرزاق (7/ 30 - 31)
(4)
انظر: المحلى لابن حزم (10/ 282)
(5)
انظر: موسوعة فقه عائشة رضي الله عنها (ص 700)